الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث آخر في قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}
(1).
ويُذكر -أيضًا- عند قوله: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} الآية (2).
(853)
قال عَبد بن حميد في «مسنده» (3)، و «تفسيره»: أنا عبد الرزاق، أنا معمر (4)، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمرَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «ائتَدِمُوا بالزَّيتِ، وادَّهِنُوا به، فإنَّه يخرجُ من شجرةٍ مباركةٍ» .
ورواه الترمذي (5)، عن يحيى بن موسى.
وابن ماجه (6)، عن الحسين بن مهدي.
كلاهما عن عبد الرزاق، به.
ورواه الترمذي -أيضًا-، عن أبي داود السَّبَخي، عن عبد الرزاق، به، إلا أنه لم يَذكر فيه عمرَ!
ثم قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق، وكان يضطَّرب فيه، فربما ذَكَر فيه عن عمرَ، وربما / (ق 328) رواه على الشك، فقال: أَحسَبُهُ عن عمرَ، وربما قال: عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم،
(1) المؤمنون: 20
(2)
النور: 35
(3)
«المنتخب من مسنده» (1/ 47 رقم 13).
(4)
وهو في «جامعه» الملحق بـ «المصنَّف» (10/ 422 رقم 19568) لكن سقط منه ذِكر عمر!
(5)
في «سننه» (4/ 251 رقم 1851) في الأطعمة، باب ما جاء في أكل الزيت.
(6)
في «سننه» (2/ 1103 رقم 3319) في الأطعمة، باب الزيت.
لا يَذكر عمرَ (1).
قلت: قد روي عن أبي أَسِيد (2)،
(1) وقال في «العلل الكبير» (ص 306 رقم 570): سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث مرسل. قلت له: رواه آخر عن زيد بن أسلم غير معمر؟ قال: لا أعلمه.
وقال أبو داود: سألت أحمد عن حديث رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم (فذكره) فقال: حدثنا به عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، ليس فيه عمر. «مسائل أحمد» (ص 392 رقم 1877 - رواية أبي داود).
وقال عباس الدُّوري: سَمِعتُ يحيى يقول: حدَّث معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (فذكره)، فقال: ليس هو بشيء، إنما هو عن زيد مرسلاً. «تاريخ ابن معين» (1/ 278 - رواية الدُّوري).
وقال أبو حاتم: روى عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا الزيت، وائتدموا به
…
»، حدَّث مَرَّةً عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم
…
هكذا رواه دهرًا، ثم قال بعدُ: زيد بن أسلم، عن أبيه: أَحسَبُهُ عن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم لم يمت حتى جعله عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمرَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بلا شك. «العلل» لابنه (2/ 15 رقم 1520).
قال الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 725) بعد ذِكره لكلام الإمام أبي حاتم: وهو أدق في بيان مراحل اضطِّراب عبد الرزاق فيه.
ثم قال: وفيه إشعار بأن الصواب فيه مرسل، وهو ما صرَّح به ابن معين.
(2)
أخرجه الترمذي (4/ 251 رقم 1852) في الأطعمة، باب ما جاء في أكل الزيت، وأحمد (3/ 497) والعقيلي (3/ 401) والدُّولابي في "الكنى والأسماء"(1/ 41 رقم 106) والحاكم (2/ 397) والبيهقي في «شعب الإيمان» (5/ 99 رقم 5938) من طريق عبد الله بن عيسى، عن رجل يقال له: عطاء -من أهل الشَّام- عن أبي أَسِيد قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا الزَّيت وادَّهنوا به، فإنَّه من شجرة مباركة» .
قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه، إنما نعرفه من حديث سفيان الثوري، عن عبد الله بن عيسى.
وأورده البخاري في «التاريخ الكبير» (6/ 469) في ترجمة عطاء الشامي، وقال: لم يُقِم حديثَه.
وقال الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 726): وهما ثقتان محتج بهما في «الصحيحين» ، وإنما علَّته من عطاء هذا، وكأنه خفي حاله على الترمذي، وإلا لأعلَّه به، كما فعله العقيلي، فقد روى عن البخاري أنه قال فيه: لم يُقِم حديثه. قال العقيلي: وهو هذا، وقد روي بغير هذا الإسناد من وجه -أيضًا- ضعيف. وقال الذهبي في «الميزان» [3/ 77] وذكر له هذا الحديث: ليِّن البخاريُّ حديثَه، لا يُدرى من هو. ثم كأنَه نسي الذهبي هذا، فإنه لما قال الحاكم عقب الحديث: صحيح الإسناد! وافقه عليه! اهـ.
وقال ابن عبد البر في «الاستيعاب» (11/ 121 - بهامش الإصابة): إسناده ضعيف مضطَّرب.
وأبي هريرة (1)
نحو هذا، كما سيأتي (2) -إن شاء الله تعالى- في مسنديهما.
(1) أخرجه ابن ماجه (2/ 1103 رقم 3320) في الأطعمة، باب الزيت، والحاكم (2/ 398) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المَقْبري، عن جدِّه، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا الزَّيت وادَّهنوا به، فإنَّه مبارَك» .
قال الحاكم: إسناد صحيح.
…
فتعقَّبه الذهبي بقوله: عبد الله واهٍ.
وقال البزار في «مسنده» (1/ 398): وهذا الكلام قد روي عن أبي أَسِيد، وعن أبي هريرة، وإسنادهما فغير ثابت.
قلت: وجملة القول: أنه لا يصح في هذا الباب شيء، وأما ماذهب إليه الشيخ الألباني من تحسين هذا الحديث بمجموع طريقيه عن عمرَ وأبي أَسِيد، ففيه نظر؛ لأن حديث أبي أَسِيد منكر، تفرَّد به عطاء الشَّامي، وحديث عمرَ الصواب فيه أنه من قول زيد بن أسلم، كما رجَّح ذلك ابن معين، وقد اضطَّرب فيه عبد الرزاق، والطريق الأخرى عن عمرَ رواتها مجاهيل، ولا يخفى على الشيخ رحمه الله أن ما كان بهذه المثابة لا يتقوَّى.
وقد قال الشيخ رحمه الله في خاتمة بحثه: ويكفي في فضل الزَّيت قول الله تبارك وتعالى: {يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار} .
(2)
انظر: «جامع المسانيد والسُّنن» (8/ 498 رقم 10812 - مسند أبي أَسِيد).
وأما حديث أبي هريرة فلم أجده في المطبوع منه.
طريق أخرى عن عمر
(854)
قال أبو القاسم الطَّبراني (1): ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبي، ثنا سفيان بن عيينة، حدثني الصَّعب بن حكيم بن شريك بن نملة، عن أبيه، عن جدِّه قال: ضِفْتُ عمرَ بن الخطاب ليلةُ، فأطعَمَني عشورًا (2) من رأس بعير بارد، وأطعَمَنا زيتًا، وقال: هذا الزَّيتُ المبارَكُ الذي قال اللهُ تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم.
هذا غريب من هذا الوجه.
(1) في «معجمه الكبير» (1/ 74 رقم 89)، وعنه: أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (7/ 314 - 315) وقال: غريب من حديث الصعب، لم نكتبه إلا من حديث ابن عيينة
وقال الشيخ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/ 725): وهذا إسناد ضعيف؛ مَن دون عمر مجهولون.
(2)
كذا ورد بالأصل. وفي المطبوع: «كسورًا» .
وأورده المؤلف في «تفسيره» ، ولفظه: ضِفْتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة عاشوراء، فأطعمني من رأس بعير بارد، وأطعمنا زيتًا، وقال:
…
، فذكره.
حديث آخر: يُذكر عند قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (73) وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)} (1)
(855)
قال أبو يعلى الموصلي (2):
ثنا زُهَير، ثنا يونس بن محمد، ثنا يعقوب بن عبد الله الأشعري، ثنا حفص بن حميد، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمرَ بن الخطاب قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنِّي مُمسِكٌ بحُجَزِكم (3)، هلُمَّ عن النَّارِ، هلُمَّ عن النَّارِ، وتَغلِبُونَنِي، تقاحَمون (4) فيها تقاحمَ الفراشِ والجنادبِ (5)، فأُوشِكُ أن أُرسِلَ حُجَزَكم، وأنا فَرَطُكُم (6) على الحوضِ، فتردونَ عليَّ معًا وأشتاتًا، فأعرِفُكُم بسيماكم
(1) المؤمنون: 73، 74
(2)
لم أجده في المطبوع من «مسنده» ، وهو من رواية ابن حمدان، وأورده الهيثمي في «المقصد العلي» (1/ 215 رقم 486 - رواية ابن المقرئ).
وأخرجه -أيضًا- ابن أبي شيبة (6/ 313 رقم 31669) في الفضائل، باب ما أعطى الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم، ويعقوب بن شيبة في «مسند عمر» (ص 84) و (ص 153 - تحقيق علي الصيَّاح) وابن أبي عاصم في «السُّنَّة» (1/ 332 رقم 744) والبزَّار (1/ 314 رقم 204) والرامهرمزي في «الأمثال» (ص 45 رقم 14) وابن عبد البر في «التمهيد» (2/ 300) والقضاعي في «مسند الشهاب» (2/ 174، 175 رقم 1128 - 1130) من طريق حفص بن حميد، به.
(3)
بحُجزكم: أصل الحُجزة: موضع شدِّ الإزار، ثم قيل للإزار حُجزة للمجاورة. «النهاية» (1/ 344).
(4)
تقاحمون: أي تقعون فيها، يقال: اقتحم الإنسان الأمر العظيم، وتَقحَّمه: إذا رمى نفسه فيه من غير رَويَّة وتبُّت. «النهاية» (4/ 18).
(5)
الجَنَادب: ضَرب من الجراد. «النهاية» (1/ 306).
(6)
فَرَطُكُم: أي: متقدِّمكم إليه. «النهاية» (3/ 434).
وأسمائكم، كما يَعرِفُ الرَّجلُ الغريبةَ من الإبلِ في إبلِهِ، ويُذهَبُ بكم ذاتَ الشِّمالِ، وأُناشِدُ فيكم ربَّ العالمين: أي ربِّ، قومِي، أي ربِّ، أُمَّتي. فيقال: يا محمدُ، إنَّك لا تَدري ما أَحدَثُوا بعدَكَ، إنَّهم كان يمشون بعدَكَ القَهْقَرَى على أعقابِهِم. فلا أَعرِفَنَّ أحدَكُم يأتي يومَ القيامةِ يَحمِلُ شاةً لها ثُغَاءُ (1)، يُنادِي: يا محمدُ! يا محمدُ! فأقولُ: لا أَملِكُ لك شيئًا، قد بَلَّغتُ. ولا أَعرِفَنَّ أحدَكُم يأتي يومَ القيامةِ يَحمِلُ بعيرًا له رُغَاءُ (2)، يُنادِي: يا محمدُ! يا محمدُ!، فأقولُ: لا أَملِكُ لك شيئًا، قد بَلَّغتُ. ولا أَعرِفَنَّ أحدَكُم يومَ القيامةِ يَحمِلُ فَرَسًا لها حَمحَمَةٌ (3)، فيُنادِي: يا محمدُ! يا محمدُ! فأقولُ: لا أَملِكُ لك شيئًا قد بَلَّغتُ.
ولا أَعرِفَنَّ أحدَكُم يأتي يومَ القيامةِ يَحمِلُ سِقَاءً من أَدَمٍ، يُنادِي: يا محمدُ! يا محمدُ! فأقولُ: لا أَملِكُ لك شيئًا، قد بَلَّغتُ».
وقد روى هذا الحديثَ عليُّ ابن المديني (4)، عن يونس بن محمد المؤدِّب، عن يعقوب القُمِّي، واختصره.
ثم قال: ولم نَجده عن عمرَ إلا من هذا الطريق، وهو حسن الإسناد، إلا أنَّ حفص بن حميد مجهول، لا أعلم أحدًا روى عنه إلا القُمِّي، وإنما روى هذا أهل الحجاز عن أبي هريرة (5)، انتهى كلامه.
(1) الثُّغاء: صياح الغنم. «النهاية» (1/ 214).
(2)
الرُّغاء: صوت الإبل. «النهاية» (2/ 240).
(3)
الحَمحَمَة: صوت الفَرَس دون الصَّهيل. «النهاية» (1/ 436).
(4)
وهو في «العلل» له (ص 94 رقم 159).
(5)
أخرجه البخاري (3/ 267 رقم 1402) في الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، و (6/ 185 رقم 3073 - فتح) في الجهاد، باب الغلول، ومسلم (2/ 680 رقم 987) في الزكاة، باب إثم مانع الزكاة.
وقد روى عن حفص بن حميد هذا: أشعث بن إسحاق أيضًا (1).
وقال فيه ابن معين: صالح (2).
ووثَّقه النسائي (3)، وابن حبَّان (4).
(1) وهذا يرد على قول ابن المديني: لا أعلم أحدًا روى عنه إلا القُمِّي.
(2)
كما في «الجرح والتعديل» (3/ 171 رقم 734).
(3)
كما في «تهذيب الكمال» (7/ 9).
(4)
في «الثقات» (6/ 196) لكن ما نصَّ على توثيقه، بل قال: يروي عن عكرمة، روى عنه يعقوب القُمِّي.