الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث في النهي عن الاحتكار
(403)
قال الإمام أحمد (1): ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، ثنا الهيثم بن رافع الطَّاطَري، حدثني أبو يحيى -رجل من أهل مكة-، عن فَرُّوخ مولى عثمان: أنَّ عمرَ -وهو يومئذٍ أميرُ المؤمنين- خَرَج إلى المسجد، فرأى طعامًا منثورًا، فقال: ما هذا الطعامُ؟ فقالوا: طعامٌ جُلِبَ إلينا. قال: بارك اللهُ فيه، وفيمن جَلَبَهُ. قيل: يا أميرَ المؤمنين، فإنَّه قد احتُكِرَ. قال: ومَن احتَكَرَهُ؟ قالوا: فَرُّوخ مولى عثمان وفلان مولى عمر، فأَرسَلَ إليهما، فدعاهما، فقال: ما حَمَلكُما على احتكار طعام المسلمين؟ قالا: يا أميرَ المؤمنين، نشتري بأموالنا ونبيعُ. فقال عمرُ رضي الله عنه: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(1) في «مسنده» (1/ 21 رقم 135).
يقول: «مَن احتَكَرَ على المسلمين طعامَهم ضَرَبَهُ اللهُ عز وجل بالإفلاسِ أو بِجُذَامٍ» . فقال فَرُّوخ عند ذلك: يا أميرَ المؤمنين، أُعاهدُ اللهَ وأُعاهِدُك ألا أعودَ في طعامٍ أبدًا. وأما مولى عمر، فقال: إنما نشتري بأموالنا ونبيعُ. قال أبو يحيى: فلقد رأيتُ / (ق 154) مولى عمرَ مجذومًا.
وقد رواه ابن ماجه (1) -مختصرًا-، عن يحيى بن حكيم، عن أبي بكر الحنفي، عن الهيثم بن رافع، به، ولفظه:«مَن احتَكَرَ على المسلمين طعامَهم، ضَرَبَهُ اللهُ بالجُذَامِ والإفلاسِ» .
ورواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي، عن الحسن بن سفيان، عن القَوَاريري، عن الهيثم الطَّاطَري قال: حدثنا أبو يحيى مولى عمر بن الخطاب -وكان قد أدرك عمر-: أنَّ عمرَ قال: سَمِعتُ رسولَ الله يقول: «مَن احتَكَرَ على المسلمين طعامَهم، ضَرَبَهُ اللهُ بجُذَامٍ، أو بإفلاسٍ» (2).
هكذا وَجَدتُهُ، ليس فيه ذِكر فَرُّوخ، فالله أعلم.
طريق أخرى
(404)
قال علي ابن المديني: ثنا محمد بن عبد الله الأسدي، أنا إسرائيل، عن علي بن سالم بن ثوبان، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيّب، عن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«الجالِبُ مرزوقٌ، والمُحتَكِرُ ملعونٌ» (3).
ثم قال: هذا حديث كوفي، ضعيف الإسناد، منكر، مع أنَّه منقطع من قِبَل سعيد بن المسيّب، وقد روي عن عمرَ قوله في الحكرة من طريق أخرى.
(1) في «سننه» (2/ 728 رقم 2155) في التجارات، باب الحُكرة والجَلَب.
(2)
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن أبي الدُّنيا في «إصلاح المال» (ص 268 رقم 263) وأبو يعلى في «مسنده الكبير» ، كما في «إتحاف الخيرة» للبوصيري (3/ 281 رقم 2745/ 2) عن عبيد الله بن عمر الجُشَمي، عن الهيثم الطَّاطَري، به.
ومداره على أبي يحيى المكِّي، وقد قال عنه الذهبي في «الميزان» (4/ 581 رقم 10732): لا يُعرَف، والخبر منكر.
وممن جزم بنكارة هذا الخبر الإمام أبو داود، كما في «سؤالات الآجري» (2/ 92 رقم 1227) والبوصيري في «إتحاف الخيرة «.
وخالف الضياء المقدسي، فأخرجه في «المختارة» (1/ 379 رقم 263) مصحِّحًا له، وحسَّنه الحافظ في «الفتح» (4/ 348)!
(3)
وأخرجه -أيضًا- ابن ماجه (2/ 728 رقم 2153) في الموضع السابق، والدارمي (3/ 1657 رقم 2586) في البيوع، باب في النهي عن الاحتكار، والحاكم (2/ 11) والعقيلي (3/ 332) وابن عدي (5/ 203) والبيهقي (6/ 30) من طريق إسرائيل، به.
قلت: هذه الطريق تقوى بالأولى، كما أنَّ تلك تقوى بهذه، فيُحسَّن الحديث (1)، والله أعلم.
وأما ما روي عن عمرَ من قوله:
(405)
فقال أبو بكر ابن أبي الدُّنيا (2): ثنا علي بن الجَعْد (3)، ثنا ابن أبي ذِئب، عن كثير (4)، عن سعيد بن المسيّب قال: قال عمرُ بن الخطاب: نِعمَ الرَّجلُ فلانٌ لولا بيعُهُ. قلت لسعيد: وما كان يبيعُ؟ قال: / (ق 155) الطعام. قلت: وببيعِ الطعامِ بأسٌ؟ (5) قال: ما بَاعَهُ رجلٌ إلا وَجَدَ للناسِ.
أثر آخر
(406)
قال الترمذي (6): ثنا عباس بن عبد العظيم، ثنا ابن مهدي، ثنا
(1) في هذا نظر؛ لأن الحديث الأوَّل: منكر، -كما قال أبو داود وغيره-، والثاني: منكر، -كما قال ابن المديني-، وما كان بهذه المثابة فلا يتقوَّى.
(2)
في «إصلاح المال» (ص 264 رقم 254).
(3)
وعنه: أخرجه أبو القاسم البغوي في «الجعديات» (2/ 1008 رقم 2920).
(4)
كذا ورد بالأصل، ومطبوع «إصلاح المال «. وفي «الجعديات»:«عبيد بن سلمان» ، وهو الصواب، الموافق لما في كُتُب الرجال.
وعبيد هذا: ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (5/ 442 رقم 1439) وقال: حديثه لا يصحُّ.
لكن قال أبو حاتم، كما في «الجرح والتعديل» (5/ 407 رقم 1888): لا أعلم في حديثه إنكارًا، يحوَّل من كتاب «الضعفاء «الذي ألَّفه البخاري.
وقال الحافظ في «التقريب» : صدوق.
وانظر: «تهذيب الكمال» (19/ 211 - 212).
(5)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «والذي يبيع الطعام باغ؟!» .
(6)
في «سننه» (2/ 357 رقم 487) في الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
مالك (1)، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال عمرُ رضي الله عنه: لا يَبِعْ في سُوقنا هذا إلا مَن تَفَقَّه في الدِّين.
هكذا ذَكَره الترمذي في كتاب الصلاة من «جامعه» ، في باب فضل الصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وهو إسناد حسن صحيح.
(1) وهو في «الموطأ» (ص 283 - رواية محمد بن الحسن).