الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر في الاستبراء
(1)
(571)
قال أبو عبد الله محمد بن عيسى بن الحسن البغدادي -المعروف بابن العلَاّف- في «جزئه» : ثنا أبو الحسن عمر بن أحمد السني، ثنا أبو همام، ثنا ابن المبارك، ثنا خالد الحذَّاء، عن أبي قِلَابة قال: كَتَب عمرُ إلى أبي موسى الأشعري حين افتَتَح تُسْتَر (2): إنَّ الماءَ يزيدُ في الوَلَدِ، فلا تُشارِكوا المشركينَ في أولادِهم.
هذا منقطع (3).
وقال الأوزاعي: إذا اشترى الرَّجلُ الجاريةَ من السَّبي وهي حاملٌ؛ فقد روي عن عمرَ بن الخطاب أنَّه قال: لا تُوطأُ حاملٌ حتى تَضَعَ.
رواه الترمذي في السِّير (4)، عن علي بن خَشْرم، عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، به.
وهو معضل، وقد روي من وجه آخر، مرفوعًا (5).
(1) انظر ما تقدَّم تعليقه (ص 113) تعليق رقم 1.
(2)
تُسْتَر: بضم أوله وإسكان ثانيه وفتح التاء بعدها، مدينة بجوزستان. «معجم البلدان» (2/ 29).
(3)
وله طريق أخرى: أخرجها ابن أبي شيبة (4/ 29 رقم 17459) في النكاح، باب ما قالوا في الرجل يشتري الجارية وهي حامل
…
، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (2/ 879 رقم 2469) من طريق أشعث بن سوَّار، عن الحسن قال: لمَّا فُتِحَت تُستَر أصاب أبو موسى سبايا، فكَتَب إليه عمرُ: ألا يَقَعَ أحدٌ على امرأةٍ حتى تَضَعَ، ولا يُشارِكوا المسلمينَ أولادَهم، فإنَّ الماءَ تمامُ الولدِ.
…
وهذا منقطع؛ الحسن لم يَسْمع من أبي موسى. قاله ابن المديني في «العلل» له (ص 54).
(4)
من «سننه» (4/ 113) باب ما جاء في كراهية وطء الحبالى من السبايا.
(5)
روي من حديث أبي سعيد الخُدْري، وابن عباس رضي الله عنهم:
أما حديث أبي سعيد الخُدْري: فأخرجه أبو داود (3/ 52 رقم 2157) في النكاح، باب في وطء السبايا، وأحمد (3/ 28، 62، 87) والدارمي (3/ 1474 رقم 2341) في الطلاق، باب في استبراء الأمة، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (8/ 53، 55 رقم 3048، 3049) والدارقطني (4/ 112) والحاكم (2/ 195) من طريق شريك القاضي، عن قيس بن وهب -زاد بعضهم: وأبي إسحاق السَّبيعي- عن أبي الودَّاك، عن أبي سعيد الخُدْري قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُؤطأُ حاملٌ حتى تَضَعَ، ولا غيرَ ذاتِ حملٍ حتى تحيضَ حيضةً» .
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
وحسَّنه ابن عبد الهادي في «تنقيح التحقيق» (1/ 243) والحافظ في «التلخيص الحبير» (1/ 172).
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (18/ 279): طريقه صالح حسن، يحتج بمثله.
وضعَّفه ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 122) لحال شريك.
وقال ابن حزم في «المحلى» (10/ 319): خبر أبي الودَّاك ساقط؛ لأنَّ أبا الودَّاك وشريكًا ضعيفان (!)
قلت: أمَّا إعلاله بأبي الودَّاك (وهو جَبر بن نَوف) فغير سديد، بل هو ثقة، وثَّقه ابن معين، وأبو حاتم الرازي، وقال النسائي: صالح. انظر: «تهذيب الكمال» (4/ 495).
وأمَّا إعلاله بشريك؛ فمسلَّم، ولذا قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (1/ 200) بعد ذكر تحسين الحافظ له: ولعلَّ ذلك باعتبار ماله من الشواهد.
قلت: لكن ذِكر الحيضة فيه غير محفوظ، كما نبَّه على ذلك الإمام أبو داود في «سننه» (3/ 53).
وأما حديث ابن عباس: فأخرجه النسائي (7/ 346 رقم 4659) في البيوع، باب بيع المغانم قبل أن تقسم، والدارقطني (3/ 68) والحاكم (2/ 137) من طريق يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المغانم حتى تُقسمَ، وعن الحَبَالى أن يُوطَأنَ حتى يَضَعن ما في بطونهن، وعن لحمِ كلِّ ذي نابٍ من السِّباعِ.
قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذَّهبي.
وأقرَّهما الشيخ الألباني في «الإرواء» (1/ 201).
أمَّا قول عمر بن الخطاب (1):
كيف نترك كتابَ ربِّنا لقول امرأة؟! فسيأتي (2) في مسند فاطمة بنت قيس في حديثها الدالِّ على المنع من الإنفاق على المبتوتة وإسكانِها (3)، وعمر أَنكَرَ ذلك، وجعل لها السُّكنى، وفَهِمَ من ظاهر الكتاب الوجوبَ.
(1) كذا جاء هذا الأثر في هذا الموضع.
وقول عمر هذا: أخرجه مسلم في «صحيحه» (2/ 1118 رقم 1480)(46) في الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، من طريق أبي إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالسًا في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبي، فحدَّث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سُكنى ولا نفقة، ثم أخذ الأسود كفًّا من حصى، فحَصَبه به، فقال: ويلك! تحدِّث بمثل هذا! قال عمرُ: لا نترك كتاب الله، وسُنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم لقول امرأةٍ، لا ندري لعلَّها حَفِظتْ أو نَسِيتْ، لها السُّكنى والنَّفقةَ، قال الله عز وجل:{لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} .
وقد أعلَّ هذا الخبرَ الإمامُ أحمد، فقال أبو داود: قلت لأحمد: تذهب إلى حديث فاطمة ابنة قيس طلَّقها زوجها؟ قال: نعم، فذُكِرَ له قول عمرَ: لا نَدَعُ كتابً ربِّنا وسنَّةً نبيِّنا، فقال: كتابُ ربِّنا أيُّ شيء هو؟! قال الرجل: {أسكنوهن من حيث سكنتم} قال: هذا لمن يملك الرَّجعة. قال أبو داود: قلت: يصحُّ هذا الحديث عن عمرَ؟ قال: لا.
وقال ابن هانئ: قال أحمد: حديث فاطمة إنما هو حُكم فيها، لا في غيرها، وإنما تكون السُّكنى والنفقة على من يملك الرجعة، أما المطلقة ثلاثًا فلا سُكنى ولا نفقة.
انظر: «مسائل الإمام أحمد» (ص 252 رقم 1213 - رواية أبي داود) و (1/ 246 - رواية ابن هانئ).
(2)
يعني: في كتابه «جامع المسانيد والسُّنن» ، ومسانيد النساء ليس في المطبوع.
(3)
أخرجه مسلم (2/ 1114 رقم 1480)(37) في الموضع السابق، من حديث فاطمة رضي الله عنها: أنَّه طلَّقها زوجُها في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان أَنفَقَ عليها نفقةَ دُونٍ، فلمَّا رأت ذلك، قالت: والله لأُعلِمنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان لي نفقةٌ أخذتُ الذي يُصلِحني، وإن لم تكن لي نفقةٌ؛ لم آخذْ منه شيئًا. قالت: فذَكَرتُ ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا نفقةَ لكِ ولا سُكنى.
وهو قول عائشة (1)، وطائفة من السَّلف.
وهو مذهب الإمام الشافعيِّ، وجماعة من الأئمَّة والعلماء، والله أعلم.
(1) أخرجه البخاري (9/ 477، 481 رقم 5321 - 5328 - فتح) في الطلاق، باب قصة فاطمة بنت قيس، وباب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم عليها
…
، ومسلم (2/ 1120 رقم 1481) في الطلاق، باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، من طريق عروة بن الزُّبير قال: تزوَّج يحيى بنُ سعيد بن العاص بنتَ عبد الرحمن بن الحكم، فطلَّقها، فأخرجها من عنده، فعاب ذلك عليهم عروة، فقالوا: إنَّ فاطمةَ قد خَرَجَتْ. قال عروة: فأتيتُ عائشةَ، فأخبرتُها بذلك، فقالت: ما لفاطمةَ بنتِ قيسٍ خيرٌ في أن تَذكُرَ هذا الحديثَ.