الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر يُذكر عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ}
(1)
(811)
قال أبو بكر ابن مَردويه: ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا معاذ بن المثنَّى، ثنا مُسدَّد (2)، ثنا عبد الله بن داود، عن موسى بن عُبيدة، عن طلحة بن عبيد الله بن كَريز قال: قال عمرُ بن الخطاب: إنَّ أَخوفَ ما أخافُ عليكم إعجابُ المرء برأيه، فمن قال: إنَّه عالِمٌ، فهو جاهلٌ، ومن قال: إنَّه في الجنَّة، فهو في النَّار.
طريق أخرى
(812)
قال حنبل بن إسحاق (3): ثنا أحمد بن حنبل، ثنا معتمر، عن أبيه، عن نعيم بن أبي هند قال: قال عمرُ بن الخطاب: من قال: أنا
(1) النساء: 49
(2)
وهو في «مسنده» ، كما في «المطالب العالية» (3/ 298 رقم 3022).
وأخرجه -أيضًا- ابن أبي شيبة (7/ 503 رقم 37561) في الفتن، باب ما ذُكر في فتنة الدجال، عن وكيع، عن موسى بن عُبيدة، عن طلحة بن عبيد الله بن كَريز قال: قال عمرُ: إنَّ أخوفَ ما أتخوَّفُ عليكم شُحٌّ مطاع، وهوًى متبع، وإعجابُ المرء برأيه، وهي أشدُّهنَّ.
قال البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (1/ 136): هذا إسناد ضعيف؛ لضعف موسى بن عُبيدة.
قلت: وطلحة بن عبيد الله بن كَريز من الطبقة الوسطى من التابعين، فروايته عن عمرَ منقطعة.
(3)
ومن طريقه: أخرجه اللالكائي في «شرح أصول الإعتقاد» (5/ 975 رقم 1777).
وهو منقطع؛ نعيم بن أبي هند من الطبقة الرابعة، وأصحاب هذه الطبقة جُلُّ رواياتهم عن كبار التابعين.
مؤمن؛ فهو كافر، ومن قال: هو عالِمٌ، فهو جاهلٌ، ومَن قال: هو في الجنَّة، فهو في النَّار.
هذان طريقان متعاضدان.
وفي قوله: «ومن قال: أنا مؤمن، فهو كافر» مستَدَلٌّ لمن ذهب من العلماء إلى وجوب الاستثناء في ذلك، وقد بَسَطنا القول في ذلك في أوَّل شرح البخاري، ولله الحمدُ والمنَّة.
حديث آخر
(813)
قال ابن أبي حاتم في «تفسيره» (1):
ذَكَر هشام بن عمَّار: ثنا سعدان اللَّخمي -واسمه: سعيد بن يحيى-، ثنا نافع مولى قريش (2)
(1)(3/ 982 رقم 5493).
وأخرجه -أيضًا- الطبراني في «الأوسط» (5/ 7 رقم 4517) وابن مَردويه في «تفسيره» ، كما في «تفسير ابن كثير» (1/ 514) وابن عدي (7/ 50 - ترجمة نافع السُّلمي) من طريق عَبدان بن محمد المروزي، عن هشام بن عمار، به.
قال الطبراني: لا يُروى هذا الحديث عن عمرَ إلا بهذا الإسناد، تفرَّد به هشام بن عمار.
وقال ابن عدي: ولنافع أبو (كذا) هُرمز غيرُ ما ذكرت، وعامة ما يَرويه غير محفوظ، والضعف على روايته بيِّن.
وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/ 6): رواه الطبراني في «الأوسط» ، وفيه نافع مولى يوسف السُّلمي، وهو متروك.
وقال ابن رجب في «التخويف من النار» (ص 271): نافع أبو هُرمز ضعيف جدًّا، وهو نافع مولى يوسف السُّلمي -أيضًا- عند طائفة من الحفاظ، منهم: ابن عدي، ومنهم من قال: هما اثنان، وكلاهما ضعيف.
(2)
كذا ورد بالأصل. وكَتَب المؤلِّف بجواره في حاشية الأصل: «يوسف» ، وكَتَب فوقها «خ» ، إشارة إلى وروده في نسخة، وهو الموافق لما في مطبوع «التفسير» لابن أبي حاتم.
السُّلمي البصري، عن نافع، عن ابن عمرَ قال: قُرِئَ عند عمر: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} (1)، فقال: أعدها. فأعادها. فقال معاذ: عندي تفسيرها، قال: تبدَّل في ساعة مائة مرَّة. قال عمرُ: هكذا سَمِعتُ / (ق 310) رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
حديث آخر
(814)
قال الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن دُحيم في «تفسيره» : ثنا شعيب بن شعيب، ثنا أبو المغيرة، ثنا عُتبة بن ضَمرة، حدثني أبي: أنَّ رجلين اختَصَما إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقَضَى للمحقِّ على المبطل، فقال المقضي عليه: لا أرضى، فقال صاحبه: فما تريد؟ قال: أن نذهب إلى أبي بكر الصِّدِّيق، فذهبا إليه، فقال الذي قُضِيَ له: قد اختَصَمنا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقَضَى لي عليه، فقال أبو بكر: فأنتما على ما قَضَى به النبيِّ صلى الله عليه وسلم. فأَبَى صاحبُهُ أن يرضى، قال: نأتي عمرَ بن الخطاب. فأتياه، فقال المَقضِيُّ له: قد اختَصَمنا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقَضَى لي عليه، فأَبَى أن يرضى، ثم أتينا أبا بكر الصِّدِّيق، فقال: أنتما على ما قَضَى به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأَبَى أن يرضى، فسأَله عمرُ، فقال كذلك، فدخل عمرُ منزلَه، وخَرَج والسَّيفُ بيده قد سَلَّه، فضَرَب به رأسَ الذي أَبَى أن يرضى، فقَتَله، فأنزل اللهُ تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ} إلى آخر الآية (2).
(1) النساء: 56
(2)
النساء: 65
وأَعلَّه المؤلِّف في «تفسيره» (1/ 521) بقوله: غريب جدًّا.
طريق أخرى
(815)
قال ابن دُحيم: ثنا الجوزجاني، ثنا أبو الأسود، عن ابن لَهِيعة (1)، قال: اختَصَم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان، فقَضَى لأحدهما، فقال الذي قُضِيَ عليه: رُدَّنا إلى عمر. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «نعم، انطلقوا (2) إلى عمرَ» ، فانطَلَقا، فلمَّا أَتَيا عمرَ، قال الذي قُضِيَ له: يا ابنَ الخطاب، إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى لي، وإنَّ هذا قال: رُدَّنا إلى عمرَ، فردَّنا إليك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمرُ: أكذلك؟ للذي قُضِيَ عليه، قال عمرُ: مكانَك حتى أخرج فأقضي بينكما، فخَرَج مشتملاً على سيفه، فضرب الذي قال: رُدَّنا إلى عمرَ، فقتله، وأدبر الآخرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، قَتَل عمرُ صاحبي، ولولا ما أعجزه لقتلني! فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«ما كنتُ أَظنُّ عمر يجترئُ على قتلِ مؤمن!» ، فأنزل اللهُ تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ} (3) فبَرَّأَ اللهُ عمرَ من قتلِهِ (4).
فهذان الطريقان متعاضدان (5).
(1) قوله: أبو الأسود، عن ابن لَهِيعة» كذا ورد بالأصل. وصوابه:«ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود» ؛ لأن ابن لَهِيعة معروف بالرواية عن أبي الأسود، لا العكس. انظر:«تهذيب الكمال» (15/ 487 - 486) و (25/ 645 - 647).
(2)
كذا ورد بالأصل. وصوابه: «انطلقا» .
(3)
النساء: 65
(4)
وأخرجه -أيضًا- ابن وهب في كتاب التفسير من «الجامع» (1/ 71 رقم 160 - ط دار الغرب) -ومن طريقه: أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (3/ 944 رقم 5560) - عن ابن لَهِيعة، به.
قال المؤلِّف في «تفسيره» (1/ 521): وهو أثر غريب مرسل، وابن لَهِيعة ضعيف.
(5)
وله طرق أخرى: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= منها: ما أخرجه إسحاق بن راهويه في «تفسيره» ، كما في «فتح الباري» (5/ 37) عن الشعبي قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة، فدعا اليهوديُّ المنافقَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة، ودعا المنافقُ اليهوديَّ إلى حكَّامهم؛ لأنه علم أنهم يأخذونها، فأنزل الله هذه الآيات، إلى قوله:{ويسلموا تسليما} .
قال الحافظ: وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، نحوه. وروى الطبراني بإسناد صحيح عن ابن عباس أنَّ حاكم اليهود يومئذٍ كان أبا بَرْزة الأسلمي قبل أن يُسلم ويَصحب. وروى بإسناد آخر صحيح إلى مجاهد أنه كعب بن الأشرف.
ومنها: ما أخرجه الكلبي في «تفسيره» ، كما في «الفتح» (5/ 37) عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: نَزَلت هذه الآية في رجل من المنافقين، كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد. وقال المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف
…
، فذكر القصة، وفيه: أنَّ عمرَ قتل المنافقَ، وأنَّ ذلك سبب نزول هذه الآيات، وتسمية عمر الفاروق.
قال الحافظ: وهذا الإسناد وإن كان ضعيفًا؛ لكن تقوى بطريق مجاهد، ولا يضره الاختلاف لإمكان التعدد، وأفاد الواحدي بإسناد صحيح عن سعيد، عن قتادة: أن اسم الأنصاري المذكور قيس، ورجَّح الطبري في «تفسيره» وعزاه إلى أهل التأويل في «تهذيبه» أنَّ سبب نزولها هذه القصة ليتسق نظام الآيات كلها في سبب واحد. قال: ولم يعرض بينها ما يقتضي خلاف ذلك، ثم قال: ولا مانع أن تكون قصة الزبير وخَصْمه وَقَعت في أثناء ذلك، فيتناولها عموم الآية، والله أعلم. اهـ.
وقال في «العجاب في بيان الأسباب» (2/ 909) بعد أن ساق هذه الطرق وغيرها: وفيه تقوية لقول من قال: إن الآيات كلها أُنزلت في حق المتخاصمين إلى الكاهن كما تقدم، وبهذا جزم الطبري، وقوَّاه بأن الزبير لم يجزم بأن الآية نزلت في قصته، بل أورده ظنًّا.
قلت [أي: ابن حجر]: لكن تقدم في حديث أم سَلَمة الجزم بذلك، ويحتمل أن تكون قصة الزبير وَقَعت في أثناء ذلك، فتناولها عموم الآية، والله أعلم.
وانظر: «الصارم المسلول» لابن تيمية (2/ 83، 85).
وسيأتي (1) في مسند الزُّبَير بن العوَّام أنها نزلت فيه، وفي الذي نازعه في شِرَاج الحَرَّة (2)، فالله أعلم.
(1) انظر: «جامع المسانيد والسُّنن» (3/ 23 رقم 3129).
(2)
أخرجه البخاري (5/ 34، 38، 39، 309 رقم 2359 - 2362، 2708) في المساقاة، باب سكر الأنهار، وباب شرب الأعلى قبل الأسفل، وباب شرب الأعلى إلى الكعبين، وفي الصلح، باب إذا أشار الإمام بالصلح فأبى
…
، (8/ 254 رقم 4585 - فتح) في التفسير، باب:{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} ، ومسلم (4/ 1829 رقم 2357) في الفضائل، باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، -واللفظ له- عن عبد الله بن الزُّبَير: أن رجلاً من الأنصار خاصم الزُّبَير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شِرَاج الحرَّة التي يسقون بها النَّخل، فقال الأنصاري: سرِّح الماء يمُر، فأبى عليهم، فاختصموا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للزُّبَير:«اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك» . فغضب الأنصاري، فقال: يا رسول الله! أن كان ابن عمَّتك! فتلوَّن وجه نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:«يا زبير، اسق الماء، ثم احبس حتى يرجع إلى الجَدرِ» . فقال الزُّبَير: والله إنِّي لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فلاوربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا} .
وعند قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ} (1) الآية.
حديث يأتي في سورة التحريم (2).
(1) النساء: 83
(2)
انظر ما سيأتي (ص 489).