الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسباب التي كان الرجل [في دين الملك](1) يُعتقل بها، فإذا كان المراد بالكَيْد (2) فعلًا من اللَّه -بأن ييسر لعبده المؤمن المظلوم المتوكل عليه أمورًا يحصل بها مقصودُه من الانتقام (3) من الظالم- و [وغير ذلك؛ فإذا هذا خارج](4) عن الحيل الفقهية؛ فإن كلامنا في الحيل التي (5) يفعلها العبد، لا فيما يفعله اللَّه تعالى (6)، بل في قصة يوسف تنبيهٌ على [بطلان الحيل و](7) أن مَنْ كاد كيدًا محرَّمًا؛ فإن اللَّه يكيده [ويعامله بنقيض قصده وبمثل عمله](7)، وهذه (8) سنة اللَّه في أرباب الحيل (9) المحرمة أنه لا يبارك لهم فيما نالوه بهذه الحيل (10)، [كما هو الواقع](11) ويهيء لهم كيدًا على يد من يشاء من خلقه يُجْزَوْنَ به من جنس كيدهم وحيلهم] (7).
[ما تدل عليه قصة يوسف]
وفيها تنبيه على أن المؤمن المتوكل على اللَّه إذا كاده الخلقُ فإن اللَّه يكيد له وينتصر له بغير حول منه ولا قوة.
(12)
وفيها دليلٌ على أن وجود المسروق بيد السارق كافٍ في إقامة الحد عليه، بل هو بمنزلة إقراره، وهو أقوى من البينة (13)، وغاية البينة أن يستفاد منها ظن، وأما وجود المسروق بيد السارق فيستفاد منه اليقين وبهذا جاءت السنة في وجوب الحد بالحَبَلِ (14) والرائحة في الخمر (15) كما اتفق عليه الصحابة، والاحتجاج بقصة
(1) ما بين المعقوفتين من مطبوع "بيان الدليل".
(2)
في نسخ "الإعلام": "من الكيد".
(3)
في "بيان الدليل": "بالانتقام".
(4)
في نسخ "الإعلام": "كان هذا خارجًا".
(5)
في "بيان الدليل": "فإنا إنما تكلمنا في حيل".
(6)
في "بيان الدليل" و (ك): "اللَّه سبحانه".
(7)
ما بين المعقوفات سقط من مطبوع "بيان الدليل"!!
(8)
في (ن) و (ك) و (ق): "وهو".
(9)
في "بيان الدليل": "مرتكب الحيل".
(10)
في "بيان الدليل": "فإنه لا يبارك له في هذه الحيل".
(11)
ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(12)
من هنا إلى آخر الفصل تصرف فيه كثيرًا ابن القيم، وزاد على ما في "بيان الدليل".
(13)
انظر مبحث إقامة الحد بالقرينة الظاهرة في "الطرق الحكمية"(ص 4، 6 مهم)، وبدائع الفوائد" (4/ 13)، و"الحدود والتعزيرات" (ص 417 - 419).
(14)
يشير إلى حديث الغامدية الذي رواه مسلم (1695) في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنا حيث اعترفت أنها حُبلى من الزنا. لكن النبي صلى الله عليه وسلم رجمها بعد الاعتراف.
(15)
ورد في صحيح مسلم في حديث ماعز (1695) لما جاء واعترف بالزنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: أشرب خمرًا؟ فقام رجل فاستَنْكهه فلم يجد منه ريح خمر. لكن ليس فيه ما يدل على أن ريح الخمر فيها الحد. =
يوسف على هذا أحسن وأوضح (1) من الاحتجاج بها على الحيل (2).
وفيها تنبيه على أن العِلَم الخفيّ [الذي](3) يُتوصَّل به إلى المقاصد الحسنة مما يرفع اللَّه به درجات العبد؛ لقوله بعد ذلك: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: 76] قال زيد بن أسلم وغيره: بالعلم (4). وقد أخبر تعالى عن رفعه درجات أهل العلم في ثلاثة مواضع من كتابه:
أحدها: قوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الأنعام: 83] فأخبر أنه يرفع درجات من يشاء بعلم الحجة.
وقال في قصة يوسف: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: 76][فأخبر أنه يرفع درجات من يشاء](5) بالعلم الخفي الذي يتوصل به صاحبه إلى المقاصد المحمودة.
وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] فأخبر أنه يرفع درجات أهل العلم والإيمان (6).
فصل (7)[النوع الثاني من كيد اللَّه تعالى لعبده]
النوع الثاني من كيده لعبده [المؤمن](8): هو أن يُلْهمه سبحانه (9) أمرًا مباحًا
= وقد ذكر المؤلف من قبل أن الخلفاء الراشدين والصحابة جلدوا في الرائحة في الخمر، فانظر ما خرجناه هناك.
(1)
في (ك) و (ق): "وأصح".
(2)
في (ن): "أحسن وأصح من الاحتيال بها على الحيل".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(4)
أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1901) بإسناد ضعيف.
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(6)
قال (و): "يوجد اختلاف كثير عما في "الفتاوى"، وهذا من أول: "عبر عن قصة يوسف". إلى قوله: "العلم والإيمان" اهـ.
قلت: وقد أشرنا إلى ذلك أيضًا.
(7)
قال (و): "هو من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في "فتاويه"، ينقله ابن القيم في الأعلام" اهـ.
قلت: الكلام كله سابقًا ولاحقًا هو عن "بيان الدليل" متواصلًا.
(8)
ما بين المعقوفتين سقط من "بيان الدليل".
(9)
في (د) و (ط): "تعالى"، وفي (و):"سبحانه وتعالى".