الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/ (ق 185)
أثر فيه الرَّغبة في ذات الدِّين والعقل والورع
(497)
قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجري (1): ثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصَّاص، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم بن أَعْين، أخبرني أبي، ثنا عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جدِّه أسلم قال: بينما أنا مع عمرَ بن الخطاب وهو يَعُسُّ المدينةَ (2) إذ أَعيا، فاتَّكأ على جانبِ جدارٍ في جوفِ الليلِ، فإذا امرأةٌ تقولُ لابنتها: ياابنتاه، قُومي إلى ذلك اللَّبنِ فامْذُقيهِ بالماء. فقالت لها: يا أمَّتاه، وما عَلمتِ (3) بما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟! قالت: وما كانت من عزمته يا بُنيَّة؟ قالت: إنَّه أمر مناديه فنادى: ألا يُشَابَ اللَّبنُ بالماء. فقالت لها: يابنتاه، قومي إلى اللَّبن فامْذُقيهِ بالماء، فإنك بموضعٍ لا يَراكِ عمرُ، ولا مُنادِي
(1) في «أخبار عمر بن عبد العزيز» (ص 47 - 49).
وفي إسناده: عبد الله بن زيد بن أسلم: صدوق، فيه لين، وقد تقدَّم الكلام عليه عند الحديث (484).
(2)
يَعُسُّ المدينة: أي: يطوف بالليل يحرسُ الناسَ، ويَكشِفُ أهلَ الرِّيبةِ. «النهاية» (3/ 236).
(3)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «أو ما عَلِمتِ» .
عمرَ. فقالت الصبيَّةُ لأمِّها: ياأمَّتاه، واللهِ ما كنتُ لأُطيعَهُ في الملأ، وأَعصِيَهُ في الخلا. وعمرُ يَسْمع كلَّ ذلك، فقال: يا أسلمُ، علِّمِ البابَ، واعرفِ الموضعَ. ثم مضى في عَسَسه، فلمَّا أصبح، قال: يا أسلمُ، امضِ إلى الموضعِ، فانظر مَن القائلة، ومَن المقول لها، وهل لهم من بَعْلٍ؟ فأتيتُ الموضعَ، فنَظَرتُ، فإذا الجاريةُ أَيِّمٌ لا بَعْلَ لها، وإذا تِيك أمُّها، وإذا ليس لهم (1) رجلٌ، فأتيتُ عمرَ بن الخطاب فأخبَرتُهُ، فدعا عمرُ وَلَدَهُ فجَمَعَهُم، فقال: هل فيكم مَن يحتاجُ / (ق 186) إلى امرأةٍ أُزوِّجُهُ، ولو كان بأبيكم حَرَكةٌ إلى النساء ما سَبَقَهُ فيكم (2)
أحدٌ إلى هذه الجاريةِ. فقال عبد الله: لي زوجة. وقال عبد الرحمن: لي زوجة. وقال عاصم، يا أَبَتاهُ، لا زوجةَ لي، فزَوِّجني. فبَعَثَ إلى الجارية فزَوَّجها من عاصم، فوَلَدت لعاصم بنتًا، وَوَلَدت البنتُ بنتًا، وَوَلَدت الابنةُ عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله.
قال ابن الجوزي (3): كذا وقع في رواية الآجري، وهو غلط، وإنما الصواب: فوَلَدت لعاصمٍ بنتًا، وَوَلَدت البنتُ عمرَ بن عبد العزيز.
قلت: فيه دلالة على ما ذَكَرناه، وعلى أنَّ مَن لا ولِيَّ لها يزوِّجها السُّلطان.
(1) كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «لها» .
(2)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «منكم» ..
(3)
في «سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز» (ص 5).