الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [القسم الثاني: أن تكون الطريق مشروعة]
القسم الثاني: أن تكون الطريق مشروعة، وما تُفْضي إليه مشروع، وهذه هي الأسباب التي نصبها الشارع مُفْضِية إلى مسبَّباتها كالبيع والإجارة والمُسَاقاة والمزارعة والوكالة، بل الأسباب محل حكم (1) اللَّه ورسوله، وهي في اقتضائها
= باب ما جاء أن العارية مؤداة، والدارقطني (3/ 35)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(رقم 1831 و 1832)، وتمام في "فوائده"(رقم 707 - ترتيبه) والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(ص 30) والقضاعي في "مسند الشهاب"(رقم 742)، والبيهقي (10/ 271) وفي "معرفة السنن والآثار"(14/ 380 رقم 20376)، والحاكم (2/ 46)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 269)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(973 و 974) من طريق طلق بن غنام عن شريك، وقيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا به.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وقال الحاكم: حديث شريك عن أبي حصين على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وشريك إنما أخرج له مسلم متابعة فقط، وهو سيء الحفظ، وقد تابعه قيس بن الربيع، وهو ضعيف أيضًا لكنهما يقويان بعضهما بعضًا، فيحسَّن الحديث كما قال الترمذي.
أما أبو حاتم فقال -كما في "علل ابنه"(1/ 375) -: روى طلق بن غنام حديثًا منكرًا عن شريك وقيس.
ولا أدري ما وجه النكارة فلعله أراد قوله: "ولا تخن من خانك"، ولعله لهذا قال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت، وقال أحمد بن حنبل: هذا حديث باطل لا أعرفه من وجه يصح.
ذكر هذا عن أحمد: ابنُ حجر في "التلخيص"(3/ 97) عن ابن الجوزي في "العلل المتناهية" وليس هو فيه.
ونقله عن الشافعي البيهقي في "السنن".
أقول: لكن قوله: "لا تخن من خانك"، قد تفسر على معنى لا يتنافى مع قواعد الشريعة.
والحديث له شواهد، وان كانت ضعيفة، إلا أنها لا شك تجعل للحديث أصلًا.
فانظرها في: "نصب الراية"(4/ 119) و"التلخيص الحبير"(3/ 97)، وفي "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(رقم (423). وتعليقي على "سنن الدارقطني"(رقم 2879، 2898، 2899)، وتعليقي على "قواعد ابن رجب"(1/ 102 - 103).
(1)
في (ن) و (ك) و (ق): "حكمة".
لمسبباتها شرعًا على وزان الأسباب الحِسِّية في اقتضائها لمسبباتها قدرًا؛ فهذا شرع الرب تعالى وذلك قدره، وهما خلقه وأمره، واللَّه له الخلق والأمر، ولا تبديل لخلق اللَّه، ولا تغيير لحكمه، فكما لا يخالف سبحانه بالأسباب القدرية أحكامها بل يُجْريها على أسبابها (1) وما خُلِقت له؛ فهكذا الأسباب الشرعية لا يُخْرجها عن سببها وما شرعت له، بل هذه سنته شرعًا وأمرًا (2)، وتلك سنته قضاءً وقدرًا وسنته الأمرية قد تبدل وتتغير كما يُعْصَى أمره ويخالف، وأما سنته القدرية {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43]، كما لا يُعصى أمره الكوني القدري.
ويدخل في هذا القسم التحيل على جلب المنافع و [على](3) دفع المضار، وقد ألهم اللَّه تعالى ذلك لكل حيوان، فلأنواع الحيوانات من أنواع الحيل والمكر ما لا يهتدي إليه بنو آدم.
وليس كلامنا ولا كلام السلف في ذم الحيل متناولًا لهذا القسم، بل العاجز مَنْ عجز عنه، والكَيَّسُ من كان به أفْطَنَ وعليه أقْدَرَ، ولا سيما في الحرب فإنها خدعة (4) والعجز كل العجز في ترك هذه الحيلة، والإنسان مندوب إلى الاستعاذة (5) باللَّه تعالى من العجز والكسل؛ فالعجز عدم القدرة على الحيلة النافعة، والكسل عدم الإرادة لفعلها؛ فالعاجز لا يستطيع الحيلة، والكسلان لا يريدها، ومن لم يَحْتَلْ وقد أمكنته هذه الحيلة أضاع فرصته وفَرَّطَ في مصالحه، كما قال (6):
إذا المرء لم يَحْتَلْ وقد جَدَّ جِدَّه
…
أضاع، وقَاسَى أمَرُه، وَهْوَ مُدْبِرُ
وفي هذا قال بعض السلف: الأمرُ أمران: أمرٌ فيه حيلة فلا يعجز عنه (7)، وأمر لا حيلة فيه فلا يجزع منه (8).
(1) في (ق): "سببها".
(2)
في (ك) و (ق): "أمرًا وشرعًا".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(4)
"بفتح الخاء وضمِّها، بوزن همزة"(و).
(5)
في المطبوع: "استعاذته".
(6)
القائل هو تأبط شرًا، والمذكور من قصيدة طويلة له، انظرها وروايتها في "الاختيارين"(295) للأخفش الصغير، و"شرح الحماسة" للتبريزي (1/ 82)، و"شرح شواهد المغني"(330)، و"خزانة الأدب"(3/ 542).
(7)
في (ن) و (ق): "فلا تعجز عنه"
(8)
في (ن): "فلا تخرج منه"، وفي (ق):"فلا تجزع منه".