المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أثر في صفة القضاء - مسند الفاروق لابن كثير ت إمام - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب البيوع

- ‌آثار عن عمرَ رضي الله عنه في الترغيب في التجارة

- ‌حديث في النهي عن بيع الخمر، وما لا يحلُّ أكله، ويستفاد منه أنَّ بيع النجاسة لا يصحُّ، وأنَّ الحيل حرام

- ‌حديث آخر في بيع الطعام

- ‌حديث فيمن باع عبدًا له مال

- ‌ حديث في خيار الشَّرط

- ‌حديث في الرِّبا والصَّرف

- ‌حديث في النهي عن الاحتكار

- ‌أثر في التَّسعير

- ‌حديث يُذكر في كتاب الصُّلح، فيه الدِّلالة على جواز أن يشرع الرَّجل ميزابًا إلى الطريق النافذة

- ‌أثر في الفَلَس والحَجْر على المبذِّر

- ‌أثر يُذكر في باب الحَجْر على اليتيم

- ‌أثر في كون الإنبات دليلاً على البلوغ

- ‌أثر في الشُّفعة

- ‌أثر في القِرَاض

- ‌حديث في المزارعة

- ‌حديث في الإجارة

- ‌أثر في ضمان البساتين

- ‌ أثر يُذكر في إحياء الموات وتملُّك المباحات

- ‌أثر في جواز الحمى للإمام

- ‌حديث في اللُّقَطة

- ‌أثر في اللَّقيط

- ‌حديث في الوقف

- ‌ صورة كتاب وقف عمر رضي الله عنه

- ‌حديث في الهبة

- ‌حديث في الوصية

- ‌أثر في صحة وصية المميِّز من الصبيان

- ‌ حديث في العتق

- ‌أثر آخر في أحكام العتق

- ‌أثر في عتق أُمِّ الولد

- ‌ حديث في الولاء

- ‌أثر في الولاء أيضًا

- ‌ كتاب الفرائض

- ‌أثر في توريث الزوجة مع الأبوين

- ‌أثر في العَوْل

- ‌أثر في توريث العَصَبات

- ‌أثر في العَمَّة

- ‌أثر في المُشرَّكة، وهي الحِمَارية

- ‌ قوله في الجَدِّ

- ‌أثر في المعادَّة

- ‌أثر فيمن أسلم قبل قسمة ميراث أبيه

- ‌كتاب النكاح

- ‌حديث في استئمار البنات

- ‌أثر عن عمر في الأولياء

- ‌أثر في بطلان نكاح من تزوَّج وهو مُحرِم

- ‌حديث في الرَّغبة في ذات الحسب العريق والشَّرَف

- ‌ أثر فيه الرَّغبة في ذات الدِّين والعقل والورع

- ‌أثر في السَّتر على المخطوبة التي قد بَدَت منها هَفوة في وقت، ثم تابت وأنابت

- ‌حديث في التَّنفير من سيِّئة الخَلْق والخُلُق

- ‌أثر في كراهة تزويج المرأة الحَسَنة من الرجل القبيح المنظر

- ‌أثر يُذكر في النظر إلى المخطوبة

- ‌أثر في ضرب الدُّفوف في الأعراس

- ‌ أثر في استحباب تزويج الصِّغار عند البلوغ

- ‌أثر في استحباب الجمع بين المتحابَّين بالتزويج

- ‌حديث في تحريم نكاح المتعة

- ‌أثر في نكاح المحلَّل

- ‌أثر آخر في بطلان نكاح المحلَّل

- ‌أثر في النهي عن الجمع بين الأختين بمِلْك اليمين

- ‌حديث في النهي عن إتيان النساء في الأدبار

- ‌أثر آخر في الخيار في النكاح

- ‌حديث في الصَّداق

- ‌أحاديث تُذكر في الوليمة، وآداب الطعام

- ‌أثر فيه أدب كريم

- ‌حديث يُذكر في عشرة النساء

- ‌حديث في الخلع

- ‌حديث في الطَّلاق

- ‌أثر آخر يُذكر في طلاق المكره

- ‌أثر فيمن طلَّق امرأته طلقة أو طلقتين، فتزوَّجت بزوج غيره، فطلَّقها، ثم راجعها الأوَّل، هل تعود إليه بالثلاث، أو بما بقي لها من عدد الطَّلقات

- ‌أثر آخر في أن الكناية لا تقع إلا بالنِّيَّة

- ‌حديث في الإيلاء

- ‌أثر يَذكره الفقهاء في باب الإيلاء في أكثر مُدَّته

- ‌أثر في اللِّعان

- ‌حديث في الأنساب

- ‌أثر في أن الولد لا يلحق الرَّجل لدون ستَّة أشهر

- ‌أثر في لحوق وَلَد الأَمَة

- ‌أثر يُذكر في مدَّة الحَمْل

- ‌ حديث في الأيمان

- ‌أثر فيمن حَلَف على يمين فرأى غيرَها خيرًا منها

- ‌أثر في النهي عن الحلف بالأمانة

- ‌أثر في الاستبراء

- ‌ أثر يُذكر في باب العِدَد

- ‌أثر آخر في العِدَد

- ‌أثر في امرأة المفقود

- ‌أثر آخر فيمن تزوَّج بامرأة في عِدَّتها

- ‌أثر في أن نفقة الزوجة تصير دَينًا في ذمَّة الزَّوج، ولا تسقط بالمضيِّ

- ‌أثر يُذكر في نفقة الرَّقيق

- ‌أثر آخر في الرِّفق بالبهائم

- ‌كتاب الجنايات

- ‌أثر في القَوَد بالمحدَّد، سواء كان حديدًا أو نحوه

- ‌أثر في قتل الجماعة بالواحد

- ‌أثر فيه القِصَاص من الضَّربة واللَّطمة ونحو ذلك

- ‌أثر آخر فيه تقديم المباشرة على السَّبب

- ‌أثر عن عمر في الدَّفع بالأسهل

- ‌ أثر في العاقلة

- ‌أثر آخر في دفع الصَّائل

- ‌أثر آخر في قتل المرتدِّ

- ‌أحاديث الجهاد

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في استحباب الإكثار من الغزو

- ‌حديث في فضل النفقة في الغزو

- ‌حديث في فضل الشهادة

- ‌أثر في جواز قتل ذي الرَّحم الكافر في الحرب

- ‌حديث آخر في تقسيم الشُّهداء

- ‌حديث في أنَّ العرب لا يُسترقُّون

- ‌حديث آخر في فكاك الأسير

- ‌حديث آخر في تحريم الغُلُول في المغانم، والعقوبة عليه

- ‌حديث في قتل الجاسوس

- ‌أحاديث قسم أموال الفيء والغنائم

- ‌أثر آخر عن عمر مشتمل على فوائد من أهمِّها ما نحن فيه من قسمة مال الفَيء

- ‌حديث يُذكر في باب عقد الذمة وضرب الجزية

- ‌ذِكر الشروط العُمرية في أهل الذمة

- ‌حديث في الهدنة

- ‌ آثار في حكم أرض السَّواد

- ‌حدود أرض السَّواد

- ‌كتاب الحدود

- ‌حديث في الرجم

- ‌أثر في حدِّ القذف

- ‌أثر في قطع السَّارق

- ‌حديث في الخمر

- ‌حديث في كيفية الحدِّ من المسكر

- ‌أثر شبيه بهذا الحديث من حيث الرفق بشارب الخمر والتلطُّف

- ‌أثر عن عمر فيه جواز التغريب في الخمرإن رأى الإمام في ذلك مصلحة فَعَلَه

- ‌حديث فيه السِّتر على أهل المعاصي، وأن الحدود تُدفَع بالشُّبهات

- ‌أثر يُذكر في باب التعزير

- ‌أثر آخر يُذكر في تأديب السَّبَّابة

- ‌حديث في الإمامة وغير ذلك

- ‌ حديث السَّقيفة الطويل

- ‌حديث آخر في السَّقيفة أيضًا

- ‌أثر في تحذير الإمام أن يولِّي على المسلمين قريبًا لقرابته أو فاجرًا

- ‌أثر في جواز استعانة الإمام ببعض العمَّال على ما لا يتمكَّن منه

- ‌حديث فيه جواز اتخاذ كاتب أمين

- ‌أثر فيه أنَّ الإمام يأذن للناس عليه بحسب منازلهم في الإسلام والشَّرَف، وأنهم يجلسون منه كذلك

- ‌ حديث في التحذير من أئمَّة الضَّلال والجور

- ‌أثر في أنه يجوز استعمال الرَّجل القويِّ وإن كانت له ذنوب يَستَسِر بها

- ‌أثر فيه أن الوالي إذا طرأ عليه ما ينافي العدالة فإنه يُعزَل

- ‌كتاب الأقضية

- ‌حديث فيه أثر عن عمر في التحذير من غائلة ولاية القضاء

- ‌أثر في صفة القضاء

- ‌أثر في ردِّ شهادة الزُّور

- ‌أثر في النهي عن الرِّشوة للحاكم في الحكم

- ‌أثر آخر في كيفية التعديل

- ‌أثر فيه أنَّ المُتحاكِمَين يذهبان إلى الحاكم بأنفسهما

- ‌أثر يُذكر في باب اليمين في الدَّعاوى

- ‌حديث يُذكر في الشَّهادات وغيرها

- ‌حديث آخر في خطبة عمر رضي الله عنه بالجابية، وما فيها من الفوائد المتعلِّقة بالشَّهادت وغيرها

- ‌فوائد من خطبة عمر بالجابِيَة

- ‌حديث يُستدل به على أنه لا تقبل شهادة الوالد لولده

- ‌أثر في الشهادة على القذف، وقصَّة أبي بَكرة وزياد والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم

- ‌كتاب التفسير

- ‌ذِكر أنَّ عُمرَ بن الخطاب رضي الله عنه أوَّلُ من جَمَع القرآن، بمعنى أنَّه كان ذلك في زمن الصِّدِّيق، ولكن كان هو المشير بذلك أو المستشار، ثم كان يَستحثُّ في ذلك، والله أعلم

- ‌من فاتحة الكتاب

- ‌ومن البقرة

- ‌حديث في تفسير آية النَّسخ

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}

- ‌حديث في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ}

- ‌حديث آخر في آية تحريم الخمر

- ‌أثر في فضل آية الكرسي

- ‌أثر يُذكر عند قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}

- ‌ومن سورة آل عمران

- ‌ومن تفسير سورة النساء

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ}

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}

- ‌ومن تفسير سورة المائدة

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}

- ‌ومن سورة الأنعام

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}

- ‌ومن سورة الأعراف

- ‌ومن سورة الأنفال

- ‌ومن سورة براءة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآية

- ‌ومن سورة يونس

- ‌ومن سورة هود

- ‌أثر آخر في قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}

- ‌ومن سورة يوسف

- ‌ ومن سورة الرَّعد

- ‌ومن سورة إبراهيم

- ‌أثر عند قوله: {سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي}

- ‌ومن سورة الكهف

- ‌ومن سورة مريم

- ‌ومن سورة طه

- ‌ومن سورة الحج

- ‌ومن سورة المؤمنون

- ‌حديث آخر في قوله تعالى: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}

- ‌حديث فيه أنَّ آية الرَّجم نُسِخَ تلاوتها ورسمها وبقي مقتضاها وحكمها

- ‌أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}

- ‌ومن سورة الفرقان

- ‌ومن سورة القصص

- ‌ومن سورة فاطر

- ‌ومن سورة يس

- ‌عند قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ}

- ‌ومن سورة ص

- ‌ ومن سورة الزُّمر

- ‌ومن سورة الأحقاف

- ‌ومن سورة الفتح

- ‌ومن الحجرات

- ‌ومن سورة الذَّاريات

- ‌ومن سورة الطور

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}

- ‌ومن سورة الرحمن

- ‌أثر في ذِكر العَبقَري

- ‌ومن سورة المجادلة

- ‌حديث يُذكر عند قوله تعالى: {إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}

- ‌ومن سورة الحشر

- ‌ومن سورة الممتحنة

- ‌ومن سورة الجمعة

- ‌ومن سورة التغابن

- ‌ومن سورة التحريم

- ‌ومن سورة الحاقة

- ‌ومن سورة عبس

- ‌ومن سورة التكوير

- ‌ومن سورة الغاشية

الفصل: ‌أثر في صفة القضاء

‌أثر في صفة القضاء

(761)

قال إبراهيم بن بشَّار الرَّمادي (1)، ويحيى بن الرَّبيع المكي -واللفظ لإبراهيم-، كلاهما عن سفيان بن عيينة، حدَّثنا والد عبد الله بن

(1) وأخرجه -أيضًا- وكيع بن خَلَف في «أخبار القضاة» (1/ 70) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (1/ 492 رقم 535) من طريق إبراهيم بن بشَّار. والبيهقي (6/ 65) و (10/ 106، 119، 135، 182، 253) من طريق يحيى بن الربيع. والدارقطني (4/ 207) من طريق عبد الله بن الإمام أحمد. والهروي في "ذم الكلام"(4/ 5 رقم 716) من طريق ابن أبي عمر العَدَني. جميعهم (إبراهيم بن بشار، ويحيى، وعبد الله، والعَدَني) عن ابن عيينة، به.

قال الشيخ الألباني في «الإرواء» (8/ 241): وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه مرسل؛ لأن سعيد بن أبي بُرْدة تابعي صغير، روايته عن عبد الله بن عمر مرسلة، فكيف عن عمرَ؟! لكن قوله:«هذا كتاب عمر» وِجادة، وهي وِجادة صحيحة من أصحِّ الوجادات، وهي حجَّة.

وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على «المحلى» (1/ 60) في معرض ردِّه على ابن حزم في تضعيفه لهذه الرسالة: وخير هذه الأسانيد -فيما نرى- إسناد سفيان بن عيينة، عن إدريس -وهو إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأَودي، وهو ثقة- أنَّ سعيد بن أبي بُرْدة بن أبي موسى أراه الكتاب، وقرأه لديه، وهذه وِجادةٌ جيدةٌ في قوَّة الإسناد الصحيح، إن لم تكن أقوى منه، فالقراءة من الكتاب أوثق من التلقِّي عن الحفظ.

وقال الحافظ في «التلخيص الحبير» (4/ 196) بعد أنَّ ذكره من طريق الدارقطني والبيهقي: وساقه ابن حزم من طريقين، وأعلَّهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيهما مما يقوِّي أصل الرسالة، لا سيَّما وفي بعض طرقه أن راويه أخرج الرسالة مكتوبة.

وقال أبو العباس ابن تيميَّة في «منهاج السُّنة» (6/ 71): ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى تداولها الفقهاء، وبَنَوا عليها، واعتمدوا على ما فيها من الفقه، وأصول الفقه.

ص: 435

إدريس قال: أتيتُ سعيدَ بن أبي بُرْدة، فسألته عن رسائل عمرَ التي كان يكتب إلى أبي موسى، وكان أبو موسى قد أوصى إلى أبي بُرْدة، قال: فأخرَجَ إليَّ كُتُبًا، فرأيتُ في كتاب منها: أمَّا بعدُ، فإنَّ القضاءَ فريضةٌ مُحكَمَةٌ، وسُنَّةٌ مُتبَعةٌ، فافهم إذا أُدلِيَ إليك، فإنَّه لا ينفعُ تَكلُّم بحقٍّ لا نفاذَ له.

آسِ بين الاثنين في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمعَ شريفٌ في حَيْفِك، ولا ييأس وَضِيعٌ -أو / (ق 289) قال: ضعيفٌ- في عدلك.

الفَهمَ الفَهمَ فيما يتلجلجُ في صدرك ويُشكِلُ عليك.

اعرِفِ الأشباهَ والأمثالَ، ثم قِس الأمورَ بعضَها ببعض، وانظر أقربَها إلى الله، وأشبهها بالحقِّ، فاتَّبِعْه. وأعهد (1) إليك، ولا يمنعك قضاءٌ قضيتَه بالأمس راجعتَ فيه نفسَك، وهُدِيتَ فيه لرُشْدِك أن تُراجِعَ الحقَّ، فإنَّ مراجعة الحقِّ خيرٌ من التَّمادي في الباطل.

(1) كذا ورد بالأصل. وعند وكيع في «أخبار القضاة» : «واعمِد إليه» .

ص: 436

المسلمون عُدُولٌ بعضُهم على بعض، إلا مجلودًا في حدٍّ، أو مجرَّبًا عليه شهادة زُور، أو ظِنِّينًا في وَلَاء، أو قَرَابة.

اجعل لمَن ادَّعى حقًّا غائبًا أمدًا يَنتهي إليه، أو بيِّنةً عادلةً، فإنَّه أَثبتُ في الحجَّة وأبلغُ في العذر، فإن أَحضَرَ بيِّنتَه، وإلَاّ وجَّهتَ عليه القضاء.

البيِّنة على من ادَّعى، واليمينُ على من أَنكر.

إنَّ الله تولَّى منكم السَّرائرَ، ودرأَ عنكم الشُّبهاتِ.

إيَّاك والقلقَ، والضَّجرَ، والتأذِّيَ بالناس، والتَّنكُرَ للخصم في مجالس القضاء.

إلى أن قال: والصلحُ جائزٌ بين المسلمين، إلا صُلحًا أحلَّ حرامًا، أو حرَّم حلالاً.

ومَن تَزيَّن للناس بما لم يعلم اللهُ منه شانَه اللهُ، فما ظنُّك بثواب غير الله في عاجل دنيا وآجل آخرة.

هذا أثر مشهور، وهو من هذا الوجه غريب، ويسمَّى وِجاَدة (1)، والصحيح: أنه يحتجُّ بها إذا تحقِّق الخطُّ، لأنَّ أكثرَ كُتُب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك / (ق 290) الأقطار كذلك، وقد بَسَطتُ القولَ بصحَّتها في أوَّل شرح البخاري، ولله الحمد.

وقد ورد هذا الأثر من وجه آخر:

(1) الوجادة: عرَّفها المؤلِّف في «اختصار علوم الحديث» (1/ 367) فقال: صورتها: أن يجدَ حديثًا أو كتابًا بخطِّ شخص بإسناده، فله أن يَرويه عنه على سبيل الحكاية، فيقول: وَجَدتُ بخط فلان: حدثنا فلان، ويُسنِده، ويقع هذا أكثر في «مسند الإمام أحمد» ، يقول ابنه عبد الله: «وَجَدت بخطِّ أبي: حدثنا فلان

»، ويَسوق الحديث، وله أن يقول:«قال فلان» إذا لم يكن فيه تدليس يُوهم اللُّقي.

ص: 437

(762)

كما رواه الحافظ البيهقي في «سننه» (1) فقال: أنا الحاكم، أنا الأصمُّ، ثنا محمد بن إسحاق الصَّاغاني، ثنا محمد بن عبد الله بن كُناسة، ثنا جعفر بن بَرقان، عن معمر البصري، عن أبي العوَّام البصري قال: كَتَبَ عمرُ إلى أبي موسى: إنَّ القضاءَ فريضةٌ مُحكَمةٌ، وسُنَّةٌ مُتبعَةٌ، فعليك بالعقل والفَهم وكثرة الذِّكر، فافهم إذا أَدلى إليك الرَّجلُ الحُجَّةَ، فاقضِ إذا فَهِمتَ، وامضِ إذا قضيتَ، فإنَّه لاينفَع تكلَّم بحُكم لا نفاذ له.

وآسِ بين الناسِ في وجهِكَ، ومجلسِكَ، وقضائِكَ، حتى لا يَطمعَ شريفٌ في حَيفِكَ، ولا يَيأسَ ضعيفٌ من عدلِكَ.

والبيِّنةُ على مَن ادَّعى، واليمينُ على مَن أَنكَرَ.

والصلحُ جائزٌ بين المسلمين، إلا صُلحًا أَحلَّ حرامًا، أو حرَّم حلالاً.

ومَن ادَّعى حقًّا غائبًا أو بيِّنةً، فاضرِبْ له أَمَدًا يَنتهي إليه، فإنْ جاء ببينتِهِ أعطيتَهُ حقَّهُ، وإنْ أَعجَزَهُ ذلك استَحْلَلتَ عليه القضيَّةَ، فإنَّ ذلك أبلغَ في العذرِ، وأجلى للعَمَى.

(1)(10/ 150).

وأَعلَّ هذه الطريق الشيخ الألباني في «الإرواء» (8/ 242) فقال: وإسناده إلى أبي العوَّام صحيح، وأمَّا أبو العوَّام البصري، ففي الرواة ثلاثة كلُّهم يُكنى بهذه الكنية، وكلُّهم بصريون، وهم:

1 -

فائد بن كَيسان الجزار مولى باهلة.

2 -

عبد العزيز بن الرَّبيع الباهلي.

3 -

عمران بن داور القطان.

ولم أتبين أيُّهم المراد هنا، وثلاثتهم من أتباع التابعين، وكلُّهم ثقات إلا الأول، فلم يوثِّقه غير ابن حبان، ولم يُذكر في ترجمة أحد منهم أنه روى عنه معمر، والله أعلم، وعلى كلِّ حال، فهذه الطريق معضلة، وفيما قبلها كفاية. اهـ.

ص: 438

ولا يمنعك من قضاء قضيتَه اليوم فراجَعتَ فيه لرأيك، وهُدِيتَ فيه لرُشدِكَ أن تُراجِعَ الحقَّ، لأنَّ الحقَّ قديم، لا يُبطِلُ الحقَّ شيءٌ، ومراجعةُ الحقِّ خيرٌ من التَّمادي في الباطل.

والمسلمون عُدُول بعضُهم على بعض في الشَّهادات، إلا مجلودًا في حدٍّ، أو مجرَّبًا عليه شهادة الزُّور، أو ظنِّينًا في وَلَاء

(1)، فإنَّ اللهَ تولَّى من عباده السرائر، وسَتَرَ عليهم الحدودَ إلا بالبيِّنات والأيمان.

والفهمَ الفهمَ فيما أُدلِيَ إليك ممَّا ليس في قرآن أو سُنَّة، ثم قايس الأمورَ عند ذلك، واعرِفِ الأشباهَ والأمثالَ، ثم اعمد إلى أحبِّها إلى الله فيما ترى وأشبهها بالحقِّ.

وإيَّاك والغضب، والقلق، والضَّجر، والتأذِّي بالناس عند الخصومة والنظر، فإنَّ القضاء في مواطن الحقِّ يُوجِبُ اللهُ به الأجرَ، ويحسن به الذِّكر، فمَن خَلُصَت نيَّته في الحقِّ ولو على نفسه، كَفَاه الله ما بينه وبين الناس، ومَن تَزيَّن لهم بما ليس في قلبه شانَه اللهُ، فإنَّ الله لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصًا، وما ظنُّك بثواب غير الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته.

ثم قال البيهقي: وقد رواه سعيد بن أبي بُرْدة.

وروى عن أبي المليح الهُذَلي أنه رواه (2).

وهو كتاب معروف مشهور، لابدَّ للقضاة من معرفته والعمل به.

(1) في هذا الموضع طمس بمقدار ثلاث كلمات.

(2)

ومن هذا الوجه: أخرجه الدارقطني (4/ 206) عن أبي جعفر محمد بن سليمان بن محمد النُّعماني، عن عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش، عن عيسى بن يونس، عن عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي المليح الهُذَلي قال: كَتَب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى

وأعلَّه الشيخ الألباني في «الإرواء» (8/ 241) فقال: وعبيد الله بن أبي حميد متروك الحديث، كما قال الحافظ في «التقريب» .

ص: 439

أثر آخر

(763)

قال الحافظ أبو بكر ابن أبي عاصم (1): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة (2)، ثنا علي بن مُسْهِر، عن الشَّيباني، عن الشَّعبي، عن شُريح -يعني: ابن الحارث القاضي-: أنَّ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه كَتَب إليه: إذا جاءك شيءٌ في كتاب الله فاقض به، ولا يغلبنَّك عليه الرِّجال، وإذا جاءك ما ليس في كتاب الله؛ فانظر سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بها، فإن كان أمرًا ليس في كتاب الله، ولا في سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلَّم فيه قبلَك أحدٌ فاختر أيَّ الأمرين شئتَ، إن شئتَ أن تجتهدَ رأيَك وتُقدِمَ، فتقدَّم، وإن شئتَ أن تتأخَّر فتأخَّر، أَلا وإنَّ التأخُّر خيرٌ لك.

وأخرجه النسائي في «سننه» (3) بنحوه، عن بُندَار، عن أبي عامر، عن الثوري، عن الشَّيباني، به.

واختاره الحافظ الضياء في كتابه.

(1) لم أقف عليه في مظانِّه من مصنَّفاته المطبوعة، ومن طريقه: أخرجه الضياء في «المختارة» (1/ 239 رقم 134) لكن سقط منه ذِكر شُريح.

(2)

وهو في «المصنَّف» (4/ 544 رقم 22980) في البيوع والأقضية، باب في القاضي ما ينبغي أن يبدأ به في قضائه.

(3)

(8/ 623 رقم 5414) في آداب القضاة، باب الحكم باتفاق أهل العلم.

وأخرجه -أيضًا- وكيع في «أخبار القضاة» (2/ 189 - 190) وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (2/ 846 رقم 1595) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (1/ 421، 492 رقم 444، 534) من طريق سفيان، به.

وأخرجه الدارمي (1/ 265 - 266 رقم 169) في المقدمة، باب الفتيا وما فيه من الشدة، ووكيع في «أخبار القضاة» (2/ 189، 190) والبيهقي (10/ 115) من طريق أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي، به.

ص: 440

أثر آخر

(764)

قال الحافظ أبو يعلى (1):

ثنا غسَّان بن الرَّبيع، عن حماد بن سَلَمة، عن عطاء بن السَّائب، عن / (ق 291) محارِب بن دِثَار (2)، عن عمرَ: أنَّه قال لرجل قاضٍ كان بدمشق: كيف تقضي؟ قال: أقضي بكتاب الله. قال: فإذا لم تجد؟ قال: أقضي بسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإذا جاءك ما ليس في السُّنَّة؟ قال: أجتهد رأيي، وأُؤامِرُ جلسائي. قال: أحسنتَ. وقال: إذا جلستَ، فقل: اللهمَّ، إنِّي أسألك أن أُفتِيَ بعلم، وأقضي بحُكمٍ، وأسألك العدل في الغضب والرِّضا.

قال: فسار الرَّجلُ غيرَ بعيدٍ، ثم رجع، فقال لعمر: إنِّي رأيتُ كأنَّ الشَّمسَ والقمرَ يقتتلان، ومع كُلِّ واحد منهما جنودٌ من الكواكب. قال: مع أيِّهما كنتَ؟ قال: مع القمر. فقال عمرُ رضي الله عنه: يقول الله تعالى: {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} (3) لا تلي لي عملاً.

هذا أثر منقطع.

(1) لم أجده في المطبوع من «مسنده» ، ومن طريقه: أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (68/ 103 - 104).

وأخرجه -أيضًا- ابن أبي الدُّنيا في «الإشراف في منازل الأشراف» (ص 221 رقم 255) من طريق حماد بن سَلَمة، به.

وأعلَّه الحافظ ابن عساكر في «تاريخه» (68/ 105) فقال: لا أدري وجه هذا الحديث، فإنَّ أوَّل قاضٍ قَضَى على دمشق أبو الدرداء، ولم يزل عليها إلى خلافة عثمان، وهو غير خافٍ على عمرَ.

(2)

ضبَّب عليه المؤلِّف لانقطاعه بين محارب بن دِثار وعمر.

(3)

الإسراء: 12

ص: 441