الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث يُذكر في عشرة النساء
(535)
قال أبو داود الطيالسي (1):
ثنا حماد بن زيد (2)، عن معاوية بن قُرَّةَ المُزَني قال: أتيتُ المربدَ (3) زمنَ الأَقِط (4) والسَّمن، والأعراب يأتون بالبُرقان (5)، فيبيعونها، فإذا برجلٍ طامحٍ بصرُهُ، ينظرُ إلى الناسِ، فظننتُ أنَّه غريبٌ، فدَنَوتُ منه، فسلَّمتُ عليه، فرَدَّ السلامَ، وقال لي: أمِن أهل هذه أنت؟ (6) فجلستُ معه، فقلت: فممَّن أنتَ؟ قال: من بني هلال، واسمي: كَهْمس -أو قال: من بني سَلُول، واسمي: كَهْمس-، ثم قال لي: ألا أحدِّثكَ حديثًا شهدتُهُ من عمرَ بن الخطاب؟ قلت: بلى. قال: بينما نحن جلوسٌ عنده، إذ جاءت امرأةٌ، فجَلَستْ إليه، فقالت: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ زوجي قد كثُرَ شرُّه، وقَلَّ خيرُهُ. فقال لها عمر: مَن زوجُكِ؟ قالت: أبو سَلَمة. قال: إنَّ ذاك له صحبةً، وإنَّه لرجلُ صِدقٍ.
(1) في «مسنده» (1/ 36 رقم 32).
وأخرجه -أيضًا- ابن سعد (7/ 46) والبخاري في «التاريخ الكبير» (7/ 238) وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3/ 123 رقم 1445) والطبري في «تهذيب الآثار» (1/ 335 - مسند عمر) وابن قانع في «معجم الصحابة» (2/ 382) من طريق حماد بن يزيد، به، مقتصرًا على قصَّة الصوم.
(2)
كذا ورد بالأصل، ونسخ الطيالسي، كما أشار إلى ذلك محقَّق «المسند» ، ونبَّه على خطئه، وأنَّ الصواب:«ابن يزيد» ، وأيَّد ذلك بأنَّ ابن قانع أخرجه في «معجمه» (2/ 382) من طريق الطيالسي، وجاء فيه:«ابن يزيد» .
(3)
كذا ورد بالأصل. والذي في المطبوع: «المدينة» .
(4)
الأقط: هو لبن مجفَّف، يابس مستحجر، يُطبخ به. «النهاية» (1/ 57).
(5)
البُرقان: جمع برقاء، وهي الشاة التي في خلال صوفها الأبيض طاقات سود. «النهاية» (1/ 119).
(6)
زاد في المطبوع: «قلت: نعم» .
ثم قال عمرُ لرجل عنده جالس: أليس كذاك؟ فقال: يا أميرَ المؤمنين، لا نَعرفُهُ إلا بما قلتَ. فقال عمرُ لرجل: قُم، فادعُهُ لي. فقامت المرأة حين / (ق 200) أرسَلَ إلى زوجها، فقَعَدتْ خلفَ عمرَ، فلم يَلبث أن جاءا معًا حتى جلسا بين يدي عمر، فقال عمرُ: ما تقول هذه الجالسة خلفي؟ (1) قال: ومَن هذه يا أميرَ المؤمنين؟! قال: هذه امرأتُكَ. قال: تقول ماذا؟ قال: تَزعمُ أنَّه قد قَلَّ خيرُكَ، وكثُرَ شرُّكَ.
فقال: بئس ما قالت يا أميرَ المؤمنين، إنها لمن صالحِ نسائِها، أكثرهُنَّ كُسوة، وأَكثرهُنَّ رفاهيةُ بيتٍ، ولكنَّ فحلُها بَكِيٌّ (2). فقال عمرُ: يرحمه الله، ما تقولين؟ قالت: صدق. فقام إليها عمر بالدِّرَّة، فتناولها بها، وقال: أي عَدُوَّةَ نفسِهِا، أَكَلتِ مالَهُ، وأَفنيتِ شبابَهُ، ثم أنشأتِ تُخبرينَ بما ليس فيه. فقالت: ياأميرَ المؤمنين، لا تَعجَلْ، فوالله لا أَجلسُ هذا المجلسَ أبدًا. ثم أَمَر لها بثلاثةِ أثوابٍ، فقال: خذي هذا لما صَنَعتُ بكِ، وإيَّاكِ أنْ تشتكي هذا الشيخَ، كأني أنظرُ إليها حين قامت ومعها الثياب، ثم أَقبَلَ على زوجها، فقال: لا يمنعكَ (3) ما رأيتني صَنَعتُ بها أن تُسيءَ (4) إليها، انصرِفَا. فقال الرَّجل: ما كنتُ لأفعل. ثم قال عمرُ رضي الله عنه: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «خيرُ أُمَّتي القَرنُ الذي أنا منه، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم يَنشَأُ قومٌ تَسبِقُ
(1) كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «ما تقول في هذه الجالسة خلفي» .
(2)
لعل المراد هنا هو ضَعفه عن الجماع، يقال: بَكَأَت الناقة والشاة: قلَّ لبنها، وقيل انقطع، وبَكَأَ الرَّجل: قَلَّ كلامه خِلقة. انظر: «لسان العرب» (1/ 468 - مادة بكأ)،
(3)
كذا ورد بالأصل، ونسخ الطيالسي، كما أشار إلى ذلك محققه، ومع ذلك غيَّره إلى:«لا يحملنَّك» ، ثم قال: المثبت من المصادر، والسياق يقتضيه (!)
(4)
كذا ورد بالأصل، ومطبوع الطيالسي. وجاء في مطبوع الطيالسي (ص 8 - مصورة الطبعة الهندية):«تُحسن» ، وهو الموافق للسياق.
أيمانُهُم شهادتَهم، يَشهدُون من غيرِ أن يُستَشهَدُوا، لهم لَغَطٌ في أسواقِهم».
قال معاوية: قال لي كَهْمس: أفتخافُ أنْ يكونَ هؤلاءِ من / (ق 201) أولئك؟ ثم قال لي كَهْمس: إنِّي أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرتُهُ بإسلامي، ثم غِبتُ عنه حولاً، ثم أتيتُهُ، فقلت: يا رسولَ الله، كأنَّك تُنكِرني؟ قال:«أَجَل» . فقلت: يا رسولَ الله، ما أَفطَرتُ منذُ فارقتُكَ. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ومَن أَمَرَكَ أن تُعذِّبَ نَفسَكَ؟ صُم يومًا من الشهرِ» . قلت: زدني. قال: «فصُم يومين» . حتى قال لي: «فصُم ثلاثةَ أيامٍ من الشهرِ» .
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
أثر آخر في ذلك
(536)
قال أبو القاسم البغوي: ثنا أبو رَوْح البَلَدي، ثنا أبو الأَحوص سلَاّم بن سُليم، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضَرِّب قال: قال عمرُ رضي الله عنه: استَعينوا على النساءِ بالعُري، فإنَّ إحداهنَّ إذا كَثُرَت ثيابُها وحَسُنَت زينتُها أَعجَبَها الخروجُ (1).
إسناد صحيح.
حديث آخر
(537)
قال الهيثم بن كُلَيب (2): ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أخي، عن سليمان -يعني: ابن بلال-،
(1) وأخرجه -أيضًا- ابن أبي شيبة (4/ 54 رقم 17705) في النكاح، باب في الغيرة وما ذكر فيها، عن أبي الأحوص، به.
(2)
ليس في القسم المطبوع من «مسنده» ، ومن طريقه: أخرجه الضياء في «المختارة» (1/ 307 رقم 198).
عن عبد الله بن يَسَار الأعرج، أنَّه سَمِعَ سالم بن عبد الله يحدِّث عن أبيه، عن عمرَ بن الخطاب: أنَّه كان يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يَدخلون الجَنَّة: العاقُّ لوالديه، والدَّيوثُ (1)، ورَجُلةُ النساءِ» .
هذا حديث حسن.
اختاره الضياء في كتابه من هذا الوجه.
وأخو إسماعيل هو: عبد الحميد.
وقد رواه أحمد (2)، والنسائي (3)، وابن حبان في «صحيحه» (4) من حديث ابن عمر، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي (5)، إن شاء الله تعالى.
أثر آخر
(538)
قال الشيخ الإمام أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله في كتابه «الاستيعاب لأسماء الصحابة» (6): أنا عبد الوارث بن سفيان، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا مُضَر بن محمد، ثنا إبراهيم بن عثمان (7)، ثنا مَخلد بن حسين، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين: قال: جاءت امرأةٌ إلى
(1) الدَّيوث: الذي لا يغار على أهاه. «النهاية» (2/ 147).
(2)
في «مسنده» (2/ 134).
(3)
في «سننه» (5/ 84 رقم 2561) في الزكاة، باب المنان بما أعطى.
(4)
(16/ 334 رقم 7340 - الإحسان).
وجوَّد إسنادَه الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 284 رقم 674).
(5)
يعني: في كتابه «جامع المسانيد والسُّنن» ، ولم أجده في القسم الذي أخرجه قلعجي.
(6)
(9/ 243 - بهامش الإصابة).
وهو منقطع بين ابن سيرين وعمر رضي الله عنه.
(7)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «أبو تميم بن عثمان» .
عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، فقالت: إنَّ زوجي يصومُ النهارَ، ويقومُ الليلَ. فقال: ما تريدينَ؟ أتريدينَ أن أَنهاهُ عن صيامِ النهارِ، وقيامِ الليلِ؟ قال: ثم رَجَعتْ إليه، فقالت: إنَّ زوجي يصومُ النهارَ، ويقومُ الليلَ. قال: أفتريدينَ أن أَنهاهُ عن صيامِ النهارِ، وقيامِ الليلِ؟ ثم جاءته الثالثة، فقالت: إنَّ زوجي يصومُ النهارَ، ويقومُ الليلَ. فقال: أتريدينَ أن أَنهاهُ عن صيامِ النهارِ، وقيامِ الليلِ؟ قال: وكان عنده كعب بن سُور، فقال كعب: إنها امرأةٌ تَشتكي زوجَها. فقال عمرُ رضي الله عنه: أَمَا إذ فَطِنتَ لها، فقُمْ، فاحكُم بينهما. قال: فقام كعب، وجاءت بزوجها، فقالت:
يا أيها القاضي الفقيهُ أَرشَدَهُ
…
أَلهَى خليلي عن فراشي مسجِدَه
زهَّدَهُ في مضجعي تعبّدُه
…
نهارُه وليلُه ما يَرقُدُه
ولستُ في أَمرِ النساءِ أَحمَدُه
…
فاقضِ القَضَا يا كَعبُ لا تَردده
[فقال] الزَّوج:
إني امرؤٌ قد شَفَنِي ما قد نَزَل
…
في سورةِ النورِ وفي السَّبعِ الطِّوَل
وفي الحواميمِ الشِّفا وفي النَّحلِ
…
وفي كتابِ اللهِ تخويفٌ جَلَل
فرُدَّها عنِّي وعن سُوءِ الجَدَل
فقال كعب بن سُور القاضي رحمه الله:
إنَّ السعيدَ بالقضاءِ مَن فَصَل
…
ومَن قَضَى بالحقِّ حقًّا وعَدَل
إنَّ لها حقًّا عليكَ يا بَعُل
…
مِن أربعٍ واحدةٌ لمَن عَقَل
امضِ لها ذاكَ وَدَع عنكَ العِلَل
ثم قال: أيها الرَّجلُ، إنَّ لك أنْ تتزوَّجَ مثنى، وثلاثَ، ورُباعَ، فلك ثلاثةُ أيامٍ، ولامرأتِكَ هذه يومٌ، ومن أربع ليالٍ ليلةٌ، فلا تُصَلِّ في ليلتِها إلا الفريضةَ.
قال: فبَعَثَهُ عمرُ رضي الله عنه قاضيًا على البصرة.
ثم قالت المرأة: يا أميرَ المؤمنين، واللهِ ما بي شوقٌ إلى ما تَشتاقُ إليه النساءُ من الرِّجال، إلا أني رأيتُهُ يقومُ الليلَ يَستغفِرُ اللهَ لوالديه، فرَجَوتُ أن يُخرِجَ اللهُ مني ومنه مَن يَستغفِرُ اللهَ لي وله.
وقد روى وكيع (1)، عن زكريا، عن الشَّعبي مثل هذا، أو نحوه، وليس فيه شِعر، وهو مشهور عند الفقهاء، يَذكرونه في باب القَسْم (2).
(1) ومن طريقه: أخرجه محمد بن خلف -المعروف بوكيع- في «أخبار القضاة» (1/ 275) مقتصرًا على استقضاء عمر لكعب على البصرة.
وأخرجه -أيضًا- ابن سعد (7/ 92) وعبد الرزاق (7/ 149 رقم 12587) وابن أبي الدُّنيا في «العيال» (498) ووكيع في «أخبار القضاة» (1/ 275 - 276) والمُعافَى بن زكريا في «الجليس الصالح» (2/ 377) من طريق الشَّعبي، به.
وهو منقطع بين الشَّعبي وعمر.
وقد قال الحافظ في «الإصابة» (8/ 333) في ترجمة كعب بن سُور: بعثه عمر قاضيًا على البصرة لخبر عجيب مشهور.
وصحَّحه الشيخ الألباني في «الإرواء» (7/ 80).
(2)
تنبيه: جاء بحاشية الأصل تقييد هذا نصه: بلغ الشيخ شمس الدين بأم الصالح في ذي الحجَّة سنة 758.