الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر آخر في بطلان نكاح المحلَّل
(517)
قال الأعمش: عن المسيَّب بن رافع، عن قَبيصة بن جابر، عن عمرَ رضي الله عنه أنَّه قال: لا أُوتَى بمُحِلٍّ ولا مُحلَّلٍ له إلا رَجَمتُهُما.
رواه الإمام أبو بكر بن أبي شيبة (1)، والجُوزجاني، وحرب بن إسماعيل الكِرماني (2)، وأبو بكر الأثرم بالأسانيد الثابتة عن الأعمش، به.
وروى الأثرم من حديث الزهري (3)،
عن عبد الملك بن المغيرة بن بُدَيل: أنَّ ابن عمرَ سُئل عن تحليل المرأة لزوجها؟ قال: ذلك السِّفاحُ، لو أَدرَكَكُم عمرُ لَنَكَّلَكُم.
(1) في «مصنَّفه» (3/ 547 رقم 17074) في النكاح، باب في الرجل يُطلِّق امرأته فيتزوجها رجل ليحلها له، عن أبي معاوية، عن الأعمش، به.
(2)
في «مسائله» (ص 87) من طريق جرير وأبي معاوية، عن الأعمش، به.
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (6/ 265 رقم 10777) وسعيد بن منصور (2/ 51 رقم 1992، 1993) والبيهقي (7/ 208) من طريق الأعمش، به.
(3)
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (6/ 265 رقم 10776) والبيهقي (7/ 208) من طريق معمر. وحرب الكِرماني في «مسائله» (ص 86) وابن عبد البر في «التمهيد» (13/ 235) من طريق الأوزاعي. والفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 363) من طريق يونس. ثلاثتهم (معمر، والأوزاعي، ويونس) عن الزهري، به. دون قوله: لو أَدرَكَكُم عمرُ لَنَكَّلَكُم.
وصحَّح إسناده الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (6/ 311).
وأخرجه -أيضًا- الطبراني في «الأوسط» (6/ 223 رقم 6246) و (9/ 48 رقم 9102) والحاكم (2/ 199) والبيهقي (7/ 208) من طريق محمد بن مُطرِّف، عن عمرَ بن نافع، عن أبيه قال: جاء رجلٌ إلى ابن عمرَ، فسأله عن رجلٍ طلَّق امرأتَه ثلاثًا، فتزوَّجها أخٌ له من غيرِ مؤامرةٍ منه لِيُحلَّها لأخيه، هل تَحِلُّ للأوَّل؟ قال: لا، إلا نكاحَ رغبةٍ، كنَّا نَعدُّ هذا سفاحًا على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (6/ 311): وهو كما قالا.
وقد روي في النهي عن نكاح المحلَّل ولَعْنتِهِ أحاديث من طرق عديدة جيِّدة عن جماعة من الصحابة، منهم: ابن مسعود (1)، وعلي (2)،
(1) أخرجه الترمذي (3/ 428 رقم 1120) في النكاح، باب ما جاء في المحلِّ والمحلَّل له، والنسائي (6/ 460 رقم 3416) في الطلاق، باب إحلال المطلقة ثلاثًا، وما فيه من التغليظ، وابن أبي شيبة (3/ 547 رقم 17083) في النكاح، باب في الرجل يُطلِّق امرأته فيتزوجها رجل ليحلها له، وأحمد (1/ 448، 462) والدارمي (3/ 1450 رقم 2304) وأبو يعلى (9/ 237 رقم 5350) والبيهقي (7/ 208) من طريق الثوري، عن أبي قيس (وهو عبد الرحمن بن ثَروان الأَودي) عن هزيل بن شُرَحبيل، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لَعَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المُحِلَّ والمُحَلَّلَ له. هذا لفظ الترمذي.
قال الترمذي: حسن صحيح.
وصحَّحه -أيضًا- ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (2/ 159) وابن الملقن في «البدر المنير» (7/ 612) وابن حزم في «المحلى» (10/ 180) وابن دقيق العيد في «الاقتراح» (ص 461) وابن القيم في «إغاثة اللهفان» (1/ 481).
وقال الحافظ في «التلخيص الحبير» (3/ 170): وصحَّحه ابن القطَّان على شرط البخاري.
(2)
أخرجه أبو داود (3/ 17 رقم 2076، 2077) في النكاح، باب في التحليل، والترمذي (3/ 427 رقم 1119) في الموضع السابق، وابن ماجه (1/ 622 رقم 1935) في النكاح، باب المحلِّل والمحلَّل له، وعبد الرزاق (6/ 269 رقم 10791، 10792) وسعيد بن منصور (2/ 52 رقم 2008) وأحمد (1/ 83) وابن عدي (1/ 379) والبيهقي (7/ 207 - 208) من طريق عامر الشَّعبي، عن الحارث الأعور، عن عليٍّ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لعن المُحِلَّ والمُحَلَّلَ له.
قال الترمذي: هذا حديث حسن، ليس إسناده بالقائم.
وضعَّفه الحافظ في «التلخيص الحبير» (3/ 170) والشيخ الألباني في «الإرواء» (6/ 309).
وأبو هريرة (1)، وابن عباس (2)،
وعُقبة بن عامر (3)،
(1) أخرجه الترمذي في «العلل الكبير» (ص 161 رقم 273) وابن أبي شيبة (3/ 548 رقم 17086) في النكاح، باب في الرجل يُطلِّق امرأته
…
، وأحمد (2/ 223) والبزَّار (2/ 167 رقم 1442 - كشف الأستار) وابن الجارود (3/ 24 رقم 684) والبيهقي (7/ 208) من طريق عبد الله بن جعفر المَخرَمي، عن عثمان بن محمد، عن المَقْبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لعن اللهُ المُحِلَّ والمُحَلَّلَ له» .
قال الترمذي: سألت محمدًا عن هذا الحديث، قال: هو حديث حسن، وعبد الله بن جعفر المَخرَمي صدوق ثقة، وعثمان بن محمد الأَخنسي ثقة، وكنت أظن أن عثمان لم يَسْمع من سعيد المَقْبري.
وجوَّد إسناده ابن تيمية في «بيان الدليل على بطلان التحليل» (ص 396) وابن الملقن في «البدر المنير» (7/ 614) وابن القيم في «إعلام الموقعين» (4/ 416).
وقال في «إغاثة اللهفان» (1/ 482): رجاله كلهم ثقات، وثَّقهم ابن معين.
وصحَّحه الزيلعي في «نصب الراية» (3/ 240).
وقوَّاه الشيخ الألباني في تعليقه على «إغاثة اللهفان» (1/ 480).
(2)
أخرجه ابن ماجه (1/ 622 رقم 1934) في النكاح، باب المحلِّل والمحلَّل له، وابن عدي (3/ 339) من طريق زمعة بن صالح، عن سَلَمة بن وَهْرام، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المُحِلَّ والمُحَلَّلَ له.
وهذا منكر، تفرَّد به سَلَمة بن وَهْرام.
(3)
أخرجه ابن ماجه (1936) في الموضع السابق، والرُّوياني في «مسنده» (1/ 175 رقم 226) والطبراني في «الكبير» (17/ 299 رقم 825) والدارقطني (3/ 251) والحاكم (2/ 198، 199) والبيهقي (7/ 208) من طريق اللَّيث بن سعد، عن مِشرح بن هاعان، عن عُقبة بن عامر مرفوعًا:«ألا أخبرُكُم بالتَّيسِ المستعارِ؟» قالوا: بلى، قال:«هو المُحَلِّلَ» . ثم قال: «لعن اللهُ المُحِلَّ والمُحَلَّلَ له» .
ورواه عن اللَّيث: عبد الله بن صالح، وعثمان بن صالح المصري.
وقد جاء في بعض الروايات تصريح اللَّيث بسماعه لهذا الحديث من مِشرح بن هاعان، لكن أنكر ذلك الحافظ أبو زرعة الرازي، فقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 411 رقم 1232): قال أبو زرعة: ذَكَرتُ هذا الحديث ليحيى بن عبد الله بن بُكَير، وأخبرته برواية عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح، فأنكر ذلك إنكارًا شديدًا، وقال: لم يَسْمع اللَّيث من مِشرح شيئًا، ولا روى عنه شيئًا، وإنما حدَّثني اللَّيث بن سعد بهذا الحديث عن سليمان بن عبد الرحمن: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو زرعة: والصواب عندي حديث يحيى، يعني: ابن عبد الله بن بُكَير.
وقال البخاري، كما في «علل الترمذي الكبير» (ص 162): ما أرى اللَّيث بن سعد سَمِعَه من مِشرح بن هاعان، لأن حَيوة روى عن بكر بن عمر، عن مِشرح.
وقال الجوزجاني، كما في «إعلام الموقعين» لابن القيم (4/ 417): كانوا ينكرون على عثمان هذا الحديث إنكارًا شديدًا.
قلت: فقد اتَّفق أربعة من أئمَّة العلل على أنَّ رواية اللَّيث بن سعد عن مِشرح خطأ، وأن الحديث لا يصح من رواية عُقبة بن عامر.
وصحَّحه جماعة من المتأخرين، منهم: الحاكم في «المستدرك» ، والذهبي في «التلخيص» ، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (3/ 157) وابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 504) وأبو العباس ابن تيميَّة في «بيان الدليل على بطلان التحليل» (ص 397) وابن القيم في «إعلام الموقعين» (4/ 418)، لكن النفس لا تسمح بمخالفة أربعة من أئمة الصنعة اعتمادًا على ظاهر إسناد.
زد على هذا: أن ابن حبان ذكر في «المجروحين» (3/ 28) أن مِشرح بن هاعان روى عن عُقبة بن عامر أحاديث منكرة لا يُتابَع عليها.
وابن عمر (1).
وقد جَمَعت ذلك في جزء مُفرَد.
وقد تكلَّم الإمام أبو العبَّاس ابن تيمية على هذه المسألة (2)، فأجاد القول فيها، وحرَّر النزاع، وأتى بفوائد جمَّة رحمه الله.