الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر آخر في قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}
(1)
(837)
/ (ق 320) قال عَبد بن حميد: ثنا سليمان بن حرب الواشِحي، ثنا حماد بن سَلَمة، عن حميد، عن الحسن، عن عمرَ بن الخطاب قال: لو لبث أهلُ النَّار في النَّار عددَ رملِ عالج (2)؛ لكان لهم على ذلك يومٌ يَخرجون فيه.
فيه انقطاع بين الحسن وعمرَ، فإنَّه لم يَسْمع منه، وفيه غرابة جدًّا (3)،
(1) هود: 107
(2)
رمل عالج: جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدِّهْناء -والدِّهْناء: بقُرب اليمامة-، وأسفلها بنجد، ويتسع اتساعًا كبيرًا حتى قال البكري: رمل عالج يحيط بأكثر أرض العرب. «المصباح المنير» (ص 346 - مادة عالج).
(3)
وخالف ابن القيم، فقال في «حادي الأرواح» (ص 436): وحسبُك بهذا الإسناد جَلَالة، والحسن وإن لم يَسْمع من عمر، فإنما رواه عن بعض التابعين، ولو لم يصحُّ عنده عن عمرَ لما رواه وجَزَم به، وقال: قال عمرُ بن الخطاب، ولو قُدِّر أنه لم يحفظ عن عمرَ، فتداوُل هؤلاء الأئمة له غير مقابلين له بالإنكار والردِّ، مع أنهم ينكرون على من خالف السُّنة بدون هذا، فلو كان هذا القول عند هؤلاء الأئمة من البدع المخالفة لكتاب الله وسُنة رسوله وإجماع الأئمة لكانوا أولَ منكرٍ له (!!)
وتعقَّبه الشيخ الألباني، فقال في «السلسلة الضعيفة» (2/ 73): هذا كلام خطابي، أستغرِبُ صدورَه من ابن القيِّم رحمه الله؛ لأنه خلاف ما هو مقرَّر عند أهل الحديث في تعريف الحديث الصحيح: أنه المسند المتَّصل برواية العدل الضابط. فإذا اعتَرَف بانقطاعه بين الحسن وعمر، فهو منافٍ للصحَّة بَله الجَلَالة! وخلاف المعروف عندهم من ردِّهم لمراسيل الحسن البصري خاصة، ولذلك قال الحافظ ابن حجر في أثر الحسن هذا نفسه: فهو منقطع، ومراسيل الحسن عندهم واهية، لأنه كان يأخذ من كلِّ أحد. وكلام ابن القيِّم المذكور مع مخالفته للأصول يلزمه أن يقبل مراسيل الحسن البصري كلها إذا صح السند إليه بها، وما إخاله يلتزم ذلك، كيف، ومنها ما رواه عن سَمُرة مرفوعًا:«لمَّا حملت حواءُ طاف بها إبليسُ، وكان لا يعيشُ لها ولدٌ، فقال: سمِّيه عبدَ الحارث! فسَمَّته عبدَ الحارث! فعاش، وكان ذلك من وحيِّ الشيطان وأمره» . فهذا إسناده خير من إسناد الحسن عن عمرَ؛ لأنَّه قد قيل أنَّ الحسن سَمِعَ من سَمُرة، بل ثبت أنَّه سَمِعَ منه حديث العقيقة في «صحيح البخاري» ! وهو مع جلالته مدلِّس لا يحتجُّ بما عنعنه من الحديث، ولو كان قد لقي الذي دلَّس عنه، كسَمُرة، فهل يحتجُّ ابن القيِّم بحديثه هذا عن سَمُرة، ويقول فيه: فإنما رواه عن بعض التابعين
…
؟! كلا، إن ابن القيِّم -رحمه الله تعالى- لأَعلمُ وأفقهُ من أن يفعلَ ذلك.
وإن كان قد روي نحوُه عن أبي هريرة (1)، وجابر، وأبي سعيد (2)، وعبد الله بن عمرو بن العاص (3)، وغيرهم.
(1) أخرجه حرب في «مسائله» (ص 429) عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، عن يحيى بن أيوب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أما الذي أقول: إنه سيأتي على جهنَّم يوم لا يبقى فيه أحد، وقرأ:{فأما الذين شقوا ففي النار} .
وصحَّح إسناده الشيخ الألباني في تعليقه على «رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار» (ص 75).
(2)
أخرجه عنهما عبد الرزاق في «تفسيره» (1/ 273) -ومن طريقه: الطبري في «تفسيره» (12/ 118) - وحرب في «مسائله» (ص 429) والبيهقي في «الأسماء والصفات» (1/ 415 رقم 337) من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي نَضرة، عن جابر بن عبد الله، أو أبي سعيد الخُدْري، أو بعض أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:{إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد} . قال: هذه الآية تأتي على القرآن كلِّه. يقول: حيث كان في القرآن {خالدين فيها} تأتي عليه.
قال الشيخ الألباني: وهذا إسناد صحيح موقوف، والتردُّد الذي فيه لا يضر؛ لأنه انتقال من ثقة إلى ثقة، والصحابة كلُّهم عدول حتى مَن لم يُسمَّ منهم. «رفع الأستار» (ص 78).
(3)
رواه حرب في «مسائله» (ص 429) والفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 103) والبزار في «مسنده» (6/ 440 رقم 2478) من طريق شعبة، عن أبي بَلْج، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: ليأتينَّ على جهنَّم يومٌ تصطفق فيه أبوابُها، ليس فيها أحدٌ، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقابًا.
وهذا منكر، كما قال الذهبي في «الميزان» (4/ 285).
روى الطَّبراني (1) فيه حديثًا عن أبي أُمَامة مرفوعًا، وهو ضعيف الإسناد، لأنَّه من رواية عبد الله بن مِسْعَر بن كِدَام، وقد قال أبو حاتم (2): متروك.
وقال أبو جعفر العقيلي (3): لا يُعرَف إلا بحديث واحد، وهو منكر.
وتأوَّل ذلك بعضُهم على أهل التوحيد، والله أعلم.
(1) في «معجمه الكبير» (8/ 247 رقم 7969) عن عبد الرحمن بن سَلْم الرازي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا عبد الله بن مِسْعَر، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أُمَامة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ليأتينَّ على جهنمَ يومٌ كأنها زرعٌ هاج واحمَرَّ تَخفقُ أبوابُها» .
(2)
كما في «الجرح والتعديل» (5/ 181 رقم 840).
(3)
لم أجد قول العقيلي في ترجمة عبد الله بن مِسْعَر من «الضعفاء الكبير» (2/ 304).