الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن سورة يوسف
(838)
قال الحافظ أبو يعلى الموصلي (1):
ثنا عبدالغفار بن عبد الله بن الزبير، / (ق 321) ثنا علي بن مُسْهِر، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن خليفة بن قيس، عن خالد بن عُرفُطَة قال: كنتُ جالسًا عند عمرَ، إذ أُتِيَ برجل من عبد القيس مَسْكنه بالسُّوس (2)، فقال له عمر: أنت فلان بن فلان العَبدي؟ قال: نعم. قال: وأنت النازل بالسُّوس؟ قال: نعم. فضَرَبه بقَنَاة معه. قال: فقال الرَّجل: مالِي يا أميرَ المؤمنين؟ فقال له عمر: اجلس. فجَلَس، فقرأ عليه: بسم الله الرحمن الرحيم {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)} (3)، فقرأها عليه ثلاثًا، وضَرَبه ثلاثًا. فقال له الرَّجل: مالِي يا أميرَ المؤمنين؟ فقال: أنت الذي نَسَختَ كتاب دانيال؟ قال: مُرني بأمرك أتبعْه. قال: انطلق، فامْحُهُ بالحميم والصوف الأبيض، ثم لا تقرأه، ولا تُقرِئهُ أحدًا من الناس، فلئن
(1) لم أجده في المطبوع من «مسنده» ، وهو من رواية ابن حمدان، وأورده الهيثمي في «المقصد العلي» (1/ 59 رقم 62 - رواية ابن المقرئ).
ومن طريق أبي يعلى: أخرجه الضياء في «المختارة» (1/ 215 رقم 115) والخطيب في «تقييد العلم» (ص 51).
وأخرجه -أيضًا- ابن أبي حاتم في «تفسيره» (7/ 2100 رقم 11324) والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (2/ 21) والمستَغفِري في «فضائل القرآن» (1/ 279 - 280 رقم 280) من طريق علي بن مُسْهِر، به.
(2)
السُّوس: بلدة بخوزستان، فيها قبر دانيال النبيِّ عليه السلام. «معجم البلدان» (3/ 280).
(3)
يوسف: 1 - 3
بَلَغني عنك أنك قرأتَه أو أقرأتَه أحدًا من الناس لأُنهكنَّك (1) عقوبة. ثم قال له: اجلس. فجَلَس بين يديه.
فقال: انطلقتُ أنا فانتَسَختُ كتابًا من أهل الكتاب، ثم جئتُ به في أديم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما هذا في يَدِكَ يا عمر؟» ، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، كتابٌ نَسَختُهُ لنزدادَ به علمًا إلى عِلمنا، فغضب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرَّت وَجنَتَاه، ثم نودي بالصلاة جامعة، فقالت الأنصار: أُغضِبَ نبيُّكم صلى الله عليه وسلم؟ السِّلاحَ! / (ق 322) السِّلاحَ! فجاءوا حتى أحدَقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«يا أيُّها الناسُ، إنِّي قد أُوتيتُ جوامِعَ الكَلِمِ وخواتيمَه، واختُصِرَ لي اختصارًا، ولقد أَتيتُكُم بها بيضاءَ نقيَّةً، فلا تَتَهوَّكُوا (2)، ولا يَغُرَنَّكُمُ المُتَهَوِّكُون» ، قال عمرُ: فقمتُ، فقلتُ: رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبك رسولاً، ثم نزل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث غريب من هذا الوجه، فإنَّ عبد الرحمن بن إسحاق هذا هو: أبو شيبة الواسطي، وقد ضعَّفه أحمد، ويحيى، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم (3).
(1) النَّهْك: المبالغة في العقوبة. «مختار الصحاح» (ص 392 - مادة نهك).
(2)
التهوك: التهور، وهو الوقوع في الأمر بغير روية، والمتهوك: الذي يقع في كل أمر. وقيل: هو المتحير. «النهاية» (5/ 282).
(3)
انظر: «العلل ومعرفة الرجال» للإمام أحمد (2/ 286 رقم 2278 - رواية عبد الله) و «تاريخ ابن معين» (2/ 244 - رواية الدُّوري) و «الضعفاء الصغير» للبخاري (ص 72 رقم 203) و «الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص 206 رقم 358) و «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (5/ 213 رقم 1001) و «تهذيب الكمال» (18/ 515 - 518).
وزَعَم الحافظ الضياء في كتابه «المختارة» (1) أنه الذي روى له مسلم، وليس كما قال.
وأما شيخه خليفة بن قيس، فقال فيه أبو حاتم الرازي (2): شيخ، ليس بالمعروف.
وقال البخاري (3): لم يصح حديثه.
قلت: لكن قد روي نحوه من طريق أخرى:
(839)
كما قال الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي: أخبرني الحسن بن سفيان، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزَّبيدي، حدثني عمرو بن الحارث، ثنا عبد الله بن سالم الأشعري، عن الزَّبيدي، ثنا سُليم بن عامر: أنَّ جُبَير بن نُفَير حدَّثهم: أنَّ رجلين تحابَّا بحمص في خلافة عمرَ، فأرسل إليهما فيمن أرسَلَ من أهل حمص، وكانا قد اكتتبا من اليهود ملء صِفتة (4)، فأخذا (5) معهما يستفتيان فيها أمير المؤمنين، ويقولان: إنْ رَضِيها لنا أميرُ المؤمنين ازددنا فيها رغبةً، وإنْ نهانا عنها رفضناها. / (ق 323) فلما قَدِما عليه قالا: إنَّا بأرض أهل الكتابين، وإنَّا نسمع منهم كلامًا تقشعر منه جلودُنا، أفنأخذُ منه أو نترك؟ قال: لعلَّكما كَتَبتما منه شيئًا؟ فقالا: لا. قال: سأحدِّثكما، إنِّي انطَلَقت في حياة النبيِّ صلى الله عليه وسلم حتى أتيتُ خبيرَ، فوَجَدتُ يهوديًا يقول قولاً
(1)(1/ 217).
(2)
كما في «الجرح والتعديل» (3/ 376 رقم 1717).
(3)
في «التاريخ الكبير» (3/ 192 رقم 650).
(4)
كذا ورد بالأصل. وفي مصادر التخريج: «صفنة» ، والصُّفن: خريطة تكون للراعي فيها طعامه وزناده وما يحتاج إليه. «النهاية» (3/ 39).
(5)
كذا ورد بالأصل. وفي بعض مصادر التخريج: «فأخذاها» ، وهو أنسب.
أعجبني، فقلتُ: هل أنت مُكتِبي ما تقول؟ قال: نعم، فأتيته بأَديم، فأخذ يُمل عليَّ حتى كتبتُ في الأكرع، فلما رجعتُ، قلتُ: يا نبيَّ الله
…
، وأخبرتُه، قال:«ائتِنِي به» ، فانطلقتُ أرغبُ عن المشي، رجاءَ أن أكونَ جئتَ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم ببعض مايحبُّ.
فلمَّا أَتيتُ به، قال:«اجلس، اقرأ عليَّ» ، فقرأتُ ساعةً، ثم نَظَرتُ إلى وجهه، فإذا هو يتلَّون، فتحيَّرت من الفَرَقِ، فما استطعتُ أُجِيز منه حرفًا، فلما رأى الذي بي دفعتُه، ثم جعل يَتبعُهُ رسمًا رسمًا فيمحوه بريقه، وهو يقول:«لا تَتَّبِعوا هؤلاءِ، فإنَّهم قد هَوَّكُوا وتَهَوَّكُوا» ، حتى محا آخرَه حرفًا حرفًا، قال عمرُ: فلو عَلِمتُ أنَّكما كتبتما منه شيئًا؛ جعلتكما نكالاً لهذه الأمَّة. قالا: والله ما نكتبُ منه شيئًا أبدًا، فخَرَجا بصُفتيهما، فحَفَرا لها في الأرض، فلم يألو أن تعمَّقا، ودَفَناها، فكان آخرَ العهد منها.
وهكذا رواه الثوري، عن جابر بن يزيد الجُعفِي، عن الشَّعبي، عن عبيد الله (1) بن ثابت الأنصاري، عن عمرَ، بنحوه (2).
(1) كذا ورد بالأصل. والصواب: «عبد الله» ، كما في مصادر التخريج.
(2)
هذا الأثر يَرويه الشعبي، واختُلف عليه:
فقيل: عنه، عن عبد الله بن ثابت، عن عمرَ!
وقيل: عنه، عن جابر بن عبد الله، عن عمرَ!
أما الوجه الأول: فأخرجه عبد الرزاق (6/ 113 رقم 10164) -وعنه أحمد (3/ 470) و (4/ 265) - عن الثوري، به. ولفظه: جاء عمرُ بن الخطاب إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنِّي مررتُ بأخ لي من قريظة، وكَتَب لي جوامعَ من التوراة، أفلا أعرضُها عليك؟ قال: فتغيَّر وجهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
، الحديث، وفيه: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لو أصبح فيكم موسى ثم اتَّبعتموه وتَرَكتموني؛ لَضَلَلتم، أنتم حظِّي من الأُمم، وأنا حظُّكم من النبيين» .
وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف جابر الجُعفِي.
وأما الوجه الثاني: فأخرجه أحمد (3/ 387) -واللفظ له- وابن أبي عاصم في «السُّنَّة» (1/ 26 رقم 50) وأبو يعلى (4/ 102 رقم 2135) وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2/ 805 رقم 1497) من طريق مُجالِد، عن الشَّعبي، عن جابر بن عبد الله: أنَّ عمرَ بن الخطاب أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم بكتابٍ أصابه من بعض أهل الكتاب، فقَرَأه على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فغضب، وقال: أمتهوِّكون فيها يا ابنَ الخطابِ، والذي نفسي بيده، لقد جئتُكم بها بيضاءَ نقيةً، لا تسألوهم عن شيء فيُخبروكم بحق فتكذِّبوا به، أو بباطل فتُصدِّقوا به، والذي نفسي بيده، لو أنَّ موسى كان حيًّا ما وَسِعَه إلا أن يتبعني.
وإسناده ضعيف؛ لضعف مُجالِد.
وقد ضعَّف هذا الحديثَ الإمامُ البخاري، كما في «الإصابة» لابن حجر (6/ 29).
وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (6/ 121 - بهامش الإصابة): حديث مضطرب.
وقد أخرج البخاري في «صحيحه» (5/ 291 رقم 2685 - فتح) في الشهادات، باب لا يُسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: يا معشرَ المسلمين، كيف تسألون أهلَ الكتاب، وكتابُكم الذي أُنزِلَ على نبيِّه صلى الله عليه وسلم أَحدَثُ الأخبارِ بالله، تَقرؤونه لم يُشَب؟! وقد حدَّثكم اللهُ أنَّ أهلَ الكتاب بدَّلوا ما كَتَب اللهُ، وغيَّروا بأيديهم الكتابَ، فقالوا:«هذا من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلاً» ، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، ولا واللهِ ما رأينا منهم رجلاً قطُّ يسألكم عن الذي أُنزل عليكم.
(840)
وروى أبو داود في «المراسيل» (1)، عن محمد بن عبيد، عن حماد، عن أيوب، عن أبي قِلَابة (2): أنَّ عمرَ مرَّ بقوم من اليهود، فسَمِعَهم يَذكرون دعاءً من التوراة، فانتَسَخه، ثم جاء به إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم
…
، فذَكَر الحديث.
(1)(ص 321 رقم 455).
(2)
ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين أبي قِلَابة وعمرَ.