الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحاديث تُذكر في الوليمة، وآداب الطعام
(529)
قال الحافظ أبو يعلى (1): ثنا عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان الكوفي، ثنا عَبدة بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبيد الله، عن ابن عمرَ، عن عمرَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا يأكلُ أحدُكُم بشمالِهِ، فإنَّ الشيطانَ يَأكلُ بشمالِهِ، ويَشربُ بشمالِهِ» .
هذا إسناد صحيح (2)، وليس هو في الكتب السِّتة، وإنما رواه مسلم (3) من حديث عبد الله بن عمر، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ أبو الحسن الدارقطني رحمه الله (4): وهذا هو المحفوظ.
/ (ق 197) حديث آخر
(530)
قال الإمام أحمد (5): ثنا هارون، ثنا ابن وهب، حدثني عمرو بن الحارث، أنَّ عمرَ بن السائب حدَّثه، أنَّ القاسم بن أبي القاسمِ السبئي حدَّثه، عن قاصِّ الأجناد بالقسطنطينية، أنَّه سَمِعَه يحدِّث: أنَّ عمرَ بن الخطاب قال: يا أيها الناسُ، إني سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1) في «مسنده» (1/ 183 رقم 207).
(2)
شيخ أبي يعلى: مجهول. انظر: «تاريخ بغداد» (9/ 421) و «مجمع الزوائد» (5/ 62).
(3)
في «صحيحه» (3/ 1598 رقم 2020)(105) في الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما.
(4)
في «العلل» (2/ 46).
(5)
في «مسنده» (1/ 20 رقم 125).
وأخرجه -أيضًا- أبو يعلى (1/ 216 رقم 251) والبيهقي (7/ 266) من طريق ابن وهب، به.
هذا إسناد حسن (1)، ليس فيه مجروح، ولم يخرِّجوه.
وعمر بن السَّائب هذا: ذَكَره أبو حاتم الرازي (2)، فقال: روى عن القاسم بن أبي القاسم، وعنه: عمرو بن الحارث، وابن لَهِيعة.
وقال (3) في شيخه القاسم بن أبي القاسم: روى عن قاصِّ الأجناد، وعنه: عمر بن السائب. ولم يزد على هذا القدر، وفيه مقنع، والله أعلم.
وقد أَفرَدتُ أحاديث الحمَّام في مُصنَّف على حِدَة (4)، ولله الحمد والمنَّة.
(1) قاصَّ الأجناد: مجهول، لذا ضعَّفه المنذري في «الترغيب والترهيب» (1/ 202) والهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/ 277).
و-أيضًا- رواية عمر بن السائب، عن القاسم بن أبي القاسم منقطعة، كما نصَّ على ذلك البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 162 رقم 2038).
وقد قال المنذري في «مختصر سنن أبي داود» (6/ 14): وأحاديث الحمَّام كلُّها معلولة، وإنما يصحُّ فيها عن الصحابة رضي الله عنهم.
وقال الخطيب في «الموضح لأوهام الجمع والتفريق» (1/ 362): المدينة لم يكن بها حمَّام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحمَّامات إنما كانت في ذلك الوقت ببلاد الشام، وبلاد فارس.
وقال ابن القيِّم في «زاد المعاد» (1/ 175) و «المنار المنيف» (ص 106): لم يصحُّ في الحمَّام حديث.
(2)
في «الجرح والتعديل» (6/ 113 رقم 610).
(3)
الموضع السابق (7/ 117 رقم 672).
(4)
وقد طُبعت بتحقيق الشيخ سامي بن محمد جاد الله، نشر دار الوطن (الرياض).
حديث آخر
(531)
قال الحافظ أبو بكر البزَّار (1): ثنا الفضل بن سهل، ومحمد بن عبد الرحيم قالا: ثنا الحسن بن موسى، ثنا سعيد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن سالم، عن أبيه، عن عمرَ قال: غلا السِّعرُ بالمدينةِ، فاشتدَّ الجَهدُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«اصبِرُوا، وأَبشِرُوا، / (ق 198) فإنِّي قد بارَكتُ على صاعِكم ومُدِّكم، فكُلُوا ولا تَفَرَّقُوا، فإنَّ طعامَ الواحدِ يكفي الاثنين، وطعامَ الاثنين يكفي الأربعة، وطعامَ الأربعةِ يكفي الخمسةَ والسِّتةَ، وإنَّ البركةَ في الجماعةِ، فمَن صَبَرَ على لأوائِها وشِدَّتها كنتُ له شفيعًا، أو شهيدًا يومَ القيامةِ، ومَن خَرَجَ عنها رغبةً عمَّا فيها أَبدَلَ اللهُ به مَن هو خيرٌ منه فيها، ومَن أرادها بِسُوءٍ أذابَهُ اللهُ كما يَذوبُ الملحُ في الماءِ» .
وقد روى ابن ماجه (2) بعضه: «طعامُ الواحدِ يَكفي الاثنين، فكُلُوا جميعًا، ولا تَتَفرَّقُوا
…
» الحديث. عن الحسن بن علي الخلَاّل، عن الحسن بن موسى -وهو: الأشيب-، به.
وعمرو بن دينار هذا هو: قَهْرمان آل الزُّبير، وهو ضعيف (3)،
والله أعلم.
(1) في «مسنده» (1/ 240 رقم 127).
(2)
في «سننه» (2/ 1084 رقم 3255) في الأطعمة، باب طعام الواحد يكفي الإثنين.
(3)
قال عنه أبو حاتم والفلَاّس والترمذي والنسائي: روى عنه سالم، عن ابن عمرَ أحاديث منكرة. وقال البخاري: فيه نظر. انظر: «تهذيب الكمال» (22/ 13) و «الجرح والتعديل» (6/ 232 رقم 1281).
وقال البزَّار عقب روايته لهذا الحديث: لا يُروى عن عمرَ إلا من هذا الوجهِ، تفرَّد به عمرو بن دينار، وهو ليِّن الحديث، وإن كان قد روى عنه حماعة، وأكثر أحاديثه لا يشاركه فيها غيره.
ولفقرات هذا الحديث شواهد:
منها: ما أخرجه مسلم (3/ 1630 رقم 2059) في الأشربة، باب فضيلة المواساة في الطعام القليل، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه رفعه:«طعامُ الواحدِ يكفي الإثنين، وطعامُ الإثنينِ يكفي الأربعةَ، وطعامُ الأربعةِ يكفي الثمانية» .
ومنها: ما أخرجه مسلم (2/ 1002 رقم 1374)(477) في الحج، باب الترغيب في سكنى المدينة
…
، من حديث أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه رفعَه:«لا يَصبرُ أحدٌ على لأوائِها فيموتُ إلَاّ كنتُ له شفيعًا أو شهيدًا يومَ القيامةِ إذا كان مسلمًا» .
وأخرج -أيضًا- (1377) عن ابن عمرَ رضي الله عنهما رفعه: «لا يَصبرُ على لأوائِها وشدَّتها أحدٌ؛ إلا كنتُ له شهيدًا أو شفيعًا يومَ القيامةِ» .
وأخرج -أيضًا- (1363) في الحج، باب فضل المدينة، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رفعه:«إنِّي أحرِّمُ ما بين لا بَتَي المدينةِ، أن يُقطعَ عِضاهُها، أو يُقتلَ صيدُها» . وقال: «المدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون، لا يَدَعُها أحدٌ رغبةً عنها إلا أَبدَلَ اللهُ فيها من هو خيرٌ منه، ولا يثبتُ أحدٌ على لأوائِها وجَهدِها إلا كنتُ له شفيعًا أو شهيدًا يومَ القيامة» .
زاد في رواية: «ولا يريدُ أحدٌ أهلَ المدينةِ بسوءٍ، إلا أذابَهُ اللهُ في النَّارِ ذَوبَ الرَّصاصِ، أو ذَوبَ الملحِ في الماءِ» .
ففيه دلالة على استحباب الاجتماع على الطعام كما هو المألوف من شيم العرب لا التفرُّق فيه، كما هو طريقة العجم من المتصوفة وغيرهم.