الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صالح (1): إذا حلف أن يشرب هذا الماء الذي في هذا الإناء فانصبَّ فقد حنث، ولو حلف أن يأكل رغيفًا فجاء كلب فأكله فقد حنث؛ لأن هذا لا يقدر عليه، وقال في رواية جعفر بن محمد: إذا حلف الرجل على غريمه أن لا يفارقه حتى يستوفي منه ماله (2) فهرب منه مخاتلة فإنه يحنث، وهذا (3) وأمثاله من نصوصه مبني (4) على قوله في المكره والناسي والجاهل:"إنه يحنث" كما نص عليه، فإنه قال في رواية أبي الحارث (5): إذا حلف أن لا يدخل الدار فحُمل كرهًا فأدخل فإنه لا يحنث (6)، وكذلك نص على حنث الناسي والجاهل، فقد جعل الناسي والجاهل والمكره والعاجز بمنزلة، ونص في رواية أبي طالب: إذا حلف [أن](7) لا يدخل الدار فحُمل كرهًا فأدخل [فلا شيء عليه](8)، وقد قال في رواية أحمد بن القاسم: والذباب يدخلُ حَلْقَ الصائم والرجل يرمي بالشيء فيدخل [في](7) حلق الآخر وكلُّ أمر غلب عليه فليس عليه قضاء ولا غيره، وتواترت نصوصه فيمن أكل في رمضان أو شرب ناسيًا فلا قضاء عليه، فقد سوَّى بين الناسي والمغلوب، وهذا محض القياس والفقه، ومقتضى ذلك التسوية بينهما في باب الأيمان كما نص عليه في المكره، فتخرج مسألة العاجز والمغلوب على الروايتين (9)، بل المغلوب والعاجز أولى بعدم الحنث من الناسي والجاهل، كما تقدم بيانه، وباللَّه التوفيق.
فصل [حكم التزام الطلاق]
المخرج السادس: أخذه بقول من يقول: إن (10) التزام الطلاق لا يلزم، ولا يقع به طلاقٌ [ولا](11) حنث، وهذا إذا أخرجه بصيغة الالتزام، كقوله: "الطلاق يلزمني، أو لازمٌ لي، أو ثابت عليَّ، أو حق عليَّ، أو واجب عليَّ، أو متعيّن عليَّ
(1)(2/ 323/ رقم 953).
(2)
في (ق): "ماله منه".
(3)
في (ك): "فهذا"، وفي (ق):"هذا".
(4)
في (ق) و (ك): "نبأ".
(5)
في (ك): "أحمد بن الحارث".
(6)
قال (د): "في نسخة: "فلا شيء عليه" مكان قوله: "فإنه لا يحنث""، وهي كذلك في (ك) و (ق).
(7)
سقط من (ك) و (ق).
(8)
في (ق): "بأنه لا يحنث".
(9)
في (ك) و (ق): "روايتين".
(10)
في (ق): "إذا"، وفى (ك):"اذ".
(11)
في (ك): "اذا".
إن فعلت، أو إن لم أفعله" (1)، وهذا مذهب أبي حنيفة، وبه أفتى جماعة من مشايخ مذهبه، وبه أفتى القفَّال في قوله: "الطلاق يلزمني"، ونحن نذكر كلامهم بحروفه.
قال صاحب "الذخيرة" من الحنفية: لو قال لها: "طلاقك عليَّ واجب، أو لازم، أو فرض، أو ثابت" ذكر (2) أبو الليث خلافًا بين المتأخرين، فمنهم من قال: يقع واحدة رجعية نوى أو لم ينوِ، ومنهم من قال: لا يقع نوى أو لم ينو، ومنهم من قال: في قوله: "واجب" يقع بدون النية، وفي قوله:"لازمٌ" لا يقع وإن نوى، وعلى هذا الخلاف إذا قال:"إن فعلت كذا فطلاقك عليَّ واجبٌ، أو [قال] (3) لازم، أو ثابت" ففعلت، وذكر القدوري في "شرحه" أن على قول أبي حنيفة لا يقع الطلاق في الكُلّ، وعند أبي يوسف إنْ نوى الطلاق يقع في الكل، وعن محمد أنه يقع في قوله: لازم (4) ولا يقع في قوله: واجب، ثم ذكر من اختار من المشايخ الوقوع ومن اختار عدمه، فقال: وكان الإمام ظهير الدين المرغيناني (5) يُفتي بعدم الوقوع في الكل (6).
وقال القفَّال [في "فتاويه"](7): إذا قال: "الطلاقُ يلزمني" فليس بصريحٍ ولا كنايةٍ حتى لا يقع به وإن نواه، ولهذا القول مأخذان:
أحدهما: أن الطلاق لا بد فيه من الإضافة إلى المرأة (8)، ولم تتحقق الإضافة هاهنا (9) ولهذا لو قال:"أنا منك طالق" لم تطلق، ولو قال لها:"طلِّقي نفسك" فقالت: "أنت طالق" لم تطلق.
[و](7) المأخذ الثاني: لأصحاب أبي حنيفة (10) -أنه التزامٌ لحكم الطلاق، وحكمه لا يلزمه إلا بعد وقوعه، وكأنه قال:"فعلي أن أطلقك"، وهو لو صرَّح بهذا لم تطلق بغير خلاف، فهكذا المصدر، وسر المسألة أن ذلك التزام لأن يطلِّق أو التزام لطلاق واقع، فإن كان التزامًا (11)[لأن يطلق لم تطلق، وإن كان التزامًا](7)
(1) في المطبوع: "أو إن لم أفعل"، وفي (ك):"أو لم أفعل".
(2)
في (ك): "ذكره"، والمذكور في "الذخيرة"(ق 101/ م).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق)
(4)
في (ق): "لازم لي".
(5)
في (ق): "المرغاني"
(6)
قال بعدها في "الإغاثة"(2/ 91): "هذا كله لفظ صاحب "الذخيرة"".
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(8)
في (ك): "للمرأة".
(9)
في (ق): "هنا".
(10)
في المطبوع و (ك): "وهو مأخذ أصحاب أبي حنيفة".
(11)
في (ك): "الالتزام".