الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث يُذكر عند قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}
(1)
(794)
قال الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مَردويه في «تفسيره» : ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا سمُّويه، ثنا عمرو بن عَون، ثنا هشيم، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قام عمر، فقال: يا رسول الله، إنِّي أردتُ أَهلي البارحةَ على ما يريد الرَّجلُ أهلَه، فقالت: إنَّها قد نامت، فظننتُها تَعتلُّ، فواقعتها، فنزل في عمر:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} الآية (2).
وهذا إسناد جيد، وابن أبي ليلى مختَلَف في سماعه من عمرَ (3)،
ولكن قد روي من وجه آخر عن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل: أنَّ عمرَ فَعَل مثلَ هذا (4).
(1) البقرة: 187
(2)
البقرة: 187
(3)
وله طريق أخرى: أخرجها الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1/ 419 - 420 رقم 479) من طريق سعيد بن يعقوب الطَّالْقاني. وابن بَشكوال في «الغوامض والمبهمات» (2/ 528 رقم 512) من طريق أبي عبيد القاسم بن سلام. كلاهما (سعيد، وأبو عبيد) عن هشيم، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل من الأنصار يقال له صِرْمة
…
، فذكره.
زاد الطحاوي: وجاء عمر فأتى أهلَه
…
، الحديث.
وهذا الإسناد مخالف لما أورده المؤلِّف.
(4)
أخرجه أبو داود (1/ 394 رقم 507) في الصلاة، باب كيف الأذان، وأحمد (5/ 246) -واللفظ له- والطبري في «تفسيره» (2/ 132) والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (1/ 417 - 418 رقم 478) والحاكم (2/ 274) من طريق المسعودي، عن عمرو بن مُرَّة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ رضي الله عنه
…
، وفيه: وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء مالم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال: ثم إن رجلاً من الأنصار، يقال له: صِرْمة، ظلَّ يعمل صائمًا حتى أمسى، فجاء إلى أهله فصلَّى العشاء، ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح، فأصبح صائمًا. قال: فرآه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقد جُهد جَهدًا شديدًا، قال: مالي أَراك قد جُهدت جَهدًا شديدًا. قال: يا رسولَ الله، إنى عملتُ أمسِ فجئتُ حين جئتُ، فألقيتُ نفسي فنمتُ، وأصبحتُ حين أصبحتُ صائمًا. قال: وكان عمرُ قد أصاب من النساء من جارية أو من حُرَّة بعد ما نام، وأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فأنزل الله عز وجل:{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى قوله: {ثم أتموا الصيام إلى الليل} .
ورواه عن المسعودي جماعة، وهم: يزيد بن هارون وهاشم بن القاسم ويونس بن بُكَير.
قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي (!)
قلت: له علَّتان:
العلة الأولى: اختلاط المسعودي، وجميع مَن رواه عنه هنا فإنما رواه عنه بعد اختلاطه. قال الحافظ في «العجاب في بيان الأسباب» (1/ 429): والمسعودي صدوق، لكنه اختَلَط، وقد خالَفَه شعبة، فرواه عن عمرو بن مُرَّة، عن ابن أبي ليلى قال: حدَّثنا أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم
…
العلة الثانية: عدم صحَّة سماع ابن أبي ليلى من معاذ رضي الله عنه، وممَّن نصَّ على ذلك الدارقطني في «العلل» (6/ 61) والبيهقي في «سننه» (4/ 200).
وأما رواية شعبة التي أشار إليها الحافظ، فقد أخرجها أبو داود (1/ 392 - 394 رقم 506) بلفظ: كان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل لم يأكل حتى يصبح. قال: فجاء عمر بن الخطاب فأراد امرأته، فقالت: إني قد نمت، فظن أنها تعتلُّ فأتاها، فجاء رجل من الأنصار فأراد الطعام، فقالوا: حتى نسخن لك شيئًا، فنام، فلما أصبحوا أنزلت عليه هذه الآية:{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} .
وقد توبع شعبة، تابَعَه ابن نُمَير، وروايته عند ابن أبي حاتم في «تفسيره» (1/ 309 رقم 1646) والبيهقي (4/ 200)، وذكرها البخاري في «صحيحه» (4/ 187 - فتح) في الصوم، باب:{وعلى الذين يطيقونه فدية} معلَّقًا بصيغة الجزم، فقال: وقال ابن نُمَير: حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مُرَّة، حدثنا ابن أبي ليلى، =
وقال موسى بن عُقبة: عن كُرَيب، عن ابن عباس، عن قصة عمرَ نحو ما تقدَّم، لكن فيه: أنَّ عمرَ كان قد نام، ثم واقع أهلَه، ثم أخبر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال:«ما كنتَ خليقًا أن تَفعَلَ» ، ونزل الكتاب:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} الآية (1).
وقد كان هذا شرعًا في أوَّل الإسلام، أن الرَّجل يحلُّ له الطعامُ والشرابُ والوقاعُ حتى يصلِّي العشاءَ أو ينامُ قبل ذلك، فمتى وَجَد أحدَهما حَرُمَ عليه ذلك، فنَسَخه اللهُ إلى أخفَّ منه، ولله الحمدُ والمنَّة.
= حدَّثنا أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: نزل رمضانُ فشقَّ عليهم، فكان من أطعم كلَّ يوم مسكينًا ترك الصومَ ممن يُطيقه، ورُخِّص لهم في ذلك، فنسختها:{وأن تصوموا خير لكم} .
قال الحافظ في «الفتح» (4/ 188): واختُلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، وطريق ابن نُمَير هذه أرجحها.
وقال في «العجاب في بيان الأسباب» (1/ 430): وهذا أصح من رواية المسعودي.
وأخرج البخاري في «صحيحه» (4/ 129 رقم 1915 - فتح) في الصوم، باب قول الله جلَّ ذِكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
…
} من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم إذا كان الرَّجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يُفطِرَ لم يأكل ليلتَه ولا يومَه حتى يمسي، وإنَّ قيس بن صِرمة الأنصاري كان صائمًا، فلمَّا حضر الإفطارُ أتى امرأتَه فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلِقُ أطلبُ لك، وكان يومَه يعملُ، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلمَّا رأته قالت: خيبةً لك، فلمَّا انتصف النهار غُشي عليه، فذُكر ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية:{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} ففرحوا بها فرحًا شديدًا، ونزلت:{وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} .
(1)
هذه الرواية لم أقف عليها مسندة، وذكرها الحافظ في «العجاب في بيان الأسباب» (1/ 436 - 437)، وقال: وهذا سند صحيح.