المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أثر آخر في دفع الصائل - مسند الفاروق لابن كثير ت إمام - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌آثار عن عمرَ رضي الله عنه في الترغيب في التجارة

- ‌حديث في النهي عن بيع الخمر، وما لا يحلُّ أكله، ويستفاد منه أنَّ بيع النجاسة لا يصحُّ، وأنَّ الحيل حرام

- ‌حديث آخر في بيع الطعام

- ‌حديث فيمن باع عبدًا له مال

- ‌ حديث في خيار الشَّرط

- ‌حديث في الرِّبا والصَّرف

- ‌حديث في النهي عن الاحتكار

- ‌أثر في التَّسعير

- ‌حديث يُذكر في كتاب الصُّلح، فيه الدِّلالة على جواز أن يشرع الرَّجل ميزابًا إلى الطريق النافذة

- ‌أثر في الفَلَس والحَجْر على المبذِّر

- ‌أثر يُذكر في باب الحَجْر على اليتيم

- ‌أثر في كون الإنبات دليلاً على البلوغ

- ‌أثر في الشُّفعة

- ‌أثر في القِرَاض

- ‌حديث في المزارعة

- ‌حديث في الإجارة

- ‌أثر في ضمان البساتين

- ‌ أثر يُذكر في إحياء الموات وتملُّك المباحات

- ‌أثر في جواز الحمى للإمام

- ‌حديث في اللُّقَطة

- ‌أثر في اللَّقيط

- ‌حديث في الوقف

- ‌ صورة كتاب وقف عمر رضي الله عنه

- ‌حديث في الهبة

- ‌حديث في الوصية

- ‌أثر في صحة وصية المميِّز من الصبيان

- ‌ حديث في العتق

- ‌أثر آخر في أحكام العتق

- ‌أثر في عتق أُمِّ الولد

- ‌ حديث في الولاء

- ‌أثر في الولاء أيضًا

- ‌ كتاب الفرائض

- ‌أثر في توريث الزوجة مع الأبوين

- ‌أثر في العَوْل

- ‌أثر في توريث العَصَبات

- ‌أثر في العَمَّة

- ‌أثر في المُشرَّكة، وهي الحِمَارية

- ‌ قوله في الجَدِّ

- ‌أثر في المعادَّة

- ‌أثر فيمن أسلم قبل قسمة ميراث أبيه

- ‌كتاب النكاح

- ‌حديث في استئمار البنات

- ‌أثر عن عمر في الأولياء

- ‌أثر في بطلان نكاح من تزوَّج وهو مُحرِم

- ‌حديث في الرَّغبة في ذات الحسب العريق والشَّرَف

- ‌ أثر فيه الرَّغبة في ذات الدِّين والعقل والورع

- ‌أثر في السَّتر على المخطوبة التي قد بَدَت منها هَفوة في وقت، ثم تابت وأنابت

- ‌حديث في التَّنفير من سيِّئة الخَلْق والخُلُق

- ‌أثر في كراهة تزويج المرأة الحَسَنة من الرجل القبيح المنظر

- ‌أثر يُذكر في النظر إلى المخطوبة

- ‌أثر في ضرب الدُّفوف في الأعراس

- ‌ أثر في استحباب تزويج الصِّغار عند البلوغ

- ‌أثر في استحباب الجمع بين المتحابَّين بالتزويج

- ‌حديث في تحريم نكاح المتعة

- ‌أثر في نكاح المحلَّل

- ‌أثر آخر في بطلان نكاح المحلَّل

- ‌أثر في النهي عن الجمع بين الأختين بمِلْك اليمين

- ‌حديث في النهي عن إتيان النساء في الأدبار

- ‌أثر آخر في الخيار في النكاح

- ‌حديث في الصَّداق

- ‌أحاديث تُذكر في الوليمة، وآداب الطعام

- ‌أثر فيه أدب كريم

- ‌حديث يُذكر في عشرة النساء

- ‌حديث في الخلع

- ‌حديث في الطَّلاق

- ‌أثر آخر يُذكر في طلاق المكره

- ‌أثر فيمن طلَّق امرأته طلقة أو طلقتين، فتزوَّجت بزوج غيره، فطلَّقها، ثم راجعها الأوَّل، هل تعود إليه بالثلاث، أو بما بقي لها من عدد الطَّلقات

- ‌أثر آخر في أن الكناية لا تقع إلا بالنِّيَّة

- ‌حديث في الإيلاء

- ‌أثر يَذكره الفقهاء في باب الإيلاء في أكثر مُدَّته

- ‌أثر في اللِّعان

- ‌حديث في الأنساب

- ‌أثر في أن الولد لا يلحق الرَّجل لدون ستَّة أشهر

- ‌أثر في لحوق وَلَد الأَمَة

- ‌أثر يُذكر في مدَّة الحَمْل

- ‌ حديث في الأيمان

- ‌أثر فيمن حَلَف على يمين فرأى غيرَها خيرًا منها

- ‌أثر في النهي عن الحلف بالأمانة

- ‌أثر في الاستبراء

- ‌ أثر يُذكر في باب العِدَد

- ‌أثر آخر في العِدَد

- ‌أثر في امرأة المفقود

- ‌أثر آخر فيمن تزوَّج بامرأة في عِدَّتها

- ‌أثر في أن نفقة الزوجة تصير دَينًا في ذمَّة الزَّوج، ولا تسقط بالمضيِّ

- ‌أثر يُذكر في نفقة الرَّقيق

- ‌أثر آخر في الرِّفق بالبهائم

- ‌كتاب الجنايات

- ‌أثر في القَوَد بالمحدَّد، سواء كان حديدًا أو نحوه

- ‌أثر في قتل الجماعة بالواحد

- ‌أثر فيه القِصَاص من الضَّربة واللَّطمة ونحو ذلك

- ‌أثر آخر فيه تقديم المباشرة على السَّبب

- ‌أثر عن عمر في الدَّفع بالأسهل

- ‌ أثر في العاقلة

- ‌أثر آخر في دفع الصَّائل

- ‌أثر آخر في قتل المرتدِّ

- ‌أحاديث الجهاد

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في استحباب الإكثار من الغزو

- ‌حديث في فضل النفقة في الغزو

- ‌حديث في فضل الشهادة

- ‌أثر في جواز قتل ذي الرَّحم الكافر في الحرب

- ‌حديث آخر في تقسيم الشُّهداء

- ‌حديث في أنَّ العرب لا يُسترقُّون

- ‌حديث آخر في فكاك الأسير

- ‌حديث آخر في تحريم الغُلُول في المغانم، والعقوبة عليه

- ‌حديث في قتل الجاسوس

- ‌أحاديث قسم أموال الفيء والغنائم

- ‌أثر آخر عن عمر مشتمل على فوائد من أهمِّها ما نحن فيه من قسمة مال الفَيء

- ‌حديث يُذكر في باب عقد الذمة وضرب الجزية

- ‌ذِكر الشروط العُمرية في أهل الذمة

- ‌حديث في الهدنة

- ‌ آثار في حكم أرض السَّواد

- ‌حدود أرض السَّواد

- ‌كتاب الحدود

- ‌حديث في الرجم

- ‌أثر في حدِّ القذف

- ‌أثر في قطع السَّارق

- ‌حديث في الخمر

- ‌حديث في كيفية الحدِّ من المسكر

- ‌أثر شبيه بهذا الحديث من حيث الرفق بشارب الخمر والتلطُّف

- ‌أثر عن عمر فيه جواز التغريب في الخمرإن رأى الإمام في ذلك مصلحة فَعَلَه

- ‌حديث فيه السِّتر على أهل المعاصي، وأن الحدود تُدفَع بالشُّبهات

- ‌أثر يُذكر في باب التعزير

- ‌أثر آخر يُذكر في تأديب السَّبَّابة

- ‌حديث في الإمامة وغير ذلك

- ‌ حديث السَّقيفة الطويل

- ‌حديث آخر في السَّقيفة أيضًا

- ‌أثر في تحذير الإمام أن يولِّي على المسلمين قريبًا لقرابته أو فاجرًا

- ‌أثر في جواز استعانة الإمام ببعض العمَّال على ما لا يتمكَّن منه

- ‌حديث فيه جواز اتخاذ كاتب أمين

- ‌أثر فيه أنَّ الإمام يأذن للناس عليه بحسب منازلهم في الإسلام والشَّرَف، وأنهم يجلسون منه كذلك

- ‌ حديث في التحذير من أئمَّة الضَّلال والجور

- ‌أثر في أنه يجوز استعمال الرَّجل القويِّ وإن كانت له ذنوب يَستَسِر بها

- ‌أثر فيه أن الوالي إذا طرأ عليه ما ينافي العدالة فإنه يُعزَل

- ‌كتاب الأقضية

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في التحذير من غائلة ولاية القضاء

- ‌أثر في صفة القضاء

- ‌أثر في ردِّ شهادة الزُّور

- ‌أثر في النهي عن الرِّشوة للحاكم في الحكم

- ‌أثر آخر في كيفية التعديل

- ‌أثر فيه أنَّ المُتحاكِمَين يذهبان إلى الحاكم بأنفسهما

- ‌أثر يُذكر في باب اليمين في الدَّعاوى

- ‌حديث يُذكر في الشَّهادات وغيرها

- ‌حديث آخر في خطبة عمر رضي الله عنه بالجابية، وما فيها من الفوائد المتعلِّقة بالشَّهادت وغيرها

- ‌فوائد من خطبة عمر بالجابِيَة

- ‌حديث يُستدل به على أنه لا تقبل شهادة الوالد لولده

- ‌أثر في الشهادة على القذف، وقصَّة أبي بَكرة وزياد والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم

- ‌كتاب التفسير

- ‌ذِكر أنَّ عُمرَ بن الخطاب رضي الله عنه أوَّلُ من جَمَع القرآن، بمعنى أنَّه كان ذلك في زمن الصِّدِّيق، ولكن كان هو المشير بذلك أو المستشار، ثم كان يَستحثُّ في ذلك، والله أعلم

- ‌من فاتحة الكتاب

- ‌ومن البقرة

- ‌حديث في تفسير آية النَّسخ

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

- ‌حديث في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}

- ‌حديث آخر في آية تحريم الخمر

- ‌أثر في فضل آية الكرسي

- ‌أثر يُذكر عند قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}

- ‌ومن سورة آل عمران

- ‌ومن تفسير سورة النساء

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}

- ‌ومن تفسير سورة المائدة

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}

- ‌ومن سورة الأنعام

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}

- ‌ومن سورة الأعراف

- ‌ومن سورة الأنفال

- ‌ومن سورة براءة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية

- ‌ومن سورة يونس

- ‌ومن سورة هود

- ‌أثر آخر في قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}

- ‌ومن سورة يوسف

- ‌ ومن سورة الرَّعد

- ‌ومن سورة إبراهيم

- ‌أثر عند قوله: {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}

- ‌ومن سورة الكهف

- ‌ومن سورة مريم

- ‌ومن سورة طه

- ‌ومن سورة الحج

- ‌ومن سورة المؤمنون

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}

- ‌حديث فيه أنَّ آية الرَّجم نُسِخَ تلاوتها ورسمها وبقي مقتضاها وحكمها

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}

- ‌ومن سورة الفرقان

- ‌ومن سورة القصص

- ‌ومن سورة فاطر

- ‌ومن سورة يس

- ‌عند قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}

- ‌ومن سورة ص

- ‌ ومن سورة الزُّمر

- ‌ومن سورة الأحقاف

- ‌ومن سورة الفتح

- ‌ومن الحجرات

- ‌ومن سورة الذَّاريات

- ‌ومن سورة الطور

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}

- ‌ومن سورة الرحمن

- ‌أثر في ذِكر العَبقَري

- ‌ومن سورة المجادلة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}

- ‌ومن سورة الحشر

- ‌ومن سورة الممتحنة

- ‌ومن سورة الجمعة

- ‌ومن سورة التغابن

- ‌ومن سورة التحريم

- ‌ومن سورة الحاقة

- ‌ومن سورة عبس

- ‌ومن سورة التكوير

- ‌ومن سورة الغاشية

الفصل: ‌أثر آخر في دفع الصائل

‌أثر آخر في دفع الصَّائل

(617)

قال علي بن حرب: ثنا سفيان بن عيينة (1)،

عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عُبيد بن عُمَير: أنَّ رجلاً ضاف ناسًا من هُذَيل، فذَهَبت جاريةٌ لهم تَحتَطِبُ، فأرادَها على نفسِها، فَرَمَتهُ بِفِهْرٍ (2)، فقَتَلتْهُ، فرُفِعَ ذلك إلى عمرَ، فقال: ذاك قتيلُ اللهِ، والله لا يُودَى أبدًا.

ورواه صالح بن كيسان (3)، عن الزهري، عن القاسم، ولم يَذكر عُبيد بن عُمَير، نحوه.

وهو إسناد جيد، وفيه انقطاع (4)، والله أعلم.

(1) وهو في «جزئه» (ص 79 رقم 15 - رواية زكريا المروزي).

وأخرجه -أيضًا- ابن أبي شيبة (5/ 438 رقم 27784) في الديات، باب في الرجل يريد المرأة على نفسها، وأبو جعفر ابن البَختري (ص 321 - 322 رقم 411 - مجموع فيه مصنَّفات ابن البَختري) والبيهقي (8/ 337) من طريق ابن عيينة، به.

وأخرجه عبد الرزاق (9/ 435 رقم 17919) عن معمر، عن الزهري، عن القاسم بن محمد قال: أحسبه عن عُبيد بن عُمَير

، فذكره.

(2)

الفِهْر: الحَجَر ملء الكفِّ. وقيل: الحجر مطلقًا. «النهاية» (3/ 481).

(3)

ومن هذا الوجه: أخرجه أبو محمد السرَّاج في «مصارع العشاق» (ص 69) من طريق عبيد الله بن سعد الزهري، عن عمِّه، عن أبيه، عن صالح بن كيسان، به.

(4)

يعني: بين القاسم بن محمد وعمر بن الخطاب، وأما الوجه الأول بذكر عُبيد بن عُمَير فصحيح، وعُبيد من المخضرمين، وُلِدَ في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مجمع على ثقته، روى له الجماعة. وانظر:«تهذيب الكمال» (19/ 223 - 225).

وقال ابن الملقن في «البدر المنير» (9/ 17): وهو أثر جيد، رواه البيهقي بإسناد حسن.

ص: 279

أثر آخر في معناه

(618)

قال أحمد بن منصور الرَّمادي (1): ثنا عبد الله بن صالح، حدثني اللَّيث (2) قال: أُتي عمرُ بن الخطاب يومًا بفتًى أمرد، قد وُجِدَ قتيلاً، مُلقًى على وجهِ الطريقِ، فسأل عمرُ عن أمرِهِ واجتَهَدَ، فلم يَقفْ له على خبرٍ، ولم يَعرفْ له قاتلاً، فشقَّ ذلك على عمرَ، وقال: اللهمَّ اظفِرني بقاتلِهِ، حتى إذا كان رأسُ الحَوْلِ، أو قريبٌ من ذلك، وُجِدَ صبيٌّ مولودٌ مُلقًى بموضعِ القتيلِ، فأُتِيَ به عمرُ رضي الله عنه، فقال: ظَفَرتُ بدمِ القتيلِ -إن شاء الله-، فدَفَع الصَّبيَّ إلى امرأةٍ، وقال لها: قومي بشأنِهِ، وخُذي منَّا نفقةً، وانظري مَن يأخذُهُ منكِ، فإذا وَجَدتِ امرأةً تُقبِّله وتضُمُّه إلى صدرِها، فأَعلميني بمكانها. فلمَّا شَبَّ الصبيُّ جاءت جاريةٌ، فقالت للمرأة: إنَّ سيِّدتي بعثتني إليكِ، أنْ تبعثي بالصَّبيِّ لِتَرَاهُ وتَردُّهُ إليكِ، فقالت: نعم، اذهبي به إليها، وأنا معك، فذَهَبت بالصَّبيِّ والمرأةَ معها، حتى دَخَلتْ على سيِّدتها، فلمَّا رأتْهُ أخذتُهُ فَقَبَّلتْهُ، وضَمَّتْهُ إليها، فإذا ابنةُ شيخٍ من الأنصار من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأَخَبَرتْ عمرَ خبرَ المرأةِ، فاشتَمَلَ على سيفِهِ، ثم أَقبَلَ إلى منزلها، فوَجَد أباها مُتكِئًا على بابِ دارِهِ، فقال: يا فلانُ، ما فَعَلتْ ابنتُكَ فلانةٌ؟ قال: يا أميرَ المؤمنين، جَزَاها اللهُ خيرًا، هي من أعرفِ الناسِ لحقِّ اللهِ، وحقِّ أبيها، مع حُسْنِ صلاتِها، والقيامِ بدينِها. فقال عمرُ: قد أَحبَبتُ أنْ أَدخُلَ إليها وأَزيدَها رغبةً في الخير، وأَحُثَّها على ذلك.

فقال: جَزَاك اللهُ خيرًا يا أميرَ المؤمنين، امكُثْ مكانَكَ حتى أرجعَ إليكَ، فاستأذَنَ لعمرَ، فلمَّا دخلَ أَمَرَ عمرُ كلَّ

(1) ومن طريقه: أخرجه أبو محمد السرَّاج في «مصارع العشاق» (ص 72).

(2)

ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين الليث وعمر.

ص: 280

من كان عندها فخَرَج عنها، وبَقِيتْ هي وعمرَ في البيتِ، ليس معهما أحدٌ، فكَشَفَ عمرُ عن السَّيف، وقال: لَتَصدُقِني -وكان عمرُ رضي الله عنه لا يُكذَّب- فقالت: على رِسْلكَ يا أميرَ المؤمنينَ، فوالله لأَصدُقنَّكَ، إنَّ عجوزًا كانت تَدخلُ عليَّ، فاتَّخذتُها أُمًّا، وكانت تقومُ من أَمري بما تقومُ به الوالدةُ، وكنت لها بمنزلةِ البنتِ، فأَمضَتْ بذلك حينًا، ثم إنها قالت: يا بُنيَّة! إنَّه قد عَرَضَ لي سفرٌ، ولي بنتٌ في موضعٍ أتخوَّفُ عليها فيه أنْ تضيعَ، وقد أَحبَبتُ أن أَضمُّها إليكِ حتى أرجعَ من سفري، فعَمَدَت إلى ابنٍ لها شابٍّ أمردَ، فهَيَّأتْهُ كهيأةِ الجاريةِ، فأتتني به، لا أَشكُّ أنَّه جاريةٌ، فكان يرى منِّي ما ترى الجاريةُ من الجارية، حتى اغتَفَلني يومًا وأنا نائمةٌ، فما شَعَرتُ حتى عَلَاني وخَالَطَني، فمَدَدتُ يدي إلى شَفرةٍ كانت إلى جنبي فقَتَلتُهُ، ثم أَمَرتُ به، فأُلقِيَ حيثُ رأيتَ، فاشتَمَلتُ منه على هذا الصَّبيِّ، فلمَّا وَضَعتُهُ أَلقَيتُهُ في موضعِ أبيه، فهذا واللهِ خَبَرُهُما على ما أَعلَمتُكَ. قال عمرُ: صَدَقتِ، باركَ اللهُ فيكِ، ثم أوصاها وَوَعَظَها، ودعا لها وخَرَج، وقال لأبيها، باركَ اللهُ لكَ في ابنتِكَ، فنِعْمَ الابنةُ ابنتُكَ، وقد وَعَظتُها وأَمَرتُها، فقال الشيخ: وَصَلكَ اللهُ يا أميرَ المؤمنينَ، وجَزَاك خيرًا عن رعيتِكَ.

هذا أثر غريب، وفيه انقطاع، بل معضل.

وفيه فوائد كثيرة، منها: حَذْقُ عمرَ رضي الله عنه، وحُسْنِ تأنِّيهِ، وجودةُ فراستِهِ.

وفيه: أنَّه يجوز دفع الصَّائل، وأنَّه لا ضمان عليه في قَتْله حيثُ لم يأمر بالدِّية، والله أعلم.

ص: 281