الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أراده صاحبه قبل أن يُتمَّ (1) اليمين كما قال بعض الشافعية، وقال ابن الموَّاز: شرطُ نفعه أن يكون مقارنًا ولو [لآخر حرف](2) من حروف اليمين، ولم يشترط مالك شيئًا من ذلك (3)، بل قال في "موطئه" -وهذا [لفظ روايته-:"قال] (4) عبد اللَّه بن يوسف: أحسنُ ما سمعت في الثنيا في اليمين أنها لصاحبها ما لم يقطع كلامه، وما كان نَسَقًا يتبع بعضه بعضًا قبل أن يسكت، فإذا سكت وقطع كلامه فلا ثنيا له"(5) انتهى.
ولم أر عن أحد من الأئمة قَطُّ اشتراطَ النيّة مع الشروع، ولا قبل الفراغ، وإنما هذا من تصرف الأتباع.
فصل [هل يشترط في الاستثناء النطق به
؟]
وهل من شرط الاستثناء أن يتكلم به، أو ينفع إذا كان في قلبه، وإن لم يتلفظ به؟ (6) فالمشهور من مذاهب الفقهاء أنه لا ينفعه حتى يتلفظ به، ونص عليه أحمد (7) فقال في رواية ابن منصور: لا يجوز له أن يستثني في نفسه حتى يتكلم به، وقد قال أصحاب أحمد وغيرهم: لو قال: "نسائي طوالق"، واستثنى بقلبه:"إلا فلانة" صحَّ استثناؤه، ولم تطلق، ولو قال:"نسائي الأربع طوالق"، واستثنى بقلبه إلا فلانة لم ينفعه، وفرَّقوا بينهما بأن الأول ليس نصًا في الأربع، فجاز تخصيصه بالنيّة، بخلاف الثاني، ويلزمهم على هذا الفرق أن يصح تقييده بالشرط بالنية؛ لأن غايته أنه تقييد مطلق؛ فعمل النية فيه أولى من عملها في تخصيص العام؛ لأن العام متناول للأفراد وضعًا والمطلق لا يتناول جميع الأحوال بالوضع (8)، فتقييده بالنية أولى من تخصيص العام بالنية، وقد قال صاحب "المغني"(9)، وغيره [إنه] (10): "إذا قال:
(1) في المطبوع: "قبل أن يتمم".
(2)
في (ك): "لأحرف".
(3)
انظر: "عقد الجواهر الثمينة"(1/ 519).
(4)
في (ك): "اللفظ رواية"، وفي (ق):"لفظ رواية".
(5)
"الموطأ"(2/ 477 - 478).
(6)
انظر: هذه المسألة في "زاد المعاد"(2/ 182)، و"بدائع الفوائد"(3/ 56).
(7)
في (ك): "ونص أحمد عليه".
(8)
تقدم الفرق بين المطلق والعام من وجوه عديدة، واللَّه الموفق.
(9)
(10/ 402 - 403 ط هجر).
(10)
ما بين المعقوفتين من (ك).
"أنت طالق"، ونوى بقلبه من غير نطق إن دخلت الدار أو بعد شهر أنه يُدَيَّنُ فيما بينه وبين اللَّه تعالى، وهل يقبل في الحكم؟ على روايتين (1)، وقد قال الإمام أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم (2) فيمن حلف لا يدخل الدار وقال:"نويتُ (3) شهرًا" قُبل منه، أو قال:"إذا دخلت دار فلان فأنت طالق"، ونوى تلك الساعة، أو ذلك اليوم قبلت نيته، قال: والرواية الأخرى لا تقبل؛ فإنه قال: إذا قال لامرأته: ["أنت طالق"](4)، ونوى في نفسه إلى سَنَة تطلق، ليس ينظر إلى نيته، وقال: إذا قال: "أنت طالق"، وقال: نويتُ إن دَخَلت الدار، لا يصدق" قال الشيخ (5):
"ويمكن أن يجمع بين هاتين الروايتين بأن يحمل قوله في القبول (6) على أنه يُدَيَّنُ، وقوله في عدم القبول على الحكم؛ فلا يكون بينهما اختلاف، قال: والفرق بين هذه الصورة والتي قبلها -يعني مسألة: نسائي طوالق وأراد بعضهن- أن إرادة الخاص بالعام شائع كثير، وإرادة (7) الشرط من غير ذكره [غير] (4) شائع، وهو قريب من الاستثناء. ويمكن أن يقال: هذا كله (8) من جملة التخصيص" انتهى كلامه.
وقد تضمن أن الحالف إذا أراد الشرط دُيِّنَ وقُبل في الحكم في إحدى الروايتين، ولا يفرق فقيه ولا محصل (9) بين الشرط بمشيئة اللَّه (10) حيث يصح وينفع وبين غيره من الشروط، وقد قال [الإمام] (11) أحمد في رواية حرب: إن كان مظلومًا فاستثنى في نفسه رجوتُ أنه يجوز إذا خاف على نفسه، ولم ينص على خلاف هذا في المظلوم، [وإنما](12) أطلق القول، وخاصُّ كلامه ومُقيّده يقضي على مُطلقه [وعامه](13)؛ فهذا مذهبه.
(1) انظر: "المحرر"(2/ 60) و"قواعد ابن رجب"(2/ 587 - 588/ بتحقيقي) و"إيضاح الدلائل"(2/ 91).
(2)
انظر نحوها في "مسائل صالح"(1/ 476 - 477)، و"مسائل عبد اللَّه"(373 رقم 1374)، و"مسائل أبي داود"(169)، و"قواعد ابن رجب"(2/ 588 - بتحقيقي).
(3)
في (ك): "تغربت"!!
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(5)
أي ابن قدامة رحمه الله.
(6)
في (ك): "المقبول".
(7)
في (ق): "وإن إرادة".
(8)
في المطبوع: "هذه كلمة" وما أثبتناه من (ق)، و"المغني".
(9)
في (ك) و (ق): "ولا يحصل"، وقال في هامش (ق):"لعله زائد: لا يحصل"، وبعدها في (ك):"من".
(10)
في (ك): "مشيئته" وفي (ق): "بمشيئته".
(11)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(12)
في (ق): "أن".
(13)
نقل رواية حرب ووجهها ابن رجب في "قواعده"(2/ 583 - 584/ بتحقيقي).