الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب والسنة موجودين فالعذر على من سمعه مقطوع إلا [بإتيانه](1)، فإن لم يكن ذلك (2) صرنا إلى أقاويل الصحابة أو [واحد منهم](3)، ثم كان قول الأئمة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم إذا صرنا إلى التقليد أحب إلينا وذلك إذا لم نجد دلالة في الاختلاف تدل على أقرب الاختلاف من الكتاب (4) والسنة فنتبع القول الذي معه الدلالة؛ لأن قول الإمام مشهور بأنه يلزم الناس (5)، ومن لزم قوله الناس كان أشهر ممن يفتي الرجل أو النفر وقد يأخذ بفتياه ويدعها وأكثر المفتين يفتون الخاصة في بيوتهم ومجالسهم ولا يعتني (6) العامة بما قالوا عنايتهم بما قال الإمام (7)، وقد وجدنا الأئمة ينتدبون (8) فيسألون عن العلم من الكتاب والسنة فيما أرادوا أن يقولوا فيه ويقولون فيخبرون بخلاف قولهم، فيقبلون من المخبر، ولا يستنكفون عن أن يرجعوا لتقواهم اللَّه تعالى وفضلهم، فإذا لم يوجد عن الأئمة (9) فأصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم في الدين في موضع الأمانة أخذنا بقولهم، وكان اتباعهم أولى بنا من اتباع من بعدهم.
[طبقات العلم عند الشافعي]
قال الشافعي (10) رضي الله عنه: والعلم (11) طبقات.
الأولى (12): الكتاب والسنة.
الثانية: الإجماع فيما ليس كتابًا ولا سنة.
(1) بدل ما بين المعقوفتين في (ق) بياض.
(2)
في (ق): "فإن لم يكن له ذلك".
(3)
في (ك) و (ق): "واحدهم".
(4)
هذا صريح في احتجاج الإمام الشافعي بقول الواحد من الصحابة (س).
(5)
الإمام الحاكم يلزم قوله الناس في غير معصية، ومن ذلك قوله في الأمور الاجتهادية التي لا نص فيها، واتباع أقوال الخلفاء الراشدين لازم لكونهم أئمة الناس (س).
(6)
في (ق): "ولا يفتي"، وفي الهامش:"لعله: ولا يعتني"، وفي (ك):"يعني".
(7)
فالناس يعتنون بمعرفة ما يجب عليهم اتباعه من أقوال الأئمة الخلفاء، أكثر من عنايتهم بأقوال غيرهم من المفتين غير الخلفاء (س).
(8)
في (ق): "يبتدون".
(9)
الأئمة من الصحابة، صار بعدها إلى قول آحاد من غير الخلفاء (س).
(10)
نقله عنه البيهقي في "المدخل"(ص 110).
(11)
في (ك): "العلم".
(12)
في (ق) و (ك): "الأول"!.
الثالثة: أن يقول صحابي فلا يعلم له مخالف من الصحابة (1).
الرابعة: اختلاف الصحابة.
الخامسة (2): القياس، هذا كله كلامه في الجديد، قال البيهقي -بعد أن ذكر [هذا-: وفي الرسالة القديمة للشافعي -بعد ذكر] (3) الصحابة وتعظيمهم- قال: وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم، ورأيهم (4) أحمدُ وأولى بنا من رأينا (5)، ومن أدركنا ممن نرضى أو حُكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرَّقوا (6)، وكذا نقول: ولم نخرج عن (7) أقوالهم كلهم قال: وإذا قال الرجلان منهم في شيء قولين نظرت (8)، فإن كان قول أحدهما أشبه بالكتاب والسنة أخذت به، لأن معه شيئًا قويًا، فإن لم يكن على واحد من القولين دلالة بما وصفت كان قول الأئمة أبي بكر وعمر وعثمان (9) أرجح عندنا من واحد (10) لو خالفهم غير إمام. قال البيهقي: وقال في موضع آخر (11): فإن لم يكن على القول دلالة من كتاب ولا سنة كان قول أبي بكر وعمر وعثمان أحبَّ إليَّ من قول غيرهم (12)، فإن اختلفوا صرنا إلى القول الذي عليه دلالة، وقلَّما يخلو اختلافهم من ذلك،
(1) هذا ظاهر في اعتبار قول الصحابي علمًا، وفي تقديم الواحد الواحد بغير اختلاف، على القول عند الخلاف، وهذا فقه عالٍ، وفي تقديمه على القياس فقول الصحابي بغير مخالف منه مع المخالفة، فإذا لزم عدم الخروج من أقوالهم عند الخلاف فأولى منه القول بغير خلاف (س).
(2)
في (ق): "الخامس".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وفي (ك): بدل "ذكر الصحابة""الصحابي".
(4)
في المطبوع و (ك): "وآراؤهم لنا".
(5)
هذا هو الحق الذي لا مرية فيه، وهذا هو الإنصاف ومعرفة الفضل لأهله من أهله (س).
(6)
هذه حكاية عن أهل العلم الذين لقيهم الشافعي، أو بلغه قولهم، فهذا قول عامة لا مخالف له (س).
ووقع في (ق): "وقول بعضهم إن تفرقوا".
(7)
في المطبوع و (ك): "من".
(8)
في (ق): "وإذا قال الرجل منهم قولي في شيء نظرت".
(9)
أما إذا كان على واحد من القولين دلالة فيقدَّم على قول أبي بكر وعمر وعثمان، وهذا مفهوم الكلام (س).
(10)
في (ك) و (ق): "أحد".
(11)
في (ق): "الآخر".
(12)
في (ق): "قول أبي بكر أو عمر أو عثمان أرجح عندنا من غيرهم".
وإن (1) اختلفوا بلا دلالة نظرنا إلى الأكثر (2)، فإن تكافؤوا نظرنا أحسن أقاويلهم مخرجًا عندنا (3)، وإن وجدنا للمفتين في زماننا أو قبله إجماعًا في شيء تبعناه (4)، فإذا نزلت نازلة لم نجد فيها واحدة من هذه الأمور فليس إلا اجتهاد الرأي (5)، فهذا كلام الشافعي رحمه الله ورضي عنه بنصه، ونحن نشهد باللَّه أنه لم يرجع عنه، بل كلامه في الجديد مطابق لهذا موافق له كما تقدم ذكر لفظه، و [قد] (6) قال في الجديد في قتل الراهب: إنه القياس [عنده](7)، ولكن أتركه لقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه (8)، فقد أَخَبَرنا أنه ترك القياس الذي هو دليل عنده لقول الصاحب، فكيف يترك موجب الدليل لغير دليل؟ وقال: في الضلع بعيرٌ، قلته تقليدًا لعمر رضي الله عنه (9)، وقال في موضع آخر: قلته تقليدًا لعثمان رضي الله عنه، وقال في الفرائض: هذا مذهب تلقيناه عن زيد [بن ثابت](10). ولا تستوحش من لفظة التقليد في كلامه، وتظن أنها تنفي [كون] قوله حجة (11) بناء على ما تلقيته من اصطلاح المتأخرين أن التقليد قبول قول الغير بغير حجة، فهذا اصطلاح حادث (12)، وقد صرَّح الشافعي في موضع من كلامه بتقليد خبر الواحد فقال: قلت هذا تقليدًا للخبر (13)، وأئمة الإسلام كلهم على قبول قول الصحابي، قال
(1) في (ق) و (ك): "فإن".
(2)
إن كان الخلفاء مختلفون نظر إلى الأكثر منهم، وإن كان الخلاف في غيرهم نظر إلى غيرهم. (س).
(3)
أي إلى مقتضى المصلحة. أو سد الذرائع، أو غير ذلك من القواعد (س).
(4)
وهو قول العامة لا يعلم خلافه كما هو كلامه في الجديد، فهذا يؤخذ به إن لم يوجد كتاب ولا سنة، ولا قول صاحب ولا قياس، وذلك ما يقتضيه كلام الإمام الشافعي، ومن هنا يمكن القول أنه لا عبرة بإجماع وخصوصًا إذا كان مسبوقًا بقول لأحد الصحابة على خلافه (س).
(5)
فالاجتهاد إنما يكون بعد هذه المآخذ، وعند عدمها جميعها (س).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(8)
مضى تخريجه، وفي (ك):"تركه" بدل "أتركه".
(9)
رواه مالك (2/ 861)، والشافعي في "اختلاف مالك والشافعي"(225).
(10)
ما بين المعقوفتين من (ق).
(11)
وكيف يعتده تقليدًا وقد عده في طبقات العلم، وقدمه على القياس، كما مر بك قريبًا (س). وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(12)
مباحث الفتوى والرأي والتقليد. ستأتي -بتفصيل وتأصيل- عند المصنف.
(13)
وإنما يعني في هذا وفي أخذه قول الصحابي: الاتباع (س).
نعيم بن حماد: ثنا ابنُ المبارك قال: سمعت أبا حنيفة يقول: إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن الصحابة نختار من قولهم (1)، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم (2).
وذهب بعض المتأخرين من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة وأكثر المتكلمين (3)[إلى] أنه ليس بحجة (4)، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه إن خالف القياس فهو حجة، وإلا فلا، قالوا: لأنه إذا خالف القياس لم يكن إلا عن توقيف (5) وعلى هذا فهو حجة وإن خالفه صحابي آخر، والذين قالوا:"ليس بحجة" قالوا: لأن الصحابي مجتهد من المجتهدين يجوز عليه الخطأ فلا يجب تقليده، ولا يكون قوله حجة كسائر المجتهدين، ولأن الأدلة الدالة على بطلان التقليد تعم تقليد الصحابة ومن دونهم (6)، [و] لأن التابعي إذا أدرك عصر الصحابة اعتد بخلافه (7) عند أكثر الناس، فكيف يكون قول الواحد حجة عليه؟ ولأن الأدلة
(1) وهذا يعني أنه لا يخرج عن أقوال جميعهم (س).
قلت: ورواه البيهقي في "المدخل"(رقم 40) مقولة أبي حنيفة، وذكرها الذهبي (6/ 401)، وابن عبد البر في "الانتقاء"(144).
(2)
قال الزركشي في "البحر المحيط"(6/ 60): "والحاصل عن الشافعي أقوال:
أحدها: إنه حجة مقدمة على القياس، كما نص عليه في "اختلافه مع مالك"، وهو من الجديد.
والثاني: إنه ليس بحجة مطلقًا، وهو المشهور بين الأصحاب أنه الجديد.
الثالث: إنه حجة إذا انضم إليه قياس، فيقدم حينئذ على قياس ليس معه قول صحابي، كما أشار إليه في "الرسالة"، ثم ظاهر كلامه فيها أن يكون القياسان مستاويين".
قلت: وللمزيد انظر: "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص 243).
(3)
وهل دخل بلاءٌ ووهن على الإسلام كما دخله من المتكلمين أتباع ملاحدة اليونان من الفلاسفة؟ وهل هذه أولى فضائحهم؟ (س).
(4)
والغالب على حال متأخري أتباع المذاهب التعصب، وإن تعجب فعجب ممن يتدين بتقليد إمامه ويوجبه، ثم ينكر اتباع الصحابة بل قل تقليدهم.
وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(5)
وهل من علامات التوقيف مخالفة القياس، بل العكس صحيح لأن القياس الصحيح مستند إلى نص توقيفي، فلو عكسوا لأصابوا، وللَّه في خلقه شؤون (س).
(6)
هذا لا يقبل صدوره إلا من ابن حزم ومن ظاهره على ظاهريته، ولا يقبل من مقلد مذهب بحال (س).
(7)
قد مر بك فيما سبق قول الشافعي في الإجماع، وأنه لم يدع الإجماع في غير جمل الفرائض العامة أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا تابعي التابعين، ولا أتباعهم، ولا =