الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكر الشروط العُمرية في أهل الذمة
(663)
أخبرني شيخنا الإمام الحافظ أبو الحجَّاج يوسف بن عبد الرحمن المزِّي -فيما قرأت عليه-، أنا أبو العباس أحمد بن عبد الكريم بن غازي بن الأغلاقي الواسطي -بقراءتي عليه بالقاهرة سنة ثلاث وثمانين وستِّمائة-، أنا أبو الفضل مُكرم بن محمد بن حمزة بن أبي الصَّقر القرشي، أنا أبو النَّدى حسان بن تَميم بن نصر الزيَّات، أنا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي رحمه الله قال: أنا أبو محمد عبد الله بن الحسن بن طلحة بن إبراهيم بن النحاس التِّنيسي، أنا أبو عبد الله محمد بن بَيَان الكازروني، أنا أبو الفرج الحسين بن عبيد الله بن أحمد الصَّابوني القاضي بالموصل، ثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى، ثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، ثنا الرَّبيع بن ثعلب، ثنا يحيى بن عُقبة بن أبي العيزار، عن سفيان الثوري، والوليد / (ق 246) بن نوح، والسَّري بن مصرِّف يَذكرون عن طلحة بن مصرِّف، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غَنم قال: كَتَبتُ لعمرَ بن الخطابِ حين صالح نصارى من أهل الشَّام: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ لعبد الله عمرَ أميرِ المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا، أنكم لمَّا قَدِمْتُم علينا، سألناكم الأمانَ لأنفسنَا، وذرارينا، وأموالنا، وأهلِ ملَّتنا، وشرطنا لكم على أنفسنا:
ألا نحدِثَ في مدينتنا، ولا فيما حولها دَيرًا، ولا كنيسة، ولا قَلَاّيةَ (1)، ولا صومعةَ راهب، ولا نجدِّدَ ما خَرِبَ منها، ولا نحيي ما كان في خططِ المسلمين، وألا نمنعَ كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين
(1) القَلَاّية: من بيوت عباداتهم. «النهاية» (4/ 105).
في ليل ولا نهار، وأن نوسِّعَ أبوابها للمارَّة، وابنِ السبيلِ، وأن نُنزِلَ من مَرَّ بنا من المسلمين ثلاثة أيام نُطعِمُهُم، وألا نُؤوي في كنائسنا، ولا منازلنا جاسوسًا، ولا نكتم غِشًّا للمسلمين، ولا نُعلِّمَ أولادنا القرآن، ولا نُظهرَ شِركًا، ولا ندعو إليه أحدًا، ولا نمنعَ أحدًا من ذَوِي قراباتِنا الدخولَ في الإسلام إن أرادوه، وأن نُوقِّرَ المسلمين، وأن نقومَ لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس، ولا نتشبَّهَ بهم في شيء من ملابسهم، في قَلنسُوة، ولا عمامة، ولا نعلين، ولا فَرق شَعر، ولا نتكلَّمَ بكلامهم، ولا / (ق 247) نَكتني بكُناهم، ولا نركبَ السُّروجَ، ولا نتقلَّدَ السُّيوف، ولا نتَّخِذَ شيئًا من السِّلاح، ولا نحملَه معنا، ولا ننقشَ خواتيمنا بالعربية، ولا نبيعَ الخمور، وأن نجُزَّ مقاديمَ رُءوسنا، وأن نلتزمَ دِيننا (1) حيث ماكنَّا، وأن نشُدَّ الزَّنانير على أوساطنا، وألا نُظهِرَ الصَّليب على كنائسنا، وألا نُظهِرَ صَلِيبًا (2)، أو نجسًا في شيءٍ من طرق المسلمين، ولا أسواقهم، ولا نَضرِبَ بنواقيسنا في كنائسنا، إلا ضربًا خفيفًا، وألا نرفعَ أصواتَنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين، ولا نُخرِجَ سَعَانين (3)،
ولا باعوثاً (4)، ولا نرفعَ أصواتنا مع موتانا، ولا نُظهِرَ النيرانَ معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نجاورَهم بموتانا، ولا نتَّخِذَ من الرَّقيق ما جرى عليه سهامُ المسلمين، وأن نُرشِدَ المسلمين، ولا نطَّلعَ عليهم في منازلهم.
(1) كَتَب المؤلِّف بجوارها في حاشية الأصل: «وفي البيهقي: وأن نَلزَمَ زِيَّنَا» .
(2)
كَتَب المؤلِّف بجوارها في حاشية الأصل: «في البيهقي: صُلُبَنا وكُتُبَنا» .
(3)
السَّعانين: هو عيد لهم معروف قبل عِيدِهم الكبير بأسبوع، وهو سُرْياني معرَّب، وقيل: هو جمع، واحده: سَعنون. «النهاية» (2/ 369) ..
(4)
الباعوث للنصارى كالاستسقاء للمسلمين، وهو اسم سُرْياني. «النهاية» (1/ 139).
فلمَّا أتيتُ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه زاد فيه: ولا نضربَ أحدًا من المسلمين. شَرَطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل مِلَّتنا، وقَبِلنَا عليه الأمانَ، فإن نحن خالفنا في شيء ممَّا شرطنا لكم وَوَصفنا على أنفسنا؛ فلا ذِمَّة لنا، وقد حلَّ لكم منَّا ما يحِلُّ لكم من أهل المعاندة والشِّقاق.
وقد رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في «سننه الكبير» (1)، عن أبي طاهر الفقيه، عن أبي الحسن / (ق 248) علي بن محمد بن سَخْتُويه، عن أبي بكر يعقوب بن يوسف المطَّوِّعي، عن الربيع بن ثعلب، فذكر بإسناده مثله، سوى ما بيَّنته في الحاشية، ولله الحمد.
وهكذا رواه الحافظ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن زَبر -قاضي دمشق- في جزء جمعه في الشروط العمرية (2)، عن محمد بن هشام بن البَختَري أبي جعفر المستملي، عن الربيع بن ثعلب الغَنَوي، به، مثلَه.
ثم قال (3): ووَجَدتُ هذا الحديثَ بالشَّام، رواه عبد الوهاب بن نَجدة الحَوطِي، عن محمد بن حِميَر، عن عبد الملك بن حميد بن أبي غَنيَّة، عن السَّري بن مصرِّف، وسفيان الثوري، والوليد بن نوح، عن طلحة بن مصرِّف، عن مسروق بن الأَجدع، عن عبد الرحمن بن غَنم قال: كَتَبتُ لعمرَ بن الخطاب حين صالحه نصارى أهل الشَّام، فذَكَر مثله سواءً بطوله، فتَعَجبتُ من اتفاق ابن أبي غَنيَّة ويحيى بن عُقبة على روايته عن هؤلاء الثلاثة بأعيانهم، حتى كأن أحدهما أخذه من الآخر، والله أعلم.
(1)(9/ 202).
وأخرجه -أيضًا- ابن الأعرابي في «معجمه» (1/ 207 رقم 365) من طريق الربيع بن ثعلب، به.
(2)
(ل/4).
(3)
(ل/5).
قال (1): ورأيتُ هذا الحديثَ في كتاب رجل من أصحابنا بدمشق، ذَكَر أنَّه سَمِعَه من محمد بن ميمون بن معاوية الصُّوفي بطبرية، بإسناد ليس بمشهور، ينتهي إلى إسماعيل بن مُجالِد، حدثني سفيان الثوري، عن طلحة بن مصرِّف، عن مَسروق، عن عبد الرحمن بن غَنم
…
، فذَكَره بطوله.
وقال فيه: ولا نتشبَّهَ بهم في شيء من لباسهم، في قَلنسُوة، ولا / (ق 249) عمامة، ولا سراويل ذات خَدَمة، ولا نعلين ذات عَذَبة، ولا نمشي إلا بزُّنَّار من جِلد، ولا يوجد في بيت أحدنا سلاح إلا انتُهِبَ.
ثم قال (2): وما رأيتُ هذه الزيادةَ فيما وقع إلينا في شيءٍ من عهودِ عمرَ بن الخطاب، وهي مرويَّةٌ عن عمرَ بن عبد العزيز.
طريق أخرى
(664)
ثم قال ابن زَبر (3): ثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، ثنا أبي، ثنا بقيَّة بن الوليد، عن عبد الحميد بن بَهرام، عن شَهر بن حَوشب، عن عبد الرحمن بن غَنم: أنَّ عمرَ بن الخطاب كَتَب على النصارى حين صولحوا: بسم الله الرحمن الرحيم
…
، فذَكَر مثلَه، أو نحوَه.
طريق أخرى
(665)
قال ابن زَبر (4): وذَكَر أحمد بن علي المصِّيصي -المعروف بالحُطَيطي، ومسكنه بكَفْر بَيَّا (5) -: أنَّ مخزوم بن حميد بن خالد حدَّثهم
(1)(ل/5).
(2)
كَفْر بَيَّا: مدينة بإزاء المصيصة على شاطئ جيحان. «معجم البلدان» (4/ 468).
(3)
في «جزئه» (ل/2).
(4)
في «جزئه» (ل/9).
(5)
(ل/4).
عن أبيه حميد بن خالد، عن خالد بن عبد الرحمن، عن عبد السلام بن سلامة بن قيصر الحضرمي، كذلك كان في العهد الذي عهده عمرُ بن الخطاب إلى سلامة بن قيصر في سنة ست من خلافة عمر: هذا عهدُ عمرَ بن الخطاب الذي أودعه سلامة بن قيصر على أنهم اشترطوا على أنفسهم بهذا الشَّرط، طلبنا إليك الأمانَ لأنفسنا، وأهلِ مِلَّتِنا
…
، وذَكَر مثلَ حديث عبد الرحمن بن غَنم.
فهذه طرق يشدُّ بعضها بعضًا، وقد ذَكَرنا شواهد هذه الشروط، وتكلَّمنا عليها مُفرَدَة، ولله الحمد (1).
أثر فيه حديث
(666)
قال محمد بن سعد في «الطبقات» (2): أنا علي بن محمد -يعني المدائني-، عن أبي مَعشر، عن يزيد بن رومان. (ح) وأنا علي
(1) وقال ابن القيِّم في «أحكام أهل الذمة» (2/ 663): وشهرة هذه الشُّروط تغني عن إسنادها، فإنَّ الأئمَّة تلقَّوها بالقَبول، وذَكَروها في كُتُبهم، واحتجُّوا بها، ولم يزل ذِكر الشروط العُمرية على ألسنتهم، وفي كُتُبهم، وقد أَنفَذَها بعده الخلفاء، وعملوا بموجبها.
وقال ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 365): وهذه الشروط أشهر شيء في كتب الفقه والعلم، وهي مجمع عليها في الجملة بين العلماء المتبوعين وأصحابهم وسائر الأئمة، ولولا شهرتها عند الفقهاء لذكرنا ألفاظ كل طائفة فيها.
فائدة: قال المؤلِّف في «البداية والنهاية» (14/ 16) أحداث سنة 700 هـ: وفي يوم الاثنين قُرئت شروط الذمة على أهل الذمة، وأُلزموا بها، واتفقت الكلمة على عزلهم عن الجهات، وأُخذوا بالصَّغار، ونُودي بذلك في البلد، وأُلزم النصارى بالعمائم الزرق، واليهود بالصفر، والسامرة بالحمر، فحصل بذلك خير كثير، وتميَّزوا عن المسلمين.
(2)
(1/ 348، 357 - 358).
بن محمد بن مجاهد، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، وعكرمة بن خالد، وعاصم بن عمر بن قتادة. (ح) وأنا يزيد بن عياض بن جُعدُبة، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيرهم من أهل العلم، يزيد بعضهم على بعض، قالوا:(وَفدُ نَجران)
…
، فذَكَر قصتَهم، وإقرارَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إيَّاهم على ما هم عليه، وأخذه منهم الجزية بعد نكولهم عن المباهلة.
إلى أن قال: وأقام أهلَ نَجران على ما كَتَب لهم به رسولُ الله حتى قبضه اللهُ، ثم وَلِيَ أبو بكرٍ الصِّديق، فكَتَب بالوصاة بهم عند وفاته، ثم أصابوا ربًا، فأخرجهم عمرُ بن الخطاب من أرضهم، وكَتَب لهم: هذا ما كَتَب عمرُ أمير المؤمنين لنجرانَ: أنَّ من سار منهم، أنَّه آمن بأمان الله، لا يضرهم أحدٌ من المسلمين، ووفاءً لهم بما كَتَب لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكرٍ، أمَّا بعد: فمن وقعوا به من أمراء الشام وأمراء العراق؛ فليُوَسّعهم من خراب (1) الأرض، فما اعتملوا من ذلك، فهو لهم صدقةٌ، وعُقبةٌ لهم مكانَ أرضهم، لا سبيلَ عليهم فيها لأحدٍ، ولا مَغرمٍ. أمَّا بعد: فمن حَضَرهم من رجل مسلم؛ فليَنصرهم على مَن ظلمهم، فإنَّهم أقوامٌ لهم الذِّمَّة، وجِزيتهم عنهم متروكةٌ أربعةً وعشرينَ شَهرًا بعد أن تقدموا، ولا يُكلَّفوا إلا من ضيعتهم التي اعتملوا، غيرَ مظلومين، ولا معنوفٍ عليهم. شَهِدَ عثمانُ بن عفان، ومُعيقيبُ بن أبي فاطمة، فوقع ناسٌ منهم بالعراق، فنزلوا
…
(2).
(1) كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «جريب» .
(2)
في هذا الموضع طمس في الأصل. وفي «الطبقات» : «فنزلوا النَّجرانية التي بناحية الكوفة» .
(667)
…
(1) عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي المليح الهُذَلي: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صالحَ أهلَ نجرانَ، فكَتَب لهم كتابًا
…
، فذَكَره، وفيه: على ألا تأكلوا الرِّبا، فمَن أكل الرِّبا من ذي قبلُ، فذمَّتي منهم بريئةٌ.
ثم ذَكَر (2) عن أبي بكرٍ وعمرَ رضي الله عنهما نحو ما تقدَّم.
أثر آخر
(668)
/ (ق 250) قال الحسن بن عرفة (3): ثنا عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن زيد بن رُفَيع، عن حَرَام بن معاوية قال: كَتَب إلينا عمرُ بن الخطاب: أن أدِّبُوا الخيلَ، ولا يُرفعنَّ بين ظَهْرانيكم الصُّلُب، ولا تجاورنَّكم الخنازيرُ.
إسناد جيد.
وأدِّبوا من التأديب، هذا هو المشهور، ويُروى: أَدئبوا: أي: أتعبوها في السَّوق ونحوه من وجوه السِّباق وغيره.
(1) في هذا الموضع طمس، والأثر أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (ص 244 رقم 503) قال: حدثني أيوب الدمشقي، حدثني سعدان بن أبي يحيى، عن عبيد الله بن أبي حميد
…
، فذكره.
(2)
انظر: «الأموال» لأبي عبيد (ص 245 رقم 504)
(3)
في «جزئه» (ص 90 رقم 83).
ومن طريقه: أخرجه البيهقي (9/ 201) والخطيب في «الموضح لأوهام الجمع والتفريق» (1/ 112 - 113) وابن عبد الباقي في «مشيخته» (2/ 924 رقم 358).
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (6/ 61 رقم 10003) عن معمر، به.
قال الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (5/ 105): ورجاله ثقات غير حرام بن معاوية، ذكره ابن حبان في «الثقات» (1/ 21)، وأورده ابن أبي حاتم (1/ 2/282) ولم يَذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً.
حديث آخر
(669)
قال القاضي أبو محمد بن زَبر رحمه الله (1):
حدثنا أحمد بن عبد الجبار العُطَاردي، حدثني أبي، ثنا سعيد بن عبد الجبار، عن سعيد بن سنان، ثنا أبو الزَّاهرية، عن كثير بن مُرَّة الحضرمي قال: سَمِعتُ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه يقول: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يُبنَى بَيعةٌ في الإسلام، ولا يُجدَّدُ ما خَرِبَ منها» .
هكذا وقع في هذه الرواية مرفوعًا، تفرَّد به سعيد بن عبد الجبار هذا، وهو حمصي ضعيف (2).
وشيخه -أيضًا- من أهل بلده ضعيف مثله (3).
وقد روي مرسلاً من وجه آخر، بنحوه، والصحيح: أنه موقوف،
(1) في «جزئه» (ل/1).
ومن طريقه: أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (50/ 53).
وأخرجه -أيضًا- ابن عدي (3/ 362) وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين» (3/ 38 رقم 355) والخطيب في «المتفق والمفترق» (3/ 1634 رقم 1117) من طريق سعيد بن عبد الجبار، به.
(2)
قال عنه ابن المديني: لم يكن بشيء، كان يحدِّثنا بالشيء فأنكَرنا عليه بعد ذلك، فجحد أن يكون حدَّثنا. وضعَّفه النسائي. وقال قتيبة: رأيته بالبصرة، وكان جرير يُكذِّبه. وقال ابن عدي: ولسعيد غير ما ذكرت من الحديث قليل، وعامَّة حديثه الذي يَرويه عن الضعفاء وغيرهم مما لا يُتابَع عليه. انظر:«تهذيب الكمال» (10/ 522) و «الكامل» (3/ 386).
(3)
قال عنه البخاري وأحمد بن صالح المصري: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث. وضعَّفه أبو حاتم. وقال ابن عدي: عامَّة ما يَرويه وخاصة عن أبي الزَّاهرية غير محفوظة. انظر: «الجرح والتعديل» (4/ 28 رقم 114) و «تهذيب الكمال» (10/ 495).
كما رواه الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عمرَ (1).
وكذا رواه مُجالِد، عن الشَّعبي (2)، عن عمرَ، والله أعلم.
أثر آخر
(670)
قال مالك (3): عن نافع، عن أسلم: أنَّ عمرَ ضرب الجزيةَ على أهلِ الذَّهبِ أربعةَ دنانيرَ، وعلى أهل الوَرِق أربعينَ درهمًا، مع ذلك أرزاقُ المسلمين، وضيافةُ ثلاثةِ أيامٍ.
إسناد صحيح.
أثر آخر
(671)
قال أبو عبيد في كتاب «الأموال» (4): ثنا النضر بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس قال: قال عمرُ بن الخطاب: يا يَرفَأ، اكتُب إلى أهل الأمصار في أهل الكتاب: أن يجُزُّوا
(1) لم أقف عليه من رواية اللَّيث، وأخرجه أبو عبيد في «الأموال» (ص 66 رقم 260) عن أبي الأسود، عن ابن لَهِيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به، ولفظه: ولا كنيسة في الإسلام، ولا خصاء.
(2)
ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين الشعبي وعمر.
(3)
في «الموطأ» (1/ 375) في الزكاة، باب جزية أهل الكتاب والمجوس.
(4)
(ص 55 رقم 138).
ومن طريقه: أخرجه ابن زَنْجويه في «الأموال» (1/ 185 رقم 215) وابن المنذر في «الأوسط» (11/ 17 رقم 6406)، وتحرَّف فيه «الكُستِيجات» إلى «الكُستِيجان» ! وقد جاء على الصواب في النسخة الخطية (ق 4/أ) التي اعتمدها المحقق!
والأثر قال عنه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (5/ 126): وهذا سند ضعيف، خليفة بن قيس هو مولى خالد بن عُرفُطة، قال ابن أبي حاتم (1/ 2/376) عن أبيه: ليس بالمعروف. وعبد الرحمن بن إسحاق، هو أبو شيبة الواسطي، ضعيف جدًّا.
نواصيَهم، وأن يربطوا الكُستِيجات (1) في أوساطهم، ليُعرَفَ زِيُّهم من زِيِّ أهلِ الكتابِ (2).
أثر آخر
(672)
قال أبو عبيد (3): ثنا عبد الرحمن (4)، عن عبيد الله (5) بن عمر، عن نافع، عن أسلم: أنَّ عمرَ أمر في أهل الذِّمَّة أن يجُزُّوا نواصيَهم، وأن يركبوا على الأَكُفِّ، وأن يركبوا عَرضًا، لا يركبوا كما يركب المسلمونَ، وأن يوثِّقوا المناطق (6).
قال أبو عبيد: يعني: الزَّنانير (7).
(1) الكُستِيجَات: خيط غليظ يَشدُّه الذمِّي فوق ثيابه دون الزُّنَّار. «القاموس» (ص 203).
(2)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «أهل الإسلام» ، وهو الصواب.
(3)
في الموضع السابق (ص 55 رقم 137).
(4)
قوله: «ثنا عبد الرحمن» ليس في المطبوع.
(5)
قوله: «عبيد الله» تحرَّف في المطبوع إلى: «عبد الله» ! وكذا تحرَّف عند ابن زَنْجويه في «الأموال» (1/ 185 رقم 214).
(6)
وهذا إسناد صحيح، وقد ضعَّفه الشيخ الألباني في «الإرواء» (5/ 105) ظنًّا منه أنَّ عبد الله هو العُمَري المكبَّر، والشيخ معذور في ذلك؛ لأنه حكم على إسناد المطبوع. تنبيه: ساق هذا الأثر الخلَاّل في «أحكام أهل الملل» (ص 354 رقم 992)، لكن جعله «عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمرَ» ، فوقع فيه خطأ في موضعين:
الأول: قوله: «عن عبد الله» المكبَّر.
والثاني: قوله: «عن نافع» ، وإنما هو:«عن أسلم» .
وقد ساق ابن القيم في «أحكام أهل الذمة» (2/ 744) إسناد الخلَاّل، وجاء فيه:«عبيد الله» المصغَّر، لكن بقي الإشكال في كونه عن «ابن عمر» بدل:«أسلم» !
(7)
الزَّنانير: ما يُشدّ على وسط الإنسان. انظر: «المصباح المنير» (ص 212 - مادة زنر).
أثر آخر
(673)
قال سفيان الثوري في «جامعه» : عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن أسلم قال: كَتَب عمرُ إلى الأجناد: أنِ اختموا أهلَ الجزية في رقابِهِم.
رواه أبو عبيد (1)، عن أبي المنذر، ومصعب بن المِقدام. كلاهما عن الثوري، به.
وهو منقطع جيد (2).
أثر آخر
(674)
روى البيهقي (3) بإسناد صحيح، عن الثوري، عن ثور بن يزيد، عن عطاء بن دينار قال: قال عمرُ: لا تعلَّموا رطانةَ الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يومَ عيدِهِم، فإنَّ السُّخطةَ تنزلُ عليهم.
وقد روي عن عطاء بن أبي رباح، قولَه:
(675)
كما قال وكيع (4): ثنا ثور، عن عطاء قال: لا تعلَّموا رطانةَ الأعاجمِ، ولا تدخلوا عليهم كنائسَهم، فإنَّ السُّخطَ ينزلُ عليهم.
(1) في «الأموال» (ص 55 رقم 136).
وأخرجه -أيضًا- البيهقي (9/ 202) من طريق قَبيصة بن عُقبة، عن الثوري، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (6/ 472 رقم 32988) في السِّيَر، باب ما قالوا في ختم رقاب أهل الذمة، عن عبد الرحيم بن سليمان، عن عبيد الله، به.
(2)
كذا قال المؤلِّف، وهو متَّصل، وقد صحَّحه الشيخ الألباني في «الإرواء» (5/ 104).
(3)
في «سننه» (9/ 234) من طريق محمد بن يوسف، ثنا سفيان، به.
(4)
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 300 رقم 26272) في الأدب، باب في الكلام بالفارسية مَن كرهه، عن وكيع، به.
أثر آخر
(676)
قال ابن أبي شيبة في «المصنَّف» (1): أنا وكيع، عن أبي هلال، عن ابن بُرَيدة قال: قال عمرُ: ما تعلَّمَ الرَّجلُ بالفارسية إلا خَبَّ (2)، ولا خَبَّ إلا نَقَصَت مروءته.
حديث في ذلك
(677)
روى الحافظ أبو طاهر السِّلَفي (3) بإسناده إلى أبي سهل محمود بن عمر العُكبري، ثنا محمد بن الحسن بن محمد المقرئ، ثنا أحمد بن الخليل ببلخ، ثنا إسحاق بن إبراهيم الجُرَيري، ثنا عمر بن هارون، عن أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمرَ، عن عمرَ قال: قال رسولُ الله: «مَن كان يُحسِنُ أن يَتكَلَّمَ بالعربيةِ فلا يَتكَلَّمُ بالفارسيةِ، فإنه يورِثُ النفاقَ» .
وهذا حديث غريب منكر، بل موضوع مكذوب، والصحيح: أنه من
(1)(5/ 300 رقم 26271) في الموضع السابق.
وإسناده ضعيف؛ أبو هلال، هو: محمد بن سُليم الرَّاسبي، صدوق فيه لِين، كما قال الحافظ في «التقريب» ، وابن بُرَيدة لم يَسْمع من عمر. انظر:«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 111 رقم 400).
(2)
كذا ورد بالأصل. وتحرَّف في المطبوع إلى: «خَبُث» ! وجاء على الصواب في الطبعة المحققة (8/ 548 رقم 26684 - ط مكتبة الرشد).
والخَبُّ: بالفتح، الخدَّاعُ، وهو الجُربُز الذي يسعى بين الناس بالفساد. «النهاية» (2/ 4).
(3)
وكذا عزاه له ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (1/ 523)، لكن جعله من مسند ابن عمر! وكذا أخرجه الحاكم في «المستدرك» (4/ 87) من طريق أحمد بن الخليل، به.
قول عمرَ، كما تقدَّم، والله أعلم (1).
/ (ق 251) أثر آخر
(678)
روى الحافظ أبو بكر البيهقي في «سننه الكبير» (2)
من حديث عياض الأشعري، عن أبي موسى الأشعري: أنَّ عمرَ رضي الله عنه أمره أن يرفعَ إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد، وكان لأبي موسى كاتبٌ نصراني، فرفع (3) إليه ذلك، فعجب عمرَ، وقال: إنَّ هذا لحافظٌ. وقال: إنَّ لنا كتابًا في المسجد، وكان جاء من الشَّام، فادعه، فليقرأه. فقال أبو موسى، إنَّه لا يستطيع أن يَدخل المسجدَ. فقال عمرُ: أَجُنُبٌ؟ قال: لا، بل نصراني. قال: فانتهرني، وضرب فخذي، وقرأ:{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين} (4).
ففيه: أنه لا يجوز توليتُهم على شيء من أعمال المسلمين، وأنهم لا يمكَّنون من دخول المساجد، وأنَّ المسجدَ لا يَدخلُهُ جُنُبٌ، والله أعلم.
(1) وقال الذهبي في «تلخيص المستدرك» : عمر (أي: ابن هارون) كذَّبه ابن معين، وتَرَكه الجماعة.
(2)
(9/ 204) من طريق أسباط، عن سمَاك بن حرب، عن عياض، به.
وقد توبع سماك على رواينه، تابَعَه شعبة، وروايته عند الخلَاّل في «أحكام أهل الملل» (ص 117 رقم 328) والبيهقي (10/ 127) والمُخرِّمي والمروزي في «جزء فيه من حديثهما» (ص 233 رقم 342).
وصحَّح إسناده الشيخ الألباني في «الإرواء» (8/ 256).
(3)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «يرفع» .
(4)
المائدة: 51
أثر آخر
(679)
قال أبو عبيد (1): [ثناه الأنصاري](2)، عن أبي عَقيل بشير بن عُقبة، عن الحسن، عن عمرَ قال: لا تشتروا رقيقَ أهلِ الذِّمَّةِ وأَرَضِيهِم.
فقلت للحسن: ولم؟ قال: لأنهم فَيءُ المسلمين.
قال أبو عبيد: فهذا تأويل الحسن، وقد جاء عن عمرَ تفسير أصحُّ مما قال الحسن:
(680)
ثناه يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، عن سفيان (3)
العُقيلي، عن أبي عياض، عن عمرَ قال: لا تشتروا رقيقَ أهلِ
(1) في «الأموال» (ص 79 رقم 195) و «غريب الحديث» (4/ 263).
وهو منقطع بين الحسن وعمر.
(2)
ما بين المعقوفين غير واضح تمامًا بالأصل، وأثبته من «الأموال» ، و «الغريب» .
(3)
قوله: «عن سفيان» تحرَّف في مطبوع «الأموال» (ص 99 رقم 194) إلى: «عن شقيق» ! وجاء على الصواب في «غريب الحديث» (4/ 263)، وهو الموافق لما في «الأوسط» لابن المنذر (11/ 40 رقم 6429) والبيهقي (9/ 140) فقد أخرجاه من طريق أبي عبيد.
وأخرجه -أيضًا- الخلَاّل في «أحكام أهل الملل» (ص 100 رقم 272) من طريق إسماعيل بن عُليَّة، عن ابن أبي عَروبة، به.
قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (5/ 98): وهذا إسناد متصل، لكن سفيان العقيلي لم أر مَن وثَّقه، وقد أورده ابن أبي حاتم (2/ 1/222) فقال: روى عن أبي عياض وعمر بن عبد العزيز، روى عنه قتادة وأيوب. نعم ذكره ابن حبان في التابعين من «ثقاته» (1/ 74) وقال: يروي عن عمرَ، روى عنه قتادة. وأما أبو عياض، فهو عمرو بن الأسود القيسي، قال ابن أبي حاتم (3/ 1/1222): روى عن عمرَ، وابن مسعود، وعبادة بن الصامت، روى عنه مجاهد، وخالد بن مَعْدان، ويونس بن سيف. وأَورده ابن حبان في «الثقات» (1/ 151) وقال: مِن عُبَّاد أهل الشام وزهَّادهم، وكان يُقسم على الله فيبرَّه، يروي عن عمرَ، ومعاوية، روى عنه خالد بن مَعْدان، والشاميون، وكان إذا خَرَج من بيته وضع يمينه على شماله مخافة الخيلاء، فالسند صحيح على شرط ابن حبان.
الذِّمَّةِ، فإنَّهم أهلُ خراجٍ يؤدِّي بعضُهم عن بعض، وأَرَضِيهِم فلا تبتاعوها، ولا يَقِرَّن أحدُكم بالصَّغار بعد إذ نجاه اللهُ منه.
ثم قال: فمعنى قوله: يؤدِّي بعضُهم عن بعض: أنَّ الذِّمِّي إذا كان له عبيدٌ وأراضي كَثُرت عليه الجزيةُ بحسب اليسار، والله أعلم.
أثر آخر
في وصيةِ عمر التي رواها البخاري، كما سيأتي (1): وأُوصِي الخليفةَ من بعدي بذمَّةِ اللهِ، وذمَّةِ رسولِه: أن يُوفي لهم بعهدهم، وأن يُقاتلَ من ورائهم، ولا يكلَّفوا إلا طاقتَهم.
أثر آخر
(681)
قال عبد الله بن وهب (2):
حدثني جرير بن حازم، عن مُجالِد، عن الشَّعبي، عن سُوَيد بن غَفَلة: أنَّ يهوديًّا جاء إلى عمرَ بن الخطاب وهو
(1) انظر ما سيأتي (ص 286، تعليق رقم 2).
(2)
ومن طريقه: أخرجه البيهقي (9/ 201) مختصرًا.
وأخرجه -أيضًا- أبو عبيد في «الأموال» (ص 175، 176 رقم 486، 487) والخلَاّل في «أحكام أهل الملل» (ص 267 رقم 764) وابن أبي شيبة (5/ 541 رقم 28828) في الحدود، باب في الذمِّي يستكره المسلمة على نفسها، وابن زَنْجويه في «الأموال» (1/ 435 رقم 708) من طريق مُجالِد، به.
قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (5/ 120): ورجال إسناده ثقات غير مُجالِد، وهو ابن سعيد الهَمْداني الكوفي، قال الحافظ في «التقريب»: ليس بالقوي، وقد تغيَّر في آخر عمره. لكنه لم يتفرَّد به، فقد قال البيهقي عقبه: تابَعَه ابن أشوع، عن الشعبي، عن عوف بن مالك. فهو بهذه المتابعة حسن إن شاء الله تعالى.
قلت: رواية ابن أشوع لها علَّة، فقد ذكرها ابن عساكر في «تاريخه» (47/ 39) من طريق ابن عُليَّة، عن خالد الحذَّاء، عن ابن أشوع، ثم قال: الشعبي لم يَسْمعه من عوف، إنما رواه عن سُوَيد بن غَفَلة، عن عوف.
بالشَّام يستعدي على عوف بن مالك الأشجعي أنه ضَرَبه وشَجَّه، فسأل عمرُ عوفًا عن ذلك، فقال: يا أميرَ المؤمنين، رأيته يسوق بامرأة مسلمة، فنَخَسَ الحمارَ ليصرَعَها، فلم تُصرَع، ثم دفعها، فخَرَّت عن الحمار، فغشيها، ففعلتُ ما ترى. فذهب إليها عوف، فأَخبَرَها بما قال لعمرَ، فذهبت لتجيءَ معه، فانطلق أبوها وزوجها، فأخبرا عمرَ بذلك. قال: فقال عمرُ لليهودي: والله ما على هذا عاهدناكم. فأمر به فصُلِبَ، ثم قال: يا أيُّها الناسُ، فُوا بذمَّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فمن فعل منهم هذا؛ فلا ذمَّة له.
قال سُوَيد بن غَفَلة: فإنه لأوَّل مصلوب رأيته.
قال البيهقي: ورواه ابن أشوع، عن الشَّعبي، عن عوف.