الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر في استحباب الجمع بين المتحابَّين بالتزويج
(509)
قال أبو عمر بن حيُّويه (1): حدثني أبو بكر محمد بن خلف، حدثني أبو محمد البَلْخي، حدثني أحمد بن سُرَاقة، حدثني العباس بن الفرج قال: سَمِعتُ الأصمعيَّ، عن ابن أبي الزِّناد (2) قال: قال عمرُ بن الخطاب: لو أدركتُ عَفراءَ وعروةَ لجَمَعتُ بينهما.
هذا منقطع.
وعَفراء وعروة بن حِزَام كانا في الجاهلية، ويُؤثَر عنهما أشعارٌ في المحبة (3).
(510)
وقد روى ابن ماجه في «سننه» (4)
من حديث طاوس، عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لم يُرَ للمتحابَّين مثلُ النكاحِ» .
(1) ومن طريقه: أخرجه ابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص 417).
وأخرجه -أيضًا- أبو محمد جعفر بن أحمد السرَّاج القارئ في «مصارع العشَّاق» (1/ 264) من طريق محمد بن خلف، به.
(2)
ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين ابن أبي الزِّناد وعمر.
(3)
انظر: «ذم الهوى» لابن الجوزي (ص 407 - 419).
(4)
(1/ 593 رقم 1847) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، به.
وأخرجه -أيضًا- العقيلي (4/ 134) والطبراني في «الكبير» (11/ 42 رقم 11009) والحاكم (2/ 160) وتمام في «فوائده» (2/ 366، 367 رقم 732، 733، 734 - الروض البسام) والبيهقي (7/ 78) من طريق محمد بن مسلم، به.
ومداره على محمد بن مسلم الطائفي، وهو صدوق يخطئ، وقد تفرَّد بوَصْل هذا الحديث، ولذا أعلَّه البيهقي بقوله عقب روايته: لا يُتابَع عليه.
قلت: وقد خالَفَه ثلاثة من الثقات فأرسلوه، وهم:
1 -
سفيان بن عيينة: وروايته عند سعيد بن منصور (1/ 139 رقم 492). وأبي يعلى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (5/ 132 رقم 2747) عن أبي خيثمة. والعقيلي (4/ 134) من طريق الحميدي. ثلاثتهم (سعيد بن منصور، وأبو خيثمة، والحميدي) عن ابن عيينة، عن إبراهيم، عن طاوس، مرسلَا.
وقد خولف هؤلاء، خالَفَهم أحمد بن حرب الطائي، فرواه عن ابن عيينة، عن إبراهيم، عن طاوس، عن ابن عباس، موصولاً! ومن هذا الوجه: أخرجه ابن شاذان في «مشيخته» (ص 110 رقم 60).
وهذا منكر، فقد تفرَّد بوَصْله مَن لا يُحتمل تفرُّده، زد على هذا: أن في الطريق إليه مَن لا يُعرف بعدالة ولا جرح، ومَن لا يوجد له ترجمة، كما نبَّه على ذلك الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 196).
2 -
ابن جريج: وروايته عند عبد الرزاق (6/ 168 رقم 10377) وابن أبي شيبة (3/ 440 رقم 15909) في النكاح، باب في التزويج
…
، والبيهقي (7/ 78).
3 -
معمر: وروايته عند عبد الرزاق (6/ 168 رقم 10377).
وهذا الوجه المرسل أصح؛ لاتفاق ثلاثة من الثقات على روايته، وهو ما رجَّحه العقيلي، فقد قال عقب روايته: وهذا أولى.
قلت: وقد جاءت رواية تؤيد رواية محمد بن مسلم الطائفي المتَّصلة، لكنها معلَّة:
أخرجها الخليلي في «الإرشاد» (3/ 947) وأبو القاسم المهرواني في «المهروانيَّات» (ص 253 رقم 165 - تخريج الخطيب) من طريق عبد الصمد بن حسَّان، عن الثوري، عن إبراهيم بن ميسرة، به، موصولاً.
وقد أعلَّ هذا الوجه الخطيب البغدادي، فقال: لم يرو هذا الحديث كذا موصولاً عن سفيان الثوري إلا عبد الصمد بن حسَّان، وتابَعَه مؤمَّل بن إسماعيل، وأخرجه غيره عن سفيان مرسلاً، ولم يَذكر ابن عباس في إسناده، وهو الصواب.
قلت: عبد الصمد بن حسان هذا: قال عنه الخليلي: «يتفرد بأحاديث» ، وقد تفرَّد هنا عن الثوري بما لا يتابَع عليه، وفي كلام الخطيب ما يبين أن غيره من أصحاب الثوري رواه مرسلاً.
وأما رواية مؤمَّل بن إسماعيل التي أشار إليها الخطيب: فقد أخرجها الخليلي في الموضع السابق، وهي رواية منكرة؛ فمؤمَّل بن إسماعيل صدوق سيئ الحفظ، =
حديث آخر
(511)
قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي: أنا الحسن بن سفيان، ثنا الرفاعي، ثنا أبو الحسين، ثنا عبد الله بن بُدَيل، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن عمرَ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشُّؤمُ في ثلاثةٍ: في الدَّابةِ، والمسكنِ، والمرأةِ» .
وكذا رواه أبو يعلى (1)، عن أبي هشام الرِّفاعي، عن زيد بن الحُبَاب، عن عبد الله بن بُدَيل، به.
وهذا حديث حسن الإسناد من هذا الوجه (2).
= قال عنه محمد بن نصر المروزي: مؤمَّل إذا انفرد بحديث وَجَب أن يُتوقَّف ويُتثبَّت فيه، لأنه كان سيئ الحفظ، كثير الغلط. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال يعقوب بن سفيان: حديثه لا يشبه حديث أصحابه، وقد يجب على أهل العلم أن يقفوا عن حديثه، فإنه يروي المناكير عن ثقات شيوخه، وهذا أشد، فلو كانت هذه المناكير عن الضعفاء؛ لكنَّا نجعل له عذرًا. وقال السَّاجي: له أوهام يطول ذكرها. انظر: «تهذيب التهذيب» (10/ 381).
قلت: فتفرُّد مثل هذا عن إمام مشهور، كالثوري، يُعدُّ منكرًا، وقد صحَّح الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 196) رواية محمد بن مسلم الطائفي المتَّصلة، اعتمادًا على ورودها عن ابن عيينة من وجه آخر متصلة -وقد سبق بيان ما فيها من علَّة- وعلى رواية الثوري المتصلة من طريق عبد الصمد عنه -وقد سبق بيان ما فيها أيضًا-، فثبت بهذا: أن المحفوظ المرسل، وهو ما رجَّحه العقيلي.
(1)
في «مسنده» (1/ 198 رقم 229).
(2)
لكن له علَّة، فقد ذكر أبو يعلى عقب روايته لهذا الحديث عن شيخه أبي هشام الرِّفاعي أنه قال: هو خطأ.
قلت: وهذا الذي قاله أبو هشام الرِّفاعي هو الصواب، ووجه صوابه: أنَّ عبد الله بن بُدَيل راويه عن الزهري صدوق يخطئ، فروايته منكرة، لاسيَّما وقد خالَفَه ثقات أصحاب الزهري المتقنين الذين رَوَوه عنه، فجعلوه من مسند ابن عمر، وهم: مالك، ويونس، وابن عيينة، وصالح بن كَيسان، وعُقيل بن خالد، وشعيب بن أبي حمزة. انظر رواياتهم عند البخاري (6/ 60 رقم 2858) في الجهاد، باب ما يُذكر من شؤم الفرس، و (9/ 137 رقم 5093) في النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة
…
، و (10/ 212 رقم 5753) في الطب، باب الطيرة، ومسلم (4/ 1746 رقم 2225)(115)(116) في السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم.
وقد خفيت علَّة هذه الرواية على الأستاذ حسين أسد في تحقيقه لـ «مسند أبي يعلى» ، فحسَّن رواية عمر، وساق لها شاهدًا من حديث ابن عمر! والواقع أنهما حديث واحد، اختُلف في صحابيه.
وقد صحَّ من وجه آخر (1).
(1) منها: ما أخرجه البخاري (6/ 60 رقم 2859) و (9/ 137 رقم 5095) ومسلم (4/ 1748 رقم 2226) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعًا: «إنْ كان؛ ففي المرأة، والفَرَس، والمسكن» . يعني: الشُّؤم.
ومنها: ما أخرجه مسلم (2227) من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعًا: «إنْ كان في شيءٍ؛ ففي الرَّبع، والخادم، والفَرَس» .
ولفقه هذه الروايات: انظر: «الفتح» (6/ 61) و «مفتاح دار السعادة» لابن القيم (3/ 332 - 343).