الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليَّ ولا أداؤه، فإن طالبه الحاكم بجواب يطابق السؤال فله أن يورِّي بما تقدم (1)، ويحلف على ذلك، فإن خشي من إقامة البينة فهنا تعز عليه الحيلة، ولم يبق له إلا تحليف المدعي أنه لا يعلم عجزه عن الوفاء (2) أو إقامة البينة بأنه (3) عاجز عن الوفاء، فإن حلف المدعي ولم تقم له بينة بالعجز لم يبق له حيلة غير الصبر.
[حيلة في تقديم بينة الخارج]
المثال الخامس والثلاثون: إذا تداعَيَا عينًا هي في يد أحدهما فهي لصاحب اليد، فإن أقام الآخر بينة حكم له ببينته؛ فإن أقام كل واحد منهما بينة، فقال الشافعي (4): بينة صاحب اليد أولى؛ لأن البينتين قد تعارضتا، وسلمت اليدُ عن معارض، وقال الإمام أحمد في ظاهر مذهبه: بينة الخارج أولى (5)؛ لأن معها زيادة علمٍ خفَيت على بينة صاحب اليد فإنها تستند إلى ظاهر اليد (6)، وبينة الخارج تستند أيضًا إلى سبب خفي على بينة الداخل فتكون أولى، فالحيلة في تقديم بينة الخارج عند من يقدم بينة الداخل أن يدعي الخارج أنه في يد الداخل غصْبًا أو عارية أو وديعة أو ببيع فاسد. ثم تشهد البينة على وَفق ما ادعاه، فحينئذ تقدَّم بينة الخارج على الصحيح عندهم (7).
[حيلة في التخلص من لدغ المخادع]
المثال السادس والثلاثون: الحيلة المخلصة من لَدْغ العقارب، وذلك إذا اشترى الماكر المخادع [من رجل](8) دارًا أو بستانًا أو سلعة، وأشهد عليه بالبيع، ثم مضى إلى البيت (9) أو الحانوت ليأتيه بالثمن، فأقر بجميع ما في يَدِه لولده أو
(1) في (ط)، و (د):"ما تقدم"، وقال (د):"في نسخة: بما تقدم" اهـ. قلت: وفي (ك) و (ق): "كما تقدم".
(2)
مطموسة في (ق).
(3)
في (ق): "أنه".
(4)
انظر: "الأم"(6/ 235) و"التنبيه"(ص 158)، "مختصر المزني"(312 - 313) و"المهذب"(2/ 334) و"حلية العلماء"(8/ 190) و"نهاية المحتاج"(8/ 362).
(5)
انظر: "المغني"(14/ 279) - ط هجر) وفي (د)، و (ط):"أول"، وفي (ق):"إلى اليد".
(6)
قال (د): "في نسخة: إلى صاحب اليد"، قلت: والنسخة المشار إليها هي (ن).
(7)
انظر: "زاد المعاد"(1/ 208) و"الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (5/ 97 - 99/ بتحقيقي).
(8)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(9)
في (ق): "الدار".
لامرأته، فلا يصل البائع إلى أخذ الثمن، فالحيلة له أن يبيعه بحضرة الحاكم أو يمضي بعد البيع معه إليه ليثبت له التبايع، ثم يسأله قبل مفارقته أن يحجر على المشتري في ماله، ويقفه حتى يسلم إليه الثمن؛ لئلا يتلف ماله أو يتبرع به فيتعذر عليه الوصول إلى حقه. ويلزم الحاكم إجابته إذا خشي ذلك من المشتري؛ لأن فيه إعانة لصاحب الحق على التوصل إلى حقه، فإن تعذرت عليه هذه الحيلة ولدغته العقرب وادعى الإعسار [فللبائع الفسخ إذا لم يكن عالمًا بعسرته وقت العقد ولا راضيًا بها فإن الإعسار عيب في محل الحق، فيثبت له خيار الفسخ كما لو كان العيب بالعوض ولهذا إذا احتال على من يظنه موسرًا فبان معسرًا فله فسخ الحوالة والرجوع على المحيل لوجود العيب في محل الحق الذي لم يرضى به المحتال، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ملك البائع الرجوع في عين ماله إذا أفلس المشتري، فكذلك إذا بأن مفلسًا مع أن الحديث نص في تمليكه الفسخ إذا عرض له الإفلاس، وليس فيه اشتراط حجر الحاكم ولا دل عليه بوجه ولا له أصل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا مصلحة للناس، فمن أين لكم أنه لا يملك الفسخ حتى يحجر عليه الحاكم، وحكم سيد الحكام بالرجوع في عين المال وفسخ البيع أولى بالاعتبار والمراعاة من آحاد الناس، فإذا كان سيد الحكام قد حكم له بالفسخ والرجوع لم يجز أن يقال: لا رجوع لك حتى يحكم حاكم بالفلس والإعسار، فإن قيل: إنما شرطنا ذلك ليتحقق ثبوت فلسه، قيل: لو تحقق ثبوت فلسه بحيث ألا يشك فيه، ولم يحكم به حاكم لم تمكنوه من الفسخ، وهذا مخالف للسنة، والقياس المحض كما تقدم إذ العيب في محل العوض كالعيب في العوض فإن سأل الحاكم الحجر عليه، وفعل ذلك رجع عليه في عين ماله عند الجمهور](1) فإن كانت العقرب داهيةً بأن غيَّر العين المبيعة أو مَلّكها لولده أو زوجته أو كان الحاكم لا يرى رجوعَ البائع في عين المبيع إذا أفلس المشتري؛ فالحيلة أن يتوصل إلى إبطال العقد بإقرار سابق على المبيع [أن](2) المبيع لولده أو لزوجته أو يرهنه أو يبيعه لمن يثق به، ويقدم تاريخ ذلك على بيع العقرب، وله أن يتوصل بهذه الحيلة فإن كانت مكرًا وخداعًا؛ فإن المكر والخداع حَسَنٌ إذا
(1) ما بين المعقوفتين من (ك) فقط، وبدلها في سائر النسخ:"عند الجمهور سأل الحاكم الحجر عليه فإن فعل ذلك رجع عليه في عين ماله".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).