الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد دل ما ذكرناه من هذه الأدلة على ما اشتمل عليه المتن؛ من أن ما صيد بالجارح والجوارح كان حلالا إذا ذكر اسم الله عليه.
(
[الصيد بغير ما يشرع يحتاج إلى التذكية] :)
(وما صيد بغير ذلك فلا بد من التذكية) ، وقد نزّل صلى الله عليه وسلم المعراض إذا أصاب فخزق منزلة الجارح، واعتبر مجرد الخزق؛ كما في حديث عدي بن حاتم المذكور.
وفي لفظ لأحمد من حديث عدي قال: قلت: يا رسول الله! إنا قوم نرمي؛ فما يحل لنا؟ قال: " يحل لكم ما ذكيتم، وما ذكرتم اسم الله عليه فخزقتم فكلوا "(1) ، فدل على أن المعتبر مجرد الخزق.
وإن كان القتل بمثقل؛ فيحل ما صاده من يرمي بهذه البنادق الجديدة التي يُرمى بها بالبارود، والرصاص؛ لأن الرصاص تخزق خزقا زائدا على خزق السلاح، فلها حكمه - وإن لم يدرك الصائد بها ذكاة الصيد إذا ذكر اسم الله على ذلك -.
(
[الصيد بالبنادق اليوم حلال] :)
وعبارة الماتن في " حاشية الشفاء ":
" أقول: ومن جملة ما يحل الصيد به من الآلات هذه البنادق الجديدة التي يرمى بها بالبارود والرصاص، فإن الرصاصة يحصل بها خزق زائد على خزق السهم والرمح والسيف، ولها في ذلك عمل يفوق كل آلة.
(1) لم أجده في " المسند " بهذا اللفظ، وذكر السيوطي في " الدر المنثور " نحوه من رواية ابن أبي حاتم.
ويظهر لك ذلك بأنك لو وضعت ريشا - أو نحوه - فوق رماد دقيق، أو تراب دقيق، وغرزت فيه شيئا يسيرا من أصلها، ثم ضربتها بالسيف المحدد - ونحو ذلك من الآلات - لم يقطعها وهي على هذه الحالة.
ولو رميتها بهذه البنادق لقطعتها، فلا وجه لجعلها قاتلة بالصدم؛ لا من عقل، ولا من نقل.
وما روي من النهي عن أكل ما رمي بالبندقة؛ كما في رواية من حديث عدي بن حاتم عند أحمد (1) بلفظ: " ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت "؛ فالمراد بالبندقة هنا: هي التي تتخذ من طين، فيرمي بها بعد أن تيبس.
وفي " صحيح البخاري ": قال ابن عمر في المقتولة بالبندقة: تلك الموقوذة.
وكرهه سالم والقاسم ومجاهد وإبراهيم وعطاء والحسن.
وهكذا ما صيد بحصى الخذف، فقد ثبت في " الصحيحين "، وغيرهما من حديث عبد الله بن المغفل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف (2) وقال: " إنها لا تصيد صيدا، ولا تنكأ (3) عدوا؛ لكنها تكسر السن وتفقأ العين ".
(1) • في " المسند "(4 / 380) ؛ ورجاله ثقات رجال الشيخين؛ لكنه منقطع بين إبراهيم النخعي وعدي؛ بينهما همام بن الحارث:
أخرجه البخاري، (9 / 496) ، ومسلم (6 / 56) ، وأحمد أيضا، لكن بلفظ آخر. (ن)
(2)
الخذف: رميك بحصاة أو نواة؛ تأخذها بين سبابتيك؛ أو تجعل مخذفة من خشب ترمي بها بين الإبهام والسبابة؛ قاله في " اللسان ". (ش)
(3)
الرواية " تنكأ " بالهمز، وروي:" تنكي " - بكسر الكاف بدون همزة -.
قال الشوكاني: " قال ابن سيده: نكى العدو نكاية: أصاب منه، ثم قال: نكأت العدو أنكؤهم لغة في نكيتهم؛ فظهر أن الرواية صحيحة، ولا معنى لتخطئتها ". (ش)