الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حيلة في التخلص من المطالبة بدين كان أدَّاه]
المثال الرابع (1) والأربعون: إذا كان له عليه حق وقد أبرأه منه ولا بينة له بالإبراء ثم عاد فادّعاه؛ فإن قال: "قد أبرأني منه" لم يكن مقرًا به كما لو قال: "كان له عليّ [وقَضَيْتُه] (2) " وعلى القول الآخر يكون مقرًا [به](3) مدَّعيًا للإبراء، فيكلّف (4) البينة؛ فالحيلة على التخلص أن يقول: قد أبرأني (5) من هذه الدعوى؛ فإذا قال ذلك لم يكن مقرًا بالمدَّعى به؛ فإذا سأل إحلاف خَصْمه أنه لم يُبْرئه من الدعوى مَلَكَ ذلك؛ فإن لم يحلف صرفها (6)[الحاكم](7)، وإن حلف طولب بالجواب، ولا يسمع منه بعد ذلك أنه أبرأه من الدعوى؛ فإن قال:"أبرأني (5) من الحق" ففيه الخلاف المذكور، وإن قال:"لا شيء عندي" اكتفى منه بهذا الجواب عند الجمهور؛ فإن طالبه الحاكم بالجواب على وفقِ الدعوى فالحيلة أن يُجِيبَ (8) ويُوَرِّيَ كما تقدم.
[حيلة في المضاربة]
المثال الخامس (9) والأربعون: إذا خاف المضارب أن يسترجع ربُّ المالِ منه المال فقال: "قد ربحت ألفًا" لم يكن له الاسترجاع؛ لأنه قد صار شريكًا؛ فإن (10) قال: "ذلك حيلة، ولم يربح" فقال بعد ذلك: "كذبت" لم يسمع منه؛ فالحيلة في تخلصه أن يدعي خسارتها بعد ذلك أو تَلَفَهَا فيقبل قوله مع يمينه.
[حيلة في تجويز نظر الواقف على وقفه]
المثال السادس (11) والأربعون: إذا وقف وَقْفًا وجعل النظر فيه لنفسه مدة حياته ثم من بعده لغيره، صح ذلك عند الجمهور، وهو اتفاقٌ من الصحابة؛ فإن عمر رضي الله عنه كان يلي صَدَقته (12)، وكذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة
(1) في (ق) و (ك): "الثاني".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(3)
بين المعقوفتين سقط من (ق).
(4)
في (ك): "فيتكلف".
(5)
المطبوع و (ك): "أبرأتني".
(6)
في (ك) و (ق): "صرفهما".
(7)
بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(8)
(ن): "أن يحنث"!، وفي (ق):"أن يحلف".
(9)
(ك) و (ق): "الثالث".
(10)
في (ك): "كان".
(11)
(ك) و (ق): "الرابع".
(12)
رواه أبو داود (2879) في (الوصايا): باب ما جاء في الرجل يوقف الوقف، والبيهقي =
رضي اللَّه عنهم، والنبي صلى الله عليه وسلم لما أشار على عمر بوقف أرضه (1) لم يقل له:"لا يصح ذلك حتى تخرجها عن يدك ولا تلي نظرها" وأي غرض للشارع في ذلك؟ وأي مصلحة للواقف أو الموقوف عليه؟ بل المصلحة خلاف ذلك؛ لأنه أخبَرُ بماله، وأقْوَمُ بعمارته ومصالحه وحفظه من الغريب الذي ليست خبرته وشفقته كخبرة صاحبه وشفقته، ويكفي في صحة الوقف إخراجه عن ملكه وثبوت نظره ويده عليه كثبوت نظر الأجنبي ويده، ولا سيما إن كان متبرعًا، فأي مصلحة في أن يقال له:"لا يصح وقفك حتى تجعله في يد مَنْ لست على ثقة من حفظه والقيام بمصالحه وإخراج نظرك عنه"؟
فإن قيل: إخراجه للَّه يقتضي رفع يده عنه بالكلية كالعتق.
قيل: بالعتق خرج العبد [عن](2) أن يكون مالًا، وصار محرَّرًا (3) محضًا، فلا تثبت عليه يد أحد. وأما الوقف فإنه لا بد من ثبوت اليد عليه لحفظه والقيام بمصالحه، وأحق ما يثبت عليه يدُ أشفَقِ الناس عليه وأقومهم بمصالحه، وثبوتُ يدهِ ونظره لا ينافي وقفه للَّه، [فإنه وَقَفه للَّه](4) وجعل نظره عليه ويده للَّه فكلاهما قربة وطاعة، فكيف يُحرم ثواب هذه القربة ويقال له: لا [يصح لك](5) قربة
= (6/ 160) من طريق ابن وهب: أخبرني الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن صدقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: نسخها لي عبد الحميد بن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا ما أوصى به عبد اللَّه عمر أمير المؤمنين أن ثمغًا وصِرمة. . . تليه حفصة ثم يليه ذو الرأي من أهلها لا يباع ولا يشترى ينفقه حيث رأى من السائل والمحروم.
وانظر: "سنن الدارقطني"(4/ 189)، وينظر الحديث المرفوع الذي بعده فإنه يدل على ذلك أيضًا، وفي "صحيح البخاري" (2777) في (الوصايا): باب نفقة القيّم للوقف بسنده إلى ابن عمر: أن عمر اشترط في وقفه: "أن يأكل من وَليَه ويُؤكل صديقه، غير متموّل مالًا".
ونحوه في "صحيح مسلم"(رقم 1632)(كتاب الوصية): باب الوقف، وانظر -غير مأمور-:"مسند الفاروق" لابن كثير (1/ 365 - 366). و"تحرير القواعد"(2/ 50 - بتحقيقي) لابن رجب، وفي (ك):"وكان".
(1)
رواه البخاري (2737) في "الشروط": باب الشروط في الوقف، و (2772) في "الوصايا": باب الوقف كيف يكتب، و (2773) باب الوقف للغني والفقير والضيف، ومسلم (1632) في "الوصية": باب الوقف، من حديث ابن عمر.
وانظر: "المجالسة"(رقم 2623 - بتحقيقي).
(2)
سقط من (ق).
(3)
في (ن) و (ك): "محرمًا".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(5)
بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "يصلح لك"، وفي (ق):"يصلح".