المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ومن تفسير سورة النساء - مسند الفاروق لابن كثير ت إمام - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌آثار عن عمرَ رضي الله عنه في الترغيب في التجارة

- ‌حديث في النهي عن بيع الخمر، وما لا يحلُّ أكله، ويستفاد منه أنَّ بيع النجاسة لا يصحُّ، وأنَّ الحيل حرام

- ‌حديث آخر في بيع الطعام

- ‌حديث فيمن باع عبدًا له مال

- ‌ حديث في خيار الشَّرط

- ‌حديث في الرِّبا والصَّرف

- ‌حديث في النهي عن الاحتكار

- ‌أثر في التَّسعير

- ‌حديث يُذكر في كتاب الصُّلح، فيه الدِّلالة على جواز أن يشرع الرَّجل ميزابًا إلى الطريق النافذة

- ‌أثر في الفَلَس والحَجْر على المبذِّر

- ‌أثر يُذكر في باب الحَجْر على اليتيم

- ‌أثر في كون الإنبات دليلاً على البلوغ

- ‌أثر في الشُّفعة

- ‌أثر في القِرَاض

- ‌حديث في المزارعة

- ‌حديث في الإجارة

- ‌أثر في ضمان البساتين

- ‌ أثر يُذكر في إحياء الموات وتملُّك المباحات

- ‌أثر في جواز الحمى للإمام

- ‌حديث في اللُّقَطة

- ‌أثر في اللَّقيط

- ‌حديث في الوقف

- ‌ صورة كتاب وقف عمر رضي الله عنه

- ‌حديث في الهبة

- ‌حديث في الوصية

- ‌أثر في صحة وصية المميِّز من الصبيان

- ‌ حديث في العتق

- ‌أثر آخر في أحكام العتق

- ‌أثر في عتق أُمِّ الولد

- ‌ حديث في الولاء

- ‌أثر في الولاء أيضًا

- ‌ كتاب الفرائض

- ‌أثر في توريث الزوجة مع الأبوين

- ‌أثر في العَوْل

- ‌أثر في توريث العَصَبات

- ‌أثر في العَمَّة

- ‌أثر في المُشرَّكة، وهي الحِمَارية

- ‌ قوله في الجَدِّ

- ‌أثر في المعادَّة

- ‌أثر فيمن أسلم قبل قسمة ميراث أبيه

- ‌كتاب النكاح

- ‌حديث في استئمار البنات

- ‌أثر عن عمر في الأولياء

- ‌أثر في بطلان نكاح من تزوَّج وهو مُحرِم

- ‌حديث في الرَّغبة في ذات الحسب العريق والشَّرَف

- ‌ أثر فيه الرَّغبة في ذات الدِّين والعقل والورع

- ‌أثر في السَّتر على المخطوبة التي قد بَدَت منها هَفوة في وقت، ثم تابت وأنابت

- ‌حديث في التَّنفير من سيِّئة الخَلْق والخُلُق

- ‌أثر في كراهة تزويج المرأة الحَسَنة من الرجل القبيح المنظر

- ‌أثر يُذكر في النظر إلى المخطوبة

- ‌أثر في ضرب الدُّفوف في الأعراس

- ‌ أثر في استحباب تزويج الصِّغار عند البلوغ

- ‌أثر في استحباب الجمع بين المتحابَّين بالتزويج

- ‌حديث في تحريم نكاح المتعة

- ‌أثر في نكاح المحلَّل

- ‌أثر آخر في بطلان نكاح المحلَّل

- ‌أثر في النهي عن الجمع بين الأختين بمِلْك اليمين

- ‌حديث في النهي عن إتيان النساء في الأدبار

- ‌أثر آخر في الخيار في النكاح

- ‌حديث في الصَّداق

- ‌أحاديث تُذكر في الوليمة، وآداب الطعام

- ‌أثر فيه أدب كريم

- ‌حديث يُذكر في عشرة النساء

- ‌حديث في الخلع

- ‌حديث في الطَّلاق

- ‌أثر آخر يُذكر في طلاق المكره

- ‌أثر فيمن طلَّق امرأته طلقة أو طلقتين، فتزوَّجت بزوج غيره، فطلَّقها، ثم راجعها الأوَّل، هل تعود إليه بالثلاث، أو بما بقي لها من عدد الطَّلقات

- ‌أثر آخر في أن الكناية لا تقع إلا بالنِّيَّة

- ‌حديث في الإيلاء

- ‌أثر يَذكره الفقهاء في باب الإيلاء في أكثر مُدَّته

- ‌أثر في اللِّعان

- ‌حديث في الأنساب

- ‌أثر في أن الولد لا يلحق الرَّجل لدون ستَّة أشهر

- ‌أثر في لحوق وَلَد الأَمَة

- ‌أثر يُذكر في مدَّة الحَمْل

- ‌ حديث في الأيمان

- ‌أثر فيمن حَلَف على يمين فرأى غيرَها خيرًا منها

- ‌أثر في النهي عن الحلف بالأمانة

- ‌أثر في الاستبراء

- ‌ أثر يُذكر في باب العِدَد

- ‌أثر آخر في العِدَد

- ‌أثر في امرأة المفقود

- ‌أثر آخر فيمن تزوَّج بامرأة في عِدَّتها

- ‌أثر في أن نفقة الزوجة تصير دَينًا في ذمَّة الزَّوج، ولا تسقط بالمضيِّ

- ‌أثر يُذكر في نفقة الرَّقيق

- ‌أثر آخر في الرِّفق بالبهائم

- ‌كتاب الجنايات

- ‌أثر في القَوَد بالمحدَّد، سواء كان حديدًا أو نحوه

- ‌أثر في قتل الجماعة بالواحد

- ‌أثر فيه القِصَاص من الضَّربة واللَّطمة ونحو ذلك

- ‌أثر آخر فيه تقديم المباشرة على السَّبب

- ‌أثر عن عمر في الدَّفع بالأسهل

- ‌ أثر في العاقلة

- ‌أثر آخر في دفع الصَّائل

- ‌أثر آخر في قتل المرتدِّ

- ‌أحاديث الجهاد

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في استحباب الإكثار من الغزو

- ‌حديث في فضل النفقة في الغزو

- ‌حديث في فضل الشهادة

- ‌أثر في جواز قتل ذي الرَّحم الكافر في الحرب

- ‌حديث آخر في تقسيم الشُّهداء

- ‌حديث في أنَّ العرب لا يُسترقُّون

- ‌حديث آخر في فكاك الأسير

- ‌حديث آخر في تحريم الغُلُول في المغانم، والعقوبة عليه

- ‌حديث في قتل الجاسوس

- ‌أحاديث قسم أموال الفيء والغنائم

- ‌أثر آخر عن عمر مشتمل على فوائد من أهمِّها ما نحن فيه من قسمة مال الفَيء

- ‌حديث يُذكر في باب عقد الذمة وضرب الجزية

- ‌ذِكر الشروط العُمرية في أهل الذمة

- ‌حديث في الهدنة

- ‌ آثار في حكم أرض السَّواد

- ‌حدود أرض السَّواد

- ‌كتاب الحدود

- ‌حديث في الرجم

- ‌أثر في حدِّ القذف

- ‌أثر في قطع السَّارق

- ‌حديث في الخمر

- ‌حديث في كيفية الحدِّ من المسكر

- ‌أثر شبيه بهذا الحديث من حيث الرفق بشارب الخمر والتلطُّف

- ‌أثر عن عمر فيه جواز التغريب في الخمرإن رأى الإمام في ذلك مصلحة فَعَلَه

- ‌حديث فيه السِّتر على أهل المعاصي، وأن الحدود تُدفَع بالشُّبهات

- ‌أثر يُذكر في باب التعزير

- ‌أثر آخر يُذكر في تأديب السَّبَّابة

- ‌حديث في الإمامة وغير ذلك

- ‌ حديث السَّقيفة الطويل

- ‌حديث آخر في السَّقيفة أيضًا

- ‌أثر في تحذير الإمام أن يولِّي على المسلمين قريبًا لقرابته أو فاجرًا

- ‌أثر في جواز استعانة الإمام ببعض العمَّال على ما لا يتمكَّن منه

- ‌حديث فيه جواز اتخاذ كاتب أمين

- ‌أثر فيه أنَّ الإمام يأذن للناس عليه بحسب منازلهم في الإسلام والشَّرَف، وأنهم يجلسون منه كذلك

- ‌ حديث في التحذير من أئمَّة الضَّلال والجور

- ‌أثر في أنه يجوز استعمال الرَّجل القويِّ وإن كانت له ذنوب يَستَسِر بها

- ‌أثر فيه أن الوالي إذا طرأ عليه ما ينافي العدالة فإنه يُعزَل

- ‌كتاب الأقضية

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في التحذير من غائلة ولاية القضاء

- ‌أثر في صفة القضاء

- ‌أثر في ردِّ شهادة الزُّور

- ‌أثر في النهي عن الرِّشوة للحاكم في الحكم

- ‌أثر آخر في كيفية التعديل

- ‌أثر فيه أنَّ المُتحاكِمَين يذهبان إلى الحاكم بأنفسهما

- ‌أثر يُذكر في باب اليمين في الدَّعاوى

- ‌حديث يُذكر في الشَّهادات وغيرها

- ‌حديث آخر في خطبة عمر رضي الله عنه بالجابية، وما فيها من الفوائد المتعلِّقة بالشَّهادت وغيرها

- ‌فوائد من خطبة عمر بالجابِيَة

- ‌حديث يُستدل به على أنه لا تقبل شهادة الوالد لولده

- ‌أثر في الشهادة على القذف، وقصَّة أبي بَكرة وزياد والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم

- ‌كتاب التفسير

- ‌ذِكر أنَّ عُمرَ بن الخطاب رضي الله عنه أوَّلُ من جَمَع القرآن، بمعنى أنَّه كان ذلك في زمن الصِّدِّيق، ولكن كان هو المشير بذلك أو المستشار، ثم كان يَستحثُّ في ذلك، والله أعلم

- ‌من فاتحة الكتاب

- ‌ومن البقرة

- ‌حديث في تفسير آية النَّسخ

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

- ‌حديث في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}

- ‌حديث آخر في آية تحريم الخمر

- ‌أثر في فضل آية الكرسي

- ‌أثر يُذكر عند قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}

- ‌ومن سورة آل عمران

- ‌ومن تفسير سورة النساء

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}

- ‌ومن تفسير سورة المائدة

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}

- ‌ومن سورة الأنعام

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}

- ‌ومن سورة الأعراف

- ‌ومن سورة الأنفال

- ‌ومن سورة براءة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية

- ‌ومن سورة يونس

- ‌ومن سورة هود

- ‌أثر آخر في قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}

- ‌ومن سورة يوسف

- ‌ ومن سورة الرَّعد

- ‌ومن سورة إبراهيم

- ‌أثر عند قوله: {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}

- ‌ومن سورة الكهف

- ‌ومن سورة مريم

- ‌ومن سورة طه

- ‌ومن سورة الحج

- ‌ومن سورة المؤمنون

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}

- ‌حديث فيه أنَّ آية الرَّجم نُسِخَ تلاوتها ورسمها وبقي مقتضاها وحكمها

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}

- ‌ومن سورة الفرقان

- ‌ومن سورة القصص

- ‌ومن سورة فاطر

- ‌ومن سورة يس

- ‌عند قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}

- ‌ومن سورة ص

- ‌ ومن سورة الزُّمر

- ‌ومن سورة الأحقاف

- ‌ومن سورة الفتح

- ‌ومن الحجرات

- ‌ومن سورة الذَّاريات

- ‌ومن سورة الطور

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}

- ‌ومن سورة الرحمن

- ‌أثر في ذِكر العَبقَري

- ‌ومن سورة المجادلة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}

- ‌ومن سورة الحشر

- ‌ومن سورة الممتحنة

- ‌ومن سورة الجمعة

- ‌ومن سورة التغابن

- ‌ومن سورة التحريم

- ‌ومن سورة الحاقة

- ‌ومن سورة عبس

- ‌ومن سورة التكوير

- ‌ومن سورة الغاشية

الفصل: ‌ومن تفسير سورة النساء

‌ومن تفسير سورة النساء

(809)

قال الحافظ أبو يعلى (1):

ثنا أبو خيثمة، ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن عبد الرحمن، عن المُجالِد بن سعيد، عن الشَّعبي، عن مسروق قال: رَكِبَ عمرُ بن الخطاب منبرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أيها الناسُ، ما إكثارُكم في صُدُق النساء، وقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابُه، وإنَّما الصُّدُقات فيما بينهم أربعمائة درهم، فما دون ذلك، ولو كان الإكثارُ في ذلك تقوًى عند الله، أو مَكرمةً لم تَسبِقوهم إليها، فلا أَعرِفَنَّ وما زاد (2) رجل في صداق امرأة / (ق 308) على أربعمائة درهم. قال: ثم نزل، فاعتَرَضَته امرأةٌ من قريش، فقالت له: يا أميرَ المؤمنين، نَهَيتَ الناسَ أنْ يزيدوا النساءَ في صَدُقاتهن على أربعمائة درهم؟ قال: نعم. فقالت: أما سمعتَ ما أنزل اللهُ في القرآن؟ قال: وأيُّ ذلك؟ فقالت: أَمَا سمعتَ اللهَ يقول: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (3). قال: فقال: اللهم غُفرَا، كلُّ الناس أفقهُ من عمرَ. قال: ثم رجع، فركب المنبرَ، فقال: أيُّها الناسُ، إنِّي كنتُ نهيتكم أنْ تزيدوا النساءَ في صُدُقهنَّ على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يُعطِيَ من مالِهِ ما أحبَّ.

(1) لم أجده في المطبوع من «مسنده» ، وهو من رواية ابن حمدان، وأورده الهيثمي في «المقصد العلي» (2/ 334 رقم 757 - رواية ابن المقرئ).

وأخرجه -أيضًا- ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (3/ 116 رقم 4064) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (1/ 370 - 371 رقم 371) من طريق ابن إسحاق، به.

(2)

ضبَّب المؤلِّف على هذا الموضع إشارة إلى وجود سقط. وعند ابن أبي خيثمة: «فلأعرفن ما زاد» .

(3)

النساء: 20

ص: 498

قال أبو يعلى: وأظنُّه قال: فمن طابت نفسُهُ، فليفعل.

هذا حديث جيِّد الإسناد، حسنه (1)،

ولم يخرِّجوه.

(1) في هذا نظر؛ والصواب أنه معلّ، وممن أعلَّه الشيخ الألباني في مقال نُشِر له قديمًا في «مجلة التمدُّن الإسلامي» ، وقد ورد بنصِّه ضمن «مقالات الألباني» (ص 141)، ونظرًا لنفاسته فقد أوردته بتمامه، قال رحمه الله: وفي هذا السَّند علل:

1 -

ضَعف مُجالِد بن سعيد، ولا أريد أن أطيل على القُرَّاء بذكر أقوال العلماء في تضعيفه، وإنما أقتصر على ذكر قول حافظين من الحفَّاظ المتأخرين المحيطين بأقوال المتقدِّمين، وهما الحافظ الذهبي والحافظ العسقلاني، فقال الأوَّل في «الميزان»: فيه لين. وقال الحافظ العسقلاني في «التقريب» : ليس بالقوي، وقد تغيَّر في آخر عمره.

2 -

الاختلاف في سنده، فقد رواه ابن إسحاق، عن مُجالِد، عن الشَّعبي، عن مسروق، كما تقدَّم. وخالَفَه هشيم، فقال: حدثنا مُجالِد، عن الشَّعبي قال: خَطَب عمرُ بن الخطاب

أخرجه البيهقي (7/ 233) وقال: هذا منقطع.

قلت: وذلك لأنَّ الشَّعبي -واسمه: عامر بن شراحيل- لم يَسْمع من عمرَ، وإدخال ابن إسحاق بينهما مسروقًا؛ ممَّا لا يطمئن القلب له، لتفرُّد ابن إسحاق به، وقد عَلِمَ كلُّ مشتغل بهذا الفنِّ أنَّ في تفرُّده نكارة، قال الذهبي في خاتمة ترجمته: حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإنَّ في حفظه شيئًا.

قلت: وقد خالَفَه هشيم، وهو ثقة ثبت، كما في «التقريب» ، وهو قد أرسَلَه، فروايته هي المعتمدة.

وممَّا سبق يتبيَّن أنَّ في إسناد هذه القصَّة علَّتين: ضَعْف مُجالِد، والانقطاع.

وإذا كان الأمر كذلك، فقول الحافظ ابن كثير: إسناده جيد قوي. غير قويٍّ، بل هو سهو منه رحمه الله، لا يجوز لمن تبيَّن له أن يقلِّده، لا سيَّما مع إعلال الحافظ البيهقيِّ إيَّاه بالانقطاع، وإذا تبيَّن هذا التحقيق للقارئ الكريم، وتذكَّر أنَّ خُطبة عمرَ هذه وردت عنه من خمسة طرق، ليس فيها قصَّة المرأة، عرف حينئذ أنها ضعيفة منكرة لا تصح.

وممَّا يؤيِّد ذلك: ما أخرجه البيهقي من طريق بكر بن عبد الله المُزَني قال: قال عمرُ بن الخطاب: لقد خرجتُ وأنا أَريد أن أنهى عن كثرة مُهُور النساء حتى قرأتُ هذه الآية: {وآتيتم إحداهن قنطارا} .

وقال البيهقي: هذا مرسل جيد. =

ص: 499

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: وهو أصحُّ من مرسل ابن إسحاق، لأنَّ رجاله كلَّهم ثقات، وهو بظاهره يُبطل قصة المرأة، لأنه يدل على أنَّ تراجع عمرَ رضي الله عنه عمَّا هَمَّ به من النهي إنما كان بقراءته الآية قبيل خروجه إلى الناس، بينما القصة تقول: إنَّ تراجعَه إنما كان بعد خروجه وتذكير المرأة إيَّاه بالآية!

وعلى كلِّ حال؛ فهذان مرسَلان لا يصحَّان لإرسالهما، وللتعارض الذي بينهما، ومخالفتهما لسائر طرق الحديث عن عمرَ التي أَطَبقت على أنَّ عمرَ نهى عن التَّغالي في المهور، ولم تذكر أنه رجع عن ذلك.

وليس في نهي عمرَ عن ذلك ما ينافي السُّنَّة حتى يتراجعَ عنه، بل فيها ما يشهد، فقد صحَّ عن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إنِّي تزوجتُ امرأةً من الأنصار، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«هل نَظَرتَ إليها، فإن في عيون الأنصار شيئًا؟» ، قال: قد نَظَرتُ إليها، قال:«على كم تزوجتَها؟» ، قال: أربع أواق. فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «على أربع أواق؟! كأنَّما تنحتون الفضَّة من عُرض هذا الجبل» . رواه مسلم.

وإذا تبيَّن أنَّ نهي عمرَ رضي الله عنه عن التَّغالي في المهور موافق للسُّنَّة، وحينئذ يمكن أن نقول: إنَّ في القصَّة نكارة أخرى تدلُّ على بطلانها، وذلك أنَّ نهيه ليس فيه ما يخالف الآية حتى يتسنى للمرأة أن تعترض عليه، ويسلِّم هو لها ذلك؛ لأن له رضي الله عنه أن يجيبها على اعتراضها -لو صحَّ- بمثل قوله: لا منافاة بين نهيي وبين الآية من وجهين:

الأوَّل: أنَّ نهيي موافق للسُّنَّة، وليس من باب التحريم، بل التنزيه.

الآخر: أنَّ الآية وَرَدت في المرأة التي يريد الزَّوج أن يطلِّقها، وكان قدَّم لها مهرًا، فلا يجوز له أن يأخذ منه شيئًا دون رضاها مهما كان كثيرًا، فقد قال تعالى:{وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا} ، فالآية وَرَدت في وجوب المحافظة على صداق المرأة وعدم الاعتداء عليه، والحديث وما في معناه ونهي عمرَ جاء لتلطيف المهر وعدم التَّغالي فيه، وذلك لا ينافي بوجه من الوجوه عدم الاعتداء على المهر بحكم أنه صار حقًّا لها بمحض اختيار الرَّجل، فإذا خالف هو، ووافق على المهر الغالي، فهو المسؤول عن ذلك دون غيره.

وبعدُ، فهذا وجه انشرح له صدري لبيان نكارة القصَّة من حيثُ متنها، فإنْ وافق ذلك الحقَّ؛ فالفضل لله، والحمد له على توفيقه، وإنْ كان خطأً؛ ففيما قدَّمنا من الأدلة على بيان ضعفها من جهة إسنادها كفاية، والله سبحانه وتعالى الهادي. انتهى كلامه رحمه الله.

وانظر: «علل الدارقطني» (2/ 238).

ص: 500

وقد تقدِّم في كتاب النكاح (1) من حديث أبي العَجْفاء السُّلمي، عن عمرَ، نحوه.

طريق أخرى

(810)

قال الزُّبير بن بكَّار (2): حدَّثني عمِّي مصعب بن عبد الله، عن جدِّي قال: قال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: لا تزيدوا في مُهُور النساء، وإن كانت بنت ذي القُصَّة -يعني يزيد بن الحصين الحارثي- فمن زاد أَلقيتُ الزيادةَ في بيت المال. فقالت امرأةٌ من صُفَّة النساء، طويلةٌ، في أنفها فَطَس: ما ذاك لك؟ قال: ولم؟ قالت: لأنَّ الله تعالى قال: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} (3) الآية. / (ق 309) فقال عمرُ رضي الله عنه: امرأةٌ أصابت، ورجلٌ أخطأ.

(1)(2/ 60 - 64 رقم 527 - 529).

(2)

عزاه السُّيوطي في «الدر المنثور» (2/ 466) للزُّبير بن بكَّار في «الموفَّقيات» ، ولم أجده في المطبوع منه.

وله طريق أخرى: أخرجها ابن المنذر في «تفسيره» ، كما في «تفسير ابن كثير» (1/ 467) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن قيس بن الربيع، عن أبي حَصين، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي قال: قال عمرُ بن الخطاب: لا تُغالوا في مُهُور النساء. فقالت امرأة: ليس ذلك لك يا عمرُ، إنَّ اللهَ يقول:{وآتيتم إحداهن قنطارا} . فقال عمرُ: إنَّ امرأةً خاصَمَت عمرَ فخَصَمته.

وهذا ضعيف -أيضًا-؛ لضعف قيس بن الربيع، وأبو عبد الرحمن السُّلمي لم يَسْمع من عمر. قاله ابن معين وأبو حاتم. انظر:«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 107 رقم 385) و «الجرح والتعديل» (5/ 37 رقم 164).

(3)

النساء: 20

ص: 501

فيه انقطاع.

تقدَّم في كتاب الطهارة (1) قول عمر رضي الله عنه: قُبلةُ الرَّجل امرأتُه وجسُّها بيده من اللِّماس.

(1)(1/ 132 رقم 13).

ص: 502