الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لبطل تبرعها له بالعتق؛ لأنه يكون تبرعًا لوارث، وإذا بطل العتق بطل النكاح، وإذا بطل بطل الميراث، وكان توريثه يؤدي إلى إبطال توريثه، وهذا [على](1) أصل الشافعي، وأما على قول الجمهور فلا يبطل ميراثه ولا عتقه ولا نكاحه؛ لأنه حين العتق لم يكن وارثًا، فالتبرع نَزَل في غير وارث، والعتق المنجَّز يتنجز (2) من حينه، ثم صار وارثًا بعد ثبوت عتقه، وذلك لا يضره شيئًا.
ومن ذلك لو أوصى له بابنه، فمات قبل قبول الوصية، وخَلَّف إخوة لأبيه، فقبلوا الوصية، عَتَقَ على الموصى له ولم يصح ميراثه منه؛ إذ لو ورث لأسقط ميراثَ الإخوة، وإذا سقط ميراثُهم بطل قبولهم للوصية، فيبطل عتقه؛ لأنه مرتب على القبول، وكان توريثه مُفْضيًا إلى عدم توريثه.
والصواب قول الجمهور أنه يرث، ولا دَور؛ لأن العتق حصل حال القبول وهم وَرَثة، ثم ترتيب على العتق تابعه وهو الميراث، وذلك بعد القبول، فلم يكن الميراث مع القبول ليلزم (3) الدور، وإنما ترتيب على القبول العتقُ وعلى العتق الميراثُ؛ فهو مترتب عليه بدرجتين.
ومن المسائل التي يُفْضي ثبوتها إلى بطلانها لو زوج عبده امرأةً ولجعل رقبته صداقها لم يصح؛ إذ لو صح لملكته وانفسخ النكاح.
ومنها لو قال لأمته: "متى أكرهتك فأنت حرة حال النكاح أو قبله" فأكرهها على النكاح لم يصح؛ إذ لو صح النكاح عَتَقَت، ولو عتقت بطل إكراهها، فيبطل نكاحها.
ومنها لو قال لامرأته قبل الدخول: "متى استقر مهرك عليّ فأنت طالق قبله ثلاثًا" ثم وطئها لم يستقر مهرها بالوطء؛ لأنه لو استقرّ لبطل النكاح قبله، ولو بطل النكاح قبله لكان المستقر نصفَ المهر لا جميعه؛ فاستقرارُه يؤدي إلى بطلان استقراره، هذا على قول ابن سريج، وأما على قول المُزَني فإنه يستقر المهر بالوطء، ولا يقع الطلاق؛ لأنه مُعَلَّق على صفة تقتضي حكمًا مستحيلًا.
فصل [مسائل يؤدي ثبوتها إلى نفيها]
ومن المسائل التي يؤدي ثبوتُها إلى نفيها لو قال لامرأته: "إن لم أطلّقك
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
في (ق): " ينجز".
(3)
في (ق): "لئلا يلزم".
اليوم فأنت طالق اليوم" ومضى اليوم [ولم يطلقها](1) لم تطلق؛ إذ لو طلقت بمضي اليوم لكان طلاقها مستندًا إلى وجود الصفة وهي عدم طلاقها اليوم، وإذا مضى اليوم ولم يطلقها لم يقع الطلاق المعلَّق باليوم.
ومنها: [ما](2) لو تزوج أمَةً [ثم قال لها](3): "إن مات مولاك وورِثْتُك فأنت طالق" أو قال: "إن ملكتك فأنت طالق" ثم ورثها أو ملكها بغير إرث لا يقع الطلاق؛ إذ لو وقع لم تكن الزوجة في حال وقوعه ملكًا له؛ لاستحالة وقوع الطلاق في ملكه، فكان وقوعه مُفْضيًا إلى عدم وقوعه.
ومنها: [ما](4) لو كان العبد بين مُوسِرَين فقال كل منهما لصاحبه: "متى أعتقت نصيبك فنصيبي حر قبل ذلك" فأعتق أحدهما نصيبه لم ينفذ عتقه؛ لأنه لو نفذ لوجب عتق نصيب صاحبه قبله، وذلك يوجب السّرَاية إلى نصيبه، فلا يصادف إعتاقه محلًا، فنفوذ عتقه يؤدي إلى عدم نفوذه. والصواب في هذه المسألة بطلان هذا التعليق لتضمنه المحال، وأيهما عتق نصيبه صح وسَرَى إلى نصيب شريكه.
ومنها لو قال لعبده: "إن دَبَّرتك فأنت حر قبله" ثم دَبَّره صح التدبير ولم يقع العتق؛ لأن وقوعه يمنع صحة التدبير، وعدم صحته يمنع وقوع العتق، وكانت صحته تُفْضي إلى بطلانه، هذا على قول المزني، وعلى قول ابن سريج لا يصح التدبير؛ لأنه لو صح لوقع العتق قبله، وذلك يمنع التدبير، وكان وقوعه يمنع وقوعه.
ونظيره أن يقول لمدبَّره: "متى أبطلت تدبيرك فأنت حرٌّ قبله" ثم أبطله بطل ولم يقع العتق. على قول المزني؛ إذ لو وقع لم يصادف إبطال التدبير محلًا، وعلى قول ابن سريج لا يصح إبطال التدبير؛ لأنه لو صَحَّ إبطاله لوقع العتق، ولو وقع العتق لم يصح إبطال التدبير.
ومثله لو قال لمدبره: "إن بعتك فأنت حر قبله" ومثله لو قال لعبده: "إن كاتبتك غدًا فأنت اليوم حر". ثم كاتبه من الغد.
ومثله لو قال لمكاتبه: "إن عجزت عن (5) كتابتك (6) فأنت [حر] (7) قبله".
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
ما بين المعقوفتين من (ن) و (ق) و (ك).
(3)
بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "فقال لها".
(4)
ما بين المعقوفتين من (ق) فقط.
(5)
في (و): "على"، وفي (ق):"عجزتك".
(6)
في (ك): "كتابك".
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
ومثله لو قال: "متى زنيتَ أو سرقتَ أو وجبَ عليك حدٌّ وأنت مملوك فأنت حرٌّ قبله" ثم وجد الوصف وجب الحد ولم يقع العتق المعلَّق به؛ إذ لو وقع لم توجد الصفة، فلم يصح، وكان مستلزمًا لعدم وقوعه.
ومثله أو يقول له: "متى جنيتَ جنايةً وأنت مملوكي فأنت حرٌّ قبله" ثم جنى لم يعتق.
ومثله لو قال (1): "متى بعتك وتم البيع فأنت حر قبله" ثم باعه، فعلى قول المزني: يصح البيع ولا يقع العتق؛ لأن وقوعه يستلزم عدم (2) وقوعه، وعلى قول ابن سريج لا يصح البيع؛ لأنه يعتق قبله، وعتقه [له](3) يمنع صحة بيعه.
ومثله لو قال لأمته: "إن صلَّيتِ ركعتين مكشوفةَ الرأس فأنت حرة قبل ذلك" فصلت مكشوفة الرأس، فعلى قول المزني تصح الصلاة دون العتق، وعلى قول ابن سريج لا تصح الصلاة لأنها لو صحت عتقت قبل ذلك، وإذا عتقت بطلت صلاتها، وكانت صحة صلاتها مستلزمة لبطلانها.
ومنها لو زوَّج أمته بحُرٍّ، وادعى عليه مَهْرَها قبل الدخول، وادعى الزوج الإعسار، وادعى سيدُ الأمة يَسارَه قبل نكاحه (4) الأمة بميراثٍ أو غيره، لم تُسمع دعواه؛ إذ لو ثبتت دعواه لبطل النكاح؛ لأنه لا يصح نكاح الأمة مع وجود الطَّول، وإذا بطل النكاح بطل دعوى المهر.
وكذلك لو تزوج بأمَةٍ فادعت أن الزوج عِنين لم تُسمع دعواها؛ إذ لو ثبتت دعواها لزال خوف العنت الذي هو شرط في نكاح الأمة، وذلك يبطل النكاح، وبطلانه يوجب بطلان الدعوى منها، فلما كانت صحة دعواها تؤدي إلى إفسادها أفسدناها.
وكذلك المرأة إذا اذعَتْ على سيِّد زوجها أنه باعه إياها بمهرها (5) قبل الدخول لم تصح دعواها؛ لأنها لو صحَّت لسقط نصف المهر وبطل البيع في العبد.
وكذلك لو شهد شاهدان على عتق عبد فحُكِمَ بعتقه، ثم ادعى العبدُ بعد
(1) كذا في (ن) و (ق) و (ك)، وفي سائر الأصول:"ومثله: لو أن يقول له".
(2)
في (ك) و (ق): "مستلزم لعدم".
(3)
ما بين المعقوفتين من (ن) و (ق)، وسقط من سائر الأصول.
(4)
في (ق) و (ك): "نكاح".
(5)
في (ك): "بمهر".