الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعرفك، أسلمت إذ كفروا، ووفيت إذا غدروا، وأقبلت إذ أدبروا (1)، وعرفت إذ أنكروا (2).
ومثل هذا ما أذن [فيه](3) النبي صلى الله عليه وسلم للوفدِ الذين أرادوا قتل كعب بن الأشْرَف أن يقولوا (4)، وأذن للحجَّاج بن عِلاط عام خيبر أن يقول (5)، و [في](6) هذا كله [من الاحتيال المُبَاح؛ لكون صاحب الحق قد أذن فيه ورضي به](7)، والأمر المحتال عليه طاعة للَّه وأمر مباح.
[عود إلى قصة يوسف]
الضرب الثالث: أنه أذَّنَ مؤذنٌ {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ
(1) في "بيان الدليل": "وأقبلت إذا أدبروا"!
(2)
رواه البخاري في "صحيحه"(4394) في (المغازي): باب قصة وفد طيء.
(3)
ما بين المعقوفتين ليس في "بيان الدليل"، وبدله في (ق):"به".
(4)
مقتل كعب بن الأشرف، وإذن النبي صلى الله عليه وسلم لهم أن يقولوا: رواه البخاري (2510) في (الرهن): باب رهن السلاح، و (3031) في (الجهاد): باب الكذب في الحرب و (3032)، باب الفتك بأهل الحرب، و (4037) في (المغازي) باب قتل كعب بن الأشرف، ومسلم (1801) في (الجهاد): باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود، من حديث جابر.
(5)
رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(9771)، ومن طريقه أحمد في "مسنده"(3/ 138 - 139)، والنسائي في "سننه الكبرى"(8646)، والبزار (1816)، وأبو يعلى (3479)، وابن حبان (4531) وابن قانع في "معجم الصحابة"(4/ 1494 رقم 397)، والطبراني في "الكبير"(3196)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 150 - 151)، وفي "دلائل النبوة"(4/ 268) وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 728 - 729 رقم 1942) وابن كثير في "البداية والنهاية"(4/ 206). عن معمر عن ثابت عن أنس أن الحجاج بن عِلاط استأذن النبي صلى الله عليه وسلم عند فتح خيبر في إتيان مكة، فأذن له في القول. . . وذكر حديثًا طويلًا.
ورواه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 507 - 509)، ومن طريقه البيهقي في "الدلائل"(4/ 266 - 267) من طريق محمد بن ثور عن معمر به.
قال الهيثمي في "المجمع"(6/ 154): "ورجاله رجال الصحيح" قلت: نعم، ولكن معمر ضعيف في روايته عن ثابت، قاله ابن معين، وقال يحيى: حديث معمر عن ثابت مضطرب كثير الأوهام، انظر:"التهذيب"(10/ 244، 245) ومدار الحديث عليه.
قال البزار: "لا نعلم رواه هكذا إِلا معمر".
(6)
ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(7)
بدل ما بين المعقوفتين في "بيان الدليل": "الأمر المحتال عليه مباح لكونه الذي قد أوذي قد أذن فيه".
مَاذَا تَفْقِدُونَ (71)[قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)} إلى قوله: {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ](1) أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [يوسف: 70 - 76]، وقد ذَكَروا في تسميتهم سارقين وجهين (2):
أحدهما: أنه من باب المعاريض وأن يوسف نَوَى بذلك أنهم سرقوه من أبيه (3) حيث غَيَّبوه [عنه](4)[في الجبِّ](5) بالحيلة التي احتالوها (6) عليه، وخانوه فيه، والخائن يسمى سارقًا، وهو من الكلام [المرموز، ولهذا يُسمَّى خونة الدواوين](7) لصوصًا.
افثاني: أن المنادي هو الذي قال ذلك من غير أمر يوسف، قال القاضي أبو يعلى وغيره: أمر يوسفُ بعضَ أصحابه أن يجعل الصواع (8) في رَحْل أخيه، ثم قال بعضُ الموكَّلين [بالصيعان] (9) وقد فقدوه ولم يدر (10) [من] (11) أخذه [منهم] (9):{أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف: 70] على ظنٍّ منهم أنهم كذلك، [من غير أمر يوسف لهم](12) بذلك، [فلم يكن قول هذا القائل كذبًا إذ كان في حقه وغالب ظنه ما هو عنده، و](13) لعل يوسف قد قال للمنادي: هؤلاء [قد](9) سرقوا، وعَنَى [أنهم سرقوه](14) من أبيه، [والمنادي فهم سَرِقَةَ الصُّوَاع (15)، فصَدَق يوسف في قوله، وصَدَق المنادي، وتأمل حذف المفعول
(1) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلى قوله".
(2)
انظر: "الجامع" للقرطبي (9/ 231)، و"التفسير الكبير" للرازي (18/ 183).
(3)
في (ن): "أخيه"!
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(5)
ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(6)
في نسخ "الإعلام": "احتالوا".
(7)
بدل ما بين المعقوفتين في "بيان الدليل": "المشهور حتى أن الخونة من ذوي الديوان يسمون".
(8)
في (ن) و (ك) و (ق): "الصاع".
(9)
ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(10)
في "بيان الدليل": "لم يدروا"، وفي (ك) و (ق):"فلم يدري".
(11)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(12)
بدل ما بين المعقوفتين في "بيان الدليل": "ولم يأمرهم يوسف".
(13)
بدل ما بين المعقوفتين في نسخ "الإعلام": "أو"، وما أثبتناه من "بيان الدليل".
(14)
بدل ما بين المعقوفتين في "بيان الدليل": "سرقته".
(15)
في (ق): "الصاع".
في قوله: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف: 70] ليصح أن يضمن سرقتهم ليوسف فيتم التعريض، ويكون الكلام صِدْقًا، وذكر المفعول في قوله:{قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} [يوسف: 72] وهو صادقٌ في ذلك (1)، فصَدَقَ في الجملتين معًا تعريضًا وتصريحًا، وتأَمَّل قول يوسف:{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: 79] ولم يقل: إِلا مَنْ سرق، وهو أخصر لفظًا، تحريًا للصدق، فإن الأخ لم يكن سارقًا بوجه، وكان المتاع عنده (2) حقًا؛ فالكلام من أحسن المعاريض وأصدقها] (3).
ومثل هذا قول المَلَكين (4) لداود عليه السلام: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} إلى قوله: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: 22 - 23] أي: غَلَبني في الخطاب، ولكن تخريج هذا الكلام على المعاريض لا يكاد يتأتَّى، وإنما وجهه أنه كلام خرج على ضرب المثال: أي إذا كان كذلك فكيف الحكمُ بيننا.
ونظير هذا (5) قول المَلَك للثلاثة الذين أراد اللَّه أن يبتليهم: "مسكينٌ وغريبٌ وعابرُ سبيل، وقد تقطَّعت بي الحبال، ولا بلاغ لي اليوم إِلا باللَّه ثم بك، فأسألك بالذي أعطاك هذا المال بعيرًا أتبلَّغ به في سَفرِي هذا"(6) وهذا ليس بتعريض، وإنما هو تصريح على وجه ضرب المثال وإيهام أني أنا صاحب [هذه](7) القضية كما أوهم الملكان داود أنهما صاحبا القصة ليتم الامتحان.
(1) قال شيخ الإسلام: "فإن يوسف لعله لم يطلعه على أن الصواع في رحالتهم ليتم الأمر إنكم لسارقون بناءً على ما أخبره به يوسف، وكذلك لم يقل: سرقتم صاع الملك، وإنما قال:(نفقده)؛ لأنه لم يكن يعلم أنهم سرقوه، أو أنه اطلع على ما صنعه يوسف عليه السلام، فاحترز في قوله: فقال: {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} .
(2)
في (ك): "عند المتاع"، وفي (ق):"عنده الكلام".
(3)
ما بين المعقوفتين من كلام المصنف، وتصرف كثيرًا في النقل من شيخه إذ كلامه هو الوارد في الهامش قبل السابق.
(4)
قال (و): "لم يردّ في القرآن أنهما ملكان، وإنما ورد {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} " اهـ.
(5)
قال (و): "هذا الكلام إلى قوله: "ليتم الامتحان" لا يوجد في الفتاوى" اهـ.
قلت: وفي (ق): "ومثل هذا" بدل "ونظير هذا".
(6)
رواه البخاري (3464) في "أحاديث الأنبياء": باب أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل و (6653) في "الأيمان والنذور": باب لا يقول: ما شاء اللَّه وشئت، وهل يقول: أنا باللَّه ثم بك؟ ومسلم (2964) في "الزهد": أوله، من حديث أبي هريرة وقد ذكرتُه مع فوائده المستفادة منه في كتابي "من قصص الماضين"(ص 189 - 195).
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).