الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر في عتق أُمِّ الولد
(451)
قال مالك (1) عن نافع، عن ابن عمرَ قال (2): أيُّما وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ من سَيِّدِها، فإنَّه لا يَبيعُها، ولا يَهبُها، ولا يُورِّثُها، وهو يَستَمتِعُ بها، فإذا مات فهي حُرَّةٌ.
هذا إسناد صحيح.
وقد ورد من طرق أخر عن عمرَ (3).
(1) في «الموطأ» (2/ 327) في العتق والولاء، باب عتق أمهات الأولاد
…
(2)
كذا ورد بالأصل. والذي في «الموطأ» : «عن ابن عمرَ: أنَّ عمرَ بن الخطاب قال «، وكذا ذكره المؤلِّف في جزئه في «بيع أمهات الأولاد» (ص 65).
(3)
منها: ما أخرجه عبد الرزاق (7/ 292 رقم 13228) وسعيد بن منصور (2/ 62 رقم 2054) وابن أبي شيبة (4/ 415 رقم 21589) والبيهقي (10/ 342، 343، 348) من طريق عبد الله بن دينار. وسفيان بن عيينة في «جزئه» (ص 117 رقم 50 - رواية زكريا المروزي) من طريق عبيد الله بن عمر. وابن أبي شيبة (21584) والبيهقي (10/ 349) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري. وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (2/ 999 رقم 2893) من طريق ابن أبي ذئب. أربعتهم (عبد الله بن دينار، وعبيد الله بن عمر، ويحيى بن سعيد، وابن أبي ذئب) عن نافع قال: جاء رجلان إلى ابن عمرَ، فقال: من أين أقبلتُما؟ قالا: من قِبَلِ ابن الزُّبير، فأَحلَّ لنا أشياءَ كانت تحرمُ علينا، قال: ما أحلَّ لكم ممَّا كان يحرمُ عليكم؟ قال: أَحلَّ لنا بيعَ أمَّهاتِ الأولادِ. قال: أتعرفانِ أبا حفصٍ عمرَ رضي الله عنه؟ قالا: نعم. قال: فإنَّ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه نهى أنْ تُباعَ، أو تُوهبَ، أو تُورثَ، يَستمتعُ بها ما كان حيًّا، فإذا مات فهي حُرَّةٌ.
وهذا إسناد صحيح، كما قال المؤلِّف في جزئه في «بيع أمهات الأولاد» (ص 95).
ومنها: ما أخرجه عبد الرزاق (7/ 291 رقم 13224) وسعيد بن منصور (2/ 61 رقم 2048) وعمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة «(2/ 729، 730) والفَسَوي في «المعرفة والتاريخ» (1/ 442) والبيهقي (10/ 343، 348) وفي «المدخل إلى السُّنن الكبرى» (ص 133 رقم 86) من طريق محمد بن سيرين، عن عَبيدة السَّلماني، عن عليٍّ رضي الله عنه قال: اجتمع رأيي ورأيُّ عمر على عتقِ أمَّهاتِ الأولادِ، ثم رأيتُ بعدُ أن أَرقهنَّ. قال: فقلتُ له: رأيُك، ورأيُّ عمرَ في الجماعةِ؛ أحبُّ إليَّ من رأيكَ وحدكَ في الفتنةِ.
وهذا إسناد صحيح، كما قال أبو العباس ابن تيمية في «منهاج السُّنة» (6/ 440) والحافظ في «التلخيص الحبير» (4/ 219).
وروي مرفوعًا من وجوه أخر (1).
وقد تَقَصَّيتُ ذلك كلَّه في جزء مُفرَد، وبيَّنتُ اختلافَ الأئمَّةِ في هذه المسألةِ، وتحصَّلَ من أقوالِهِم قريبٌ من ثمانيةِ مذاهبَ، ولله الحمدُ والمنَّةِ.
حديث آخر
(452)
قال أبو بكر بن أبي شيبة في «مصنَّفه» (2): ثنا معاوية بن هشام، ثنا أيوب بن عُتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن جابر قال: كنَّا نَبيعُ أمَّهاتِ الأولادِ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذَكَر أنَّه زَجَر عن بيعهنَّ، وكان عمرُ رضي الله عنه يَشتَدُّ في بَيعِهِنَّ.
أيوب بن عُتبة هذا هو: اليمامي، وهو ضعيف (3).
(1) روي من حديث عمر، وابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم، وقد تكلَّم عليها المؤلِّف في جزئه في «بيع أمهات الأولاد» (ص 51 - 63) وبيَّن أنه لا يصحُّ منها شيء، فانظرها غير مأمور.
(2)
لم أجده في مطبوع «المصنَّف» ، وعزاه البوصيري في «مصباح الزجاجة» (3/ 98) لـ «مسند ابن أبي شيبة «، ولم أجده في المطبوع منه.
(3)
وقال في جزئه في «بيع أمهات الأولاد» (ص 98): وقوله: «ثم ذَكَر أنه زَجَر عن بيعهن» ؛ الظاهر أنه من كلام جابر؛ لأن مذهبه أنهن يُبَعن.
(453)
وقد رواه أبو داود في «سننه» (1) من طريق أخرى، فقال: ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن قيس، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: بِعْنا أمَّهاتِ الأولادِ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان عمرُ نهانا فَانْتَهَينا.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم (2)،
ولله الحمد.
(1)(4/ 360 رقم 3954) في العتق، باب عتق أمهات الأولاد.
وأخرجه -أيضًا- ابن حبان (10/ 166 رقم 4324 - الإحسان) والحاكم (2/ 18 - 19) والبيهقي (10/ 347) من طريق حماد، به.
(2)
وقال في جزئه في «بيع أمهات الأولاد» (ص 98): وهذا -أيضًا- على رسم مسلم؛ لأن حمادًا -هو: ابن سَلَمة- انفرد به مسلم، وقيس -هو ابن سعد المكي- ثقة، أخرج له أيضًا.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
وجوَّد إسناده العقيلي في «الضعفاء» (2/ 74).
لكن قال ابن عبد البر في «التمهيد» (3/ 136 - 138): وأما طريق الاتباع للجمهور الذي يشبه الإجماع، فهو المنع من بيعهنَّ، وعلى المنع من بيعهنَّ جماعة فقهاء الأمصار، منهم: مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وأصحابهم، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وجمهور أهل الحديث، وقد قال الشافعي في بعض كُتُبه بإجازة بيعهن، ولكنه قطع في مواضع كثيرة من كُتُبه بأنه لا يجوز بيعهن، وعلى ذلك عامة أصحابه، والقول ببيع أمَّهات الأولاد شذوذ تعلَّقت به طائفة
…
، وقد صحَّ عن عمرَ في جماعة من الصحابة المنع من بيعهن
…
، إلى أن قال: والحجج متساوية في بيعهن للقولين جميعًا من جهة النظر، وأما العمل والاتباع فعلى مذهب عمرَ رضي الله عنه.
وقال الحافظ في «الفتح» (5/ 165): ولم يستند الشافعي في القول بالمنع إلا إلى عمر، فقال: قلتُه تقليدًا لعمر. قال بعض أصحابه: لأنَّ عمر لمَّا نهى عنه فانتهوا صار إجماعًا، يعني فلا عبرة بندور المخالف بعد ذلك، ولا يتعيَّن معرفة سند الإجماع.
أثر آخر
(454)
قال أبو عبيد (1): ثنا ابن عُليَّة ومعاذ، عن ابن عَون قال: أنبأنا غاضِرة العَبْدي (2): أنهم أَتَوا عمرَ في نساءٍ أو إمَاءٍ سَاعَيْنَ في الجاهليةِ، فأَمَرَ بأولادِهِن أنْ يُقوَّمُوا على آبائِهِم، وألا يُستَرَقُّوا.
قال: وأخبرني الأصمعي أنَّه سَمِعَ ابن عَون يَذكر هذا الحديث، قال: فقلتُ لابن عَون: إنَّ المساعاةَ لا تكونُ في الحرائرِ، وإنمَّا تكونُ في الإماءِ. قال: فجعل ابن عَون يَنظرُ إليَّ.
قال أبو عبيد: ومعنى المساَعَاة: الزِّنى، يعني: أنَّ الأَمَة تَسعى في أداء الضَّريبة التي عليها لسيِّدها كلَّ يوم كما كانوا في الجاهلية، وكان الحُكم بينهم أنَّ مَن أَحبَلَ أَمَةَ آخرَ أنَّ الولدَ يَلحَقُهُ نَسَبُهُ إنْ ادَّعاه أو أحدٌ من عَصَباتِهِ، فحَكَم عمرُ رضي الله عنه أنَّ مَن زَنَى بأَمَة في الجاهليةِ ثم أَسلَمَ وادَّعاه أنَّه ولدُهُ، ويَلزمُهُ قيمتُهُ لسيِّدِ الأَمَةِ؛ لأنَّه وَطَأَها وهو يَعتقدُ أنَّ الولدَ حُرٌّ يَتبعُهُ، فإنْ ادَّعى سيِّدُ الأَمَةِ الولدَ أو أحدٌ من قراباتِهِ فهو أحقُّ، كما حَكَم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في ابن وَلِيدةِ زَمْعة أنَّه لِعَبْدِ بن زَمْعة لمَّا
(1) في «غريب الحديث» (4/ 234).
وأخرجه -أيضًا- عبد الرزاق (7/ 278، 304 رقم 13159، 13275) وابن أبي شيبة (6/ 528 رقم 33511) من طريق ابن عَون، به.
وغاضرة العَنْبري أورده البخاري في «التاريخ الكبير» (7/ 109 رقم 486) وقال: سَمِعَ عمر، روى عنه ابن عَون.
وأورده الحافظ في «الإصابة» (8/ 49) وقال: قال ابن الكلبي: له صحبة، وبعثه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الصَّدقات، حكاه الرشاطي، وقال: لم يَذكره أبو عمر، ولا ابن فتحون.
(2)
كذا ورد بالأصل. وصوابه: «العنبري» . انظر: «الجرح والتعديل» (7/ 56) و «ثقات ابن حبان» (5/ 293).
ادَّعاهُ مع ظهور شَبَهِهِ في عُتبة بن أبي وقاص (1).
هذا حُكْم مُسَاعَاةِ الجاهلية، فأما إنْ كان الزِّنى بعد الإسلامِ فالولدُ رقيقٌ لسيِّدِ الأَمَةِ قولاً واحدًا، لقوله صلى الله عليه وسلم:«وللعَاهِرِ الحَجَرُ» (2).
(455)
وقال (3): ثنا أبو معاوية، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يَسَار: أنَّ عمرَ كان يُلحِقُ أولادَ الجاهليةِ بمن ادَّعَاهُم في الإسلامِ.
(1) انظر: «صحيح البخاري» (4/ 293، 411 رقم 2053، 2218) و (5/ 74، 163، 371 رقم 2421، 2533، 2745) و (8/ 23 رقم 4303) و (12/ 32، 52، 127 رقم 6749، 6765، 6817) و (13/ 172 رقم 7182 - فتح) و «صحيح مسلم» (2/ 1080 رقم 1457).
(2)
تقدم تخريجه في التعليق السابق.
(3)
«غريب الحديث» (4/ 236).
وأخرجه -أيضًا- مالك (2/ 284) في الأقضية، باب القضاء بإلحاق الولد بأبيه، عن يحيى بن سعيد، به.
وهو منقطع بين سليمان بن يَسَار وعمر.