الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: "المسلمون عند شروطهم، إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا (1) ".
[تعليق العقود والفسوخ بالشروط]
وتعليق العقود والفسوخ والتبرعات والالتزامات وغيرها بالشروط أمر قد تدعو إليه الضرورة أو الحاجة أو المصلحة؛ فلا يستغني عنه المكلف، وقد صح تعليق النذر (2) بالشرط بالإجماع ونص الكتاب، وتعليق الضمان بالشرط بنص القرآن، وتعليق النكاح بالشرط في تزويج موسى عليه السلام بابنة صاحب مَدْين وهو من أصح نكاح على وجه الأرض، ولم يأت في شريعتنا ما ينسخه، بل أتَتْ مقررة له كقوله صلى الله عليه وسلم:"إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"(3) فهذا صريح في أن حل الفروج (4) بالنكاح قد يعلق على شرط، ونص الإمام أحمد رحمه الله على جواز تعليق النكاح بالشرط، وهذا هو الصحيح، كما يُعَلَّق الطلاق والجعالة والنذر وغيرها من العقود، وعلق أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه عقد المزارعة بالشرط، فكان يدفع أرضه إلى مَنْ يعمل عليها على أنه إن جاء عمر بالبذر فله كذا وإن جاء العامل بالبذر فله كذا، وذكره البخاري (5)، ولم يخالفه صاحب، ونص الإمام أحمد (6) على جواز تعليق البيع بالشرط في قوله: إن بعْتَ هذه الجارية فأنا أحق بها بالثمن، واحتج بأنه قول ابن مسعود رضي الله عنه (7)، ورهن
= أخرجه أحمد (4/ 66 و 5/ 378) وابنه عبد اللَّه في "السنة"(رقم 1121) وابن خزيمة في "التوحيد"(رقم 55) عن عبد الرحمن بن عايش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وورد من حديث معاذ، رواه الترمذي (3235) وأحمد (5/ 243)، وابن خزيمة في "التوحيد"(رقم 321) وهذا إسناد متصل رجاله ثقات، وقد صححه أحمد وابن خزيمة، وقال الترمذي: حسن صحيح، سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال:"هذا حديث حسن صحيح".
(1)
سبق تخريجه.
(2)
في المطبوع: "النظر"!
(3)
سبق تخريجه.
(4)
في (ك) و (ق): "الفرج".
(5)
في "صحيحه"(كتاب الحرث والمزارعة: باب المزارعة بالشطر ونحوه قبل حديث (2328)، وقد ذكرت من وصله في مكان آخر، وفي (ك):"كذا البخاري".
(6)
في رواية مهنأ، كما في "القواعد النورانية"(ص 191)، وانظر "مسائل عبد اللَّه"(278/ 1038)، و"قواعد ابن رجب"(3/ 26 - بتحقيقي).
(7)
هي قصة وقعت لابن مسعود مع زوجته، أسوقها لتنظر:
فقد روى مالك في "الموطأ"(2/ 616)، ومن طريقه البيهقي في "السنن"(5/ 336)، وعبد الرزاق (14291)، وأبو يوسف في "الآثار"(رقم 844)، وسعيد بن منصور =
الإمام أحمد نَعْلَه وقال للمرتهن: إن جئتك بالحق إلى كذا وإلا فهو لك، وهذا (1) بيع بشرط، فقد (2) فعله وأفتى به. وكذلك تعليق الإبراء بالشرط (3)، نص على جوازه فِعْلًا منه، فقال لمن اغتابه ثم اسْتَحَله:"أنت في حل إن لم تعد" فقال له الميموني: قد اغتابك وتحلله؟ فقال: ألم ترني قد اشترطت عليه أن لا يعود؟ والمتأخرون من أصحابه يقولون. لا يصح تعليق الإبراء بالشرط وليس ذلك موافقًا لنصوصه ولا لأصوله، وقد علق النبي صلى الله عليه وسلم ولاية الإمارة بالشرط (4)، وهذا تنبيه على تعليق الحكم في كل ولاية، وعلى تعليق الوكالة الخاصة والعامة، وقد علق أبو بكر تولية عمر رضي الله عنه بالشرط (5)، ووافقه عليه سائر الصحابة رضي الله عنهم فلم ينكره منهم رجل واحد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ باع نخلًا قد أُبِّرَتْ فثمرتُها للبائع، إلا أن يشترطها المبتاع"(6) فهذا الشرط (7) خلاف مقتضى العقد المطلق، وقد جوزه الشارع، وقال:"مَنْ أعتق (8) عبدًا وله مال، فماله للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع"(9) وفي "السنن" عنه: "مَنْ أعتق عبدًا وله مال فمال العبد له إلا أن يشترطه السيد"(10) وفي "المسند" و"السنن" عن سفينة قال: "كنت مملوكًا لأم
= (2251)، وحنبل في "مسائل أحمد" -كما في "القواعد النورانية"(ص 191) - من طرق عن الزهري عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة أن عبد اللَّه بن مسعود ابتاع جارية من امرأته زينب الثقفية، واشترطت عليه: أنّك إنْ بعتها فهي لي بالثمن الذي تبيعها به، فسأل عبد اللَّه بن مسعود عن ذلك عمر بن الخطاب، فقال عمر: لا تقربها، وفيها شرط لأحد.
ورواية عبيد اللَّه عن ابن مسعود مرسلة.
وفي (ن) و (ق): "واحتج بقول ابن مسعود".
(1)
في (ق) و (ك): "فهذا".
(2)
في (ق): "وقد".
(3)
انظر: "إغاثة اللهفان"(2/ 16)، و"بدائع الفوائد"(4/ 79)، و"أحكام أهل الذمة"(1/ 385).
(4)
يريد حديث: "أميركم زيد فإن قتل فجعفر، حيث صرح بهذا" فيما يأتي.
والحديث رواه البخاري (4261) في (المغازي): باب غزوة مؤتة من أرض الشام، من حديث ابن عمر قال:"أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة وقال: "إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد اللَّه بن رواحة. . .".
(5)
انظر: "تاريخ المدينة"(2/ 665 - 673) لابن شبة و"أنساب الأشراف"(ص 163 - 164)، و"طبقات ابن سعد"(3/ 274) و"مناقب عمر"(53) لابن الجوزي.
(6)
ورد في حديث تقدم تخريجه.
(7)
في (ن) و (ك) و (ق): "فهذا اشتراط".
(8)
في (ك): "باع".
(9)
ورد في حديث تقدم تخريجه.
(10)
رواه أبو داود (3962) في "العتق": باب من أعتق عبدًا وله مال، وابن ماجه (2529) في "العتق": والنسائي في "الكبرى"(4981) في "العتق": باب من أعتق عبدًا =
سلمة، فقالت: أعتقتك، واشترطت (1) عليك أن تخدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما عِشْتَ، فقلت: إن (2) لم تشترطي عليَّ ما فَارَقْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما عِشْتُ، فأعتقتْنِي واشترطت علي" (3)، وذكر البخاري في "صحيحه" عن عمر [بن الخطاب] (4) رضي الله عنه قال: مَقَاطعُ الحقوق عند الشروط ولك ما شرطت (5)، وقال البخاري في باب الشروط في القرض: "وقال ابن عمر وعطاء: إذا أجَّله في القرض جاز" (6) وقال
= والدارقطني (4/ 133 - 134)، والبيهقي (5/ 324) من طرق عن الليث بن سعد عن عبيد اللَّه بن جعفر عن بكير بن الأشج عن نافع عن ابن عمر به.
وعند بعضهم: عن الليث وابن لهيعة.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
لكن رواه النسائي في "الكبرى"(4985): أخبرنا محمد بن عبد اللَّه بن الحكم عن أشهب عن الليث عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر عن نافع عن ابن عمر به.
وأشهب هذا هو ابن عبد العزيز من الثقات، وعبيد اللَّه بن أبي جعفر أدرك نافعًا، فيمكن أن يكون روى الحديث على الوجهين، وعلى كل حال فلا إعلال ما دام أن ابن وهب ذكره على الجادة.
(1)
في هامش (ف): "لعله: اعتقك واشترط".
(2)
في المطبوع: "ولو لم".
(3)
رواه أحمد في "مسنده"(5/ 221)، وأبو داود (3932) في "العتق": باب في العتق على الشرط، والنسائي في "الكبرى" (4995 و 4996) في "العتق": باب ذكر العتق على الشرط -وعزاه في "تحفة الأشراف" له في (الشروط): (4/ 22) - وابن ماجه (2526) في "العتق": باب من أعتق عبدًا، واشترط خدمته، وابن الجارود (976)، والطبراني في "الكبير"(6447)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(6/ 2134 رقم 612)، والحاكم (2/ 213 - 214 و 3/ 606)، والبيهقي (10/ 291) من طرق عن سعيد بن جُمهان عنه.
أقول هذا إسناد فيه سعيد بن جُمهان، وثقه ابن معين، وأحمد، وأبو داود، وقال النسائي: لا بأس به، وقال البخاري: في حديثه عجائب، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن معين: روى عن سفينة أحاديث لا يرويها غيره، وأرجو أنه لا بأس به، وقال ابن حجر:"صدوق له أفراد"، فمثله حسن إن شاء اللَّه تعالى.
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(5)
(كتاب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة): باب الشروط في المهر عند النكاح (3/ 249)، ووصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وابن حجر في "التغليق"(3/ 408 - 409)، وانظر "فتح الباري"(5/ 323 و 9/ 217).
(6)
في "صحيحه"(كتاب ما يجوز من الشروط): باب الشروط في القرض (3/ 259). وقد وقع في جميع النسخ المطبوعة: "فإذا أحله. . ." ووصله عن ابن عمر ابن أبي شيبة (6/ 480)، ورواه عبد الرزاق عن عطاء، وانظر:"تغليق التعليق"(3/ 414) و"الفتح"(5/ 66 و 353).
في باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا (1) في الإقرار والشروط التي يتعارفها الناس بينهم (2): "قال ابن عون (3) عن ابن سيرين قال: قال رجل لِكَرِيِّه: أدْخِل (4) ركابكَ فإن لم أرحل معك [في] (5) يوم كذا وكذا فلك مئة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: مَنْ شرط على نفسه طائعًا غير مكره فهو عليه. وقال أيوب عن ابن سيرين: إن رجلًا باع طعامًا فقال (6): إنْ لم آتِكَ الأربعاء فليس بيني وبينك بيْع، فقال للمشتري: أنتَ أخلفْتَه، فقضى عليه".
وقال في باب الشروط في المهر [عند عُقْدَةِ النكاح](7): وقال المسور سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكر صهرًا له فأثْنَى عليه في مصاهرته فأحسن، فقال:"حدثني فصَدَقَني، ووعدني فوفاني"(8) ثم ذكر فيه حديث "أحَقُّ الشروط أن تُوفوا به ما استحللتم به الفروج"(9). وقال في كتاب الحَرْث [والمزارعة](10): وعامَلَ عمرُ الناسَ على [أنه إن](11) جاء عمرُ بالبَذْر من عنده فلهم الشَّطْر، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا (12). وهذا صريح في جواز "إن خطْتَه اليوم فَلك كذا، وإن خِطْتَه
(1)"الثنيا -بضم الثاء وسكون النون-: هي يستثنى في عقد البيع شيء مجهول، فيفسده، وقيل: هو أن يباع شيء جزافًا، فلا يجوز أن يستثنى منه شيء قل أو كثر، وتكون في المزارعة أن يستثنى بعد النصف أو الثلث كيل معلوم"(و).
(2)
(5/ 354 - من "فتح الباري") وأثر ابن سيرين الأول وصله سعيد بن منصور من طريق هشيم عن ابن عون عنه، ووصل الثاني أيضًا عن سفيان عن أيوب به، أفاده ابن حجر، وانظر "تغليق التعليق"(3/ 415).
(3)
في المطبوع: "ابن عوف".
(4)
في جميع الأصول: "ارحل" والتصويب من "صحيح البخاري".
(5)
سقط من (ك).
(6)
في (ك) و (ق): "وقال".
(7)
هو في "صحيحه"(5/ 322/ الباب السادس)، وما بين المعقوفتين زيادة من "الصحيح".
(8)
رواه البخاري (3110) في (فرض الخمس): باب ما ذكر من درع النبي صلى الله عليه وسلم وعصاه وسيفه، و (3729) في (فضائل الصحابة): باب ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (2449) بعد (95) و (96). وانظر: كتاب الشروط: الشروط في المهر عند عقدة النكاح (5/ 322 - مع "الفتح") و"تغليق التعليق"(3/ 408 - 409).
(9)
مضى تخريجه، وقال (و):". . . يقصد بالصهر عثمان بن عفان، وكان هذا تعريضًا بعلي حين هم بالزواج من ابنة أبي جهل" اهـ.
(10)
من "صحيحه" باب المزارعة بالشطر ونحوه (5/ 10)، وما بين المعقوفتين زيادة من "الصحيح"، وفي (ق):"باب" بدل "كتاب".
(11)
بدل ما بين المعقوفتين في (ك) و (ق): "أن".
(12)
رواه البخاري تعليقًا في كتاب "الحرث والمزارعة": باب المزارعة بالشطر ونحوه، قبل =
غدًا فلك كذا" (1) وفي جواز "بعتكه بعشرة نقدًا أو بعشرين نسيئة" فالصواب جواز هذا كله للنص والآثار والقياس. وقال جابر: بِعْتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم بعيرًا، واشترطت حملانه إلى أهلي (2). وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن فروخ عن نافع بن عبد الحارث عامل عمر على مكة أنه اشترى من صَفْوَان بن أمية دارًا لعمر بن الخطاب بأربعة آلاف درهم، واشترط عليه نافع إن رضي عمر فالبيع له، كان لم يَرْضَ فلصفوان أربع مئة درهم (3)، ومن هاهنا قال الإمام أحمد: لا بأس ببيع العُربون (4) لأن عمر فعله، وأجاز هذا البيع والشرطَ فيه مجاهد ومحمد ابن سيرين وزيد بن أسلم ونافع بن عبد الحارث، وقال أبو عمر (5): وكان زيد بن أسلم يقول: أجازه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم (6)، وذكر الإمام أحمد
= رقم (2328)، ومضى بيان من وصله.
(1)
"المغني"(6/ 8، 9 - مع "الشرح الكبير")، "الإنصاف" (6/ 45). وانظر:"الإشراف"(3/ 209 - 210 مسألة 1056) للقاضي عبد الوهاب وتعليقي عليه.
(2)
أخرجه البخاري في "الصحيح" في عدة مواضع منها: "كتاب الشروط": باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة (رقم 2718)، ومسلم في "الصحيح" "كتاب المساقاة": باب بيع البعير واستثناء ركوبه (رقم 715).
(3)
علقه البخاري في "صحيحه" في (الخصومات): باب الربط والحبس في الحرم قبل الحديث (2423) قال: واشترى نافع بن عبد الحارث دارًا للسجن من صفوان بن أمية. . . فذكره.
ووصله ابن أبي شيبة (5/ 392)، وعبد اللَّه بن أحمد في "مسائله"(1044، أو 1229 ط مكتبة الدار)، والبيهقي (6/ 34) وابن حجر في "تغليق التعليق"(3/ 326 - 327)، من طريق ابن عيينة به، ورجاله ثقات إلا عبد الرحمن بن فروخ لم يوثقه إلا ابن حبان، ولم يرو عنه إلا عمرو بن دينار. وانظر:"فتح الباري"(5/ 76) و"عمدة القارئ"(10/ 276).
(4)
"بضم العين وسكون الراء وبفتح العين"(و). وانظر عن بيع العربون: "المقنع"(2/ 31 - 32)"الإنصاف"(4/ 358)، "المغني"(4/ 175)، "المبدع"(4/ 59)، وللدكتور ماجد أبو رخية رسالة مفردة فيه، مطبوعة عن مكتبة الأقصى، عمان، وبحثه المصنف في "بدائع الفوائد"(4/ 84) وفيه ذكر من أجازه وأدلتهم.
(5)
هو ابن عبد البر، وكلامه في "التمهيد"(24/ 179)، وفي (ك) و (ق):"قال" دون واو.
(6)
رواه ابن أبي شيبة (5/ 391) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أحل العربان في البيع.
ورواه أيضًا (5/ 392) من طريق معتمر بن سليمان عنه.
وهذه أسانيد فيها إعضال بين هشام ومعتمر، وزيد بن أسلم مفاوز.
ورواه عبد الرزاق أنا الأسلمي، عن زيد بن أسلم به. =