الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
/ (ق 152)
حديث في خيار الشَّرط
(399)
قال عبد الله بن وهب: عن ابن لَهِيعة، عن حَبَّان بن واسع، عن يزيد بن رُكَانةَ: أنَّ عمرَ رضي الله عنه خَطَب، فقال: لا أَجدُ لكم في بيوعِكُم في الرَّقيقِ شيئًا أفضلَ ممَّا جَعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للمُنقِذ بن عمرو: ثلاثةَ أيامٍ فيما اشتَرى وباع.
ورواه عثمان بن سعيد الحمصي، عن ابن لَهِيعة: أنَّ حَبَّان حدَّثه عن طلحة بن يزيد بن رُكَانة أنَّه قال: كُلِّم عمرُ رضي الله عنه في البيوع، فقال: لا أجدُ لكم أوسعَ ممَّا قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لحَبَّان بن مُنقِذ، أنَّه كان رجلاً ضريرًا، فجعل له عهدَهُ ثلاثةَ أيامٍ فيما اشتَرى، إنْ رَضِيَ أَخَذَ، وإنْ سَخِطَ تَرَكَ (1).
(1) وأخرجه -أيضًا- الطبراني في «الأوسط «، كما في «نصب الراية» (4/ 8) من طريق يحيى بن بُكير. والدارقطني (3/ 54) من طريق أسد بن موسى. والبيهقي (5/ 274) من طريق يحيى بن يحيى. ثلاثتهم (يحيى بن بكير، وأسد بن موسى، ويحيى بن يحيى) عن ابن لَهِيعة، به.
ومداره على ابن لَهِيعة، وهو ضعيف الحديث، وقد قال الطبراني عقب روايته: لا يُروى عن عمرَ إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به ابن لهيعة.
وقال البيهقي: والحديث يتفرَّد به ابن لَهِيعة.
ونقل الحافظ في «الفتح» (4/ 338) تضعيفه عن ابن العربي، وأقرَّه.
ومما يدل على اضطراب ابن لَهِيعة: أنه رواه أخرى، فقال: عن حبَّان بن واسع، عن أبيه، عن جدِّه قال: قال عمر لما استُخلف: أيها الناسُ، إني نظرتُ فلم أجدُ لكم في بيوعكم شيئًا أمثلَ من العهدة التي جعلها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لحبَّان بن مُنقِذ ثلاثة أيام، وذلك في الرقيق. وروايته عند الدارقطني (3/ 57) من طريق عبيد بن أبي قُرَّة، وابن شاهين، كما في «الإصابة» (2/ 198) من طريق عبد الرحمن بن يوسف. كلاهما (عبيد بن أبي قُرَّة، وعبد الرحمن) عن ابن لَهِيعة، به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه محمد بن إسحاق، فاضطرب في متنه وإسناده:
أما الاضطراب في متنه: فقد أخرجه أحمد (2/ 129) والحميدي (2/ 292 رقم 662) وابن الجارود (2/ 158 رقم 567) -ومن طريقه: ابن بشكوال في «الغوامض والمبهمات» (1/ 131 رقم 73) - والدارقطني (3/ 54 - 55) -ومن طريقه: الخطيب في «الأسماء المبهمة» (ص 365) - والحاكم (2/ 22) والبيهقي (5/ 273) من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمرَ: أن حبَّان بن مُنقِذ كان سُفع في رأسه مأمومة فثقلت لسانه، وكان يُخدع في البيع، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مما ابتاع فهو بالخيار ثلاثًا، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بِع، وقل: لا خلابة» . فسمعته يقول: لا خيابة، لا خيابة.
وقد اضطرب في تعيين صاحب القصة:
فمرَّة قال: «حبَّان بن مُنقِذ «!
ومرَّة قال: «مُنقِذ بن عمرو «!
ومرَّة قال: «عن رجل من الأنصار «!
ومرَّة يذكر الاشتراط! ومرَّة لا يذكره!
وأما الاضطراب في إسناده:
فمرَّة قال: عن نافع، عن ابن عمر! كما سبق.
ومرَّة قال: عن محمد بن يحيى بن حبَّان قال: كان جدِّي مُنقِذ بن عمرو قد أصابته آمة في رأسه، فكَسَرت لسانه، وكان لا يدع على ذلك التجارة، وكان لا يزال يغبن، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال له:«إذا أنت بايعتَ، فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطتَ فاردُدها على صاحبها» .
زاد بعضهم: وكان في زمن عثمان بن عفان حتى فشا الناس وكثروا شاع البيع في السوق، فيرجع إلى أهله وقد غُبن غَبنًا قبيحًا، فيلومونه، ويقولون: لم تبتاع؟ فيقول: أنا بالخيار ثلاثًا، فيرد السلعة على صاحبها من الغد، وبعد الغد، فيقول: والله لا أقبلها، قد أخذت سلعتي وأعطيتني دراهمي، قال: يقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلني بالخيار ثلاثًا. ومن هذا الوجه: أخرجه البخاري في «التاريخ الأوسط» =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (1/ 474 - 475 رقم 210 - ط مكتبة الرشد) وابن أبي شيبة في «مسنده» (2/ 95 رقم 594) -وعنه: ابن ماجه (2/ 789 رقم 2355) في الأحكام، باب الحجر على من يُفسد ماله- والدارقطني (3/ 55 - 56) -ومن طريقه: الخطيب في «الأسماء المبهمة» (ص 365) - والبيهقي (5/ 273) وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (5/ 2618 رقم 6302، 6303).
وهذه الرواية مرسلة، قال الذهبي في «الميزان» (3/ 474): هذا غريب، وفيه انقطاع بين ابن حبَّان وبين جدِّ أبيه.
وأما ما وقع في رواية ابن أبي شيبة من تصريح محمد بن يحيى بن حبَّان بالسماع من جدِّه، فلم يصرِّح ابن إسحاق فيها بالسماع، وقد قال ابن الصلاح عن رواية الاشتراط: منكرة لا أصل لها. انظر: «التلخيص الحبير» (3/ 21).
ومرَّة قال: عن محمد بن يحيى بن حبَّان قال: إنما جعل ابنُ الزبير عهدةَ الرقيق ثلاثًا؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمُنقِذ بن عمرو، قال:«لا خلابة إذا بِعت بيعًا، فأنت بالخيار ثلاثًا» . ومن هذا الوجه: أخرجه ابن أبي شيبة (13/ 149 رقم 37324 - ط مكتبة الرشد) في الرد على أبي حنيفة، باب مسألة خيار الشرط، والدارقطني (3/ 56).
وكل هذا يدلك على اضطراب ابن إسحاق، وقد أورده ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (4/ 491 - 492) مستدرِكًا على عبدالحق الإشبيلي إيرادَه إيَّاه ساكتًا عنه.
وقد أخرج هذا الحديثَ البخاريُّ (4/ 337 رقم 2117 - فتح) في البيوع، باب ما يُكره من الخداع في البيع، ومسلم (3/ 1165 رقم 1533) في البيوع، باب من ينخدع في البيع، من رواية عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، ولفظه: أنَّ رجلاً ذُكر للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه يُخدع في البيوع، فقال:«إذا بايعت، فقل: لا خلابة» .
ولم يأت للاشتراط ذِكر في هذه الرواية.
ومع هذا الاختلاف الوارد في رواية ابن إسحاق؛ فقد صحَّحه محققو «مسند الإمام أحمد» (10/ 282 - 283 رقم 6134 - ط مؤسسة الرسالة) وحسَّنه الحويني في تعليقه على «منتقى ابن الجارود» ؛ لأجل تصريح ابن إسحاق بالسماع!