المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حديث في الطلاق - مسند الفاروق لابن كثير ت إمام - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌آثار عن عمرَ رضي الله عنه في الترغيب في التجارة

- ‌حديث في النهي عن بيع الخمر، وما لا يحلُّ أكله، ويستفاد منه أنَّ بيع النجاسة لا يصحُّ، وأنَّ الحيل حرام

- ‌حديث آخر في بيع الطعام

- ‌حديث فيمن باع عبدًا له مال

- ‌ حديث في خيار الشَّرط

- ‌حديث في الرِّبا والصَّرف

- ‌حديث في النهي عن الاحتكار

- ‌أثر في التَّسعير

- ‌حديث يُذكر في كتاب الصُّلح، فيه الدِّلالة على جواز أن يشرع الرَّجل ميزابًا إلى الطريق النافذة

- ‌أثر في الفَلَس والحَجْر على المبذِّر

- ‌أثر يُذكر في باب الحَجْر على اليتيم

- ‌أثر في كون الإنبات دليلاً على البلوغ

- ‌أثر في الشُّفعة

- ‌أثر في القِرَاض

- ‌حديث في المزارعة

- ‌حديث في الإجارة

- ‌أثر في ضمان البساتين

- ‌ أثر يُذكر في إحياء الموات وتملُّك المباحات

- ‌أثر في جواز الحمى للإمام

- ‌حديث في اللُّقَطة

- ‌أثر في اللَّقيط

- ‌حديث في الوقف

- ‌ صورة كتاب وقف عمر رضي الله عنه

- ‌حديث في الهبة

- ‌حديث في الوصية

- ‌أثر في صحة وصية المميِّز من الصبيان

- ‌ حديث في العتق

- ‌أثر آخر في أحكام العتق

- ‌أثر في عتق أُمِّ الولد

- ‌ حديث في الولاء

- ‌أثر في الولاء أيضًا

- ‌ كتاب الفرائض

- ‌أثر في توريث الزوجة مع الأبوين

- ‌أثر في العَوْل

- ‌أثر في توريث العَصَبات

- ‌أثر في العَمَّة

- ‌أثر في المُشرَّكة، وهي الحِمَارية

- ‌ قوله في الجَدِّ

- ‌أثر في المعادَّة

- ‌أثر فيمن أسلم قبل قسمة ميراث أبيه

- ‌كتاب النكاح

- ‌حديث في استئمار البنات

- ‌أثر عن عمر في الأولياء

- ‌أثر في بطلان نكاح من تزوَّج وهو مُحرِم

- ‌حديث في الرَّغبة في ذات الحسب العريق والشَّرَف

- ‌ أثر فيه الرَّغبة في ذات الدِّين والعقل والورع

- ‌أثر في السَّتر على المخطوبة التي قد بَدَت منها هَفوة في وقت، ثم تابت وأنابت

- ‌حديث في التَّنفير من سيِّئة الخَلْق والخُلُق

- ‌أثر في كراهة تزويج المرأة الحَسَنة من الرجل القبيح المنظر

- ‌أثر يُذكر في النظر إلى المخطوبة

- ‌أثر في ضرب الدُّفوف في الأعراس

- ‌ أثر في استحباب تزويج الصِّغار عند البلوغ

- ‌أثر في استحباب الجمع بين المتحابَّين بالتزويج

- ‌حديث في تحريم نكاح المتعة

- ‌أثر في نكاح المحلَّل

- ‌أثر آخر في بطلان نكاح المحلَّل

- ‌أثر في النهي عن الجمع بين الأختين بمِلْك اليمين

- ‌حديث في النهي عن إتيان النساء في الأدبار

- ‌أثر آخر في الخيار في النكاح

- ‌حديث في الصَّداق

- ‌أحاديث تُذكر في الوليمة، وآداب الطعام

- ‌أثر فيه أدب كريم

- ‌حديث يُذكر في عشرة النساء

- ‌حديث في الخلع

- ‌حديث في الطَّلاق

- ‌أثر آخر يُذكر في طلاق المكره

- ‌أثر فيمن طلَّق امرأته طلقة أو طلقتين، فتزوَّجت بزوج غيره، فطلَّقها، ثم راجعها الأوَّل، هل تعود إليه بالثلاث، أو بما بقي لها من عدد الطَّلقات

- ‌أثر آخر في أن الكناية لا تقع إلا بالنِّيَّة

- ‌حديث في الإيلاء

- ‌أثر يَذكره الفقهاء في باب الإيلاء في أكثر مُدَّته

- ‌أثر في اللِّعان

- ‌حديث في الأنساب

- ‌أثر في أن الولد لا يلحق الرَّجل لدون ستَّة أشهر

- ‌أثر في لحوق وَلَد الأَمَة

- ‌أثر يُذكر في مدَّة الحَمْل

- ‌ حديث في الأيمان

- ‌أثر فيمن حَلَف على يمين فرأى غيرَها خيرًا منها

- ‌أثر في النهي عن الحلف بالأمانة

- ‌أثر في الاستبراء

- ‌ أثر يُذكر في باب العِدَد

- ‌أثر آخر في العِدَد

- ‌أثر في امرأة المفقود

- ‌أثر آخر فيمن تزوَّج بامرأة في عِدَّتها

- ‌أثر في أن نفقة الزوجة تصير دَينًا في ذمَّة الزَّوج، ولا تسقط بالمضيِّ

- ‌أثر يُذكر في نفقة الرَّقيق

- ‌أثر آخر في الرِّفق بالبهائم

- ‌كتاب الجنايات

- ‌أثر في القَوَد بالمحدَّد، سواء كان حديدًا أو نحوه

- ‌أثر في قتل الجماعة بالواحد

- ‌أثر فيه القِصَاص من الضَّربة واللَّطمة ونحو ذلك

- ‌أثر آخر فيه تقديم المباشرة على السَّبب

- ‌أثر عن عمر في الدَّفع بالأسهل

- ‌ أثر في العاقلة

- ‌أثر آخر في دفع الصَّائل

- ‌أثر آخر في قتل المرتدِّ

- ‌أحاديث الجهاد

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في استحباب الإكثار من الغزو

- ‌حديث في فضل النفقة في الغزو

- ‌حديث في فضل الشهادة

- ‌أثر في جواز قتل ذي الرَّحم الكافر في الحرب

- ‌حديث آخر في تقسيم الشُّهداء

- ‌حديث في أنَّ العرب لا يُسترقُّون

- ‌حديث آخر في فكاك الأسير

- ‌حديث آخر في تحريم الغُلُول في المغانم، والعقوبة عليه

- ‌حديث في قتل الجاسوس

- ‌أحاديث قسم أموال الفيء والغنائم

- ‌أثر آخر عن عمر مشتمل على فوائد من أهمِّها ما نحن فيه من قسمة مال الفَيء

- ‌حديث يُذكر في باب عقد الذمة وضرب الجزية

- ‌ذِكر الشروط العُمرية في أهل الذمة

- ‌حديث في الهدنة

- ‌ آثار في حكم أرض السَّواد

- ‌حدود أرض السَّواد

- ‌كتاب الحدود

- ‌حديث في الرجم

- ‌أثر في حدِّ القذف

- ‌أثر في قطع السَّارق

- ‌حديث في الخمر

- ‌حديث في كيفية الحدِّ من المسكر

- ‌أثر شبيه بهذا الحديث من حيث الرفق بشارب الخمر والتلطُّف

- ‌أثر عن عمر فيه جواز التغريب في الخمرإن رأى الإمام في ذلك مصلحة فَعَلَه

- ‌حديث فيه السِّتر على أهل المعاصي، وأن الحدود تُدفَع بالشُّبهات

- ‌أثر يُذكر في باب التعزير

- ‌أثر آخر يُذكر في تأديب السَّبَّابة

- ‌حديث في الإمامة وغير ذلك

- ‌ حديث السَّقيفة الطويل

- ‌حديث آخر في السَّقيفة أيضًا

- ‌أثر في تحذير الإمام أن يولِّي على المسلمين قريبًا لقرابته أو فاجرًا

- ‌أثر في جواز استعانة الإمام ببعض العمَّال على ما لا يتمكَّن منه

- ‌حديث فيه جواز اتخاذ كاتب أمين

- ‌أثر فيه أنَّ الإمام يأذن للناس عليه بحسب منازلهم في الإسلام والشَّرَف، وأنهم يجلسون منه كذلك

- ‌ حديث في التحذير من أئمَّة الضَّلال والجور

- ‌أثر في أنه يجوز استعمال الرَّجل القويِّ وإن كانت له ذنوب يَستَسِر بها

- ‌أثر فيه أن الوالي إذا طرأ عليه ما ينافي العدالة فإنه يُعزَل

- ‌كتاب الأقضية

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في التحذير من غائلة ولاية القضاء

- ‌أثر في صفة القضاء

- ‌أثر في ردِّ شهادة الزُّور

- ‌أثر في النهي عن الرِّشوة للحاكم في الحكم

- ‌أثر آخر في كيفية التعديل

- ‌أثر فيه أنَّ المُتحاكِمَين يذهبان إلى الحاكم بأنفسهما

- ‌أثر يُذكر في باب اليمين في الدَّعاوى

- ‌حديث يُذكر في الشَّهادات وغيرها

- ‌حديث آخر في خطبة عمر رضي الله عنه بالجابية، وما فيها من الفوائد المتعلِّقة بالشَّهادت وغيرها

- ‌فوائد من خطبة عمر بالجابِيَة

- ‌حديث يُستدل به على أنه لا تقبل شهادة الوالد لولده

- ‌أثر في الشهادة على القذف، وقصَّة أبي بَكرة وزياد والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم

- ‌كتاب التفسير

- ‌ذِكر أنَّ عُمرَ بن الخطاب رضي الله عنه أوَّلُ من جَمَع القرآن، بمعنى أنَّه كان ذلك في زمن الصِّدِّيق، ولكن كان هو المشير بذلك أو المستشار، ثم كان يَستحثُّ في ذلك، والله أعلم

- ‌من فاتحة الكتاب

- ‌ومن البقرة

- ‌حديث في تفسير آية النَّسخ

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

- ‌حديث في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}

- ‌حديث آخر في آية تحريم الخمر

- ‌أثر في فضل آية الكرسي

- ‌أثر يُذكر عند قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}

- ‌ومن سورة آل عمران

- ‌ومن تفسير سورة النساء

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}

- ‌ومن تفسير سورة المائدة

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}

- ‌ومن سورة الأنعام

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}

- ‌ومن سورة الأعراف

- ‌ومن سورة الأنفال

- ‌ومن سورة براءة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية

- ‌ومن سورة يونس

- ‌ومن سورة هود

- ‌أثر آخر في قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}

- ‌ومن سورة يوسف

- ‌ ومن سورة الرَّعد

- ‌ومن سورة إبراهيم

- ‌أثر عند قوله: {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}

- ‌ومن سورة الكهف

- ‌ومن سورة مريم

- ‌ومن سورة طه

- ‌ومن سورة الحج

- ‌ومن سورة المؤمنون

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}

- ‌حديث فيه أنَّ آية الرَّجم نُسِخَ تلاوتها ورسمها وبقي مقتضاها وحكمها

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}

- ‌ومن سورة الفرقان

- ‌ومن سورة القصص

- ‌ومن سورة فاطر

- ‌ومن سورة يس

- ‌عند قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}

- ‌ومن سورة ص

- ‌ ومن سورة الزُّمر

- ‌ومن سورة الأحقاف

- ‌ومن سورة الفتح

- ‌ومن الحجرات

- ‌ومن سورة الذَّاريات

- ‌ومن سورة الطور

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}

- ‌ومن سورة الرحمن

- ‌أثر في ذِكر العَبقَري

- ‌ومن سورة المجادلة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}

- ‌ومن سورة الحشر

- ‌ومن سورة الممتحنة

- ‌ومن سورة الجمعة

- ‌ومن سورة التغابن

- ‌ومن سورة التحريم

- ‌ومن سورة الحاقة

- ‌ومن سورة عبس

- ‌ومن سورة التكوير

- ‌ومن سورة الغاشية

الفصل: ‌حديث في الطلاق

‌حديث في الطَّلاق

(540)

قال أبو داود الطيالسي (1): ثنا ابن أبي ذِئب، عن نافع، عن ابن عمرَ: أنَّه طلَّق امرأتَهُ وهي حائضٌ، فأتى عمرُ رضي الله عنه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَذكرُ ذلك له، فجَعَلها واحدةً.

/ (ق 202) هذا إسناد قوي، رجاله ثقات.

وهو ظاهر الدلالة لمذهب الجمهور (2) في نفوذ الطَّلاق في زمن الحيض، والله أعلم بالصواب.

طريق أخرى

(541)

قال الحافظ أبو بكر البيهقي (3): أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، ثنا عبد الملك بن محمد الرَّقاشي، ثنا بِشر بن عمر، ثنا شعبة، عن أنس بن سيرين

، فذَكَره، بنحوه -يعني حديثه عن ابن عمرَ في طلاق الحائض-، غير أنَّه قال:«فَليُطَلِّقهَا إن شاءَ» . قال: فقال عمرُ: يا رسولَ الله، أفيُحتَسَبُ بتلك التطليقة؟ قال:«نعم» .

(1) في «مسنده» (1/ 68 رقم 68).

(2)

انظر: «شرح فتح القدير» لابن الهمام (3/ 468) و «مواهب الجليل» (4/ 39) و «المهذَّب» للشيرازي (2/ 79) و «الإقناع» للحِجَّاوي (3/ 463).

(3)

في «سننه» (7/ 326).

ص: 189

وهذا الإسناد رجاله ثقات، إلا أنَّه قد رواه البخاري في «الصحيح» (1)، عن سليمان بن حرب، عن شعبة. ومسلم (2) من حديث غُندَر عنه، بدون هذه الزيادة.

وكذلك رواه حجَّاج بن منهال، عن شعبة (3) بدونها، وقولهم أثبت وأصح، والله أعلم.

طريق أخرى

(542)

قال الإمام أحمد (4): ثنا يزيد، أنا عبد الملك، عن أنس بن سيرين قال: قلت لابن عمرَ: حدِّثني عن طلاقِكَ امرأتَكَ، قال: طلَّقتُها وهي حائضٌ، فذَكَرت ذلك لعمرَ، فذَكَره للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«مُرْهُ فَليُرَاجِعْهَا، فإذا طَهُرَت، فَليُطَلِّقها في طُهْرِها» .

قال: قلت له: هل اعْتَدَدتَ بالتي طلَّقتَها وهي حائضٌ؟ قال: فمَالي لا أَعتدُّ بها، وإنْ كنتُ قد عَجِزتُ واستَحمَقْتُ.

هكذا رواه أحمد في مسند عمر، وهو عند أصحاب الأطراف (5) في مسند ابن عمر، كما رواه الشيخان (6) من حديث شعبة.

(1)(9/ 351 رقم 5252 - فتح) في الطلاق، باب إذا طُلقت الحائض تعتدُّ بذلك الطلاق.

(2)

(2/ 1097 رقم 1471)(12) في الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض

(3)

ومن هذا الوجه: أخرجه أبو عَوَانة في «مسنده» (3/ 149 رقم 4522) والطحاوي (3/ 52) والبيهقي (7/ 326) وابن عبد البر في «التمهيد» (15/ 62).

(4)

في «مسنده» (1/ 44 رقم 304).

(5)

انظر: «تحفة الأشراف» (5/ 321 رقم 6653) و «إتحاف المهرة» (8/ 270 رقم 9353).

(6)

تقدم تخريجه في الصفحة السابقة، تعليق رقم 1، 2

ص: 190

ومسلم من طريق عبد الملك هذا، وهو: ابن أبي سليمان.

كلاهما عن أنس بن سيرين، كما سيأتي (1) إن شاء الله، وبه الثقة، وعليه التكلان.

حديث آخر

(543)

قال عبد بن حميد في «مسنده» (2): ثنا ابن أبي شيبة، ثنا يحيى بن آدم، عن يحيى بن زكريا، عن صالح بن حي، عن سَلَمة بن كُهَيل، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، عن عمرَ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم طَلَّق حفصةَ ثم رَاجَعَها.

ورواه أبو داود (3)، والنسائي (4)، وابن ماجه (5)، وابن حبان في «صحيحه» (6) من طرق، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن صالح -وهو: ابن صالح بن حَي الهَمَداني-، به.

وهذا إسناد جيد قويّ ثابت (7).

(1) يعني: في كتابه «جامع المسانيد والسُّنن» ، ولم أجده في القسم الذي أخرجه قلعجي.

(2)

«المنتخب من مسنده» (1/ 96 رقم 43).

(3)

في «سننه» (3/ 114 رقم 2283) في الطلاق، باب في المراجعة.

(4)

في «سننه» (6/ 523 رقم 3562) في الطلاق، باب الرجعة.

(5)

في «سننه» (1/ 650 رقم 2016) في الطلاق، باب منه.

(6)

(10/ 100 رقم 4275 - الإحسان).

(7)

وصحَّحه الحاكم (2/ 197) على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وأخرجه الضياء في «المختارة» (1/ 274 رقم 164، 165) مصحِّحًا له.

وحسَّن إسناده الحافظ في «الفتح» (9/ 286).

ص: 191

/ (ق 203) طريق أخرى

(544)

قال الحافظ أبو يعلى (1): ثنا أبو كُرَيب، ثنا يونس بن بُكَير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عمرَ قال: دخل عمرُ على حفصةَ وهي تبكي، فقال لها: مايُبكيكِ؟ لعلَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم طلَّقكِ؟ إنَّه قد كان طلَّقكِ مرَّةً، ثم رَاجَعَكِ من أجلي، والله لئنْ كان طلَّقكِ مرَّةً أخرى لا أُكلِّمكِ أبدًا.

هذا إسناد صحيح على شرطهما ولم يخرِّجوه.

فأما الحديث الذي رواه مسلم في «صحيحه» (2)

من حديث عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كان الطلاقُ على عهد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وسنتين من خلافة عمرَ طلاقُ الثلاثِ واحدةً، فقال عمرُ بن

(1) في «مسنده» (1/ 159 - 160 رقم 172).

وأخرجه -أيضًا- البزار (2/ 193 - 194 رقم 1502 - كشف الأستار) وابن حبان (10/ 101 رقم 4276 - الإحسان) والطبراني في «الكبير» (23/ رقم 305) من طريق يونس بن بُكَير، به.

(2)

(2/ 1099 رقم 1472)(15) في الطلاق، باب طلاق الثلاث.

وأعلَّه جماعة من الحفاظ، فقال الإمام أحمد: كلُّ أصحاب ابن عباس رووا خلاف ما قال طاوس، وروى سعيد بن جُبَير ومجاهد ونافع، عن ابن عباس خلاف ذلك. وقال: وفاطمة بنت قيس طلِّقت ثلاثًا على ما روى الشعبي. وما روي عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الرجل يطلِّق ثلاث، قال: حتى تذوق من عُسيلته. وقال -أيضًا-: لم يروه إلا طاوس.

وقال إسحاق: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الطلاق لم يَرو أحد من أصحابه عنه خلاف روايته، إنما رووا عنه قوله، ولم يفسِّروا أمدخولة أو غير مدخولة؟ فإذا وُضعت رواية طاوس على غير المدخولة لم يكن خلافًا لروايته، وأما حديث فاطمة بنت قيس فليس فيه بيان أنه طلَّق ثلاثًا بكلمة، ولا في رواية ابن عمر رضي الله عنهما حتى تذوق العُسيلة؛ لأن الطلاق كان ثلاثًا، وإنما نضع حديث طاوس على =

ص: 192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= غير المدخولة، لما حكى عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما التمييز بينهما. انظر:«مسائل الكوسج» (4/ 1770 - 1776).

وقال ابن رجب في رسالته «مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة» ، كما في «سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث» لابن المَبرد (ص 89 - 94): فهذا الحديث لأئمة الإسلام فيه طريقان:

أحدهما: وهو مسلك الإمام أحمد ومن وافقه، ويرجع إلى الكلام في إسناد الحديث بشذوذه، وانفراد طاوس به، وأنه لم يُتابَع عليه، وانفراد الراوي بالحديث وإن كان ثقة؛ هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه، وأن يكون شاذًا ومنكرًا إذا لم يرو معناه من وجه يصح. وهذا الحديث لا يَرويه عن ابن عباس غير طاوس. قال الإمام أحمد في رواية ابن منصور: كل أصحاب ابن عباس -يعني رووا عنه [خلاف] ما روى طاوس. وقال الجوزجاني: هو حديث شاذ، قال: وقد عنيت بهذا الحديث في قديم الدهر، فلم أجد له أصلاً

، وقد صح عن ابن عباس -وهو راوي الحديث- أنه أفتى بخلاف هذا الحديث، ولزوم الثلاث المجموعة، وقد علَّل بهذا أحمد، والشافعي، كما ذكره في «المغني» ، وهذا أيضا علَّة في الحديث بانفرادها، فكيف إذا ضم إليها علة الشذوذ والإنكار وإجماع الأمة. وقال القاضي إسماعيل في كتاب «أحكام القرآن»: طاوس مع فضله وصلاحه يروي أشياء منكرة، منها هذا الحديث. وعن أيوب: أنه كان يعجب من كثرة [خطأ] طاوس. وقال ابن عبد البر: شذ طاوس في هذا الحديث، وكان علماء أهل مكة ينكرون على طاوس ما ينفرد به من شواذ الأقاويل.

المسلك الثاني: وهو مسلك ابن راهويه ومن تابَعَه، وهو الكلام في معنى الحديث، وهو أن يحمل على غير المدخول بها. نقله ابن منصور عن إسحاق، وإليه أشار إسحاق في كتاب الجامع، وبوب عليه أبو بكر الأثرم في سننه، وأبو بكر الخلال

، فإن قيل: لكن الرواية مطلقة؟ قلنا: الجمع بين الدليلين، ونقول: هذا قبل الدخول.

وقال البيهقي في «سننه» (7/ 336): وهذا الحديث أحد ما اختَلَف فيه البخاري ومسلم، فأخرجه مسلم وتركه البخاري، وأظنه إنما تركه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس. =

ص: 193

الخطاب: إنَّ الناسَ قد استَعجَلُوا في أمرٍ كانت لهم فيه أَنَاةٌ فلو أَمضَينَاهُ عليهم. فأَمضَاهُ عليهم؛ فسيأتي (1) في مسند ابن عباس.

وقد اعتمد أكثرُ الأئمَّة على هذا من فعلِ عمرَ رضي الله عنه وإمضائِهِ على الناسِ الثلاثةَ المجموعةَ، كما هو مذهبُ الأئمَّةِ الأربعةِ رحمهم الله وأصحابِهم قاطبةً، وإنما يُؤثَرُ القولُ بخلافِهِ عن طائفةٍ من السَّلف، واختاره بعض المتأخرين من العلماء، وغيرهم.

= ثم روى البيهقي بسنده إلى عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سَمِعتُ أبا زرعة يقول: معنى هذا الحديث عندي: أن ما تطلِّقون أنتم ثلاثًا كانوا يطلِّقون واحدة في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

ونقل الحافظ في «الفتح» (9/ 363) عن ابن المنذر أنه قال: لا يُظن بابن عباس أنه يحفظ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم شيئًا ويُفتي بخلافه، فيتعين المصير إلى الترجيح، والأخذ بقول الأكثر أولى من الأخذ بقول الواحد إذا خالَفَهم. وقال ابن العربي: هذا حديث مختَلَف في صحته، فكيف يقدَّم على الإجماع؟!

وقال النووي في «شرح صحيح مسلم» (10/ 70): وهو معدود من الأحاديث المشكلة.

(1)

انظر: «جامع المسانيد والسُّنن» (ص 176 رقم 543 - مسند ابن عباس).

ص: 194

أثر (1) يُذكر في طلاق الفارِّ

(545)

قال الحافظ أبو بكر البزَّار (2): ثنا محمد بن إسماعيل بن سَمُرة، ثنا وكيع، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أنَّ رجلاً من ثقيف طلَّق نساءَه، وأعتَقَ مملوكيه (3)، فقال له عمر: لَتُرَاجعنَّ مالَكَ ونساءَكَ، وإلا فإنْ مِتَّ لأَرجُمنَّ قبرَكَ، كما رَجَم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قبرَ أبي رِغَال.

قال البزَّار: لم يُسنده إلا صالح بن أبي الأخضر، وليس بالقوي (4)،

والحفَّاظ يَروونه: كما يُرجَمُ قبر أبي رِغَال.

قلت: هذا الرجل الثَّقَفي، هو: غَيْلان بن سَلَمة، الذي أَسلَمَ على عشرِ نسوةٍ، فأَمَرَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يختارَ منهنَّ أربعًا، كما روى ذلك الإمام أحمد (5)، والترمذي (6)، وابن ماجه (7) من حديث معمر، عن

(1) كتب المؤلف فوق كلمة «أثر» : «حديث آخر» ، ولم يضرب على ما تحته.

(2)

في «مسنده» (1/ 226 رقم 113).

(3)

كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «مملوكه» .

(4)

وقال الدارقطني في «العلل» (2/ 55 رقم 105): تفرَّد به وكيع، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمرَ، عن عمرَ. ووَهِمَ في ذكر النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه، وإنما رواه أصحاب الزهري، عن الزهري، قالوا فيه: كما رُجِمَ قبرُ أبي رغال. وهو الصواب.

قلت: وممن خالفه من أصحاب الزهري يونس بن يزيد، وروايته عند عمر بن شبَّة في «تاريخ المدينة» (2/ 767 - 768).

(5)

في «مسنده» (2/ 13، 24، 44، 83 رقم 4609، 4631، 5027، 5557).

(6)

في «سننه» (3/ 435 رقم 1128) في النكاح، باب في الرجل يُسلم وعنده عشر نسوة.

(7)

في «سننه» (1/ 628 رقم 1953) في النكاح، باب الرجل يُسلم وعنده أكثر من أربع نسوة.

ص: 195

الزهري، عن سالم، عن أبيه.

وقد علَّل هذا الحديثَ البخاريُّ (1)،

(1) قال الترمذي في «العلل الكبير» (ص 164): سألت محمدًا عن حديث معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أنَّ غَيْلان بن سَلَمة أسلم وتحته عشر نسوة. فقال: هو حديث غير محفوظ، إنما روى هذا معمر بالعراق، وقد روي عن معمر، عن الزهري، هذا الحديث مرسلاً، وروى شعيب بن أبي حمزة وغيره، عن الزهري قال: حدِّثت عن محمد بن سُوَيد الثَّقَفي: أنَّ غَيْلانَ بن سَلَمة أَسلَمَ. قال محمد: وهذا أصح، وإنما روى الزهري، عن سالم، عن أبيه: أنَّ عمرَ قال لرجل من ثقيف طلَّقَ نساءَه، فقال: لَتُراجِعنَّ نساءَك، أو لأَرجُمنَّ قبرَكَ، كما رَجَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قبرَ أبي رغال.

وانظر: «التاريخ الأوسط» للبخاري (3/ 208 - 211 - ط مكتبة الرشد).

وقد أعلَّه كذلك آخرون، فروى الخلَاّل في «أحكام أهل الملل» (ص 172 رقم 490) بسنده إلى الأثرم قال: ذَكَرت لأبي عبد الله الحديث الذي رواه معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه (فذكره). فقلت: صحيح هو؟ قال: ما هو صحيح. قلت له: هو في كتبكم مرسل؟ قال: نعم. قال أبو عبد الله: هذا حدَّث به بالبصرة. قال أبو عبد الله: والناس يهمون.

وقال ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/ 328): سُئل يحيى بن معين عن حديث ابن عُليَّة، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: أن غَيْلان بن سَلَمة أَسلَمَ وعنده عشر نسوة. فقال: خطأ، إنما كان معمر أخطأ فيه.

وروى البيهقي في «سننه» (7/ 182) بسنده إلى أحمد بن سَلَمة قال: سَمِعتُ مسلم بن الحجاج يقول: أهل اليمن أعرفُ بحديث معمر من غيرهم، فإنه حدَّث بهذا الحديث عن الزهري، عن سالم، عن أبيه بالبصرة، وقد تفرَّد بروايته عنه البصريون، فإن حدَّث به ثقة من غير أهل البصرة صار الحديث حديثًا، وإلا، فالإرسال أولى.

وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1/ 400 رقم 1199): وسَمِعتُ أبا زرعة، وحدثنا بهذا الباب في كتاب النكاح بطرق عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال:(فذكره). وأخبرنا أبو محمد قال: وحدثنا أبو زرعة، عن عبد العزيز الأويسي قال: حدثنا مالك، عن ابن شهاب أنه قال: بلغني أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ من =

ص: 196

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثقيفٍ أَسلَمَ وعنده عشرُ نسوةٍ: أَمسِكْ أربعًا، وفارِق سائرَهنَّ. فسَمِعتُ أبا زرعة يقول: مرسل أصح.

وقال ابن قدامة في «المغني» (10/ 15): غير محفوظ، غلط فيه معمر، وخالف فيه أصحاب الزهري، كذلك قال الحفاظ: الإمام أحمد، والترمذي، وغيرهما.

وقال الإمام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (21/ 495): وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن معمرًا كثير الغلط على الزهري.

وقال الحافظ في «التلخيص الحبير» (3/ 168): وحكم مسلم في «التمييز» على معمر بالوهم فيه، وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه وأبي زرعة: المرسل أصح. وحكى الحاكم عن مسلم أنَّ هذا الحديث ممَّا وَهِمَ فيه معمر بالبصرة. قال: فإن رواه عنه ثقة خارج البصرة، حكمنا له بالصحة. وقد أخذ ابن حبان، والحاكم، والبيهقي بظاهر هذا الحكم، فأخرجوه من طرق عن معمر من حديث أهل الكوفة، وأهل خراسان، وأهل اليمامة عنه. قلت: ولا يفيد ذلك شيئًا، فإنَّ هؤلاء كلَّهم إنما سمعوا منه بالبصرة، وإن كانوا من غير أهلها، وعلى تقدير تسليم أنهم سمعوا منه بغيرها، فحديثه الذي حدَّث به في غير بلده مضطرب؛ لأنه كان يحدِّث في بلده من كُتُبه على الصحة، وأمَّا إذا رحل فحدَّث من حفظه بأشياء وَهِمَ فيها، اتفق على ذلك أهل العلم به، كابن المديني، والبخاري، وأبي حاتم، ويعقوب بن شيبة، وغيرهم. وقد قال الأثرم عن أحمد: هذا الحديث ليس بصحيح، والعمل عليه، وأَعلَّه بتفرد معمر بوَصْله، وتحديثه به في غير بلده هكذا. انتهى كلام الحافظ ابن حجر.

وقال أيضًا: وقد وافق معمرًا على وَصْله بحر بن كنيز السَّقَّا [وروايته عند الطبراني في «الكبير» 18/ 263 رقم 658] عن الزهري، لكن بحر ضعيف، وكذا وَصَله يحيى بن سلام عن مالك، ويحيى ضعيف.

وقال في «الإصابة» (8/ 65 - 66): ويقال: إن معمر حدَّث بالبصرة بأحاديث وَهِمَ فيها، لكن تابَعَهم عبد الرزاق، ورويناه في «المعرفة» لابن منده عاليًا قال: أنبأنا محمد بن الحسين، أنبأنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبد الرزاق، به، لكن استنكر أبو نعيم ذلك، وقال: إن الأثبات رَوَوه عن عبد الرزاق مرسلاً، ثم أخرجه من طريق إسحاق بن راهويه، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري: أنَّ غَيْلان بن سَلَمة =

ص: 197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=

، فذكره.

وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (12/ 58): الأحاديث المروية في هذا الباب كلها معلولة، وليست أسانيدها بالقوية، ولكنها لم يرو شيء يخالفها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والأصول تعضدها، والقول بها والمصير إليها أولى.

ورجَّح الموصول جماعة، وهم:

1 -

الحاكم: قال: وَجَدتُ سفيان الثوري، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وعيسى بن يونس، وثلاثتهم كوفيون حدَّثوا به عن محمد، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه: أنَّ غَيْلان بن سلمة أَسلَمَ وعنده عشر نسوة، فأمره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا.

وقال -أيضًا-: والذي يؤدي إليه اجتهادي أنَّ معمر بن راشد حدَّث به على الوجهين، أرسَلَه مرة، ووَصَله مرة، والدليل عليه: أنَّ الذين وَصَلوه عنه من أهل البصرة، فقد أرسَلوه -أيضًا-، والوَصْل أولى من الإرسال، فإن الزيادة من الثقة مقبولة، والله أعلم (!)«المستدرك» (2/ 193).

2 -

البيهقي: قال: قد روِّيناه عن غير أهل البصرة، عن معمر، كذلك موصولاً، والله تعالى أعلم، وقد روي من وجه آخر عن نافع وسالم، عن ابن عمرَ رضي الله عنهما.

3 -

ابن حزم: قال: فإن قيل: فإن معمرًا أخطأ في هذا الحديث خطأً فاسدًا فأسنَدَه، قلنا: معمر ثقة مأمون، فمن ادَّعى عليه أنه أخطأ، فعليه البرهان بذلك، ولا سبيل له إليه. «المحلى» (9/ 441).

4 -

ابن القطان: قال بعد ذكره للحديث: وهذا هو الحديث الذي اعتمده هؤلاء في تخطئة معمر فيه، وما ذلك بالبيِّن، فإن معمرًا حافظ (!) ولا بُعد في أن يكون عند الزهري في هذا كل ما روي عنه (!) وإنما اتجهت تخطئتهم رواية معمر هذه من حيث الاستبعاد أن يكون الزهري يَرويه بهذا الإسناد الصحيح، عن سالم، عن أبيه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم يحدِّث به على تلك الوجوه الواهية

، وهذا عندي غير مستبعد أن يحدِّث به على الوجوه كلِّها، فيعلِّق كل واحد من الرواة عنه منها ما تيسر له حفظه، فربما اجتمع كل ذلك عند أحدهم، أو أكثره، أو أقله (!)«بيان الوهم والإيهام» (3/ 497 - 498). =

ص: 198

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وإليك الجواب عما قالوه:

أما دعوى الحاكم والبيهقي، فقد سبق الجواب عنها في كلام الحافظ.

وأما قول البيهقي: «وقد روي من وجه آخر عن نافع وسالم، عن ابن عمرَ رضي الله عنهما» ؛ فيقال: هذه الطريق أخرجها البيهقي في «سننه» (7/ 183) وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (1/ 245) والدارقطني (3/ 272) من طريق سَرَّار بن مجشِّر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمرَ: أنَّ غَيْلان بن سَلَمة الثَّقَفي أَسلَمَ، وعنده تسعُ نسوةٍ، فأمره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يختارَ منهن أربعًا، وقال: إنَّ غَيْلان بن سَلَمة كان عنده عشرُ نسوةٍ، فأَسلَمَ، وأَسلَمْنَ معه - زاد بن ناجية في روايته - قال: فلما كان زمانُ عمرَ طلَّق نساءَه، وقَسَمَ مالَهُ، فقال له عمرُ رضي الله عنه: لَتَرجِعَنَّ في مالِكَ، وفي نسائِكَ، أو لأَرجُمنَّ قبرَكَ، كما رُجِمَ قبرُ أبي رِغَال.

قال أبو علي رحمه الله: تفرَّد به سَرَّار بن مجشِّر، وهو بصري ثقة.

قلت: سَرَّار وإن كان ثقة؛ إلا أن تفرُّده عن مثل أيوب في كثرة أصحابه وسعة حديثه يُعدُّ منكرًا.

ولهذا المعنى أعلَّه الدارقطني، وابن القيم، وابن حجر، وإليك أقوالهم في هذا:

قال ابن القيم في «تهذيب السُّنن» (3/ 156 - 157): سيف وسَرَّار ليسا بمعروفين بحمل الحديث وحفظه. وقال الدارقطني في كتاب «العلل» : تفرَّد به سيف بن عبد الله الجرمي، عن سَرَّار، وسَرَّار ثقة من أهل البصرة، ومعلوم أن تفرُّد سيف بهذا مانع من الحكم بصحته، بل لو تفرَّد به مَن هو أجلُّ مِن سيف؛ لكان تفرُّده علَّة.

وقال الحافظ في «التلخيص الحبير» (3/ 168): في إسناده مقال.

وخالف الشيخ الألباني، فقال في «الإرواء» (6/ 293) بعد ذكره له: فهو شاهد جيد، ودليل قوي على أن للحديث موصولاً أصيلاً (كذا) عن سالم، عن ابن عمرَ.

قلت: وفي هذا نظر من وجوه:

الوجه الأول: أن طريق معمر منكرة، فقد تفرَّد بها عن الزهري، مخالفًا بذلك كبار أصحاب الزهري المتقنين الذين أرسلوه، وإذا كان ذلك كذلك، فإن المنكر لا يتقوَّى.

الوجه الثاني: أن طريق سَرَّار منكرة -أيضًا-، تفرَّد بها عن سالم، وسبق من كلام الحفاظ في إعلالها ما فيه كفاية.

وأما الجواب عما قاله ابن حزم وابن القطان من قبول الوصل والإرسال، وأن الزيادة من الثقة مقبولة، فيقال: هذا مسلك معروف لهما، وهو مسلك مردود، لا يجري على قواعد المحققين من أهل هذا الشأن، وقد تقدم مرارًا بيان أن ابن حزم وابن القطان ممن جريا على منهج الفقهاء في قبول الزيادة مطلقًا دون تفصيل، مخالفين بذلك الأئمة النقاد.

ص: 199

كما سيأتي (1) في مسند ابن عمر.

والغرض: أنَّ الإمام أحمد زاد في آخر هذا الحديث: فلمَّا كان في عهد عمرَ طلَّق نساءَه وقَسَمَ مالَهُ بين بنيه، فبلغ ذلك عمرَ، فقال: إنِّي لأظنُّ الشيطانَ فيما يَستَرِقُ من السَّمع سَمِعَ بموتِكَ، فقَذَفَهُ في نفسِكَ، ولعلَّك لا تَمكثُ إلا قليلاً، وايمُ اللهِ، لَتُراجِعنَّ نساءَك، ولَتُرجِعنَّ مالَكَ، أو لأُوَرِّثَهنَّ منك، أو لآمُرنَّ بقبرك أنْ يُرجَمَ كما رُجِمَ قبرُ أبي رِغَال.

قلت: وأبو رِغَال كان رجلاً من ثمود، وكان قد لجأ إلى الحَرَم عند هلاكِ قومِهِ، فلمَّا خَرَج منه أصابَه حَجَرٌ من السماء، فمات، فلمَّا مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقبرِهِ، أَخبَرَهم بشأنِهِ، وأَعلَمَهم أنَّ معه غُصنًا من ذَهَب، فنَبَشوا عنه وأخذوه.

وهذا الحديث في «سنن أبي داود» (2)،

(1) يعني: في كتابه «جامع المسانيد والسُّنن» ، ولم أجده في القسم الذي أخرجه قلعجي.

(2)

(3/ 517 رقم 3088) في الخراج والإمارة، باب نبش القبور العارية يكون فيها المال.

وهو حديث يَرويه إسماعيل بن أميَّة، وقد اختُلف عليه في وَصْله وإرساله:

فقيل: عنه، عن بُجَير بن أبي بُجَير، عن عبد الله بن عمرو!

وقيل: عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم!

أما الوجه الأول: فأخرجه أبو داود -كما سبق-، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (9/ 372 رقم 3753، 3754) والبيهقي (4/ 156) من طريق محمد بن إسحاق. وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3/ 189 رقم 1526) والطحاوي في «شرح المشكل» (3753) وابن حبان (14/ 78 رقم 6198 - الإحسان) من طريق رَوْح بن القاسم. كلاهما (محمد بن إسحاق، ورَوْح بن القاسم) عن إسماعيل بن أميَّة، عن بُجَير بن أبي بُجَير، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف، فمررنا بقبر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«هذا قبرُ أبي رِغَال، وكان بهذا الحَرَمِ يُدفَعُ عنه، فلمَّا خَرَج أصابته النِّقمة، التي أصابت قومَهُ بهذا المكان، فدُفِنَ فيه، وآيةُ ذلك أنه دُفِنَ معه غصنٌ من ذهبٍ، إنْ أنتم نَبَشتُم عنه أَصبتُمُوهُ معه» ، فابتَدَره الناسُ، فاستَخرجوا الغصنَ.

قال المؤلِّف في «البداية والنهاية» (1/ 318): تفرَّد به بُجَير بن أبي بُجَير هذا، ولا يُعرف إلا بهذا الحديث، ولم يرو عنه سوى إسماعيل بن أميَّة، قال شيخنا: فيحتمل أنه وَهِمَ في رفعه، وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو من زَامِلَتَيه، والله أعلم. اهـ.

وأما الوجه الثاني: فأخرجه معمر في «جامعه» الملحق بـ «المصنَّف» (11/ 454 رقم 20989) عن إسماعيل بن أميَّة، مرسلاً! وهذا أصح.

ص: 200

كما سيأتي في مسند

(1).

أثر آخر

(546)

قال الثوري (2): عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عمرَ في الذي يطلِّق امرأتَه وهو مريضٌ؟ قال: تَرِثُهُ في العِدَّة، ولا يَرِثُها.

(1) في هذا الموضع بياض في الأصل، ولعله يريد مسند عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وهو ليس في المطبوع من «جامع المسانيد والسُّنن» .

(2)

ومن طريقه: أخرجه عبد الرزاق (7/ 64 رقم 12201) والبيهقي (7/ 363).

قال البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (11/ 84 - 85): وهذا منقطع بين عمرَ وإبراهيم، ولم يسمعه مغيرة عن إبراهيم، إنما رواه شعبة بن الحجاج، عن مغيرة، عن عُبيدة، عن إبراهيم، عن عمرَ. وعُبيدة الضبِّي غير قوي، وله علَّتان أخريان، ذَكَرهما يحيى بن سعيد القطان.

ثم روى بسنده إلى يحيى بن سعيد أنه قال: كان شعبة يروي حديث مغيرة، عن عُبيدة، عن إبراهيم، عن عمرَ في الرجل الذي يطلِّق وهو مريض، قال يحيى: وكان هشيم يقول في هذا الحديث: ذَكَره عُبيدة، عن إبراهيم، عن عمرَ. قال يحيى: فسألت عُبيدة عنه، فحدثنا عن إبراهيم، عن الشعبي: أنَّ ابنَ هُبيرة كتب إلى شريح في الذي يطلِّق وهو مريض. وليس عن عمرَ.

قلت: وعُبيدة الضِّبي قال عنه محمد بن المثنَّى والفلَاّس: متروك الحديث. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال مرَّة: ضعيف. وقال أحمد: ترك الناسُ حديثَ عُبيدة الضبِّي، وهو عُبيدة بن معتِّب. انظر:«الجرح والتعديل» (6/ 94 رقم 487) و «تهذيب الكمال» (19/ 274 - 276).

ص: 201

فهذا منقطع بين إبراهيم وعمر.

وقال البخاري في «التاريخ» (1):

ليس هذا بثابت عن عمرَ.

يعني: أن الصحيح: ما رواه يحيى بن سعيد القطَّان، عن عُبيدة الضَّبي، عن إبراهيم والشَّعبي: أنَّ ابنَ هُبيرة كَتَب إلى شُريح بذلك. وليس عن عمرَ (2)، والله أعلم.

(1) انظر: «التاريخ الكبير» (6/ 127).

قال البيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (11/ 85): وقد ذَكَر البخاريُّ هذه الحكاية في «التاريخ» ، وقال في حديث هشيم: وكان هشيم يقول: عن مغيرة، ذكر عُبيدة، وكأنهم كانوا يشكون أيضًا في سماع مغيرة هذا، ثم لم يسنده عُبيدة إلى عمرَ في رواية يحيى القطان، فهو عن عمر ليس بثابت، كما قال الشافعي رحمه الله.

(2)

ومن هذا الوجه: أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 128) والبيهقي في «معرفة السُّنن والآثار» (11/ 84).

ص: 202