الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن الكريم، واهتمامهم بالتفسير الصحيح وعنايتهم بالقواعد التي تعين على فهم كتاب الله، وإشادتهم بأئمة التفسير، وسيأتي الحديث عن ذلك كله في الباب الأول إن شاء الله تعالى، وأما النقد بمعناه الثالث فهناك حديث مستفيض عما عابه الصحابة والتابعون وذموه في التفسير من المناهج والرجال والمرويات والأقوال.
وعليه نستطيع تعريف نقد التفسير بأنه: تمييز التفسير بمجالاته المختلفة؛ مناهج ورجال، ومرويات وأقوال، وبيان الصحيح من الضعيف.
2 - تعريف الصحابي:
لفظ الصحابي من حيث الوضع اللغوي مشتق من الصحبة (1)، والمراد صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك مسائل عديدة متعلقة بمن يصح إطلاق اسم الصحابي عليه، وقد أكثر العلماء الحديث عنها؛ مثل: صحة إطلاقه على من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو دون التمييز، أو رآه حال كفره ثم أسلم بعد وفاته، أو رآه بعد وفاته، ومثل دخول الملائكة والجن في مسمى الصحابة (2).
غير أن القضية التي اهتم بها العلماء، وأخذت قدراً كبيراً من حديثهم واختلافهم هي المقدار الزمني للصحبة ليصح إطلاق اسم الصحابي على من رأى
(1) انظر: الكفاية للخطيب البغدادي (ص 100)، والقاموس المحيط (ص 134) مادة "صحب".
(2)
انظر في هذه القضايا: التقييد والإيضاح للعراقي (ص 292 - 296) ، والإصابة في تمييز الصحابة (1/ 7 - 8) ، وفتح المغيث للسخاوي (4/ 78 - 84).
النبي صلى الله عليه وسلم.
فمذهب جمهور العلماء والمحدثين الاكتفاء بالقدر اليسير من الصحبة ، وعدم اشتراط طولها.
يقول ابن كثير (1): » الصحابي من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال إسلام الراوي وإن لم تطل صحبته له، وإن لم يرو عنه شيئاً ، هذا قول جمهور العلماء خلفاً وسلفاً» (2).
وذكر بعض العلماء أن هذا المذهب طريقة أهل الحديث (3).
والتعبير بالرؤية قد يفهم منه إخراج من لا يستطيع رؤية النبي صلى الله عليه وسلم كالأعمى؛ لذا عبر بعض العلماء عن الرؤية باللقاء ، فعَرَّفَ الصحابي بأنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم (4).
وذهب بعض الأصوليين إلى اشتراط طول الصحبة لصحة إطلاق اسم الصحابي على من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فمجرد الرؤية واللقاء ليس كافياً في نظرهم ، وإن
(1) هو الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، ولد سنة (700)، وتلمذ على ابن تيمية والمزي، من مصنفاته: تفسير القرآن، والأحكام، والبداية والنهاية، وتوفي عام (774).
انظر: الدرر الكامنة لابن حجر (1/ 399)، وشذرات الذهب لابن العماد (6/ 231).
(2)
الباعث الحثيث (ص 151) ، وانظر فتح الباري (7/ 4).
(3)
مقدمة ابن الصلاح (ص 486).
(4)
انظر: التقييد والإيضاح (ص 292) ، ونزهة النظر لابن حجر (ص 127 - 128).
كان صحيحاً من حيث الاستعمال اللغوي ، فيطلق على من صحب شخصاً ولو ساعة.
ويضيف هؤلاء أن العرف قيد الوضع اللغوي، فلا يطلق اسم الصحابي إلا على من كثرت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم، واختص به اختصاص الصاحب بالمصحوب لا على من لقيه ساعة (1).
والمذهب الأول هو الراجح ، وعليه العمل عند المحدثين والأصوليين (2)، واستدل ابن كثير لرجحانه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: » يأتي على الناس زمان ، يغزو فئام من الناس ، فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم ، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس ، فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ، فيقولون: نعم ، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس ، فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ، فيقولون: نعم ، فيفتح لهم «(3).
(1) انظر: المستصفى للغزالي (1/ 165) ، والواضح لابن عقيل (5/ 60) ، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (2/ 92)، ومفردات ألفاظ القرآن (ص 475) مادة "صحب".
(2)
انظر: فتح الباري لابن حجر (7/ 3) ، وفتح المغيث للسخاوي (4/ 86)، ورجحه من الأصوليين: ابن عقيل الحنبلي في الواضح (5/ 61 - 62) ، وابن قدامة في روضة الناظر (2/ 404) ، والآمدي في الإحكام (2/ 92) ، وابن النجار في شرح الكوكب المنير (2/ 465).
(3)
أخرجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة (4/ 1962) برقم (2532)، وأخرجه البخاري بلفظ:«فيكم من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ » في عدة مواضع؛ بوب على أحدها بقوله: باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن صحب النبي أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه. صحيح البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (4/ 188).
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (12/ 178) عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحب من صاحبني» . قال ابن حجر في فتح الباري (7/ 5): «إسناده حسن» ، وانظر مجمع الزوائد (10/ 20).