الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث في الإجارة
(421)
قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده رحمه الله: ثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي خراسان، أنا أحمد بن عبَّاد بن تميم، ثنا حامد بن آدم، ثنا أبو غانم يونس بن نافع، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمرَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَعطُوا الأَجيرَ أجرَهُ ما دامَ رَشْحُهُ» .
هذا إسناد غريب، وقد اختاره الحافظ الضياء في كتابه (1)
من هذا الوجه.
(1)«المختارة» (1/ 182 - 183 رقم 90).
وقال الشيخ الألباني في «الإرواء» (5/ 321): حامد بن آدم: كذَّاب، كما قال ابن معين وغيره، وعدَّه أحمد بن علي السُّليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث
…
، والعجب من الضياء، كيف شان كتابه بإيراد حديثه فيه؟!
قلت: وقد اختُلف فيه على زيد بن أسلم:
فقيل: عن يونس بن نافع، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمرَ!
وقيل: عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمرَ مرفوعًا!
وقيل: عن عاصم بن سليمان العَبدي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار، عن أبي هريرة مرفوعًا!
وقيل: عن عثمان بن عثمان القرشي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار مرسلاً!
أما الوجه الأول: فقد ذكره المؤلِّف.
وأما الوجه الثاني: فأخرجه ابن ماجه (2/ 817 رقم 2443) في الرهون، باب أجر الأجراء، وابن بَشران في «الأمالي» (1/ 228 رقم 1400) والقضاعي في «مسند الشهاب» (1/ 433 رقم 744) والخطيب في «تلخيص المتشابه» (1/ 532) ولفظه:«أَعطوا الأجيرَ أجرَهُ قبل أنْ يجفَّ عرقُهُ» .
وإسناده ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. =
قال: ويونس بن نافع هذا: روى عنه ابن المبارك، ومعاذ بن أسد، وأبو تُمَيْلة، وغيرهم.
= وأما الوجه الثالث: فأخرجه ابن عدي (5/ 238 - ترجمة عاصم بن سليمان العَبدي) ولفظه: «أعطوا الأجير حقه قبل أن يجفَّ عرقُهُ» .
وعاصم هذا: عامَّة رواياته مناكير، كما قال ابن عدي.
وأما الوجه الرابع: فأخرجه ابن عدي -أيضًا- (5/ 173 - ترجمة عثمان بن عثمان القرشي) وابن زَنْجويه في «الأموال» (3/ 1126 رقم 2091) من طريق عثمان بن عثمان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسَار قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَعطوا الأجيرَ أجرَهُ قبلَ أنْ يجفَّ عرقُهُ» . هكذا مرسلاً!
وعثمان هذا: وثَّقه ابن معين، وقال أحمد: رجل صالح خيِّر من الثقات. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال ابن عدي: لم أر في حديثه منكرًا، ومقدار ما ذكرته هو يُروى [من] حديث غيره. وقال عنه البخاري: مضطَّرب الحديث. وقال النسائي: ليس بالقويِّ. وقال أبو حاتم: هو شيخ، يُكتب حديثه. انظر:«تهذيب الكمال» (19/ 438) و «الجرح والتعديل» (6/ 159 رقم 879). وقال الحافظ في «التقريب» : صدوق ربما وَهِمَ.
قلت: وهذا الوجه المرسل -على ضعفه- هو أصح الوجوه، وما سواه فمنكر، لا يعتدُّ به.
وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه:
وله طريقان:
الطريق الأولى: أخرجها أبو يعلى (12/ 34 رقم 6682) وابن عدي (4/ 179 - ترجمة عبد الله بن جعفر المديني) وتمام في «فوائده» (2/ 315 رقم 703 - الروض البسام) والبيهقي (6/ 121) من طريق عبد الله بن جعفر المديني، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَعطوا الأجيرَ أجرَهُ قبلَ أنْ يجفَّ عرقُهُ» .
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/ 97): رواه أبو يعلى، وفيه عبد الله بن جعفر بن نَجيح والد علي ابن المديني، وهو ضعيف.
وقد توبع عبد الله بن جعفر على روايته: فأخرجه تمام في «فوائده» (2/ 316 رقم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 704 - الروض البسَّام) وأبو نعيم في «الحلية» (7/ 142) من طريق عبد العزيز بن أبان، عن الثوري، عن سهيل بن أبي صالح، به.
قال أبو نعيم: غريب من حديث الثوري وسهيل، لم نكتبه إلا من هذا الوجه.
قلت: وعبد العزيز بن أبان: متروك، كذَّبه ابن معين. كما في «التقريب» .
الطريق الثانية: أخرجها الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/ 13 رقم 3014) وابن عدي (6/ 230 - ترجمة محمد بن عمار) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (1/ 221) والبيهقي (6/ 121) من طريق محمد بن عمَّار المؤذِّن، عن المَقْبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَعطوا الأجيرَ أجرَهُ من قبلِ أن يجفَّ عرقُهُ» .
قال الزيلعي في «نصب الراية» (4/ 130): قال ابن طاهر: والحديث يُعرَف بابن عمَّار هذا، وليس بالمحفوظ.
وتعقَّبه الشيخ الألباني، فقال في «الإرواء» (5/ 322): وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، فإن محمد بن عمَّار المؤذِّن، قال ابن المديني: ثقة. وقال أحمد: ما أرى به بأسًا. وقال ابن معين وأبو حاتم: لم يكن به بأس. وذكره ابن حبان في «الثقات» ولم يضعِّفه أحد، فلا أدري بعد هذا، ما وجه قول ابن طاهر الذي نقله الزيلعي؟! فإن مثل هذا القول: «ليس بالمحفوظ «، إنما يقال في حديث تفرَّد به ضعيف، أو خالَفَه فيه الثقات، وليس في هذا الحديث شيء من ذلك، والله أعلم. اهـ.
قلت: أو يتفرد عن إمام مشهور بما لا يُتابَع عليه، ولسعيد المَقْبري أصحاب اعتنوا بحديثه، كالليث بن سعد، وابن أبي ذِئب، وعبيد الله بن عمر، فأين كان هؤلاء عن حديث يتفرد به عنهم محمد بن عمار هذا؟! فصح ما قاله ابن طاهر، والله أعلم.
قلت: ويغني عن هذا كله ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (4/ 417، 447 رقم 2227، 2270 - فتح) في البيوع، باب إثم من باع حُرًّا، وفي الإجارة، باب إثم من منع أجر الأجير، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: ثلاثةٌ أنا خَصمُهُم يومَ القيامةِ: رجلٌ أَعطى بي ثم غَدَر، ورجلٌ باع حُرًّا فأكل ثمنَهُ، ورجلٌ استأجَرَ أجيرًا فاستَوفى منه ولم يُعطِهِ أجرَهُ» .