المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث يذكر عند قوله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر} الآية - مسند الفاروق لابن كثير ت إمام - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌آثار عن عمرَ رضي الله عنه في الترغيب في التجارة

- ‌حديث في النهي عن بيع الخمر، وما لا يحلُّ أكله، ويستفاد منه أنَّ بيع النجاسة لا يصحُّ، وأنَّ الحيل حرام

- ‌حديث آخر في بيع الطعام

- ‌حديث فيمن باع عبدًا له مال

- ‌ حديث في خيار الشَّرط

- ‌حديث في الرِّبا والصَّرف

- ‌حديث في النهي عن الاحتكار

- ‌أثر في التَّسعير

- ‌حديث يُذكر في كتاب الصُّلح، فيه الدِّلالة على جواز أن يشرع الرَّجل ميزابًا إلى الطريق النافذة

- ‌أثر في الفَلَس والحَجْر على المبذِّر

- ‌أثر يُذكر في باب الحَجْر على اليتيم

- ‌أثر في كون الإنبات دليلاً على البلوغ

- ‌أثر في الشُّفعة

- ‌أثر في القِرَاض

- ‌حديث في المزارعة

- ‌حديث في الإجارة

- ‌أثر في ضمان البساتين

- ‌ أثر يُذكر في إحياء الموات وتملُّك المباحات

- ‌أثر في جواز الحمى للإمام

- ‌حديث في اللُّقَطة

- ‌أثر في اللَّقيط

- ‌حديث في الوقف

- ‌ صورة كتاب وقف عمر رضي الله عنه

- ‌حديث في الهبة

- ‌حديث في الوصية

- ‌أثر في صحة وصية المميِّز من الصبيان

- ‌ حديث في العتق

- ‌أثر آخر في أحكام العتق

- ‌أثر في عتق أُمِّ الولد

- ‌ حديث في الولاء

- ‌أثر في الولاء أيضًا

- ‌ كتاب الفرائض

- ‌أثر في توريث الزوجة مع الأبوين

- ‌أثر في العَوْل

- ‌أثر في توريث العَصَبات

- ‌أثر في العَمَّة

- ‌أثر في المُشرَّكة، وهي الحِمَارية

- ‌ قوله في الجَدِّ

- ‌أثر في المعادَّة

- ‌أثر فيمن أسلم قبل قسمة ميراث أبيه

- ‌كتاب النكاح

- ‌حديث في استئمار البنات

- ‌أثر عن عمر في الأولياء

- ‌أثر في بطلان نكاح من تزوَّج وهو مُحرِم

- ‌حديث في الرَّغبة في ذات الحسب العريق والشَّرَف

- ‌ أثر فيه الرَّغبة في ذات الدِّين والعقل والورع

- ‌أثر في السَّتر على المخطوبة التي قد بَدَت منها هَفوة في وقت، ثم تابت وأنابت

- ‌حديث في التَّنفير من سيِّئة الخَلْق والخُلُق

- ‌أثر في كراهة تزويج المرأة الحَسَنة من الرجل القبيح المنظر

- ‌أثر يُذكر في النظر إلى المخطوبة

- ‌أثر في ضرب الدُّفوف في الأعراس

- ‌ أثر في استحباب تزويج الصِّغار عند البلوغ

- ‌أثر في استحباب الجمع بين المتحابَّين بالتزويج

- ‌حديث في تحريم نكاح المتعة

- ‌أثر في نكاح المحلَّل

- ‌أثر آخر في بطلان نكاح المحلَّل

- ‌أثر في النهي عن الجمع بين الأختين بمِلْك اليمين

- ‌حديث في النهي عن إتيان النساء في الأدبار

- ‌أثر آخر في الخيار في النكاح

- ‌حديث في الصَّداق

- ‌أحاديث تُذكر في الوليمة، وآداب الطعام

- ‌أثر فيه أدب كريم

- ‌حديث يُذكر في عشرة النساء

- ‌حديث في الخلع

- ‌حديث في الطَّلاق

- ‌أثر آخر يُذكر في طلاق المكره

- ‌أثر فيمن طلَّق امرأته طلقة أو طلقتين، فتزوَّجت بزوج غيره، فطلَّقها، ثم راجعها الأوَّل، هل تعود إليه بالثلاث، أو بما بقي لها من عدد الطَّلقات

- ‌أثر آخر في أن الكناية لا تقع إلا بالنِّيَّة

- ‌حديث في الإيلاء

- ‌أثر يَذكره الفقهاء في باب الإيلاء في أكثر مُدَّته

- ‌أثر في اللِّعان

- ‌حديث في الأنساب

- ‌أثر في أن الولد لا يلحق الرَّجل لدون ستَّة أشهر

- ‌أثر في لحوق وَلَد الأَمَة

- ‌أثر يُذكر في مدَّة الحَمْل

- ‌ حديث في الأيمان

- ‌أثر فيمن حَلَف على يمين فرأى غيرَها خيرًا منها

- ‌أثر في النهي عن الحلف بالأمانة

- ‌أثر في الاستبراء

- ‌ أثر يُذكر في باب العِدَد

- ‌أثر آخر في العِدَد

- ‌أثر في امرأة المفقود

- ‌أثر آخر فيمن تزوَّج بامرأة في عِدَّتها

- ‌أثر في أن نفقة الزوجة تصير دَينًا في ذمَّة الزَّوج، ولا تسقط بالمضيِّ

- ‌أثر يُذكر في نفقة الرَّقيق

- ‌أثر آخر في الرِّفق بالبهائم

- ‌كتاب الجنايات

- ‌أثر في القَوَد بالمحدَّد، سواء كان حديدًا أو نحوه

- ‌أثر في قتل الجماعة بالواحد

- ‌أثر فيه القِصَاص من الضَّربة واللَّطمة ونحو ذلك

- ‌أثر آخر فيه تقديم المباشرة على السَّبب

- ‌أثر عن عمر في الدَّفع بالأسهل

- ‌ أثر في العاقلة

- ‌أثر آخر في دفع الصَّائل

- ‌أثر آخر في قتل المرتدِّ

- ‌أحاديث الجهاد

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في استحباب الإكثار من الغزو

- ‌حديث في فضل النفقة في الغزو

- ‌حديث في فضل الشهادة

- ‌أثر في جواز قتل ذي الرَّحم الكافر في الحرب

- ‌حديث آخر في تقسيم الشُّهداء

- ‌حديث في أنَّ العرب لا يُسترقُّون

- ‌حديث آخر في فكاك الأسير

- ‌حديث آخر في تحريم الغُلُول في المغانم، والعقوبة عليه

- ‌حديث في قتل الجاسوس

- ‌أحاديث قسم أموال الفيء والغنائم

- ‌أثر آخر عن عمر مشتمل على فوائد من أهمِّها ما نحن فيه من قسمة مال الفَيء

- ‌حديث يُذكر في باب عقد الذمة وضرب الجزية

- ‌ذِكر الشروط العُمرية في أهل الذمة

- ‌حديث في الهدنة

- ‌ آثار في حكم أرض السَّواد

- ‌حدود أرض السَّواد

- ‌كتاب الحدود

- ‌حديث في الرجم

- ‌أثر في حدِّ القذف

- ‌أثر في قطع السَّارق

- ‌حديث في الخمر

- ‌حديث في كيفية الحدِّ من المسكر

- ‌أثر شبيه بهذا الحديث من حيث الرفق بشارب الخمر والتلطُّف

- ‌أثر عن عمر فيه جواز التغريب في الخمرإن رأى الإمام في ذلك مصلحة فَعَلَه

- ‌حديث فيه السِّتر على أهل المعاصي، وأن الحدود تُدفَع بالشُّبهات

- ‌أثر يُذكر في باب التعزير

- ‌أثر آخر يُذكر في تأديب السَّبَّابة

- ‌حديث في الإمامة وغير ذلك

- ‌ حديث السَّقيفة الطويل

- ‌حديث آخر في السَّقيفة أيضًا

- ‌أثر في تحذير الإمام أن يولِّي على المسلمين قريبًا لقرابته أو فاجرًا

- ‌أثر في جواز استعانة الإمام ببعض العمَّال على ما لا يتمكَّن منه

- ‌حديث فيه جواز اتخاذ كاتب أمين

- ‌أثر فيه أنَّ الإمام يأذن للناس عليه بحسب منازلهم في الإسلام والشَّرَف، وأنهم يجلسون منه كذلك

- ‌ حديث في التحذير من أئمَّة الضَّلال والجور

- ‌أثر في أنه يجوز استعمال الرَّجل القويِّ وإن كانت له ذنوب يَستَسِر بها

- ‌أثر فيه أن الوالي إذا طرأ عليه ما ينافي العدالة فإنه يُعزَل

- ‌كتاب الأقضية

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في التحذير من غائلة ولاية القضاء

- ‌أثر في صفة القضاء

- ‌أثر في ردِّ شهادة الزُّور

- ‌أثر في النهي عن الرِّشوة للحاكم في الحكم

- ‌أثر آخر في كيفية التعديل

- ‌أثر فيه أنَّ المُتحاكِمَين يذهبان إلى الحاكم بأنفسهما

- ‌أثر يُذكر في باب اليمين في الدَّعاوى

- ‌حديث يُذكر في الشَّهادات وغيرها

- ‌حديث آخر في خطبة عمر رضي الله عنه بالجابية، وما فيها من الفوائد المتعلِّقة بالشَّهادت وغيرها

- ‌فوائد من خطبة عمر بالجابِيَة

- ‌حديث يُستدل به على أنه لا تقبل شهادة الوالد لولده

- ‌أثر في الشهادة على القذف، وقصَّة أبي بَكرة وزياد والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم

- ‌كتاب التفسير

- ‌ذِكر أنَّ عُمرَ بن الخطاب رضي الله عنه أوَّلُ من جَمَع القرآن، بمعنى أنَّه كان ذلك في زمن الصِّدِّيق، ولكن كان هو المشير بذلك أو المستشار، ثم كان يَستحثُّ في ذلك، والله أعلم

- ‌من فاتحة الكتاب

- ‌ومن البقرة

- ‌حديث في تفسير آية النَّسخ

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

- ‌حديث في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}

- ‌حديث آخر في آية تحريم الخمر

- ‌أثر في فضل آية الكرسي

- ‌أثر يُذكر عند قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}

- ‌ومن سورة آل عمران

- ‌ومن تفسير سورة النساء

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}

- ‌ومن تفسير سورة المائدة

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}

- ‌ومن سورة الأنعام

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}

- ‌ومن سورة الأعراف

- ‌ومن سورة الأنفال

- ‌ومن سورة براءة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية

- ‌ومن سورة يونس

- ‌ومن سورة هود

- ‌أثر آخر في قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}

- ‌ومن سورة يوسف

- ‌ ومن سورة الرَّعد

- ‌ومن سورة إبراهيم

- ‌أثر عند قوله: {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}

- ‌ومن سورة الكهف

- ‌ومن سورة مريم

- ‌ومن سورة طه

- ‌ومن سورة الحج

- ‌ومن سورة المؤمنون

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}

- ‌حديث فيه أنَّ آية الرَّجم نُسِخَ تلاوتها ورسمها وبقي مقتضاها وحكمها

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}

- ‌ومن سورة الفرقان

- ‌ومن سورة القصص

- ‌ومن سورة فاطر

- ‌ومن سورة يس

- ‌عند قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}

- ‌ومن سورة ص

- ‌ ومن سورة الزُّمر

- ‌ومن سورة الأحقاف

- ‌ومن سورة الفتح

- ‌ومن الحجرات

- ‌ومن سورة الذَّاريات

- ‌ومن سورة الطور

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}

- ‌ومن سورة الرحمن

- ‌أثر في ذِكر العَبقَري

- ‌ومن سورة المجادلة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}

- ‌ومن سورة الحشر

- ‌ومن سورة الممتحنة

- ‌ومن سورة الجمعة

- ‌ومن سورة التغابن

- ‌ومن سورة التحريم

- ‌ومن سورة الحاقة

- ‌ومن سورة عبس

- ‌ومن سورة التكوير

- ‌ومن سورة الغاشية

الفصل: ‌حديث يذكر عند قوله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر} الآية

‌ومن سورة براءة

‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية

(1).

(828)

قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل (2): وَجَدتُ في كتاب أبي بخطِّ يده: كَتَب إليَّ الرَّبيع بن نافع أبو توبة -يعني الحلبي- فكان في كتابه: حدثنا معاوية بن سَلَاّم، عن أخيه زيد بن سلَاّم، أنَّه سَمِعَ أبا سلَاّم قال: حدثني النُّعمان بن بشير قال: كنتُ إلى جانب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: ما أُبالي ألا أعملَ عملاً بعد الإسلام إلا أن أسقيَ الحاجَّ. وقال آخر: ما أُبالي ألا أعملَ عملاً بعد الإسلام إلا أن أَعمُرَ المسجدَ الحرام. وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضلُ ممَّا قلتم. فزَجَرهم عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: لا ترفعوا أصواتَكم عند منبرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وهو يوم الجمعة، ولكنْ إذا صلَّيتُ الجمعةَ دَخلتُ، فاستفتيتُه فيما اختلفتم فيه. فأنزل اللهُ عز وجل:{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى آخر الآيات كلِّها.

هكذا رواه الإمام أحمد من هذا الوجه فقط في مسند النُّعمان.

وكذا رواه مسلم في «صحيحه» (3) منفردًا به من بين أصحاب الكتب عن حسن الحُلْواني، عن أبي توبة.

(1) التوبة: 19

(2)

«المسند» (4/ 269 رقم 18367).

(3)

(3/ 1499 رقم 1879) في الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى.

ص: 527

وعن عبد الله بن عبد الرحمن الدَّارمي، عن يحيى بن حسَّان.

كلاهما عن معاوية بن سلام، به، مثله، سواء.

وإنَّما ذَكَره أصحاب الأطراف (1) وغيرهم في مسند النُّعمان، وهو مناسَب أن يُذكر في مسند عمرَ رضي الله عنه، لأنه هو الذي سأل عن ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.

حديث آخر

(829)

قال أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي (2): ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ثوبان قال: كنَّا في سَفَر مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسير، إذ قال المهاجرون: لَوَدِدنا أنَّا عَلِمنا أيَّ المال خيرٌ أو أفضلُ فنتَّخِذَه، إذ أُنزل في الفضَّة والذَّهب ما أُنزل. فقال عمرُ: إن شئتم سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: أجل. فانطَلَق وتَبِعتُه، أوضَعُ (3) على قَعودٍ (4) لي، قال: يا رسولَ الله، إنَّ المهاجرين لمَّا أُنزل في الذَّهب والفضَّة، قالوا: وَدِدنا أنَّا عَلِمنا الآن أيُّ المال أفضلُ فنَتَّخِذَه، قال: نعم، «لِيَتَّخِذ أحدُكُم لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجةً تُعين أحدَكم على إيمانه» .

ورواه الإمام أحمد (5) من حديث سالم، به.

(1) انظر: «تحفة الأشراف» (9/ 29 رقم 11641) و «إتحاف المهرة» (13/ 539 رقم 17108).

(2)

في «الأمالي» (ص 404 رقم 474 - رواية ابن البيِّع).

(3)

أوضع: أي: أسرع السير. «النهاية» (5/ 196).

(4)

القَعود من الدواب: ما يَقْتعِده الرجل للركوب والحمل، ولا يكون إلا ذَكَرًا. «النهاية» (4/ 87).

(5)

في «مسنده» (5/ 278 رقم 22392) من طريق إسرائيل، عن منصور، به.

ص: 528

إنما ذَكَره أصحاب الأطراف (1) في مسند ثوبان.

وقد رواه الترمذي (2)، عن عَبد بن حميد، عن عبيد الله بن موسى، عن جرير (3)، به.

وأخرجه ابن ماجه (4) من وجه آخر، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ثوبان، به.

ولفظهما: لمَّا نزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} الآية (5).

وقال الترمذي: حسن، وسألت محمدًا: أسَمِعَ سالم من ثوبان؟ قال: لا (6).

(1) انظر: «تحفة الأشراف» (2/ 130 رقم 2084) و «إتحاف المهرة» (3/ 55 رقم 2522).

(2)

في «سننه» (5/ 259 رقم 3094) في التفسير، باب: ومن سورة التوبة.

(3)

كذا ورد بالأصل. والذي في «سنن الترمذي» ، و «تحفة الأشراف» (2/ 130 رقم 2084) والنسخة الخطية (ق 202/أ -نسخة المكتبة الوطنية بباريس):«إسرائيل» .

(4)

في «سننه» (1/ 596 رقم 1856) في النكاح، باب أفضل النساء، من طريق وكيع، عن عبد الله بن عمرو بن مُرَّة، عن سالم، به.

(5)

التوبة: 34

(6)

لم يستوف المؤلِّف الكلام على طرق هذا الحديث، وقد اختُلف في إسناده اختلافًا كثيرًا:

فقيل: عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ثوبان، عن عمرَ!

وقيل: عن سالم، مرسلاً!

وقيل: عن عبد الله بن أبي الهُذيل، عن صاحب له، عن عمرَ!

وقيل: عن علي، عن عمرَ!

وقيل: عن ابن عباس، عن عمرَ!

أما الوجه الأول والثاني: فأخرجه الترمذي (5/ 259 رقم 3094) وأحمد (5/ 278 رقم 22392) والطبري في «تفسيره» (10/ 119) من طريق إسرائيل. والطبري في =

ص: 529

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= «تفسيره» (10/ 119) والمحاملي في «الأمالي» (ص 404 رقم 474 - رواية ابن البَيِّع) والروياني في «مسنده» (1/ 407 رقم 621) وأبو نعيم في «الحلية» (1/ 182) من طريق جرير. كلاهما (إسرائيل، وجرير) عن منصور، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ثوبان قال:

، فذكره.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (3/ 340 رقم 3137) عن أبي الأحوص، عن منصور، به، إلا أنه قال:«عن ثوبان أو غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم» .

قال الحافظ: أوردته للشك فيه، وقد أخرجه الترمذي وابن ماجه من طريق سالم بن أبي الجَعْد، عن ثوبان رضي الله عنه وحده، وسياقهما أتم.

وأخرجه ابن ماجه (1/ 596 رقم 1856) وابن مَردويه في «تفسيره» ، كما في «الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع» لابن حجر (ص 137) وأبو نعيم في «الحلية» (1/ 182) من طريق وكيع، عن عبد الله بن عمرو بن مُرَّة، عن أبيه، عن سالم بن أبي الجَعْد، عن ثوبان

، فذكره.

وقد خولف إسرائيل وجرير في روايتهما، خالَفَهما الثوري، فرواه عن منصور، عن سالم بن أبي الجَعْد، مرسلاً. ومن هذا الوجه: أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» (1/ 246). والطبري في «تفسيره» (10/ 119) وفي «تهذيب الآثار» (1/ 270 رقم 450 - مسند ابن عباس) من طريق مؤمَّل. كلاهما (عبد الرزاق، ومؤمَّل) عن الثوري، عن منصور -زاد الطبري: والأعمش وعمرو بن مُرَّة- عن سالم بن أبي الجَعْد قال:

، فذَكَره.

وقد خولف الثوري في روايته عن الأعمش، فأخرجه الرُّوياني في «مسنده» (1/ 406 - 407 رقم 620) عن سفيان بن وكيع، عن محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، به، موصولاً!

وهذا الوجه خطأ، فالثوري أثبت من محمد بن فضيل، وسفيان بن وكيع ضعيف الحديث.

وله طريق أخرى عن الثوري، أخرجها عبد الرزاق في «تفسيره» ، كما في «تفسير ابن كثير» (2/ 351) عن الثوري، عن أبي حَصين، عن أبي الضُّحى، عن جَعدة =

ص: 530

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بن هُبيرة، عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى:{والذين يكنزون الذهب والفضة} الآية، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«تبًّا للذهب! تبًّا للفضة!» -يقولها ثلاثًا- قال: فشَقَّ ذلك على أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: فأي مال نتخذ؟ فقال عمرُ رضي الله عنه: أنا أعلم لكم ذلك، فقال: يا رسول الله، إن أصحابَك قد شَقَّ عليهم، وقالوا: فأيُّ المال نتخذ؟ قال: «لسانًا ذاكرًا، وقلبا شاكرًا، وزوجة تُعين أحدكم على دينه» .

وهذا اختلاف على الثوري.

وأما الوجه الثالث: فأخرجه النسائي في «الكبرى» ، كما في «تحفة الأشراف» (11/ 176 رقم 15618) وأحمد (5/ 366) -واللفظ له- والبيهقي في «شعب الإيمان» (2/ 481 رقم 584) من طريق عبد الله بن أبي الهُذيل قال: حدثني صاحبٌ لي: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «تبًّا للذهب والفضة» . قال: فحدثني صاحبي: أنه انطَلَق مع عمرَ بن الخطاب، فقال: يا رسول الله، قولُك:«تبًّا للذهب والفضة» ماذا؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وزوجةً تُعين على الآخرة» .

وإسناده ضعيف؛ لجهالة أحد رواته.

وأما الوجه الرابع: فأخرجه أبو داود (2/ 373 رقم 1664) في الزكاة، باب في حقوق المال -واللفظ له- وابن أبي حاتم في «تفسيره» ، كما في «تفسير ابن كثير» (2/ 351) وأبو يعلى (2499) والحاكم (1/ 408 - 409) والبيهقي (4/ 83) من طريق عثمان أبي اليقظان، عن جعفر بن أبي إياس، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: لما نَزَلت هذه الآية: {والذين يكنزون الذهب والفضة} الآية، كَبُرَ ذلك على المسلمين، فقال عمرُ: أنا أفرِّج عنكم، فانطَلَق، فقال: يانبيَّ الله، إنه كَبُرَ على أصحابك هذه الآية، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله لم يفرض الزكاةَ إلا ليُطيِّبَ مابقي من أموالكم، وإنما فَرَض المواريثَ لتكون لمن بعدَكم» . قال: فكبَّر عمر، ثم قال له:«ألا أُخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سَرَّتْه، وإذا أمرها أطاعتْه، وإذا غاب عنها حفظتْه» .

وهذا لايصح؛ لضعف عثمان بن عُمَير، وقد أشار البيهقي إلى أن بعض الرواة لم يَذكر في إسناده عثمان أبا اليقظان.

وانظر لزامًا: «السلسلة الضعيفة» للشيخ الألباني (3/ 484 - 487 رقم 1319).

وقد ساق الزيلعي في «تخريج أحاديث الكشاف» (2/ 71) هذه الروايات، ثم قال: الحاصل أنه حديث ضعيف، لما فيه من الاضطراب.

وانظر: «صحيح الترغيب والترهيب» للشيخ الألباني (2/ 402).

ص: 531

حديث آخر

(830)

قال أحمد (1): ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس قال: سَمِعتُ عمرَ بن الخطاب يقول: لما تُوفي عبد الله بن أُبَيّ دُعِيَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه، فقام إليه، فلمَّا وقف عليه يريدُ الصلاةَ، تحوَّلتُ حتى قمتُ في صدره، فقلتُ: يا رسولَ الله، أعَلَى عدوِّ الله عبد الله بن أُبَيّ، القائل يومَ كذا: كذا وكذا؟! -يعدِّدُ أيامَه-، قال: ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتبسَّمُ حتى إذا أَكثرتُ عليه، قال:«أَخِّرْ عنِّي يا عمرُ، إنِّي خُيِّرتُ فاخترتُ، قد قيل لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (2)، لو أعلمُ أنِّي إنْ زِدتُ على السبعين غُفِرَ له لَزِدتُ» . قال: ثم صلَّى عليه، ومشى معه، وقام على قبره حتى فُرِغَ منه. قال: فعجبًا لي وجَرَاءتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم! قال: فواللهِ، ما كان إلا يسيرًا حتى نَزَلت هاتان الآيتان / (ق 318):{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} (3)، فما صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بعدَه على منافقٍ، ولا قام على قبره حتى قَبَضَه اللهُ عز وجل.

(1) في «مسنده» (1/ 16 رقم 95).

(2)

التوبة: 80

(3)

التوبة: 84

ص: 532

وكذا رواه الترمذي في التفسير (1)، عن عَبد بن حميد (2)، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن الزهري به، وقال: حسن صحيح.

وأخرجه البخاري في الجنائز (3)، والتفسير (4)، عن يحيى بن بُكَير، عن اللَّيث، عن عُقيل، عن الزهري، به.

ورواه النسائي (5)، عن ثلاثة من شيوخه، عن حُجَين بن المثنَّى، عن اللَّيث، به.

وقال علي ابن المديني: إسناده جيد، ولم نجده إلا عند أهل المدينة.

أثر في معناه

(831)

قال أبو عبيد (6) في حديث عمرَ: أنه أراد أن يشهدَ جنازةَ رجلٍ، فَمَرَزَه حذيفةُ، كأنَّه أراد أن يَصدَّهُ عن الصلاة عليها.

(1) من «سننه» (5/ 260 رقم 3097) في التفسير، باب: ومن سورة التوبة.

(2)

وهو في «المنتخب من مسنده» (1/ 58 رقم 19).

(3)

(3/ 228 رقم 1366 - فتح) باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين.

(4)

(8/ 333 رقم 4671 - فتح) باب قوله: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} .

(5)

في «سننه الصغرى» (4/ 370 رقم 1965) في الجنائز، باب الصلاة على المنافقين، وفي «الكبرى» (10/ 118 رقم 11161 - ط مؤسسة الرسالة)، وانظر تعليق المحقق عليه.

(6)

في «غريب الحديث» (4/ 164).

وله طريق أخرى موصولة: أخرجها وكيع في «الزهد» (3/ 791 رقم 477) عن ابن أبي خالد. وابن أبي شيبة (7/ 481 رقم 37379) في الفتن، باب من كره الخروج في الفتنة، عن أبي معاوية، عن الأعمش. كلاهما (إسماعيل بن أبي خالد، والأعمش) عن زيد بن وهب الجهني، عن حذيفة قال: مرَّ بي عمر بن الخطاب وأنا جالس في المسجد، فقال لي: يا حذيفة، إنَّ فلانًا قد مات فاشهَد. قال: ثم مضى حتى إذا كاد أن يخرج من المسجد التفت إليَّ، فرآني وأنا جالس، فعَرَف، فرجع إليَّ، فقال: يا حذيفة، أنشدك اللهَ، أمن القوم أنا؟ قال: قلت: اللهم لا، ولن أبرئ أحدًا بعدك. قال: فرأيت عيني عمرَ جادتا. هذا لفظ وكيع.

ولفظ ابن أبي شيبة: مات رجلٌ من المنافقين، فلم يُصلِّ عليه حذيفة، فقال له عمر: أمن القوم هو؟ قال: نعم. فقال له عمر: بالله منهم أنا؟ قال: لا، ولن أُخبر به أحدًا بعدك.

وهذا إسناد صحيح.

ص: 533

قلت: لم يُسنده، وحذيفة كان يعلم أعيان أشخاص من المنافقين بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحكى عن بعضهم أنه قال: المَرْز بلُغة أهل اليمامة: القَرصُ بأطراف الأصابع خفيفًا.

أثر عن عمر

(832)

قال أبو عبيد في «فضائل القرآن» (1): ثنا حجَّاج، عن هارون، أخبرني حبيب بن الشهيد وعمرو بن عامر الأنصاري: أنَّ عمرَ بن الخطاب

(1)(ص 301).

وأخرجه -أيضًا- الطبري في «تفسيره» (11/ 8) من طريق حجَّاج، به.

وهذا منقطع؛ حبيب بن الشهيد وعمرو بن عامر من الطبقة الخامسة، وهي الطبقة الصغرى من التابعين، فلا يصح سماعهما من عمر.

وله طريق أخرى: أخرجها إسحاق بن راهويه في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (4/ 121 رقم 3632) عن عَبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن قال: مَرَّ عمر بن الخطاب برجل وهو يقرأ: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار}

، فذَكَره، بمعناه.

وهذا منقطع -أيضًا-؛ أبو سَلَمة بن عبد الرحمن من الطبقة الثالثة، وهي الطبقة الوسطى من التابعين، فلا يصح سماعه من عمر، ومع ذلك فقد صحَّح إسناده البوصيري في «إتحاف الخيرة» (6/ 217)(!)

ص: 534

قرأ: «والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصارُ الذين اتبعوهم بإحسان» فرفع الأنصارَ، ولم يُلحِق الواو في:«الذين» ، فقال له زيد بن ثابت:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} ، فقال عمرُ:«الذين اتبعوهم بإحسان» . فقال زيد: أمير المؤمنين أَعلمُ. فقال عمرُ: ائتوني بأُبَيّ بن كعب، فقال أُبَيّ:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} . فقال عمرُ: فنعم إذًا. فتابع أُبَيًّا.

ص: 535