الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن سورة يونس
(833)
قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطَّبري رحمه الله في «تفسيره» (1): ثنا بِشر، ثنا يزيد، ثنا سعيد، عن قتادة قوله:{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} (2) ذُكِرَ لنا أنَّ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه قال: صَدَق الله ربُّنا، ما جَعَلنا خلفاءَ إلا لينظرَ إلى أعمالنا، فأَرُوا اللهَ في أعمالِكم خيرًا بالليلِ والنهارِ والسِّرِ والعلانيةِ.
فيه انقطاع بين قتادة وعمر.
أثر آخر
(834)
قال الحافظ أبو نعيم (3): ثنا سليمان بن أحمد (4)،
ثنا أبو زرعة، ثنا حَيوة بن شُريح، ثنا بقيَّة، عن صفوان بن عمرو قال: سَمِعتُ أيفع بن عَبدٍ يقول: لمَّا قَدِمَ خراجُ العراق على عمرَ بن الخطاب / (ق 319) رضي الله عنه، خَرَج عمرُ ومولًى له، فجعل عمرُ يَعُدُّ الإبلَ، فإذا هي أكثرُ من ذلك، وجعل عمرُ يقول: الحمدُ لله. وجعل مولاه يقول: يا أميرَ المؤمنين، هذا والله من فضل الله ورحمته. فقال عمرُ رضي الله عنه: كَذَبتَ،
(1)(11/ 94).
(2)
يونس: 14
(3)
في «حلية الأولياء» (5/ 132 - 133).
(4)
هو: الطبراني، والحديث في «مسند الشاميين» له (2/ 125 رقم 1037).
وفي إسناده ضعف وانقطاع، فبقيَّة مدلِّس، ولم يصرِّح بالسماع. وأيفع بن عبدٍ قال عنه الحافظ في «الإصابة» (1/ 222): تابعي صغير
…
، ولا يصح لأيفع سماع من صحابي.
ليس هو الذي يقول الله عز وجل: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (1)، فهذا ما تجمعون (2).
حديث آخر
(835)
قال أبو داود في باب الرهن من «سننه» (3) -في رواية ابن داسَة عنه-: حدثنا زُهَير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا جرير، عن عُمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير (4):
أنَّ عمرَ بن
(1) يونس: 58
(2)
قوله: «ليس هو الذي يقول الله عز وجل: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، فهذا ما تجمعون» كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «ليس هو هذا، يقول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} يقول: بالهُدى والسُّنة والقرآن، فبذلك فليفرحوا، هو خير مما يجمعون، وهذا مما يجمعون» .
(3)
(4/ 190 رقم 3527).
(4)
ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين أبي زرعة بن عمرو بن جرير وعمر.
وقد توبع جرير على روايته، تابَعَه قيس بن الربيع، وروايته عند أبي نعيم في «الحلية» (1/ 5) والبيهقي في «شعب الإيمان» (15/ 548 رقم 8586) وابن عبد البر في «التمهيد» (17/ 436).
وخالَفَهما محمد بن فضيل، فرواه عن أبيه، عُمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة
…
، فذكره. ومن هذا الوجه: أخرجه النسائي في «الكبرى» (10/ 124 - 125 رقم 11172 - ط مؤسسة الرسالة) وابن أبي الدُّنيا في «الإخوان» (5) وفي «المتحابين في الله» (48) والطبري في «تفسيره» (11/ 132) وأبو يعلى (10/ 495 رقم 6110) -وعنه: ابن حبان (2/ 332 - 333 رقم 573 - الإحسان) - والبيهقي في «شعب الإيمان» (15/ 544 - 545 رقم 8584).
وفي رواية أبي يعلى وابن حبان: «عن محمد بن فضيل، عن عُمارة» . ليس فيه: «عن أبيه» !
وفي رواية النسائي: «عن محمد بن فضيل، عن أبيه وعُمارة بن القعقاع» .
ومحمد بن فضيل له رواية عن أبيه وعن عُمارة. انظر: «تهذيب الكمال» (26/ 293 - 294).
وقد قال البيهقي عقب روايته: كذا قال: «عن أبي هريرة» ، وهو وَهْم، والمحفوظ «عن أبي زرعة، عن عمرَ بن الخطاب» ، وأبو زرعة عن عمرَ مرسلاً.
الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِن عبادِ اللهِ لأُناسًا ما هُم بأنبياءَ ولا شهداءَ، يَغبِطُهُم الأنبياءُ والشهداءُ يومَ القيامةِ لِمَكَانَتِهِم مِن اللهِ عز وجل» . قالوا: يا رسولَ الله، (فخَبِّرنا) (1) مَن هم؟ قال:«هم قومٌ تَحَابُّوا برَوْحِ اللهِ على غيرِ أرحامٍ بينهم ولا أموالٍ يَتَعاطَونَها، فواللهِ (إنَّ بوجهِهِم لَنُورًا) (2)، وإنَّهم لعلى نُورٍ، ولا يخافون إذا خاف الناسُ، ولا يحزنون إذا حَزِنَ الناسُ» ، وقرأ هذه الآية:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (3).
هذا حديث جيد الإسناد، وفيه انقطاع بين أبي زرعة وعمرَ (4)،
ولا تظهر وجه المناسبة في ذِكر أبي داود هذا الحديث في الرَّهن، والله أعلم.
(1) في المطبوع: «تُخبرنا» .
(2)
في المطبوع: «إن وجوهَهم لنور» .
(3)
يونس: 62
(4)
وله شاهد من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه: أخرجه معمر في «جامعه» الملحق بـ «المصنَّف» (11/ 201 - 202 رقم 20324) وابن المبارك في «مسنده» (ص 6 رقم 7) وفي «الزهد والرقائق» (ص 248 رقم 714) وأحمد (5/ 343) -واللفظ له- وابن أبي الدُّنيا في «المتحابين في الله» (46) وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/ 1267 رقم 6876) و (6/ 1962 رقم 10452) من طريق شَهر بن حَوشَب، عن عبد الرحمن بن غَنْم، أنَّ أبا مالك الأشعري جَمَع قومَه، فقال: يا معشرَ الأشعريين، اجتَمِعوا، واجمَعوا نساءَكم وأبناءَكم، أُعلِّمُكُم صلاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
…
، فذَكَر حديثًا، ثم قال: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما قَضَى صلاتَه أَقبَلَ إلى الناس بوجهه، فقال:«يا أيها الناس، اسمعوا واعقِلوا، واعلَموا أنَّ لله عز وجل عبادًا ليسوا بأنبياءَ ولا شهداءَ، يَغبِطُهُم الأنبياءُ والشهداءُ على مجالِسِهم وقُرْبِهِم من الله» ، فجاء رجلٌ من الأعراب من قاصية الناس، وألوَى بيده إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبيَّ الله، ناسٌ من الناس، ليسوا بأنبياءَ ولا شهداءَ، يَغبِطُهُم الأنبياءُ والشهداءُ على مجالِسِهم وقُرْبِهِم من الله؟! انعَتْهم لنا، حَلِّهم لنا -يعني: صِفهُم لنا، شكِّلْهم لنا- فسُرَّ وجهُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لسؤال الأعرابي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«هم ناسٌ من أفنَاء الناس ونوازع القبائل، لم تَصِلْ بينهم أرحامٌ متقارِبةٌ، تحابُّوا في الله وتَصَافَوْا، يَضَعُ اللهُ لهم يومَ القيامةِ منابرَ من نور، فيُجلِسُهم عليها، فيَجعلُ وجوهَهُم نورًا، وثيابَهُم نورًا، يَفزعُ الناسُ يومَ القيامة ولا يَفزعون، وهم أولياءُ الله الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون» .
وهذا إسناد ضعيف؛ شَهر بن حَوشَب: صدوق كثير الإرسال والأوهام، كما قال الحافظ في «التقريب» ، إلا أنه يتقوَّى برواية عمر رضي الله عنه، ولذا قال الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (3/ 164): صحيح لغيره.
وانظر للفائدة: «السلسلة الصحيحة» (7/ 1370).