الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي " الصحيحين " أيضا من حديث أبي بكرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ {"، قلنا: بلى يا رسول الله} قال: " الإشراك بالله، وعقوق الوالدين "، وكان متكئا؛ فجلس وقال:" ألا وقول الزور؛ وشهادة الزور "، فما زال يكررها؛ حتى قلنا: ليته سكت!
ثم أقول: المراد بالشهادة: الإخبار بما يعلمه الشاهد عند التحاكم بأي لفظ كان، وعلى أي صفة وقع، ولا يعتبر إلا أن يأتي بكلام مفهوم يفهمه سامعه، فإذا قال مثلا: رأيت كذا وكذا، أو: سمعت كذا وكذا؛ فهذه شهادة شرعية.
وقد أحسن المحقق ابن القيم رحمه الله حيث قال في " فوائده ":
" ليس مع من اشترط لفظ الشهادة فيها دليل؛ لا من كتاب ولا من سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح ". انتهى.
وقد تقرر في محله: أن اشتراط الألفاظ إنما هو صنيع من لم يمعن النظر في حقائق الأشياء، ولا وصل إلى أن يعقل أن الألفاظ غير مرادة لذاتها، وإنما هي قوالب للمعاني تؤدى بها، فإذ قد حصلت التأدية للمعنى المراد؛ فاشتراط زيادة على ذلك لم تدل عليه رواية ولا دراية.
(
[ما يلزم إذا تعارضت البينتان] :)
(وإذا تعارض البينتان، ولم يوجد وجه ترجيح؛ قسم المدعى) ؛ لحديث أبي
موسى - عند أبي داود (1) ، والحاكم، والبيهقي -: أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث كل واحد منهما بشاهدين، فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين.
وقد أخرج نحوه ابن حبان من حديث أبي هريرة (2) - وصححه -.
وأخرجه ابن أبي شيبة من حديث تميم بن طرفة.
ووصله الطبراني عن جابر بن سمرة.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قسمة المدعى؛ إذا لم يكن للخصمين بينة:
فأخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي من حديث أبي موسى: أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دابة ليس لواحد منهما بينة؛ فجعلها بينهما نصفين.
وثبتت قسمة المدعى عنه صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى المذكور أولا؛ بزيادة ذكرها النسائي، فقال: ادعيا دابة وجداها عند رجل، فأقام كل منهما شاهدين،
(1) • (2 / 120) ، والحاكم (4 / 95)، والبيهقي (10 / 257) ؛ وقال:" والحديث معلول عند أهل الحديث؛ مع الاختلاف في إسناده على قتادة ".
وأما الحاكم فقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي.
وهذا هو الأقرب؛ فإن الاختلاف الذي أشار إليه البيهقي لا يضر، وبيان ذلك لا يتسع له المكان. (ن)
(2)
• وكذلك رواه البيهقي (10 / 258) ؛ وسنده صحيح إذا سلم من الاختلاف الذي سبق في كلام البيهقي. (ن)