الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً
طبيعة الاختلاف عند الصحابة والتابعين
طبيعة الاختلاف في التفسير عند الصحابة والتابعين وأدبياته لا تختلف كثيراً عن طبيعة اختلافهم في العلوم الفرعية الأخرى كالحديث والفقه؛ وما يقال فيها يقال في التفسير، سوى أشياء يسيرة يأتي التنبيه عليها.
ومن أبرز سمات اختلاف الصحابة والتابعين ما يأتي:
أولاً: الاختلاف في الفروع دون الأصول
.
لم يختلف الصحابة والتابعون رضي الله عنهم في الأصول والثوابت، سواء في التفسير أم العقائد أم الفقه، ومن الأمور التي تشهد على أن الخلاف الذي وقع بينهم لم يكن في الأصول، الاطلاع على الاختلاف الذي اتسع بعدهم واتخذ أشكالاً خطيرة حيث تشعبت المذاهب وكثرت البدع، وما ترتب على ذلك من تأويل القرآن والانحراف في فهمه ليوافق معتقدات أهله.
وفي تفسير القرآن الكريم لم يختلف الصحابة والتابعون في معاني آيات الصفات مثلاً، وقد نص العلماء على ذلك:
فقال ابن تيمية: «إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات فليس عن
الصحابة اختلاف في تأويلها»، ثم ذكر أنه قرأ ما يزيد على مائة كتاب في التفسير من الكتب الكبار والصغار، فلم يجد عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئاً من آيات الصفات، ثم قال:«وتمام هذا أني لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} (1)، فروي عن ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة، وأن الله يكشف عن الشدة في الآخرة، وعن أبي سعيد وطائفة أنهم عدوها في آيات الصفات» ، ثم قرر أن ظاهر القرآن لا يدل على أنها من الصفات (2).
وعندما ذكر ابن القيم تنازع الصحابة في تفسير بعض الآيات عقب بقوله: «ولم يتنازعوا في تأويل آيات الصفات وأخبارها في موضع واحد، بل اتفقت كلمتهم وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها وإمرارها مع فهم معانيها وإثبات حقائقها» (3).
وهناك أصول يعتمد عليها في فهم القرآن الكريم، كالاعتماد على القرآن والسنة في التفسير، أو الأخذ باللغة العربية، وهذه لم يختلف فيها الصحابة والتابعون، ونقلت عنهم نصوص كثيرة تارةً بالأخذ بها والاستفادة منها في فهم الآيات، وأخرى بالحث عليها (4).
(1) سورة القلم من الآية (42).
(2)
مجموع الفتاوى (6/ 394).
(3)
الصواعق المرسلة (1/ 210)، وانظر: إعلام الموقعين (1/ 49)، والموافقات (2/ 141 - 142).
(4)
انظر مقدمتان في علوم القرآن (ص 201).