الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء قال: "أحسنتم وأصبتم" ورفع رأسه إلى السماء وكان كثيرًا ما يرفع رأسه إلى السماء، فقال:"النجوم أَمَنةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون"(1)، ووجه الاستدلال بالحديث أنه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه، وكنسبة النجوم إلى السماء، ومن المعلوم أن هذا التشبيه يعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم ما هو نظير اهتدائهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم، ونظير اهتداء (2) أهل الأرض بالنجوم، وأيضًا فإنه جعل بقاءهم بين الأمة أمنة لهم (3)، وحِرْزًا من الشر وأسبابه (4)، فلو جاز أن يخطئوا فيما أفتوا به ويظفر به من بعدهم لكان الظافرون بالحق أمنة الصحابة وحرزًا لهم (5). وهذا من المحال.
[هم كالملح لا يصلح الطعام بدونه]
الوجه السادس عشر: ما رواه أبو عبد اللَّه بن بطة من حديث الحسن، عن أنس رضي الله عنه [أنه] (6) قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن مثل أصحابي في أمتي كمثل الملح في الطعام، لا يصلح الطعام إلا بالملح"(7) قال الحسن: قد ذهب
(1) رواه مسلم (2531) في (فضائل الصحابة): باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، وبقاء أصحابه أمان للأمة.
(2)
في (ق): "ونظير هذا اهتداء".
(3)
أمنة لأفراد الأمة (س).
(4)
والجهل من أعظم أسباب الشر (س)، وفي (ك):"وحذرًا" بدل "وحرزًا".
(5)
ولما كان الصحابة حرزًا وأمنة للأمة (س).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(7)
رواه ابن المبارك في "الزهد"(572) -ومن طريقه الآجري في "الشريعة"(4/ 1682 - 1683 رقم 1157) - والبزار (2771 - زوائده)، وأبو يعلى (2762)، والبغوي في "شرح السنة"(3868)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1347)، والديلمي في "الفردوس"(6400) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن أنس مرفوعًا به.
قال الهيثمي (10/ 18): فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
أقول: والحسن البصري مدلس أيضًا وقد عنعن. ومما يدل على ضعف إسماعيل بن مسلم هذا أن الحديث رواه من هو أوثق منه مرسلًا.
فقد رواه عبد الرزاق (20377)(11/ 221)، ومن طريقه أحمد في "فضائل الصحابة" (16 و 1730) والآجري في "الشريعة" (رقم 1158) عن معمر عمّن سمع الحسن يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . فذكره.=
ملحنا فكيف نصلح؟ وروى ابن بطة أيضًا بإسنادين (1) إلى عبد الرزاق: أخبرنا معمر عمَّن سمع الحسن يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مثل أصحابي في الناس كمثل الملح في الطعام"(2) ثم يقول الحسن: هيهات! ذهب ملح القوم.
وقال (3) الإمام أحمد: حدثنا حسين (4) بن علي الجعفي، عن [أبي موسى -يعني](5) إسرائيل-، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مثل أصحابي كمثل الملح في الطعام"(6) قال: يقول الحسن: هل يطيب الطعام إلا بالملح؟ ويقول الحسن: فكيف بقوم ذهب ملحُهم؟
ووجه الاستدلال أنه شبَّه أصحابه في صلاح دين الأمة بهم بالملح الذي صلاح الطعام به، فلو جاز أن يفتوا بالخطأ ولا يكون في عصرهم من يفتي بالصواب ويظفر به من بعدهم لكان من بعده ملحًا لهم، وهذا محال؛ يوضحه أن الملح كما أن به صلاح الطعام؛ فالصواب به صلاح الأنام، فلو أخطأوا فيما أفتوا به لاحتاج ذلك إلى ملح يصلحه، فإذا أفتى من بعدهم بالحق كان قد أصلح خطأهم فكان ملحًا لهم.
= ورواه أحمد أيضًا (17) من طريق حسين بن علي الجعفي عن أبي موسى (يعني إسرائيل) عن الحسن به مرسلًا، وهذا إسناد رجاله ثقات على إرساله.
وله شاهد من حديث سمرة بن جُنْدُب؛ رواه البزار (2772)، والطبراني في "الكبير"(7098) من طريق جعفر بن سعد بن سمرة (وهو ضعيف) عن حبيب بن سليمان بن سمرة (وهو مجهول) عن أبيه (وهو مقبول) عن سمرة به.
ومع هذا يقول الهيثمي (10/ 18): وإسناد الطبراني حسن والأصل في هذا أنه قول يحيى بن أبي كثير، رواه الخطيب في "الفقيه والمتفقه"(رقم 1069) وأبو نعيم في "الحلية"(3/ 67) وإسناده صحيح.
ثم وجدت في "صحيح البخاري"(3628) و (3800) من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة: "إن الناس يكثرون، وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام. . . ".
وهذا شاهد يقوي الحديث لو كان تامًا، إلا أنه قاصر، واللَّه أعلم. وانظر:"علل ابن أبي حاتم"(2/ 354)، و"الاعتقاد"(319) للبيهقي، و"المعتبر"(ص 84) للزركشي، و"التلخيص الحبير"(4/ 191)، وتعليقي على "الموافقات"(4/ 450 - 451، 455 - 456).
(1)
في (ق): "بإسناده".
(2)
مضى في الذي قبله.
(3)
في (ك): "قال".
(4)
في (ق): "حسن".
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
مضى في الذي قبله.