الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [المخرج التاسع وفيه حكم الطلاق المعلق بالشرط]
المخرج التاسع: أخذه بقول [من يقول](1): إن الطلاق المعلَّق بالشرط لا يقع، ولا يصح تعليق الطلاق، كما لا يصح تعليق النكاح، وهذا اختيار أبي عبد الرحمن أحمد بن يحيى بن عبد العزيز [الشافعي](1) أحد أصحاب الشافعي الأجلّة أو أجلهم، وكان الشافعي يجلّه ويكرمه ويكنيه ويعظمه، وأبو ثور (2)، وكانا يكرمانه (3)، وكان بصره ضعيفًا فكان الشافعي يقول: لا تدفعوا إلى أبي عبد الرحمن الكتاب يُعارض به فإنه يخطئ، وذكره أبو إسحاق الشيرازي في "طبقات أصحاب الشافعي"(4)، ومحل الرجل من (5) العلم والتضلع منه لا يُدفع، وهو في العلم بمنزلة أبي ثور وتلك الطبقة، [وكان رفيق أبي ثور](1)، وهو أجل من جميع أصحاب الوجوه [من](1) المنتسبين إلى الشافعي، [فإذا نزل بطبقته إلى طبقة أصحاب الوجوه كان قوله وجهًا وهو أقل درجاته.
وهذا مذهب لم ينفرد به، بل قد قال به غيره من أهل العلم] (1) قال أبو محمد بن حزم في "المحلى" (6): والطلاق بالصفة عندنا كما هو الطلاق باليمين، كل ذلك لا يلزم وباللَّه التوفيق، ولا يكون طلاقًا إلا كما أمر اللَّه تعالى، وعلمه، وما عداه فباطل وتعدِّ لحدود اللَّه تعالى.
وهذا القول وإن لم يكن قويًا في النظر (7) فإن الموقعين [للطلاق](1) لا يمكنهم إبطاله [البتة](1) لتناقضهم، وكان (8) أصحابه يقولون لهم: قولنا في تعليق الطلاق بالشرط كقولكم (9) في تعليق الإبراء والهبة (10) والوقف والبيع والنكاح سواء، فلا يمكنكم (11)
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
في (ق): "وكان الشافعي يكرمه ويجلسه ويكنيه وأبا ثور"!.
(3)
في (ك): "يلزمانه".
(4)
قال في "طبقات الفقهاء"(ص 102): "كان من كبار أصحاب الشافعي، ثم صار من أصحاب ابن أبي داود".
(5)
في (ق): "في".
(6)
(10/ 213/ مسألة 1969).
(7)
في (ك): "النظير".
(8)
في (ق) و (ك): "فإن".
(9)
في (ك): "كقولهم".
(10)
في المطبوع: "أو الهبة".
(11)
في (ق): "فلا يمكنهم"، وفي (ك):"ولا يمكنكم"، وما بين المعقوفتين الآتيتين سقط من (ق).
[البتة] أن تفرِّقوا (1) بين ما صح تعليقه من عقود التبرعات والمعارضات والإسقاطات بالشروط، وما لا يصح تعليقه، فلا تبطلوا قول منازعيكم في صحة تعليق الطلاق [بالشرط](2) بشيء إلا كان هو بعينه حجة عليكم في إبطال قولكم في منع صحة تعليق الإبراء والهبة والوقف والنكاح، فما الذي أوجب إلغاء هذا التعليق وصحة ذلك التعليق؟ فإن فرَّقتم بالمعاوضة، وقلتم:"إن عقود المعاوضات لا تقبل التعليق بخلاف غيرها" انتقض عليكم طَرْدًا بالجعَالة وعَكسًا بالهبة والوقف؛ فانتقض عليكم الفرق طردًا وعكسًا وإن فرَّقتم بالتمليك والإسقاط فقلتم: "عقود التمليك لا تقبل التعليق بخلاف عقود الإسقاط" انتقض أيضًا طرده بالوصية، وعكسه بالإبراء؛ فلا طَرْد ولا عكس، وإن فرقتم بالإدخال في ملكه والإخراج عن ملكه وصحَّحتم (3) التعليق في الثاني دون الأول انتقض [عليكم](4) أيضًا فَرْقكم؛ فإن الهبة والإبراء إخراج عن ملكه ولا يصح تعليقها عندكم، وإن فرقتم بما يحتمل الغرر وما لا يحتمله، فلا يحتمل الغرر والأخطار يصح تعليقه بالشرط كالطلاق والعتق والوصية، وما لا يحتمله لا يصح تعليقه كالبيع والنِّكاح والإجارة، انتقض عليكم بالوكالة، فإنها لا تقبل التعليق عندكم وتحتمل الخطر؛ ولهذا يصح أن يوكله في شراء عبد، ولا يذكر قدره ولا وصفه ولا سِنَّه ولا ثمنه، بل يكفي ذكر جنسه فقط، أو أن يوكله في شراء دار، ويكتفي بذكر محلها وسكنها فقط، أو أن يوكله في التزوج بامرأة فقط، ولا يزيد على كونها امرأة، ولا يذكر له جنس مهرها ولا قدره ولا وصفه، وأي خطر فوق هذا؟ ومع ذلك منعتم من تعليقها بالشرط، وطرد هذا الفرق يوجب عليكم صحة تعليق النكاح بالشرط، فإنه يحتمل من الخطر ما لا يحتمل غيره من العقود، فلا [يشترط فيه](5) رؤية الزوجة، ولا صفتها ولا تعيين العوض جنسًا ولا قدرًا ولا وصفًا ويصح مع جهالته وجهالة المرأة، ولا يعلم (6) عقد يحتمل من الخطر ما يحتمله؛ فهو أولى بصحة التعليق من الطلاق والعتاق إن صح هذا الفرق. وقد نص الشافعي على صحة تعليقه فيما لو قال:"إن كانت جاريتي ولدت بنتًا فقد زوجتكها"، وهذا وإن لم يكن تعليقًا على شرط مستقبل فليس (7) بمنزلة قوله:"متى ولدت جارية (8) فقد زوجتكها" لأن
(1) في (ق): "يفرقوا".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
في المطبوع و (ك): "فصححتم".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).
(5)
بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "بشرط".
(6)
(ق): "ولا نعلم".
(7)
في (ق) و (ك): "وليس".
(8)
في (ق): "متى ولدت جاريتي بنتًا".