المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌منهج أهل البدع في فهم القرآن وتأويله: - نقد الصحابة والتابعين للتفسير

[عبد السلام بن صالح الجار الله]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌أولاً: أن العناية بنقد التفسير

- ‌ثانياً: أهمية دراسة ظاهرة النقد عند المفسرين وتأصيلها

- ‌ثالثاً: حظيت بعض ظواهر التفسير بالدراسة والتحليل والتأصيل

- ‌رابعاً: أن هذه الدراسة تغطي جانباً مهماً من مناهج المفسرين في تعاملهم مع التفسير بمجالاته المختلفة

- ‌خامساً: أما الاقتصار على عصر الصحابة والتابعين فلأنهم الأصل

- ‌خطة البحث

- ‌التمهيد

- ‌أولاًالتعريف بالموضوع

- ‌1 - تعريف النقد:

- ‌2 - تعريف الصحابي:

- ‌3 - تعريف التابعي:

- ‌4 - تعريف التفسير:

- ‌ثانيًاالنقد النبوي للتفسير وأثره على الصحابة

- ‌نقد مناهج التفسير:

- ‌أ- نقد تأويل المتشابه:

- ‌ب - نقد الإسرائيليات:

- ‌ج - نقد الجدال في القرآن وضرب بعضه ببعض:

- ‌د - نقد التفسير بالرأي:

- ‌بيانه صلى الله عليه وسلم لوجه ضعف التفسير:

- ‌أثر النقد النبوي على الصحابة:

- ‌الباب الأول جهود الصحابة والتابعين في دفع الخطأ في التفسير قبل وقوعه

- ‌الفصلُ الأول تغليظ الخطأ في التفسير وبيان خطره

- ‌أولاً مظاهر تعظيم الصحابة والتابعين للتفسير وتغليظ الخطأ فيه

- ‌أولاً: اعتبار الخطأ في التفسير قولاً على الله بلا علم

- ‌ثانياً: النهي عن السؤال في التفسير، وترك مجالسة من يفعل ذلك

- ‌ثالثاً: اعتبار الكلام في التفسير أعظم من الكلام في العلوم الشرعية الأخرى

- ‌رابعاً: الامتناع عن تفسير القرآن

- ‌خامساً: الاستخارة عند تفسير القرآن

- ‌ثانياً دواعي الصحابة والتابعين في التغليظ على المخطئ في التفسير وإحجامهم عن تأويل القرآن

- ‌الفصلُ الثاني الاهتمام بالتفسير الصحيح والحث على ما يعين على فهم القرآن الكريم

- ‌أولاًالاهتمام بالتفسير الصحيح

- ‌أولاً: الرحلة في طلب تفسير القرآن

- ‌ثانياً: التثبت من المعنى الصحيح للآية

- ‌ثالثاً: الفرح بالتفسير الصحيح والحزن على فواته

- ‌رابعاً: الاهتمام برجال التفسير

- ‌ثانياًالحث على ما يعين على فهم القرآن

- ‌أولاً: الاستعانة بالسياق القرآني في فهم الآيات

- ‌ثانياً: الاستعانة بالسنة في فهم القرآن

- ‌ثالثاً: معرفة سبب نزول الآية

- ‌رابعاً: معرفة الناسخ والمنسوخ

- ‌خامساً: معرفة اللغة العربية

- ‌ومن أوجه عنايتهم بالعربية في بيان القرآن ما يأ

- ‌سادساً: التدرج في تعلم التفسير

- ‌الفصلُ الثالث الاختلاف في تفسير الصحابة والتابعين

- ‌أولاًطبيعة الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: الاختلاف في الفروع دون الأصول

- ‌ثانياً: قلة الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌وهناك أسباب أدت إلى قلة اختلاف الصحابة والتابعين في التفسير، ومن أهمها

- ‌ثالثاً: اختلاف تنوع لا تضاد

- ‌رابعاً: مع الاختلاف مودة وألفة

- ‌خامساً: كراهة الاختلاف

- ‌ثانياًأدب الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: احترام الرأي الآخر

- ‌الأول: عدم إلزام الطرف الآخر بالرجوع عن رأيه، وبخاصة إذا كان صادراً عن اجتهاد

- ‌الثاني: عدم التعدي على المخالف

- ‌الثالث: بقاء المكانة العلمية بين المختلفين على ما هي عليه

- ‌ثانياً: الرجوع إلى العلماء عند الاختلاف

- ‌ومن شواهده عن الصحابة والتابعين:

- ‌ثالثاً: الرجوع إلى الحق

- ‌ومن تلك المراجعات:

- ‌الباب الثاني دواعي نقد الصحابة والتابعين للتفسير، وأساليبه ومميزاته

- ‌الفصل الأول دواعي النقد عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: ظهور الفتن والبدع

- ‌ثانياً: مخالطة أهل الكتاب

- ‌ثالثاً: دخول الأعاجم في الإسلام

- ‌رابعاً: تصدر بعض من لا علم عنده لتفسير القرآن

- ‌خامساً: مؤثرات سياسية

- ‌سادساً: مؤثرات اجتماعية

- ‌الفصل الثاني أساليب الصحابة والتابعين في نقد التفسير

- ‌ومن مظاهر الشدة في النقد:

- ‌أولاً: الشدة مع أهل البدع، وإغلاظ القول لهم، ومن أمثلته:

- ‌ثانياً: كلام الأقران بعضهم في بعض يكون شديداً أحياناً

- ‌ثالثاً: وقد يصل الأمر إلى التوبيخ حين يشعر الصحابة أن المرء تكلم في القرآن بلا علم، ومن أمثلته:

- ‌ومن مظاهر الرفق في النقد:

- ‌أولاً: الرفق مع أهل العلم والفضل، ومن أمثلته

- ‌ثانياً: الرفق مع الطلاب

- ‌ثالثاً: عدم الانتقاد المباشر للمخطئ

- ‌عبارات نقدية:

- ‌أولاً: التكذيب، وشواهده كثيرة

- ‌ومن أمثلة هذا الاستعمال في نقد التفسير:

- ‌ثانياً: زعم

- ‌ثالثاً: أخطأت التأويل

- ‌رابعاً: لم تصب.ومن أمثلته:

- ‌خامساً: بئسما قلت.ومن أمثلته:

- ‌سادساً: تَأَوَّلَ الآية على غير تأويلها.ومن أمثلته:

- ‌سابعاً: وَضَعَ الآية على غير موضعها.ومن أمثلته:

- ‌ثامناً: لقد حملتموها على غير المحمل.ومن أمثلته

- ‌تاسعاً: ليس بالذي تذهبون إليه

- ‌عاشراً: ما لكم ولهذه الآية

- ‌حادي عشر: لا تغرنكم هذه الآية.ومن أمثلته:

- ‌ثاني عشر: الضحك

- ‌الفصل الثالث مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌المبحث الأول مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌أولاً: أهليتهم للنقد

- ‌ثانياً: الاطلاع الواسع على المناهج والأقوال

- ‌ثالثاً: الاستدلال للنقد

- ‌رابعاً: بيان الرأي الصحيح

- ‌المبحث الثاني أبرز نقاد الصحابة والتابعين

- ‌الباب الثالث مجالات نقد التفسير عند الصحابة والتابعين

- ‌الفصلُ الأول نقد طرق التفسير ومناهجه

- ‌أولاًنقد التفسير بالرأي

- ‌ثانياًنقد التفسير بالإسرائيليات

- ‌صور نقد الإسرائيليات:

- ‌الأولى: النهي الصريح عن رواية الإسرائيليات وسؤال أهل الكتاب، ومن أقوالهم في ذلك:

- ‌الصورة الثانية: تكذيب الإسرائيليات، ومن شواهده:

- ‌الصورة الثالثة: انتقاد بعض الناس بسبب روايتهم الإسرائيليات وتتبعهم لها، ومن الآثار في ذلك:

- ‌الرابعة: الأمر بإتلاف الصحف المشتملة على الأخبار الإسرائيلية، ومن شواهده:

- ‌دواعي نقد الإسرائيليات:

- ‌توجيه الرواية عن أهل الكتاب وسؤالهم:

- ‌ثالثاًنقد تفاسير أهل البدع

- ‌منهج أهل البدع في فهم القرآن وتأويله:

- ‌منهج الصحابة والتابعين في الرد على أهل البدع:

- ‌الفرق التي انتقدها الصحابة والتابعون

- ‌أولاً: الخوارج

- ‌القضية الأولى: التكفير

- ‌القضية الثانية: قتال أهل القبلة

- ‌القضية الثالثة: تخليد أهل الكبائر في النار

- ‌القضية الرابعة: نفي الشفاعة عمن دخل النار

- ‌ثانياً: الشيعة

- ‌ثالثاً: القدرية

- ‌رابعاًنقد تفسير المتشابه

- ‌طرق الصحابة والتابعين في نقد تأويل المتشابه:

- ‌خامساًنقد الجدال في القرآن:

- ‌الجدال المحمود:

- ‌سادساًنقد تفاسير القُصَّاص

- ‌دواعي نقد القصاص

- ‌انتقاد القصاص في التفسير:

- ‌سابعاًنقد التكلف في التفسير

- ‌ثامناًنقد تدوين التفسير

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في انتقاد تدوين التفسير:

- ‌الفصل الثاني نقد رجال التفسير

- ‌أولاًالرجال المنتقدون في التفسير

- ‌أولاً: مجاهد بن جبر المكي

- ‌الأمر الأول: سؤال أهل الكتاب

- ‌الأمر الثاني: مما انتقد به مجاهد رحمه الله تفسير القرآن بالرأي

- ‌ثانياً: عكرمة مولى ابن عباس

- ‌ولانتقاد ابن المسيب احتمالان:

- ‌وقد جاء تكذيب عكرمة عن غير سعيد بن المسيب:

- ‌وأجيب عن تكذيب ابن المسيب وغيره لعكرمة بأجوبة منها:

- ‌ثالثاً: الضحاك بن مزاحم الهلالي

- ‌رابعاً: أبو صالح مولى أم هانئ "باذام

- ‌خامساً: إسماعيل السدي

- ‌سادساً: زيد بن أسلم العدوي

- ‌سابعاً: محمد بن السائب الكلبي

- ‌ثانياًأسباب نقد رجال التفسير

- ‌ثالثاًأثر نقد رجال التفسير على تفاسيرهم

- ‌الفصل الثالث نقد الأقوال

- ‌أولاً:طريقة الصحابة والتابعين مع القول الواحد في تفسير الآية

- ‌الحالة الأولى: تصويب القول

- ‌الحالة الثانية: تصويب القول مع تقييده

- ‌الحالة الثالثة: تضعيف القول

- ‌القسم الأول: الاكتفاء بتضعيف القول فقط

- ‌القسم الثاني: تضعيف القول، وذكر القول الراجح

- ‌الحالة الرابعة: التوقف في معنى الآية، وعدم الجزم بصحة رأي معين، ومن أمثلته:

- ‌ثانياً:طريقة الصحابة والتابعين عند تعدد الأقوال في تفسير الآية

- ‌الحالة الأولى: ذكر الأقوال دون ترجيح.ومن أمثلتها:

- ‌الحالة الثانية: ترجيح أحد الأقوال.ومن أمثلتها:

- ‌الحالة الثالثة: الجمع بين الأقوال.ومن أمثلتها:

- ‌ثالثاًالرجوع عن القول

- ‌الباب الرابع أسس نقد التفسير عند الصحابة والتابعين وأثره

- ‌الفصل الأول أسس نقد التفسير عند الصحابة والتابعين

- ‌المبحث الأول الأسس المتعلقة بالرواية

- ‌أولاًمخالفة القرآن الكريم

- ‌ومن أقوالهم في ذلك:

- ‌صور نقد التفسير بالقرآن الكريم

- ‌الصورة الأولى: مخالفة سياق الآية

- ‌والرد بالسياق القرآني ثلاثة أقسام:

- ‌القسم الأول: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية، ويعرف هذا بالسباق

- ‌القسم الثاني: الاستدلال على ضعف التفسير بما بعد الآية، ويعرف هذا بلحاق الآية

- ‌القسم الثالث: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية وما بعدها

- ‌الصورة الثانية: مخالفة ظاهر الآية

- ‌الصورة الثالثة: نقد التفسير بآية أخرى

- ‌ثانياًمخالفة السنة النبوية

- ‌وقد استعمل الصحابة والتابعون هذه القاعدة، فردوا بها بعض التفسيرات، ومن الأمثلة على ذلك:

- ‌ثالثاًمخالفة سبب النزول

- ‌رابعاًمخالفة التاريخ

- ‌خامساًالطعن في صحة نقل التفسير

- ‌المبحث الثاني الأسس المتعلقة بالدراية

- ‌أولاً: مخالفة اللغة العربية

- ‌ثانياًاشتمال التفسير على ما يخل بمقام الأنبياء والملائكة وعصمتهم

- ‌اشتمال التفسير على الإخلال بمقام الأنبياء وعصمتهم

- ‌اشتمال التفسير على الإخلال بمقام الملائكة

- ‌ثالثاًمخالفة الواقع

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذلك:

- ‌رابعاًمعارضة التفسير بالقياس

- ‌خامساًأن يكون التفسير غير مفيد

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذلك:

- ‌سادساًنقد التفسير بذكر ما يترتب عليه

- ‌الفصل الثاني أثر نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌أولاًأثره في التفسير وأصوله

- ‌ثانياًأثره في علوم القرآن

- ‌أ- القراءات:

- ‌فمن شواهد ترجيح القراءة المتواترة:

- ‌ومن شواهد ترجيح القراءة الشاذة على المتواترة:

- ‌ب - الناسخ والمنسوخ:

- ‌القسم الأول: نقد القول بنسخ الآية، ومن أمثلته:

- ‌القسم الثاني: نقد القول بإحكام الآية، ومن أمثلته:

- ‌ثالثاًأثره في العقائد

- ‌رابعاًأثره في المتلقين

- ‌وأما المخطئ في الفهم والتأويل فإن انتقاده يعود عليه بفوائد:

- ‌الخاتمة

- ‌الفهارس

- ‌ثبت المصادر والمراجع

الفصل: ‌منهج أهل البدع في فهم القرآن وتأويله:

السبب الثاني: سوء فهم القرآن الكريم، وهذا يوقع في مزالق خطيرة وأمور منكرة، وذكر ابن تيمية أن بدعة الخوارج إنما وقعت بسبب «سوء فهمهم للقرآن؛ لم يقصدوا معارضته، لكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب، إذ كان المؤمن هو البر التقي، قالوا: فمن لم يكن براً تقياً، فهو كافر وهو مخلد في النار، ثم قالوا: وعثمان وعلي ومن والاهما ليسوا بمؤمنين؛ لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله» (1).

‌منهج أهل البدع في فهم القرآن وتأويله:

يجتهد أهل البدع في تقرير عقائدهم والاستدلال لها من القرآن الكريم، ولا يترددون عن سلوك أي منهج يحقق مقصدهم ويقوي بدعتهم، ويكون سبباً في إقناع الآخرين بها بغض النظر عن صحته، وتبعاً لذلك وقع المبتدعة في انحرافات منهجية خطيرة؛ هذه أبرز سماتها:

أولاً: اتباع المتشابه من القرآن الكريم، والاعتراض به على المخالفين فراراً من إلزامهم بالآيات المحكمات، وقد أدى هذا المنهج في طلب تأويل المتشابه إلى نتيجة أخرى وهي:

ثانياً: ضرب القرآن بعضه ببعض والجدال في آياته، وسيأتي حديث مفصل

(1) مجموع الفتاوى (13/ 30 - 31)، وانظر (17/ 446) من الكتاب نفسه.

ص: 285

عن هذه القضية والتي قبلها، وذكر ما ورد عن الصحابة والتابعين في نقدهما.

ثالثاً: التمسك بالآيات العامة، ومواجهة الخصوم بها من غير نظر في مخصصاتها ومقيداتها، والإعراض عن الجمع بين الآيات والتوفيق بينها، وكذلك إهمال ما يبين معنى الآية كسبب النزول، فبسبب أن الآية تتفق مع معتقداتهم يتشبثون بها متجاهلين ما جاء في بيان معناها، كتمسك الخوارج بقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (1)، والاستدلال بها على تكفير كل من لم يحكم بما أنزل الله دون النظر في الأدلة الأخرى، فقد جاء ناس من الخوارج (2) إلى أبي مجلز رحمه الله (3)، وقالوا له: «يا أبا مجلز أرأيت قول الله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} أحق هو؟ ، قال: نعم! ، قالوا:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (4) أحق هو؟ ، قال: نعم! ، فقالوا: يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ ، قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه

(1) سورة المائدة من الآية (44)، وانظر: الملل والنحل (1/ 117)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (13/ 208).

(2)

وفي بعض الروايات أنهم من الإباضية كما في جامع البيان (8/ 458).

(3)

هو لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري، اشتهر بكنيته، روى عن ابن عمر وابن عباس، وعنه قتادة وسليمان التيمي، وهو من الثقات المخرج لهم في الكتب الستة، توفي سنة (106 وقيل 109).

انظر: التاريخ الكبير (4/ 2/258)، والجرح والتعديل (4/ 2/124)، وتهذيب التهذيب (4/ 335).

(4)

سورة المائدة من الآية (45).

ص: 286

يقولون، وإليه يدعون، فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً، فقالوا: لا والله ولكنك تفرق! » (1).

وقصارى القول فإن نظرة أهل البدع للآيات نظرة ضيقة لا تعدو النظر إلى ظاهرها دون تدبر أو تمعن، ثم الحكم ببادئ الرأي والقطع بما فهموه من غير رجوع للأدلة الأخرى، وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عن الخوارج:«يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم» (2)، وهذه النظرة الضيقة للنصوص تحجبهم عن فهم القرآن وتصدهم عن اتباع الحق (3).

رابعاً: حشد الآيات الموافقة لمعتقداتهم والاحتجاج بها على المخالفين، وفي المقابل الإعراض التام عن الآيات والأحاديث الصحيحة التي تخالف مذهبهم، ولذلك يعرض الخوارج عن السنة حين تخالف ظاهر القرآن عندهم، فلا رجم للزاني المحصن، ولا نصاب للسرقة مع ثبوتهما في السنة (4)، ومن الشواهد:

1 -

قال طلق بن حبيب: «كنت من أشد الناس تكذيباً للشفاعة، حتى لقيت جابر بن عبد الله، فقرأت عليه كل آية أقدر عليها يذكر الله فيها خلود أهل النار» .

(1) أي: تخاف، والأثر في جامع البيان (8/ 457 - 458).

(2)

تقدم تخريجه (ص 49).

(3)

انظر الموافقات (5/ 149).

(4)

انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية (13/ 48 - 49).

ص: 287

2 -

ووقع لجابر بن عبد الله مع يزيد الفقير (1) مثلما وقع له مع طلق، فعندما ذكر جابر أن بعض الناس يخرج من النار بعد دخوله فيها؛ اعترض عليه يزيد بالآيات التي تذكر خلود الكفار في النار (2).

خامساً: اقتطاع النص القرآني، والأخذ منه بالقدر المتفق مع أهوائهم والإعراض عن سائره، وعزله عن سياقه - سباقاً ولحاقاً - فيستدلون بأوله ويتركون آخره أو العكس، ومن شواهده:

1 -

قول محمد بن كعب القرظي عن القدرية: «لا تخاصموا هؤلاء القدرية ولا تجالسوهم، والذي نفسي بيده لا يجالسهم رجل لم يجعل الله عز وجل له فقهاً في دينه وعلماً في كتابه إلا أمرضوه، والذي نفس محمد بيده لوددت أن يميني هذه تقطع على كبر سني، وأنهم أتوا من كتاب الله عز وجل آية، ولكنهم يأخذون بآخرها ويتركون أولها» (3).

فالقدرية يستدلون لإثبات استقلال العبد بفعله بقول الله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} ، ويعرضون عما بعده: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ

(1) هو يزيد بن صهيب أبو عثمان الكوفي، روى عن ابن عمر وأبي سعيد، ثقة أخرج له البخاري ومسلم.

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 213)، وتهذيب التهذيب (4/ 418).

(2)

ستأتي هذه القصة والتي قبلها قريباً.

(3)

كتاب القدر للفريابي (ص 172)، والشريعة (ص 234)، والإبانة لابن بطة "القدر"(2/ 211).

ص: 288

الْعَالَمِينَ} (1).

2 -

وسيأتي أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس رضي الله عنهما: «يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم أن قوماً يخرجون من النار، وقد قال الله جل وعز: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} (2)؟ ، فقال ابن عباس: ويحك اقرأ ما فوقها! هذه للكفار» .

سادساً: تنزيل الآيات التي أنزلت في الكفار على أهل الإيمان، وتعميم حكمها عليهم، ومن شواهده:

1 -

قول ابن عمر رضي الله عنهما عن الخوارج: «انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين» (3).

2 -

وجاء رجل من الخوارج إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (4) أليس كذلك؟ قال: نعم، فانصرف عنه الرجل، فقال له علي: ارجع، فرجع، فقال: أي فل إنما أنزلت في أهل الكتاب، وهم الذين بربهم يعدلون (5).

(1) سورة التكوير الآيتان (28، 29).

(2)

سورة المائدة من الآية (37).

(3)

صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين، باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم (8/ 51).

(4)

سورة الأنعام آية (1).

(5)

تفسير ابن أبي حاتم (4/ 1260).

ص: 289

3 -

وجاء آخر إلى ابن أبزى (1)، فقرأ عليه:{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} ، وقال:«أليس الذين كفروا بربهم يعدلون؟ ، قال ابن أبزى: بلى، فانصرف عنه الرجل، فقال له رجل من القوم: يا بن أبزى إن هذا قد أراد تفسير هذه على غير هذا؛ إنه رجل من الخوارج، فقال: ردوه علي، فلما جاءه قال: هل تدري فيمن نزلت هذه الآية؟ ، قال: لا، قال: إنها نزلت في أهل الكتاب؛ اذهب ولا تضعها على غير حدها» (2).

4 -

وسئل الشعبي عن قول الله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (3)، فقيل له:«تزعم الخوارج أنها في الأمراء؟ ، قال: كذبوا؛ إنما أنزلت هذه الآية في المشركين كانوا يخاصمون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: أما ما قتل الله فلا تأكلوا منه، يعني الميتة، وأما ما قتلتم أنتم فتأكلون منه، فأنزل الله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} إلى قوله: {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} قال: لئن أكلتم الميتة وأطعتموهم إنكم لمشركون» (4).

* وقد تبلغ الجرأة بالخوارج وقلة الأدب إلى مواجهة الصحابة رضي الله عنهم بالآيات

(1) هو عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي مولاهم، ذكر البخاري وغيره أن له صحبة، وأكثر روايته عن عمر وأبي بن كعب، سكن الكوفة واستعمله عليٌ على خراسان.

انظر: التاريخ الكبير (3/ 1/245)، وأسد الغابة (3/ 422)، والإصابة (6/ 258).

(2)

جامع البيان (9/ 148)، والدر المنثور (3/ 4).

(3)

سورة الأنعام من الآية (121).

(4)

تفسير ابن أبي حاتم (4/ 1380)، ولمزيد شواهد انظر تفسير القرآن لابن المنذر (1/ 121).

ص: 290

التي نزلت في الكفار، ومن شواهده:

1 -

نادى رجل من الخوارج علياً رضي الله عنه وهو في صلاة الفجر فقال: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (1)، فأجابه علي رضي الله عنه وهو في الصلاة:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (2).

2 -

ومر خارجي بسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال له: هذا من أئمة الكفر، يشير إلى قوله تعالى:{فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} (3)، فقال سعد رضي الله عنه: كذبت أنا قاتلت أئمته (4).

* وقد يأتي عن بعض الصحابة والتابعين أن آية كذا نزلت في الخوارج، مثل ما جاء عن بكر بن عبد الله المزني (5) أن قوله تعالى:{وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (6) نزلت في الخوارج (7).

(1) سورة الزمر آية (65).

(2)

سورة الروم آية (60)، والأثر أخرجه الطبري في جامع البيان (18/ 530)، وابن أبي حاتم في تفسيره (6/ 332)، وانظر: مصف ابن أبي شيبة (15/ 307).

(3)

سورة التوبة من الآية (12).

(4)

تفسير القرآن العظيم لابن كثير (4/ 59)، والدر المنثور (3/ 215).

(5)

هو أبو عبد الله البصري، سمع ابن عمر وأنساً، وروى عنه ثابت البناني وقتادة، وكان ثقة ثبتاً كثير الحديث فقيهاً، معدود في مجابي الدعوة، وحديثه في الكتب الستة، توفي سنة (108 أو 106).

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 1/152)، والتاريخ الكبير (1/ 2/90)، وتهذيب التهذيب (1/ 244).

(6)

سورة محمد من الآية (22).

(7)

النكت والعيون (5/ 302).

ص: 291

وما جاء عن قتادة في قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} (1) أنه قال: «إن لم يكونوا الحرورية والسبائية فلا أدري من هم؟ » (2).

ومن المعلوم أن آية آل عمران نزلت في وفد نجران كما تقدم، ومراد قتادة ومن قبله أن الآية تشملهم ويدخلون في عمومها (3).

سابعاً: التكذيب بآيات الله تعالى وردها والطعن بها وبدلالتها على المراد عندما تكون صريحة في إبطال معتقداتهم التي قرروها وأصلوها، في حين أنهم يتعلقون بالآيات التي توافق أهواءهم، فأهل البدع يقررون عقائدهم أولاً، فإذا جاء في القرآن ما يبطلها كذبوه وردوه، ولذا جاء وصفهم بأنهم يكذبون بالقرآن (4)، وصنيعهم هذا من الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض المذموم فاعله في قوله تعالى:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (5)، وهو أيضاً من الخوض في آيات الله تعالى الوارد ذمه في قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا

(1) سورة آل عمران من الآية (7).

(2)

جامع البيان (5/ 207)، ومعالم التنزيل (2/ 9).

(3)

انظر الاعتصام (1/ 103).

(4)

كتاب القدر للفريابي (ص 157).

(5)

سورة البقرة من الآية (85).

ص: 292

فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (1).

وقد جاء في معناه أنه التكذيب بالقرآن (2).

ومما جاء في وصف أهل الأهواء وخوضهم في آيات الله:

1 -

قول محمد بن سيرين رحمه الله: «إن لم يكن أهل القدر الذين يخوضون في آيات الله فلا علم لنا به» (3).

وعنه في رواية أخرى: «كنا نعدهم أصحاب الأهواء» (4).

وصدق رحمه الله، فقد جاء رجل إلى عمرو بن عبيد فقال: «إن فلاناً يقول: إن {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} (5)، وقوله:{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} ، و {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} (6) إن هذا ليس في أم الكتاب! ، والله يقول:{حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (7)،

(1) سورة الأنعام آية (68).

(2)

انظر: جامع البيان (9/ 313)، والتحرير والتنوير (6/ 151).

(3)

جامع البيان (20/ 361)، وانظر: السنة لعبد الله بن أحمد (2/ 432)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/ 630).

(4)

الإبانة لابن بطة "كتاب الإيمان"(2/ 496).

(5)

سورة المسد آية (1).

(6)

سورة المدثر الآيتان (11، 26).

(7)

سورة الزخرف الآيات (1 - 4).

ص: 293

فما الكفر إلا هذا يا أبا عثمان؟ ! ، فسكت عمرو هنية، ثم أقبل عليه، فقال: والله لو كان الأمر كما يقول ما كان على أبي لهب من لوم، ولا على الوليد من لوم» (1).

وقال له آخر: أخبرني عن قوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} كانت في اللوح المحفوظ؟ ، فقال عمرو: ليست هكذا كانت، فقال له الرجل: فكيف كانت؟ ، قال: تبت يدا من عمل بمثل عمل أبي لهب، فقال: هكذا ينبغي لنا أن نقرأ إذا قمنا إلى الصلاة؟ ، فغضب عمرو (2).

وعمرو بن عبيد عاصر التابعين كالحسن وابن سيرين وقتادة وأيوب وغيرهم، وقد تكلموا فيه وردوا عليه (3).

2 -

وعن أبي جعفر (4)

قال: «لا تجالسوا أصحاب الخصومات، فإنهم الذين

(1) المعرفة والتاريخ (2/ 262)، وكتاب القدر للفريابي (ص 211)، والكامل لابن عدي (6/ 183)، والإبانة لابن بطة " القدر "(2/ 303)، وتاريخ بغداد (12/ 171)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/ 738).

(2)

السنة لعبد الله بن أحمد (2/ 438).

(3)

انظر: المعرفة والتاريخ (2/ 259)، والسنة لعبد الله بن أحمد (2/ 434)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (4/ 737)، وتاريخ بغداد (12/ 170).

(4)

هو محمد بن علي بن الحسين القرشي الهاشمي أبو جعفر الباقر، روى عن أبيه وجابر، وروى عنه ابنه جعفر وعمرو بن دينار، غلا فيه الروافض، فجعلوه أحد أئمتهم الاثني عشر، توفي عام (114 أو 117).

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (5/ 235)، وتذكرة الحفاظ (1/ 124)، والبداية والنهاية (13/ 72).

ص: 294

يخوضون في آيات الله» (1).

وقال لرجل من أصحابه: «لا تخاصم؛ فإن الخصومة تكذب القرآن» (2).

ثامناً: ومن سمات بعض المبتدعة في تعاملهم مع القرآن الكريم، والتي قد تؤثر في نظرة الناس إليهم ما يُرى من شدة تعظيمهم للقرآن بكثرة تلاوته ودعوتهم للتحاكم إليه، إضافة إلى ما هم عليه من الاجتهاد في العبادة كالصلاة والصيام، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المسلك حين وصف للخوارج بقوله:«يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم» (3)، وهذا المظهر الخارجي قد يشكل على بعض المسلمين، فيلتبس عليه أمرهم، وقد يكون سبباً في الانسياق خلف معتقداهم والتأثر بها، وقبول آرائهم حول معاني القرآن، وقد عجب بعض التابعين من هذا المظهر الخارجي الذي عليه أهل الأهواء، فنقلوا ذلك إلى الصحابة فحذروا منهم، ومن الشواهد على ذلك:

1 -

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إنكم ستجدون أقواماً يزعمون أنهم يدعونكم إلى كتاب الله، وقد نبذوه وراء ظهورهم، فعليكم بالعلم، وإياكم

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/ 236)، وسنن الدارمي (1/ 76، 116)، وجامع البيان (9/ 314)، والإبانة لابن بطة " الإيمان"(2/ 441، 495)، وحلية الأولياء (3/ 184).

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد (5/ 236)، والإبانة " الإيمان"(2/ 495).

(3)

أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (4/ 179)، ومسلم في كتاب الزكاة (2/ 744) برقم (1064/ 148) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ..

ص: 295

والتبدع، وإياكم والتنطع، وإياكم والتعمق، وعليكم بالعتيق» (1).

2 -

وعن ابن عباس أنه ذكر له الخوارج واجتهادهم وصلاحهم، فقال رضي الله عنه:«ليسوا هم بأشد اجتهاداً من اليهود والنصارى، وهم على ضلالة» (2).

وذكر له مرة ما يصيبهم عند قراءة القرآن، فقال:«يؤمنون عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه» (3).

قال الآجري (4) تعليقاً على قول ابن عباس: «فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام: عدلاً كان الإمام أم جائراً، فخرج وجمع جماعة وسلَّ سيفه واستحل قتال المسلمين، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن، ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صيامه ولا بحسن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه

(1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 252)، والدارمي في سننه (1/ 58) واللفظ له، وابن وضاح في ما جاء في البدع (ص 64)، ومحمد بن نصر في السنة (ص 29 - 30)، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 170)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 87)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/ 193).

(2)

مصنف عبد الرزاق (10/ 120، 153)، ومصنف ابن أبي شيبة (15/ 313)، والشريعة للآجري (ص 30) واللفظ له.

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (15/ 313)، وجامع البيان (5/ 214)، والشريعة للآجري (ص 30)، وانظر ما يأتي (ص 330).

(4)

هو أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري البغدادي، كان صاحب سنة واتباع، من مؤلفاته: الأربعين، وتحريم النرد، وأخلاق العلماء، انتقل إلى مكة، وبها توفي سنة (360).

انظر: تاريخ بغداد (2/ 243)، وسير أعلام النبلاء (16/ 133).

ص: 296