الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عامة الحكم في حق كل أحد لم يَخْفَ على نبيٍ كريم موجَبُ يمينِهِ، ولم يكن في اقتصاصها علينا كبير عبرة؛ فإنما يقص ما خرج عن نظائره [لنعتبر به ونستدل به على حكمة اللَّه فيما قَصَّه علينا](1)، أما ما كان [هو](1) مقتضى العادة والقياس فلا يقص، ويدل على الاختصاص قوله تعالى:{إِنَّا وَجَدْنَهُ صَابِرًا} [ص: 44] وهذه الجملة خرجت مخرج التعليل كما في نظائرها؛ فعلم أن اللَّه [سبحانه وتعالى](1) إنما أفْتَاه بهذا جزاءً له على صبره، وتخفيفًا عن امرأته، ورحمةً بها، لا أن هذا [هو](2) موجب هذا اليمين، [وأيضًا فإن اللَّه سبحانه وتعالى](3) إنما أفْتَاه بهذه الفُتْيَا لئلا يحنث، كما أخبر تعالى (4).
[متى شرعت كفارة اليمين
؟]
وهذا يدل على أن كفارة الأَيمْان لم تكن مشروعة بتلك الشريعة، بل ليس في اليمين إِلا البر [أو](5) الحنث، كما هو ثابت في نذر التبرُّر في شريعتنا؛ وكما [كان في أول الإسلام] (6) قالت عائشة رضي الله عنها: لم يكن أبو بكر يحنث في يمين، حتى أنزل اللَّه كفارة اليمين (7)، فدلَّ على أنها لم تكن مشروعة في أول الإسلام.
وإذا كان كذلك صار كأنه قد نذر ضربها، وهو نذر لا يجب الوفاء به؛ لما فيه من الضَّرر عليها، ولا يغني عنه كفارة اليمين (8)؛ لأن تكفير النذر فرع عن (9) تكفير اليمين، فإذا لم يكن كفارة النذر إذ ذاك مشروعة فكفارة اليمين أولى، وقد علم أن الواجب بالنذر يحتذى به حَذْوَ الواجب بالشرع، وإذا كان الضرب الواجب بالشرع يجب تفريقه إذا كان المضروب صحيحًا ويجوز جَمْعه إذا كان المضروب مريضًا مأيوسًا منه عند الكل أو مريضًا على الإطلاق عند بعضهم، كما ثبتت بذلك السنة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (10)، جاز أن يقام الواجب بالنذر مقام ذلك
(1) ما بين المعقوفات ليس في "بيان الدليل".
(2)
ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(3)
ما بين المعقوفتين ليس في "بيان الدليل".
(4)
هنا زيادة في "بيان الدليل" وهي: "وكما قد نقل أهل التفسير أنه كان قد حلف ثمن شفاه اللَّه ليضربنها مئة سوط لما تمثل لها الشيطان وأمرها بنوع من الشرك لم تتفطن له لتأمر به أيوب" اهـ.
(5)
في نسخ "الإعلام": "و".
(6)
ما بين المعقوفتين ليس في "بيان الدليل".
(7)
أخرجه البخاري (6621): في (الأيمان): باب {لَّا يُؤَاخِذُبهُمُ اللَّه بالْلَغْوِ فِىَ أَيَمَنِكُمْ} .
(8)
في (ق) و (ك): "يمين".
(9)
في (ن) و (ك) و (ق): "على".
(10)
يشير إلى حديث الرجل المقعد الذي زنا بامرأة وكان ضعيفًا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُجلد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بِـ (عثكال) فيه مئة شمراخ ضربة واحدة.
وهذا الحديث مداره على أبي أمامة بن سهل بن حنيف وقد اختلف عليه على أوجه:
الأول: رواه أبو الزناد ويحيى بن سعيد عنه عن أبي سعيد الخدري، أخرجه الطبراني (5446)، والدارقطني (3/ 105)، من طريق داود بن مهران وعمرو بن عون عن سفيان عنهما به.
قال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني (6/ 252): رجاله رجال الصحيح.
لكن رواه الشافعي في "مسنده"(2/ 79 - 80) من طريقه البيهقي (8/ 230) عن سفيان به، لم يذكر أبا سعيد، جعله عن أبي أمامة بن سهل مرسلًا.
قال البيهقي: هذا هو المحفوظ عن سفيان مرسلًا.
أقول: ورواه أيضًا عن أبي أمامة مرسلًا الزهري.
أخرجه الطبراني (5568) من طريق أحمد بن أبي شعيب عن موسى بن أعين عن إسحاق بن راشد عنه به.
إسحاق بن راشد هذا ثقة إِلا أن في حديثه عن الزهري وهم.
ومما يدل على ذلك أن الطبراني رواه بالإسناد نفسه (5587)(عدا شيخ الطبراني) فوقع فيه عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه.
أقول: قد ذكرت أن أبا الزناد قد رواه من قبل تارة عن أبي أمامة عن أبي سعيد وتارة مرسلًا.
وقد رواه المغيرة بن عبد الرحمن عنه فجعله عن أبي أمامة عن أبيه، أخرجه الطبراني (5565) من طريق عبد الملك بن مسلمة عنه، ورواته ثقات، لكن عبد الملك بن مسلمة، هذا أظنه هو المترجم في "الميزان" و"الجرح والتعديل" فإنه من نفس الطبقة، قال أبو حاتم: كتبت عنه وهو مضطرب الحديث ليس بقوي حدثني بحديث موضوع.
وقال أبو زرعة: ليس بالقوي وهو منكر الحديث.
وتابع المغيرة أيضًا عبد الرحمن بن أبي الزناد.
أخرجه الدارقطني (3/ 100) من طريق عبد العزيز بن محمد الأزدي عنه، وعبد العزيز هذا ينظر في حاله.
الثاني: يعقوب بن عبد اللَّه بن الأشج عن أبي أمامة بن سهل عن سعيد بن سعد بن عبادة.
رواه أحمد في "مسنده"(5/ 222)، وابن ماجة (2574)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2524)، والطبراني (5521) و (5522)، والنسائي في "الكبرى"(4/ 311)، وأحمد بن منيع وأبي أبي شيبة في "مسنديهما"، كما في "زوائد البوصيري"(2/ 74) من طرق عن ابن إسحاق عن يعقوب به.
قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف لأن مدار الإسناد على محمد بن إسحاق وهو مدلس. =