الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر في القَوَد بالمحدَّد، سواء كان حديدًا أو نحوه
(590)
قال أبو عبيد (1):
ثنا يزيد، عن حجَّاج بن أرطاة، عن زيد بن جُبَير، عن جَروة بن حُمَيل، عن عمرَ أنَّه قال: آللهِ! لَيَضرِبنَّ أحدُكم أخاهُ بمثلِ آكِلَةِ اللَّحمِ، ثم يُرَى أنَّي لا أُقِيدُهُ، واللهِ لأُقِيدَنَّهُ منه.
قال يزيد: قال حجَّاج: آكَلِةُ اللَّحمِ، يعني: عصًا مُحدَّدَةً.
قال الأموي: سُمِيتْ بذلك تشبيهًا لها بالسِّكين، فإنها تأكلُ اللَّحمُ.
حديث آخر
(591)
قال أبو بكر البزَّار (2): ثنا محمد (3) بن بكر بن عبد الرحمن، ثنا أبي، عن عيسى بن المختار، عن ابن أبي ليلى -وهو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى-، عن عكرمة بن خالد، عن أبي بكر بن
(1) في «غريب الحديث» (4/ 177).
وأخرجه -أيضًا- الطحاوي (3/ 189) والدارقطني في «المؤتلف والمختلف» (1/ 351) من طريق حجَّاج، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5/ 427 رقم 27677) عن شريك (وهو: النَّخَعي) عن زيد بن جُبَير، به.
وفي إسناده: جَروة بن حُمَيل، وهو مجهول، لم يرو عنه سوى زيد بن جُبَير، وذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (2/ 251 رقم 2363) وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 549 رقم 2280) وسكتا عنه، وذكره ابن حبان في «الثقات» (6/ 156) وقال: شيخ يروي عن أبيه، عن عمرَ، روى عنه أهل الكوفة.
وحُمَيل والد جَروة مجهول -أيضًا-، لم يرو عنه سوى ابنه جَروة. انظر:«التاريخ الكبير» (3/ 124 رقم 415) و «الجرح والتعديل» (3/ 314 رقم 1406).
(2)
في «مسنده» (1/ 386 رقم 261).
(3)
كذا ورد بالأصل. وفي مطبوع «البحر الزخار» ، و «كشف الأستار» (2/ 207 رقم 1531):«محمود» .
عبيد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمرَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «في الأنفِ إذا استُوعِبَ جَدعُهُ الدِّيَةُ، وفي العينِ خمسون، (1) وفي الرِّجلِ خمسون، وفي الجائفةِ (2) ثُلُثُ النَّفسِ، وفي المُنَقِّلةِ (3) خمسَ عشرةَ، وفي المُوضِحَةِ (4) خمسٌ، وفي السِّنِّ خمسٌ، وفي كلِّ إِصبعٍ ممَّا هنالك عشرٌ عشرٌ» .
ثم قال: لا نعلمه يُروى إلا من هذا الوجه (5).
قلت: هذا بعيد أن يكون صحيحًا، فإنَّ عمرَ كان يذهب إلى خلاف هذا الحديث في الأصابع أوَّلاً:
(592)
كما قال الإمام أبو عبد الله الشافعي رحمه الله (6): أنا سفيان بن
(1) زاد في المطبوع: «وفي اليد خمسون» .
(2)
الجائفةُ: الطَّعنة التي تنفذ إلى الجوف. «النهاية» (1/ 317).
(3)
المنقِّلة: الشَّجَّة التي تخرج منها صغار العظام وتنتقل عن أماكنها. وقيل: التي تنقل العظم، أي تكسره. «النهاية» (5/ 110).
(4)
المُوضِحَة: هي من الشِّجاج التي تبدي وضح العظام، أي بياضه. «النهاية» (5/ 196).
(5)
وضعَّفه الحافظ في «التلخيص الحبير» (4/ 36) فقال: وفي إسناده ضعف من جهة محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد أخرجه البيهقي [8/ 86] من وجه آخر ضعيف.
(6)
في «الرسالة» (ص 422 رقم 1160).
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (9/ 384 رقم 17698) عن الثوري. وابن أبي شيبة (5/ 368 رقم 26990) في الديات، باب كم في كل إصبع، عن عبد الله بن نُمَير. وإسحاق بن راهويه في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (2/ 282 رقم 1905) عن عبد الوهاب الثَّقَفي. وابن حزم في «المحلى» (10/ 437) من طريق حماد بن سَلَمة. والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (1/ 358 رقم 355) من طريق جعفر بن عون. جميعهم (الثوري، وابن نُمَير، وعبد الوهاب، وحماد، وابن عون) عن يحيى بن سعيد، به.
قال الحافظ في «المطالب العالية» (2/ 283): هذا إسناد صحيح متَّصل إلى سعيد بن المسيّب، فإن كان سَمِعَه من عمر رضي الله عنه فذاك.
عيينة، وعبد الوهاب الثَّقَفي، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب: أنَّ عمرَ بن الخطاب قَضَى في الإبهامِ / (ق 212) بخمسَ عشرةَ، وفي التي تليها بعشرٍ، وفي الوسطى بعشرٍ، وفي التي تلي الخنصرَ بتسعٍ، وفي الخنصرٍ بستٍّ.
فهذا أصحُ إسنادًا من هذا الذي قبله بكثير.
قال الشافعي (1):
فلما وُجِدَ كتابُ آل عمرو بن حزم فيه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «وفي كُلِّ إِصبِعٍ ممَّا هنالكَ عشرٌ من الإبلِ» ؛ صاروا إليه.
وهكذا روى النسائي (2)، عن سعيد بن المسيّب مثل هذا الكلام سواء.
(1) في الموضع السابق.
وأَسنَدَه في «الأم» (6/ 75) عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه
…
، فذكره.
وهو في «الموطأ» (2/ 417) في العقول، باب ذكر العقول.
قال ابن عبد البر في «التمهيد» (17/ 338): لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد، وقد روي مسندًا من وجه صالح، وهو كتاب مشهور عند أهل السِّير، معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها من الإسناد، لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة، وقد روى معمر هذا الحديث عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جدِّه، وذكر ما ذكره مالك سواء في الدِّيات، وزاد في إسناده:«عن جدِّه» ، وروي هذا الحديث -أيضًا- عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جدِّه بكماله، وكتاب عمرو بن حزم معروف عند العلماء، وما فيه فمتفق عليه، إلا قليلاً.
وقال الشافعي في «الرسالة» (ص 422): ولم يَقبلوا كتاب آل عمرو بن حزم -والله أعلم- حتى يَثبت لهم أنه كتاب رسول الله.
(2)
في «سننه» (8/ 427 رقم 4861) في القسامة، باب عقل الأصابع.
أثر آخر
(593)
قال علي بن حرب: ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن مسلم بن جُندب، عن أبي زيد (1) قال: سَمِعتُ عمرَ بن الخطاب يقول: في الضِّلعِ جَمَلٌ، وفي التَّرْقوةِ (2) جَمَلٌ، وفي الضِّرسِ جَمَلٌ (3).
أثر آخر
(594)
قال البيهقي (4): وقد روى يونس، عن الزهري: أنَّه قرأ في
(1) هو: أسلم مولى عمر.
(2)
التَّرقوة: هي العظم الذي بين ثُغرة النَّحر والعاتق. «النهاية» (1/ 187).
(3)
وأخرجه -أيضًا- إسحاق بن راهويه في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (2/ 282 رقم 1904) عن ابن عيينة، به.
وأخرجه عبد الرزاق (9/ 361، 367 رقم 17578، 17607) وابن أبي شيبة (5/ 365، 380 رقم 26946، 27126) في الديات، باب الترقوة ما فيها؟ وباب الضِّلَع إذا كُسر، من طريق الثوري -زاد عبد الرزاق: وابن جريج، ومعمر-. ثلاثتهم (الثوري، وابن جريج، ومعمر) عن زيد بن أسلم، به، دون قوله: وفي الضِّرس جَمَل.
وأخرجه مالك (2/ 431) في العقول، باب جامع عقل الأسنان، وعنه: الشافعي في «الأم» (7/ 234) عن زيد بن أسلم، به، وزاد: وفي الضِّرس جمل.
قال ابن حزم في «المحلى» (10/ 453): هذا إسناد غاية في الصحة عن عمرَ بن الخطاب.
وصحَّحه -أيضًا- ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 282) والشيخ الألباني في «الإرواء» (7/ 327).
قال الشافعي: في الأضراس خمس خمس، لما جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في السِّنِّ خمس، وكانت الضرس سِنًّا، وأنا أقول بقول عمرَ رضي الله عنه في التَّرقوة والضِّلَع؛ لأنه لم يخالفه أحد من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما علمته، فلم أر أن أذهب إلى رأيي فأخالفه به.
(4)
في «معرفة السُّنن والآثار» (12/ 123).
ووَصَله أبو داود في «المراسيل» (ص 211 رقم 257) من طريق يونس بن يزيد الأَيلي. ومحمد بن نصر المروزي في «السُّنة» (ص 66 رقم 235) من طريق شعيب بن أبي حمزة. كلاهما (يونس، وشعيب) عن الزهري، به.
وهذا مرسل صحيح الإسناد، وقد قال الإمام أبو داود عقب روايته: أُسنِدَ هذا ولا يصح، رواه يحيى بن حمزة، عن سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جدِّه.
كتابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي كَتَبه لعمرو بن حزم: «وفي الأذنِ خمسونَ من الإبلِ» .
قال: وروينا عن عمرَ (1)، وعلي (2) أنهما قَضَيا بذلك.
أثر آخر
(595)
قال الشافعي (3): أنا محمد بن الحسن (4)، أنا محمد بن أبان، عن حماد، عن إبراهيم، عن عمرَ وعليٍّ رضي الله عنهما أنهما قالا: عَقْلُ المرأةِ على النِّصفِ من عَقْلِ (5) الرَّجلِ في النَّفسِ، وفيما دونَهَا.
هذا منقطع بين إبراهيم وبينهما.
(596)
وقال الشافعي (6) فيما بَلَغه عن شعبة (7)، عن الأعمش، عن
(1) أخرجه عبد الرزاق (9/ 324 رقم 17395) عن معمر، عن ابن طاوس عن أبيه: أنَّ عمرَ بن الخطاب قَضَى في الأُذُن إذا استُؤصِلَت نصفَ الدِّيةِ.
وهذا منقطع، طاوس لم يَسْمع من عمر. قاله أبو زرعة. انظر:«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 100 رقم 357).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (9/ 323 رقم 17389) وابن أبي شيبة (5/ 353 رقم 26826) في الديات، باب الأذن ما فيها من الدية، وابن حزم في «المحلى» (10/ 442) والبيهقي (8/ 85) من طريق أبي إسحاق السَّبيعي، عن عاصم بن ضَمرة، عن عليٍّ قال: في الأُذُن نصف الدِّية.
(3)
في «الأم» (7/ 311).
(4)
وهو في «الحجَّة على أهل المدينة» (4/ 284).
(5)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «دية» .
(6)
في «الأم» (7/ 177).
(7)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «أخبرنا شعبة» !
شقيق، عن عبد الله بن مسعود في جراحاتِ الرِّجالِ والنساءِ: تَستوي في السِّنِّ والمُوضِحَة، وما خلا فعلى النِّصفِ (1).
وهذا مروي عن عمرَ (2) فيما كَتَب به إلى شُريح ليَحكم به، ففَعَل.
(597)
وحديث أبي هريرة: أنَّ عمرَ استَشَارَ النَّاسَ في إملاصِ المرأةِ، فقال المغيرة بن شعبة: شَهِدتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى فيه بغُرَّة عبدٍ أو أَمَةٍ. سيأتي (3) في مسند المغيرة بن شعبة.
وقد رواه أبو عبيد في كتاب «الغريب» (4)،
عن عمرَ، فقال: ثناه حجَّاج، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، عن عمرَ: أنَّه استَشَارَهم في إملاصِ المرأةِ.
(1) وله طريق أخرى: أخرجها ابن أبي شيبة (5/ 411 رقم 27486) في الديات، باب في جراحات الرجال والنساء، عن جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الله قال: تستوي جراحات الرجال والنساء في السِّنِّ والمُوضِحَة.
(2)
علَّقه البخاري في «صحيحه» (12/ 214 - فتح) بصيغة التمريض، فقال: ويُذكر عن عمرَ: تُقَادُ المرأة من الرجل في كلِّ عَمْد يَبلغُ نفسَه فما دونها من الجراح.
ووَصَله محمد بن الحسن في «الحجَّة على أهل المدينة» (4/ 85) وسعيد بن منصور (2/ 42 رقم 1962) -ومن طريقه: الفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (2/ 832) والبيهقي (8/ 97) - عن هشيم. وابن أبي شيبة (5/ 411 رقم 27487) في الموضع السابق، عن جرير. كلاهما (هشيم، وجرير) عن المغيرة (وهو ابن مِقسم الضَّبِّي) عن إبراهيم النَّخعي قال: كان فيما جاء به عروة البارقي إلى شُريح من عند عمر رضي الله عنه
…
، فذكره.
وأعلَّه البيهقي بالانقطاع.
وقال الحافظ في «الفتح» (12/ 214): وسنده صحيح، إن كان النَّخعي سَمِعَه من شُريح.
وصحَّح إسناده الألباني في «الإرواء» (7/ 307).
(3)
انظر: «جامع المسانيد والسُّنن» (8/ 159).
(4)
(4/ 268).
وأخرجه -أيضًا- البخاري (12/ 247 رقم 6905) في الديات، باب جنين المرأة، و (13/ 298 رقم 7317، 7318 - فتح) في الاعتصام، باب ما جاء في اجتهاد القضاة بما أنزل الله تعالى، من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، عن عمرَ
…
، فذكره.
وانظر: «الفتح» (12/ 250).
قال أبو عبيد: هو أنْ تُلقِي جَنينَها قبلَ وقتِ الولادةِ ميِّتًا، يقال منه: قد أَملَصَتْ إملاصًا؛ لأنَّها تُزْلِقُهُ.
(598)
وقال إسماعيل بن عيَّاش، عن زيد بن أسلم: أنَّ عمرَ رضي الله عنه قوَّم الغُرَّةَ خمسينَ دينارًا (1).
هذا منقطع، وإسماعيل بن عيَّاش عن غير الشَّاميين لا يحتج به عند الجمهور.
/ (ق 213) حديث فيه أثر عن عمر
(599)
قال أبو داود (2): ثنا يحيى بن حكيم، ثنا عبد الرحمن بن عثمان، ثنا حسين المُعلِّم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه قال: كانت الدِّيةُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائةَ دينارٍ، و (3) ثمانيةَ آلافِ درهمٍ، وديةُ أهلِ الكتابِ يومئذٍ النِّصفُ من ديةِ المسلمين. قال: فكان ذلك كذلك حتى استُخلِفَ عمرُ، فقام خطيبًا، فقال: إنَّ الإبلَ قد غَلَت، قال: فَفَرَضَها على أهلِ الذَّهَبِ ألفَ دينارٍ، وعلى أهلِ الوَرِقِ اثني عشر ألفًا، وعلى أهلِ البقرِ مائتي بقرةٍ، وعلى أهلِ الشَّاءِ ألفي
(1) ومن هذا الوجه: أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 392 رقم 27276) في الديات، باب في قيمة الغُرَّة ما هي؟ عن إسماعيل بن عياش، به.
(2)
في «سننه» (5/ 155 رقم 4542) في الديات، باب الدية كم هي؟
(3)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «أو» ، وأشار محققه إلى أنها رواية ابن داسة.
شاةٍ، وعلى أهلِ الحُلَلِ مائتي حُلَّةٍ. قال: وتَرَك ديةَ أهلِ الذِّمَّةِ لم يَرفعها فيما رَفَع من الدِّيَةِ.
هذا إسناد جيد قوي (1)،
حجَّة في هذا الباب وغيره، والله أعلم.
قال الشافعي رحمه الله (2): لا دلالةَ في الوحي على تعدادِ إبلِ الدِّيةِ، فأخذناه عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأخذنا الذَّهبَ والوَرِقَ عن عمرَ، إذ لم نجد فيه شيئًا عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأخذنا ديةَ الحُرِّ المسلمِ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وعن عمرَ ديةَ غيرِهِ ممَّن خالفَ الإسلامَ.
والغرضُ من إيراد هذا عن الإمام الشافعي صحةُ هذا الأثرِ عنده عن عمرَ رضي الله عنه.
أثر آخر
(600)
قال الإمام الشافعي (3): أنا فضيل بن عياض، عن منصور بن
(1) في هذا نظر؛ فقد قال ابن الملقن في «البدر المنير» (8/ 442): وعبد الرحمن هذا هو: البَكراوي، ضعَّفه جماعة، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي.
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (7/ 43): هذا الحديث يَرويه غير حسين المعلِّم، عن عمرو بن شعيب، لا يَتَجاوزه به، لا يقول فيه:«عن أبيه، عن جدِّه» .
(2)
انظر: «الأم» (6/ 105).
(3)
في «الأم» (7/ 324).
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (6/ 127 رقم 10221) و (10/ 93 رقم 18479) وأحمد في «العلل ومعرفة الرجال» (1/ 284 رقم 457 - رواية عبد الله) وفي «مسائله» (2/ 229 رقم 809 - رواية صالح) والطبري في «تفسيره» (5/ 214) والدارقطني (3/ 131، 146، 170) والبيهقي (8/ 100، 101) وفي «معرفة السُّنن والآثار» (12/ 142) من طريق ثابت بن هُرمز، به.
وصحَّح إسناده البيهقي في «المعرفة» ، وابن الملقِّن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 281).
المعتمر، عن ثابت -وهو: ابن هُرمز الحدَّاد-، عن سعيد بن المسيّب قال: كان عمرُ يجعل ديةَ اليهودي والنصراني أربعةَ آلافٍ، والمجوسي ثمانِمائةٍ.
وهكذا رواه قتادة (1)،
ويحيى بن سعيد الأنصاري (2)، عن سعيد بن المسيّب.
(1) رواه عنه سعيد بن أبي عَروبة، واختُلف عليه:
فقيل: عنه، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن عمرَ!
وقيل: عنه، عن قتادة، عن أبي المَلِيح، عن عمرَ!
أما الوجه الأول: فأخرجه أحمد في «مسائله» (2/ 241 رقم 832 - رواية صالح) من طريق محمد بن جعفر. والخلَاّل في «أحكام أهل الملل» (ص 305 رقم 858) والدارقطني (3/ 120) من طريق يحيى بن سعيد. والطبري في «تفسيره» (5/ 214) من طريق ابن أبي عدي. ثلاثتهم (محمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد، وابن أبي عدي) عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، به.
وأما الوجه الثاني: فأخرجه الطبري في الموضع السابق، من طريق ابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، به.
والوجه الأول أصح؛ لأنَّ ابن أبي عَروبة ممَّن اختَلَط، وسماع يحيى القطان منه قبل اختلاطه، بخلاف ابن أبي عدي، فقد سَمِعَ منه بعد الاختلاط. انظر:«الكواكب النيِّرات» (ص 196).
زد على هذا: أن أبا المَلِيح لم يَسْمع من عمر، فقد أورده الحافظ في الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين، كالحسن وابن سيرين.
(2)
أخرجه أحمد في «العلل ومعرفة الرجال» (1/ 285 - رواية عبد الله) والدارقطني (3/ 170) من طريق شريك، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيّب، عن عمرَ
…
، فذكره.
وقد ردَّ الإمام أحمد هذه الرواية، فقال: هذا حديث ثابت الحدَّاد، رواه الحكم عنه، وأَنكَرَ أن يكون هذا من حديث يحيى بن سعيد.
أثر آخر
(601)
روى البيهقي (1) من حديث ليث، عن مجاهد: أنَّ عمرَ بن الخطاب قَضَى فيمن قُتِلَ في الحَرَمِ، أو في الشهرِ الحرامِ، أو وهو مُحْرِمٌ بالدِّيةِ، / (ق 214) وثُلُثِ الدِّيةِ.
هذا منقطع أيضًا (2).
(1) في «سننه» (8/ 71).
(2)
وقد خلَّط ليث في إسناده، فرواه كما سبق.
ورواه مرَّة، فجعله من مسند ابن عمر! وروايته عند الفاكهي في «أخبار مكة» (3/ 355 رقم 2188).
قال الحافظ في «التلخيص الحبير» (4/ 33): وهو منقطع، وراويه ليث بن أبي سُليم ضعيف.
وفي الباب عن عثمان وابن عباس رضي الله عنهم:
أما أثر عثمان: فأخرجه عبد الرزاق (9/ 298 رقم 17282، 17283) عن معمر، والثوري، وابن عيينة. والبيهقي في «سننه» (8/ 71) من طريق ابن عيينة. ثلاثتهم (معمر، والثوري، وابن عيينة) عن ابن أبي نَجيح، عن أبيه: أنَّ رجلاً أوطأ امرأة بمكة في ذي القعدة فقتلها، فقَضَى فيها عثمانُ رضي الله عنه بديةٍ وثُلُث.
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنَّ أبا نَجيح، واسمه يَسَار لم يَسْمع من عثمان، فهو من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين، فالإسناد منقطع.
وأما أثر ابن عباس: فأخرجه البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (12/ 97 - 98 رقم 16010) عن أبي عبد الله، أخبرنا أبو الوليد، حدثنا عبد الله بن شيرويه، أخبرنا إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي زيد، عن نافع بن جُبَير قال: قال ابن عباس: يزاد في دية المقتول في أشهر الحرام.
وفي إسناده: عبد الرحمن بن أبي زيد، وهو: عبد الرحمن ابن البَيْلَمَاني، قاله ابن أبي حاتم.
وابن البَيْلَمَاني هذا: قال عنه الدارقطني: ضعيف، لا تقوم به حجة. وقال الأزدي: منكر الحديث، يروي عن ابن عمرَ بواطيل. وقال صالح جزرة: حديثه منكر، ولا يُعرَف أنه سَمِعَ من أحد من الصحابة إلا من سُرَّق. انظر:«الجرح والتعديل» (5/ 216 رقم 1018) و «تهذيب التهذيب» (6/ 150).
وقد قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (7/ 141): وَرَدَ التوقيف في الدِّيات عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يَذكر فيه الحرم، ولا الشهر الحرام، فأجمعوا على أنَّ الكفَّارة على من قتل خطأ في الشهر الحرام وغيره سواء، فالقياس أن تكون الدِّية كذلك.
أثر آخر
(602)
وروى البيهقي -أيضًا- (1) من حديث جابر الجُعفِي، عن الحكم، عن عمرَ بن الخطاب قال: عَمدُ الصَّبيِّ وخَطَؤُهُ سواءٌ.
منقطع، بل معضل، وجابر بن يزيد الجُعفِي: ضعيف (2).
(603)
فأما الحديث الذي رواه أحمد (3)، عن سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيّب: أنَّ عمرَ قال: الدِّيةُ للعاقلةِ، ولا تُورَّثُ المرأةُ من ديةِ زوجِها، حتى أَخبَرَه الضحَّاك بن سفيان الكِلَابي: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كَتَب إليَّ أنْ أُورِّثَ امرأةَ أَشْيَمَ الضِّبابي من دِيةِ زوجِها، فرَجَع عمرُ عن قولِهِ؛ فرواه أهل السُّنن -أيضًا- (4) من حديث الزهري.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
(1) في «سننه» (8/ 61).
(2)
لكن أخرج عبد الرزاق (9/ 475 رقم 18068) عن معمر، عن الزهري أنه قال: مَضَت السُّنةُ أنَّ عَمْد الصبيِّ خطأ.
(3)
في «مسنده» (3/ 452 رقم 15746).
(4)
أخرجه أبو داود (3/ 423 رقم 2927) في الفرائض، باب في المرأة ترث من دية زوجها، والترمذي (4/ 19، 371 رقم 1415، 2110) في الديات، باب ما جاء في المرأة هل ترث من دية زوجها؟ وفي الفرائض، باب ما جاء في ميراث المرأة من دية زوجها، والنسائي في «الكبرى» (4/ 78 - 79 رقم 6363 - 6365) وابن ماجه (2/ 883 رقم 2642) في الديات، باب الميراث من الدية.
وسيأتي (1) في مسند الضحَّاك -أيضًا-، إن شاء الله.
أثر آخر
(604)
قال ابن أبي الدُّنيا (2):
حدثنا أبو بلال الأشعري، ثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن زيد بن وهب قال: خَرَج عمرُ بن الخطاب ذاتَ يومٍ إلى سوقِ المدينةِ، فجعل يقول: يا عُمَرَاهُ، يَالَبَّيْكَاهُ. قال: فسأَلنَاهُ عن خبرِهِ، فقيل لنا: إنَّ عاملاً من عُمَّالِهِ أَمَرَ رجلاً أنْ يَنزلَ في وادٍ يَنظرُ كم عُمقُهُ؟ فقال الرَّجل: إنِّي أخافُ. فضَرَبَهُ، فنَزَل، فلما خَرَج كَزَّ (3) فمات، فنادى: يا عُمَرَاهُ! فبعث عمرُ إلى الوالي: أَمَا لولا أنِّي أخافُ أنْ تكونَ سُنَّةً بعدي؛ لَضَرَبتُ عُنُقَكَ، ولكن ما تَبرَحُ حتى تُؤدِّيَ دِيتَهُ، والله لا أُولِّيكَ أبدًا.
/ (ق 215) إسناده جيد قوي.
أثر آخر
(605)
روى الحافظ أبو بكر البيهقي (4)
من حديث مَطَر الورَّاق، عن
(1) انظر: «جامع المسانيد والسُّنن» (4/ 352 رقم 5396، 5397).
(2)
لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة.
وأخرجه -أيضًا- عمر بن شَبَّة في «تاريخ المدينة» (3/ 812 - 813) من طريق أبي معاوية. والبيهقي (8/ 322 - 323) من طريق يعلى بن عبيد. كلاهما (أبو معاوية، ويعلى) عن الأعمش، به، بنحوه.
(3)
كَزَّ: من الكزاز، وهو داء يتولد من شدة البرد، وقيل: هو نفس البرد. «النهاية» (4/ 170).
(4)
لم أقف عليه مسندًا في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة، وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (9/ 458 رقم 18010) عن معمر، عن مَطَر الورَّاق، به، بنحوه.
وأخرجه -أيضًا- الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (2/ 122 رقم 748) من طريق الحسن بن دينار، عن الحسن، به.
وانظر: «سنن البيهقي» (6/ 123).
الحسن البصري (1) قال: أَرسَلَ عمرُ إلى امرأةٍ مَغيبةٍ (2) كان يُدخَلُ عليها، فأَنكَرَ ذلك، فقيل لها: أجيبي عمرَ، قالت: ياويلَهَا! مالَهَا ولعمرَ، فبينما هي في الطريقِ ضَرَبَها الطَّلقُ، فدَخَلتْ دارًا، فأَلقَتْ وَلَدَها، فصاح الصبيُّ صيحتين ومات، فاستشار عمرُ الصحابةَ، فأشار عليه بعضُهم أنْ ليس عليك شيءٌ، إنما أنت والٍ ومؤدِّبٌ. قال: ما تقولُ يا علي؟ قال: إنْ كانوا قالوا ذلك برأيهم؛ فقد أخطأوا رأيَهم، وإن كانوا قالوه في هواك؛ فلم يَنصحوا لك، أرى أنَّ دِيتَهُ عليك؛ لأنك أنت أفزعتَهَا، وأَلقَتْ وَلَدَها في سبيلِكَ. فأَمَرَ عليًّا أن يَقسِمَ عَقْلَهُ على قريشٍ، فأخذ عَقْلَهُ من قريشٍ لأنَّه أخطأَ.
هذا مشهور متداول، وهو منقطع، فإنَّ الحسن البصري لم يُدرك عمرَ.
وفيه دلالةٌ على أنَّ ما يجب بخطإ الإمام يجبُ على عاقلته، وهو أحد قولي الشافعي، وأهل العلم.
أثر آخر
(606)
روى الدارقطني (3)، والبيهقي (4) من حديث عبد الملك بن حسين، عن عبد الله بن أبي السَّفَر، عن الشَّعبي، عن عمرَ بن الخطاب أنَّه قال: العمدُ، والعبدُ (5)، والصلحُ، والاعترافُ، لا تَعقِلُهُ العاقلةُ.
(1) ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين الحسن وعمر.
(2)
المغيبة: التي غاب عنها زوجها. «النهاية» (3/ 399).
(3)
في «سننه» (3/ 177).
(4)
في «سننه» (8/ 104).
(5)
قال البيهقي في «سننه» (8/ 104): معناه: أن يَقتل العبدُ حُرًّا، يقول: فليس على عاقلة مولاه شيء من جناية عبده، وإنما جنايته في رقبته.
هذا منقطع، وعبد الملك هذا: تكلَّموا فيه (1).
قال البيهقي: والمحفوظ: رواية ابن إدريس (2)، عن مُطرِّف، عن الشَّعبي، قولَه.
أثر آخر
(607)
روى البيهقي -أيضًا- (3) من حديث الشَّعبي قال: جعل عمرُ بن الخطاب الدِّيةَ في ثلاثِ سنينَ، وثلثي الدِّية في سنتين، ونصفَ الدِّيةِ في سنتين، وثُلُثَ الدِّيةِ في سَنَةٍ.
/ (ق 216) وهذا منقطع أيضًا.
(608)
وقد رواه الحسن بن عُمارة، عن واصل الأَحدب، عن المعرور بن سُوَيد، عن عمرَ، نحوه (4).
لكن الحسن بن عمارة هذا: متروك.
(1) قال عنه ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم. وقال النسائي: ليس بثقة، ولا يُكتب حديثه. وضعَّفه أبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو داود. انظر:«الجرح والتعديل» (5/ 347 رقم 1641) و «تهذيب الكمال» (34/ 247).
لكن أخرج مالك في «الموطأ» (2/ 435) في العقول، باب ما يوجب العقل على الرجل في خاصة ماله، عن الزهري قال: مضت السُّنة أنَّ العاقلةَ لا تحمل شيئًا من دية العَمد، إلا أن يشاءوا ذلك.
(2)
ومن هذا الوجه: أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 405 رقم 27420) في الديات، باب العمد والصلح والاعتراف، والبيهقي (8/ 104).
(3)
في «سننه» (8/ 109 - 110) من طريق ابن وهب، عن الثوري، عن أشعث بن سوَّار، عن الشَّعبي، به.
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (9/ 420 رقم 17858) وابن أبي شيبة (5/ 405 رقم 27429) في الديات، باب الدية في كم تؤدَّى؟ من طريق أشعث، به.
(4)
ومن هذا الوجه: أخرجه البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (12/ 160).
وقد حكى الترمذيُّ (1) الإجماعَ على القول بمقتضى هذا.
ونَسَبَهُ الإمام الشافعي (2) إلى حُكم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (3).
(1) في «سننه» (4/ 6).
(2)
في «الأم» (6/ 112) و «الرسالة» (ص 528 رقم 1536).
(3)
وقد نوزع الإمام الشافعي في نسبته ذلك الحكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن المنذر في «الأوسط» (ل 212/أ - نقلا عن رسالة «أقضية الخلفاء الراشدين» (1/ 666): ليس عندنا في هذا عن رسول الله صلى الله عليه حديث، ولا لقيتُ أحدًا من أصحابنا ذكر ذلك لي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلُّ من لقيته من أهل العلم يَذكر في هذا الباب حديث عمر، ولو كان عندهم في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء لاستغنوا به، وقد أنكر أحمد بن حنبل وهو من عِلم الحديث بمكانة أن يكون فيه حديث يعرفه
…
، ولعلَّ الشافعي إنما سَمِعَ ذلك من إبراهيم ذاك المديني فظنَّ به خيرًا.
قلت: لكن قال إسحاق بن راهويه، كما في «مسائل الكوسج» (2/ 259): وإن لم يكن الإسناد متصلاً عن عمرَ رضي الله عنه، فهو أقوى من غيره.