الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الآية: {من بعد وصية يوصي بها أو دين} ، وإن رسول صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات؛ الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه.
أخرجه أحمد، وابن ماجه، والترمذي، والحاكم، وفي إسناده الحارث الأعور (1) .
ولكنه قد وقع الإجماع على ذلك، والمراد بالأعيان: الإخوة لأبوين، والمراد ببني العلات: الإخوة لأب، ويقال للإخوة لأم: الأخياف.
(
[المرتبة الثالثة: للورثة ذوي الأرحام] :)
(وأولو الأرحام يتوارثون، وهم أقدم من بيت المال) ؛ لقوله تعالى: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض} ؛ فإنها تفيد أنه إذا مات ميت، ولا وارث له إلا من هو من ذوي أرحامه - وهو من عدا العصبات وذوي السهام في مصطلح أهل الفرائض - فإنه يرثه، وقوله - تعالى -:{للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} ، ولفظ الرجال والنساء والأقربين يشمل ذوي الأرحام.
ومما يؤيد ذلك: حديث المقدام بن معد يكرب عند أحمد، وأبي داود، وابن ماجه، والنسائي، والحاكم، وابن حبان وصححاه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من ترك مالا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له؛ أعقل عنه وأرثه،
(1) حسنه شيخنا في " الإرواء "(1667) .
والخال وارث من لا وارث له؛ يعقل عنه ويرثه ".
وأخرج أحمد، وابن ماجه، والترمذي وحسنه، من حديث عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بلفظ:" والخال وارث من لا وارث له ".
وأخرجه بهذا اللفظ من حديث عائشة: الترمذي، والنسائي، والدارقطني، وحسنه الترمذي، وأعله الدارقطني بالاضطراب.
وأخرجه عبد الرزاق عن رجل من أهل المدينة.
وأخرجه العقيلي، وابن عساكر عن أبي الدرداء.
وأخرجه ابن النجار عن أبي هريرة.
كلها مرفوعة؛ وهو حديث له طرق؛ أقل أحواله أن يكون حسنا لغيره.
ومن ذلك: حديث: " ابن أخت القوم منهم "، وهو حديث صحيح.
ومن ذلك: ما ثبت من جعله صلى الله عليه وسلم ميراث ابن الملاعنة لورثة أمه، وهم لا يكونون إلا ذوي الأرحام.
والكلام على هذه الأحاديث مبسوط في " شرح المنتقى ".
ويمكن أن يقال: إن حديث: " فما أبقت الفرائض؛ فلأولى رجل ذكر ": يدل على أن الذكور من ذوي الأرحام أولى من الإناث، فيكون حديث نفي ميراث العمة والخالة مفيدا لهذا المعنى ومقويا له؛ مع حديث:" الخال وارث ".
وبذلك يجمع بين الأحاديث.
وقد قال بمثل ذلك أبو حنيفة، وقد اختلف في ذلك الصحابة فمن بعدهم، وإلى توريث ذوي الأرحام ذهب الجمهور.
وهذه الأدلة - كما تفيد إثبات التوارث بين ذوي الأرحام - تفيد تقديمهم على بيت المال، ومما يؤيد ذلك: حديث عائشة عند أحمد، وأهل " السنن "، وحسنه الترمذي: أن مولى للنبي صلى الله عليه وسلم خر من عذق نخلة، فمات، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:" هل له من نسب أو رحم؟ "، قالوا: لا، قالوا:" أعطوا ميراثه بعض أهل قريته ".
فقوله: " أو رحم ": فيه دليل على تقديم ميراث ذوي الأرحام على الصرف إلى بيت مال المسلمين.
وأخرج أبو داود، من حديث ابن عباس، قال: كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب، فيرث أحدهما من الآخر، فنسخ ذلك آية الأنفال، فقال:{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض} ، وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد، وفيه مقال.
وأخرجه أيضا الدارقطني.
وأخرج نحوه ابن سعد، عن أبي الزبير.
وفي ذلك دليل على أن الآية في توريث ذوي الأرحام محكمة، وبها