الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً
نقد التفسير بالإسرائيليات
علاقة الروايات الإسرائيلية بتفسير القرآن قوية، فكثير مما ذكره القرآن الكريم موجود فيها؛ فالقرآن تحدث عما وقع للأمم السابقة مع أنبيائهم لكنه لم يخض في التفاصيل الدقيقة؛ مكتفياً بالإشارة إلى ما فيه عظة وفائدة، والتفاصيل التي أغفلها القرآن موجودة في الروايات الإسرائيلية، غير أنه شابها كثير من التحريف والتبديل.
والنفوس بما جبلت عليه من حب المعرفة والاستطلاع تتشوف إلى معرفة تلك التفاصيل، وهذا أتاح للإسرائيليات مكاناً خصباً وبيئة مناسبة لذيوعها وانتشارها في كتب التفسير (1).
ومما يؤكد قوة العلاقة بين الإسرائيليات والقرآن الكريم أن الصحابة عارضوا الأخبار الإسرائيلية بالقرآن، فيعترضون على من يسأل أهل الكتاب أو ينقل عنهم بالآيات المخبرة بأن قصص القرآن وأخباره أدق وأصدق من أخبار بني إسرائيل.
(1) انظر التفسير والمفسرون (1/ 167).
ولقوة هذه العلاقة أُفرد فيها مصنفات خاصة (1).
والمراد بالإسرائيليات: الروايات المنقولة عن أهل الكتاب سواء كانوا يهوداً أو نصارى، وإنما سميت بالإسرائيليات لأن غالب ما يُنقل مصدره بنو إسرائيل (2)، وهذا كما يطلق كثير من السلف التوراة على كتب أهل الكتاب، فهي عندهم أعم من التي أنزلها الله على موسى عليه السلام (3).
وموقف الصحابة والتابعين رضي الله عنهم من الروايات الإسرائيلية يشبه إلى حد كبير موقفهم من التفسير بالرأي، فكما جاء عن بعضهم نقد الإسرائيليات وذمها والتحذير منها جاء عن آخرين روايتها وتفسير القرآن بها، وسؤال علماء أهل الكتاب عنها، وهذان الموقفان قد يردان عن شخص واحد، فينقل عنه نقد رواية الإسرائيليات، وينقل عنه التحديث بها.
وهذا التعدد في المواقف يشبه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في إباحته التحديث عن بني إسرائيل، وما ورد عنه من النهي عن سؤالهم، ومعاتبة من تتبع الروايات
(1) منها على سبيل المثال: الإسرائيليات في التفسير والحديث، د. محمد الذهبي، والإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لأبي شهبة، والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير، د. رمزي نعناعة، وقد وقفت في فهارس الرسائل الجامعية على تسع رسائل مختصة بالحديث عن الإسرائيليات في التفسير؛ منها خمس رسائل دكتوراه.
(2)
انظر في تعريفها: الإسرائيليات في التفسير والحديث، د. الذهبي (ص 13)، والإسرائيليات والموضوعات لأبي شهبة (ص 12).
(3)
البداية والنهاية (3/ 546).