الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالحيلة أن يقطع منه شيئًا يسيرًا ثم (1) يلبسه، فلا يحنث.
وطَرْدُ قولهم أن ينسل (2) منه خيطًا ثم يلبسه.
ولا يخفى أمر هذه الحيلة وبطلانها، وأنها من أقبح الخداع وأسمجه، ولا يتمشَّى على قواعد الفقه ولا فروعه ولا أصول الأئمة؛ فإنه إن كان بِتَرْك البعض لا يُعَدُّ آكلًا ولا لابسًا فإنه لا يبرأ بالحلف ليفعلن فإنه إن عدَّ فاعلًا وجب أن يحنث في جانب النفي، وإن لم يعد فاعلًا وجب أن يحنث في جانب الثبوت، فأما أن يُعد فاعلًا بالنسبة إلى الثبوت وغيرَ فاعلٍ بالنسبة إلى النفي فتلَاعُبٌ.
فصل [إبطال حيل في الظهار والإيلاء ونحوهما]
ومنها الحيل التي تُبْطِل الظهار والإيلاء والطلاق والعتق بالكلية، وهي مشتقة من الحيلة السريجية، كقوله: إن تَظَاهَرْتُ منك أو آليتُ منك فأنتِ طالق [قبله](3) ثلاثًا، فلا يمكنه بعد ذلك ظهار ولا إيلاء، وكذلك يقول: إن أعتقتكَ فأنتَ حرٌّ قبل الإعتاق، وكذلك لو قال: إن بعتك فأنت حر قبل البيع، وقد تقدم بطلان هذه الحيل كلها.
فصل [إبطال حيلة لحسبان الدَّيْن من الزكاة]
ومن الحيل الباطلة [المحرمة](4) أن يكون له على رجل مال، وقد أفْلَسَ غريمُه وأيس من أخذه منه، وأراد أن يحسبه من الزكاة، فالحيلة أن يعطيه من الزكاة بقدر ما عليه، فيصير مالكًا للوفاء، فيطالبه حينئذ بالوفاء، فإذا أوفاه برئ وسقطت الزكاة عن الدافع (5).
[بطلان الحيلة السابقة]
وهذه حيلة باطلة، سواء شرط عليه الوفاء أو منعه من التصرف فيما دفعه إليه
(1) سقط من (ك).
(2)
في (ق): "يسل" دون نون.
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(5)
يرى ابن تيمية جواز إسقاط الدين في الزكاة كما في "مجموع الفتاوى"(25/ 84).
أو مَلَّكه إياه بنية أن يستوفيه من دينه، فكل هذا لا يسقط عنه الزكاة، ولا يُعد مخرجًا لها لا شرعًا ولا عرفًا كما لو أسقط دينه وحَسَبه من الزكاة.
قال مهَّنأ (1): سألت أبا عبد اللَّه عن رجل له على رجل دين برَهْنٍ، وليس عنده قضاؤه، ولهذا الرجل زكاة مال، قال: يفرقه (2) على المساكين، فيدفع إليه رهنه، ويقول له: الدَّين الذي لي عليك هو لك، ويحسبه من زكاة ماله، قال: لا يجزئه ذلك؟ فقلت له: فيدفع إليه (3) زكاته فإن رده إليه قضى مما أخذه [من ماله](4)؟ قال: نعم. وقال في موضع آخر -وقيل له: فإن أعطاه ثم رده إليه؟ - قال: إذا كان بحيلة فلا يعجبني، قيل له: فإن استقرض الذي عليه الدين دراهم فقضاه إياها ثم ردها (5) عليه وحَسَبها من الزكاة؟ قال: إذا أراد بهذا إحياءَ ماله فلا يجوز. ومطلقُ كلامه ينصرف إلى هذا المقيد (6)؛ فيحصل (7) من مذهبه أن دَفْعَ الزكاة إلى الغريم (8) جائز، سواء دفعها ابتداء أو استوفى حقه ثم دفع ما استوفاه إليه، وإلا أنه متى قَصَد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه لم يجز؛ لأن الزكاة حق للَّه وللمستحق، فلا يجوز صَرْفها إلى الدافع، ويفوز بنفعها العاجل (9).
ومما يوضح ذلك أن الشارع مَنَعه من أخْذِها من المستحق بعوضها، فقال عليه السلام:"لا تشتَرِها (10) ولا تَعُدْ في صدقتك"(11) فجعله بشرائها منه [بثمنها](12) عائدًا فيها، فكيف إذا دفعها إليه بنية أخذها منه؟ قال جابر بن
(1) ذكر روايته ابن قدامة في "المغني"(2/ 516، 517).
(2)
في سائر الأصول: "قال: يفرقه" والمثبت في (ق) و (ك).
(3)
سقط من (ك) و (ق).
(4)
في (ك): "كما أخذه" وما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وفي هامشها:"لعله: أيأخذه".
(5)
في هامش (ق): "قوله: ردها عليه أي ليوفي بها القرض الذي اقترض لو. . . ".
(6)
كذا في الأصول، ولعل الصواب:"القيد".
(7)
في (ك): "فتحصل".
(8)
في حاشية (ك): "لعله: غير".
(9)
في (ك): "العامل".
(10)
في (ق): "تشتريها".
(11)
رواه البخاري (1489) في (الزكاة): باب هل يشتري صدقته؟ و (2775) في (الوصايا): باب وقف الدواب والكراع والعروض والصامت، و (2971) في (الجهاد والسير): باب الجعائل والحملان في السبيل، و (3002) باب إذا حمل فرص فرآها تباع، ومسلم (1621) في (الهبات): باب كراهية شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه، من حديث ابن عمر عن عمر، فبعضهم يجعله من مسند ابن عمر، وبعضهم يجعله من مسند عمر.
(12)
سقط من (ق).