الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن سورة الأعراف
(825)
قال الإمام أحمد (1): ثنا رَوْح، ثنا مالك (2)، عن زيد بن أبي أُنَيْسة: أنَّ عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أَخبَرَه، عن مسلم بن يَسَار الجُهَني: أنَّ عمرَ بن الخطاب سُئل عن هذه الآية: «وإذ أخذ ربك / (ق 313) من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم (3) وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى
…
» الآية (4)، فقال عمرُ بن الخطاب: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئل عنها، فقال:«إنَّ اللهَ خَلَقَ آدمَ عليه السلام ثم مَسَحَ ظَهْرَه بيمينه، فاستَخرَجَ منه ذُريَّةً، فقال: خَلَقتُ هؤلاءِ للجنَّةِ، وبعملِ أهلِ الجنَّةِ يعملون، ثم مَسَحَ ظَهْرَه، فاستَخرَجَ منه ذُريَّةً، فقال: خَلَقتُ هؤلاءِ للنَّارِ، وبعملِ أهلِ النَّارِ يعملون» .
فقال رجل: يا رسولَ الله، ففيمَ العملُ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«إذا خَلَق اللهُ العبدَ للجنَّةِ استعمَلَهُ بعملِ أهلِ الجنَّةِ حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ الجنَّةِ، فيدخُلُ به الجنَّةَ، وإذا خَلَق العبدَ للنَّارِ استعمَلَهُ بعملِ أهلِ النَّارِ حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ النَّارِ، فيُدخِلَهُ به النَّارَ» .
وهكذا رواه أبو داود (5)، عن القَعْنبي.
والنسائي (6)، عن قتيبة.
(1) في «مسنده» (1/ 44 رقم 311).
(2)
وهو في «الموطأ» (2/ 478) في الجامع، باب النهي عن القول بالقدر.
(3)
«ذرياتهم» كذا ورد بالأصل. وهي قراءة الكوفيين وابن كثير. انظر: «النشر في القراءات العشر» (2/ 272).
(4)
الأعراف: 172
(5)
في «سننه» (5/ 229 رقم 4703) في السُّنة، باب في القدر.
(6)
في «سننه الكبرى» (6/ 347 رقم 11190).
والترمذي (1)، عن إسحاق بن موسى، عن مَعْن.
ثلاثتهم عن مالك، به.
ورواه ابن حبان في «صحيحه» (2) من حديث أبي مصعب الزهري (3)، عن مالك، كذلك.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ومسلم بن يَسَار لم يَسْمع من عمر، وقد ذَكَر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يَسَار وبين عمر رجلاً.
قلت: هو نُعيم بن ربيعة الأزدي، كما رواه أبو داود في «سننه» (4)، عن محمد بن مصفَّى، عن بقيَّة، عن عمرَ بن جُعثُم القرشي، عن زيد بن أبي أُنَيْسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يَسَار الجُهَني، عن نُعيم بن ربيعة قال: / (ق 314) كنتُ عند عمرَ بن الخطاب، وقد سُئل عن هذه الآية:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} ، وذَكَر الحديث.
قال الدارقطني (5): وقد تابع عُمرَ بنَ جُعثُم يزيدُ بن سنان أبو فروة الرُّهاوي (6)، وقولهما أولى بالصواب من قول مالك.
(1) في «سننه» (5/ 248 رقم 3075) في التفسير، باب: ومن سورة الأعراف.
(2)
(14/ 37 رقم 6166 - الإحسان).
(3)
وهو عنده في روايته لـ «الموطأ» (2/ 69 - 70 رقم 1873).
(4)
(5/ 230 رقم 4704) في الموضع السابق.
(5)
في «العلل» (2/ 222).
(6)
وروايته عند ابن أبي عاصم في «السُّنَّة» (1/ 88 رقم 201) ومحمد بن نصر في «الرَّد على ابن محمد ابن الحنفية» ، كما في «النُّكت الظِّرَاف» (8/ 113) والخطيب في «المتفق والمفترق» (3/ 1918 رقم 1531).
وقال أبو زرعة وأبو حاتم (1): مسلم بن يَسَار لم يَسْمع عمرَ، وروايته عنه مرسلة.
زاد أبو حاتم: وبينهما نُعيم بن ربيعة (2).
(1) كما في «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 210، 211 رقم 786، 787).
(2)
وقال ابن خِرَاش، كما في «المتفق والمفترق» (3/ 1918): حديث مسلم بن يَسَار عن عمرَ ترك منه مالك نُعيم بن ربيعة، وهو الصحيح، أنَّ في الحديث نُعيمًا، وهذا مما يُعدُّ على مالك من الخطإ.
وقال الدارقطني في «الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس» (ص 156): روى مالك في «الموطأ» عن زيد بن أبي أُنَيْسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يَسَار الجُهَني: أنَّ عمرَ بن الخطاب سُئل عن قوله: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} قال: سَمِعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئل عنها
…
، الحديث. خالَفَه يزيد بن سنان وغيره، رووه عن زيد بن أبي أُنَيْسة، عن عبد الحميد، عن مسلم بن يَسَار، عن نُعيم بن ربيعة، عن عمرَ. زادوا في إسناده نُعيم بن ربيعة، ومسلم بن يَسَار لم يُدرك عمرَ ولا زمانَه.
وقال في «العلل» (2/ 222 - 223): وحديث يزيد بن سنان متصل، وهو أولى بالصواب، والله أعلم، وقد تابَعَه عمر بن جُعثُم، فرواه عن زيد بن أبي أُنَيْسة، كذلك قاله بقيَّة بن الوليد عنه.
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (6/ 3): هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد؛ لأنَّ مسلم بن يَسَار هذا لم يلق عمرَ بن الخطاب، وبينهما في هذا الحديث نُعيم بن ربيعة، وهو -أيضًا- مع هذا الإسناد لا تقوم به حجَّة، ومسلم بن يَسَار هذا مجهول.
ثم قال: وزيادة من زاد فيه نُعيم بن ربيعة ليست حجَّة؛ لأن الذي لم يَذكر أحفظ، وإنما تقبل الزيادة من الحافظ المتقن، وجملة القول في هذا الحديث: أنه حديث ليس إسناده بالقائم؛ لأنَّ مسلم بن يَسَار ونُعيم بن ربيعة جميعًا غير معروفين بحمل العلم، ولكن معنى هذا الحديث قد صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها.
وقال في «الاستذكار» (7/ 264): لم يُختَلَف على مالك في إسناد هذا الحديث، وهو حديث منقطع؛ لأن مسلم بن يَسَار هذا لم يلق عمرَ بن الخطاب، بينهما نُعيم بن ربيعة، هذا إن صح؛ لأنَّ الذي رواه عن زيد بن أُنَيْسة فذَكَر فيه نُعيم بن ربيعة ليس هو أحفظ من مالك، ولا ممن يُحتج به إذا خالَفَه مالك، ومع ذلك فإن نُعيم بن ربيعة ومسلم بن يَسَار جميعًا مجهولان غير معروفين بحمل العلم ونقل الحديث
…
، وليس هو مسلم بن يَسَار البصري العابد، وإنما هو رجل مدني مجهول.
ثم قال: هذا الحديث وإن كان عليلَ الإسناد؛ فإن معناه قد روي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة من حديث عمرَ بن الخطاب وغيره.
وقال المؤلِّف في «تفسيره» (2/ 262): الظاهر أنَّ الإمام مالكًا إنما أسقط ذِكر نُعيم بن ربيعة عمدًا، لما جَهِلَ حال نُعيم ولم يَعرِفه، فإنَّه غير معروف إلا في هذا الحديث، ولذلك يُسقِط ذِكر جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيرًا من المرفوعات، ويقطع كثيرًا من الموصولات.
قال الشيخ الألباني في «السلسلة الضعيفة» (7/ 72): وهذه فائدة عزيزة هامَّة من قِبَلِ هذا الحافظ النِّحرير، فعَضَّ عليها بالنواجذ، وفي أخذ الذُّريَّة من صُلب آدم أحاديث أخرى صحيحة أخصرُ من هذا، وقد خرَّجتُ بعضَها في «الصحيحة» (48 - 50) وليس في شيء منها مسح الظَّهر إلا في حديث لأبي هريرة مخرَّج في «ظلال الجنَّة» (204، 205)، وفي كلِّها لم تُذكَر الآية الكريمة.