الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر فيه أن الوالي إذا طرأ عليه ما ينافي العدالة فإنه يُعزَل
(753)
قال محمد بن سعد في «الطبقات» (1): كان عمرُ بن الخطاب قد استَعمل النعمان بن عديِّ بن نَضلة، على مَيْسان من أرض البصرة، وكان يقول الشِّعر، فقال:
ألا هل أتَى الحسناءَ أنَّ حَلِيلَها
…
بمَيْسانَ يُسقَى في زُجَاجٍ وحَنْتَمِ (2)؟
إذا شئتُ غَنَّتني دَهَاقينُ قريةٍ
…
وَرَقَّاصَةٌ تَجثُو (3) على كُلِّ مَنْسِم
فإنْ كنتَ نَدماني فبالأكبرِ اسْقِنِي
…
ولا تَسْقِني بالأصغرِ المُتَثَلِّم
لعل أميرَ المؤمنينَ يَسُوؤهُ
…
تَنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّم
(1)(4/ 140) عن محمد بن عمر، قال: حدثنا خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: سَمِعتُ سالم بن عبد الله ينشد هذه الأبيات، قال: فلما بَلَغ عمرُ قولَه
…
، فذكره.
وهذا إسناد تالف، محمد بن عمر، هو: الواقدي، وهو متروك، وسالم لم يَسْمع من عمر.
(2)
الحَنْتم: جِرَار مدهونة خُضر كانت تُحمل الخمر فيها إلى المدينة، ثم اتسع فيها، فقيل للخزف كله حَنْتم. «النهاية» (1/ 448).
(3)
كذا ورد بالأصل. وكَتَب المؤلِّف بجوارها: «تجذو» ، وكَتَب عليها:«خ» ، إشارة إلى وروده في نسخة.
والجُثُو: الجلوس على الركبتين. «النهاية» (1/ 239).
فلمَّا بَلَغ عمرُ قولَه، قال: نعم، واللهِ إنَّه لَيَسُوءنِي، مَن لَقِيَهُ / (ق 285) فليُخبِرْهُ أنِّي قد عَزَلتُه.
فقَدِمَ عليه رجلٌ من قومه فأَخبَرَه بعزله، فقَدِمَ على عمرَ، فقال: واللهِ ما صنعتُ شيئًا ممَّا قلتُ، ولكن كنتُ امرأً شاعرًا، وَجَدتُ فَضلاً من قول، فقلتُ فيه الشِّعر. فقال عمرُ رضي الله عنه: والله لا تعملُ لي على عملٍ ما بقيتُ، وقد قلتَ ما قلتَ.
(754)
وقد روى الحافظ أبو بكر ابن أبي الدُّنيا رحمه الله (1) عن أحمد بن محمد بن أيوب، عن إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق
…
، فذَكَر مثلَه.
وحكى الزُّبير بن بكَّار مثل ذلك -أيضًا-، إلا أنه قال:
إذا شئتُ غَنَّتني دَهَاقينُ قريةٍ
…
وَصَنَّاجةٌ (2) تَجذُو على كُلِّ مَنْسِم
قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي عن شيخه أبي منصور: وهذا هو الصحيح. والمِنسَمُ: استعارة، وإنما يقال ذلك للبعير، وهو من الإنسان الظُّفر.
قال: والجوسق: فارسيٌّ مُعرَّب، وهو القَصر الصغير، ويقال له: الكَوشك.
(1) في «ذم المسكر» (ص 56 رقم 44).
وهو منقطع بين محمد بن إسحاق وعمر.
(2)
الصَّنْج: من آلات الملاهي، جمعه صُنُوج، وهو ما يتخذ مُدوَّرًا يُضرب أحدهما بالآخر، ويقال لما يُجعل في إطار الدُّفِّ من النحاس المُدوَّر صغارًا: صُنُوج أيضًا. «المصباح المنير» (ص 286 - مادة صنج).
(755)
قال الزُّبير بن بكَّار (1): وحدَّثني محمد بن الضَّحَّاك بن عثمان الحِزَامي، عن أبيه قال: لمَّا بلغ عمرُ بن الخطاب هذا الشِّعر، كَتَب إلى النعمان: بسم الله الرحمن الرحيم: {حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)} (2)، أمَّا بعد، فقد بلغني قولُك:
لعل أميرَ المؤمنينَ يَسُوؤهُ
…
تَنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّم
/ (ق 286) وايمُ الله، إنَّه لَيَسُوءنِي، وعَزَله. فلمَّا قَدِمَ على عمرَ بَكَّتَه بهذا الشِّعر، فقال: يا أميرَ المؤمنين، ما شَرِبتُها قطُّ، وما ذاك الشِّعر إلا شيءٌ طَفَح على لساني. فقال عمرُ رضي الله عنه: أظنُّ ذاك، ولكن لا تعمل لي على عملٍ أبدًا.
فهذا مشهور من صنيع عمر رضي الله عنه.
أثر آخر
(756)
قال الحارث بن مسكين: ثنا سفيان، عن شَبيب بن غَرقَدة، عن المستَظِلِّ قال: سَمِعتُ عمرَ يقول: قد عَلِمتُ وربِّ الكعبة: متى تَهلِكُ العرب، إذا ساسهم مَن لم يُدرك جاهلية، ولم يكن له قَدَمٌ في الإسلام (3).
(1) لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة، ومن طريقه: أخرجه ابن الجوزي في «المنتظم» (4/ 138)، وهو معضل؛ الضحاك بن عثمان هذا من الطبقة العاشرة.
(2)
غافر: 1 - 3
(3)
وأخرجه -أيضًا- ابن سعد (6/ 129) والحاكم (4/ 428) من طريق سفيان. وأبو عبيد في «غريب الحديث» (5/ 191) عن الحسين بن عازب. وابن أبي شيبة (6/ 413 رقم 32462) في الفضائل، باب في فضل العرب، عن أبي الأحوص. وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (2/ 876 رقم 2459) من طريق شريك. جميعهم (سفيان، والحسين بن عازب، وأبو الأحوص، وشريك) عن شَبيب بن غَرقَدة، به.
قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.
قلت: المستظل بن الحصين: مجهول الحال، تفرَّد بالرواية عنه شَبيب بن غَرقَدة، وقد ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (8/ 62 رقم 2158) وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/ 429 رقم 1959) وسكتا عنه. وذكره ابن حبان في «الثقات» (5/ 462).