الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر يَذكره الفقهاء في باب الإيلاء في أكثر مُدَّته
(551)
قال أبو بكر ابن الأنباري (1): ثنا أبي، ثنا أحمد بن الربيع، ثنا يونس بن بُكَير، ثنا ابن إسحاق، عن السائب بن جُبَير مولى ابن عباس -وكان قد أَدرَكَ أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: مازِلتُ أسمعُ حديثَ عمرَ أنَّه خَرَج ذاتَ ليلةٍ يَطوفُ بالمدينةِ، وكان يَفعلُ ذلك كثيرًا، إذ مَرَّ بامرأةٍ من نساءِ العربِ مُغلِقَةً بابَهَا، وهي تقول:
تَطَاولَ هذا الليلُ تَسرِي كَواكِبُه (2)
…
وأَرَّقَنِي ألا ضجيعَ أُلَاعِبُهْ
/ (ق 204) أُلَاعِبُهُ طَورًا وطَورًا كأنَّما
…
بدا قَمَرًا في ظلمةِ الليلِ حاجِبُهْ
يُسَرُّ به مَن كان يَلهُو بقُربِهِ
…
لطيفُ الحَشَا لا يَجتوِيهُ (3) أَقَارِبُهْ
(1) لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة، ومن طريقه: أخرجه ابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص 282) وأبو محمد السرَّاج في "مصارع العشاق"(ص 146)، وتصحَّف فيهما «ابن إسحاق» إلى:«أبو إسحاق» !
وأخرجه -أيضًا- ابن أبي الدُّنيا في «العيال» (ص 110 رقم 496) وفي «الإشراف» (ص 222 رقم 256) من طريق يونس بن بُكَير، به، لكن قال:«عن سلمان بن جُبَير» !
وإسناده ضعيف؛ لعنعنة محمد بن إسحاق، والسَّائب بن جُبَيرلم أقف له على ترجمة.
(2)
كَتَب المؤلِّف تحتها: «وازوَرَّ جانبه» ، وكَتَب فوقها «خ» ، إشارة إلى وروده في نسخة.
(3)
الجَوَى: الحُرقة، وشدَّة الوَجد من عشق أو حزن. «لسان العرب» (2/ 430 - مادة جوى).
فواللهِ لولا اللهُ لا شيءَ غيرُهُ
…
لَنُقِّضَ مِن هذا السَّريرِ جَوَانِبُهْ
ولكنَّني أَخشى رقيبًا موكَّلاً
…
بأَنفُسِنا لا يَفتُرُ الدَّهرَ كَاتِبُهْ
ثم تَنفَّسَتِ الصُّعَداءَ، وقالت: لَهَان على عمرَ وحشتي، وغيبةَ زوجي عنِّي! فقال عمرُ رضي الله عنه: يَرحمُكِ الله، يَرحمُكِ الله، ثم وَجَّه إليها بكِسوةٍ ونَفَقةٍ، وكَتَب في أنْ يَقدُمَ عليها زوجُها.
وقد روى نحوَه الهيثمُ بن عدي، عن مُجالِد، عن الشَّعبي، وفيه: فقال عمرُ لحفصةَ رضي الله عنها: يابنيَّةُ، في كم تحتاجُ المرأةُ إلى زوجها؟ قالت: في ستةِ أشهرٍ. فكان لا يُغزي جيشًا أكثرَ منها.
(552)
وقال الإمام مالك (1):
عن عبد الله بن دينار قال: خَرَج عمرُ بن الخطاب من الليل، فسَمِعَ امرأةً تقول:
تَطَاولَ هذا الليلُ واسوَدَّ جانبُه
…
وأَرَّقَنِي ألا خليلَ أُلَاعبُه
(1) لم أجده في «الموطأ» ، وهو منقطع بين عبد الله بن دينار وعمر.
لكن له طريق أخرى: أخرجها البيهقي في «سننه» (9/ 29) عن أبي عبد الله الحافظ، ثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمرَ قال: خرج عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه من الليل، فسمع امرأةً تقول:
تطاول هذا الليلُ واسوَّد جانبُه
…
وأرَّقني ألا حبيب أُلاعبُهْ
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحفصة بنت عمر: كم أكثرَ ما تصبرُ المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أو أربعة أشهر. فقال عمر رضي الله عنه: لا أحبسُ الجيشَ أكثرَ من هذا.
وهذا إسناد صحيح متصل.
فواللهِ لولا اللهُ أنِّي أُرَاقِبُه
…
لَحُرِّكَ مِن هذا السَّريرِ جوانبُه
فسأل عمرُ رضي الله عنه ابنتَهُ حفصةَ: كم أكثرُ ماتَصبرُ المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستةَ أشهرٍ، أو أربعةَ أشهرِ. فقال عمرُ: لا أَحبِسُ أحدًا من الجيوش أكثرَ من ذلك.
أثر آخر
(553)
قال محمد بن إسحاق: عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب، وأبي بكر بن عبد الرحمن: أنَّ عمرَ كان يقول: إذا مَضَت أربعةُ أشهرٍ، فهي تطليقةٌ، وهو أَملَكُ بردِّها، مادامت في عِدَّتِها.
هكذا رواه محمد بن إسحاق، عن الزهري (1).
وقد رواه مالك (2)، عن الزهري، عن سعيد وأبي بكر، قولهما.
قال البيهقي (3): وهو أصح.
قال مالك: وعلى ذلك كان رأي ابن شهاب.
(1) ومن هذا الوجه: أخرجه الدارقطني (4/ 63) والبيهقي (7/ 378).
(2)
في «الموطأ» (2/ 65) في الطلاق، باب الإيلاء.
(3)
في «سننه» (7/ 378).