الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويصفه العجلي بأنه ثقة عالم بالتفسير راوية له (1).
سادساً: زيد بن أسلم العدوي
.
تكلم فيه عبيد الله بن عمر بن حفص لأجل تفسيره القرآن بالرأي، فعن حماد بن زيد (2) قال:«قدمت المدينة، وزيد بن أسلم حي، فسألت عبيد الله بن عمر، فقلت: إن الناس يتكلمون فيه، فقال: لا أعلم به بأساً، إلا أنه يفسر القرآن برأيه» (3).
ويتضح من كلامه أن زيد بن أسلم كان يفسر القرآن بالرأي، وتكلم فيه بعض أهل المدينة بسبب ذلك، وقد اشتهر بعضهم بالورع عن تفسير القرآن والإحجام عن تأويله ومنهم عبيد الله هذا، وهو القائل:«لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير؛ منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب ونافع» (4).
(1) معرفة الثقات (1/ 227).
(2)
هو أبو إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي البصري الضرير الحافظ، ولد سنة (98)، وسمع ثابت البناني وعمرو بن دينار، حديثه في الكتب الستة، توفي سنة (179).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 2/42)، وتذكرة الحفاظ (1/ 228).
(3)
الجرح والتعديل (1/ 2/555)، والكامل في الضعفاء (4/ 164).
(4)
جامع البيان (1/ 79).
ولم يُنقل عن ابن أسلم آراء منكرة، غاية ما في الأمر أنه ممن يرى جواز التفسير بالرأي، وليس بدعاً في ذلك، فهو رأي غيره من الصحابة والتابعين، وعبيد الله حين تكلم فيه لم يقدح في عدالته وثقته، بل أكد أنه لا يرى فيه بأساً سوى أخذه بالرأي (1).
ولأجل نقد عبيد الله أورد ابن عدي زيد بن أسلم في كتاب "الكامل في ضعفاء الرجال "، ولم يورد في ترجمته سوى مقالة عبيد الله هذه، ولم يوافقه عليها، فقال بعد إيرادها:«وزيد بن أسلم هو من الثقات، ولم يمتنع أحد من الرواية عنه، حدث عنه الأئمة» (2).
ولعدالته المتفق عليها لام الذهبيُ ابنَ عدي لإيراده زيد بن أسلم في كتابه "الكامل"، فقال:«وتبارد ابن عدي بإيراده في كامله» (3).
وقد أثنى العلماء على ابن أسلم في علمه بتفسير القرآن، فقال سفيان بن عيينة:«سألت زيد بن أسلم، ولم يكن بالمدينة أحد يفسر القرآن بعد محمد بن كعب مثله» (4).
(1) التفسير والمفسرون (1/ 117).
(2)
الكامل لابن عدي (4/ 164).
(3)
تاريخ الإسلام حوادث سنة (121 - 140 ص 431)، وانظر ميزان الاعتدال (2/ 288).
(4)
فتح الباري لابن حجر (13/ 111).
وقال يعقوب بن شيبة (1): «وزيد بن أسلم ثقة، من أهل الفقه والعلم، وكان عالماً بتفسير القرآن، له كتاب فيه تفسير القرآن» (2).
ومما أخذه بعض المدنيين على زيد ما رواه يعقوب بن عبد الرحمن الزهري (3)
قال: «سألت زيد بن أسلم عن قول الله: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} الآية إلى قوله: {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} (4)، فقلت له: من يراد بهذا؟ ، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: رسول الله؟ ! ، فقال: ما تنكر؟ ! ؛ قال الله عز وجل: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (5)، قال: ثم سألت صالح بن كيسان (6) عنها، فقال لي:
(1) هو أبو يوسف يعقوب بن شيبة بن الصلت السدوسي البصري، من كبار علماء الحديث، سمع يزيد بن هارون وعفان بن مسلم، وألف المسند الكبير المعلل ولم يتمه، توفي سنة (262).
انظر: تاريخ بغداد (14/ 281)، وتذكرة الحفاظ (2/ 577).
(2)
تاريخ دمشق (19/ 282)، وتاريخ الإسلام حوادث سنة (121 - 140 ص 429).
(3)
المدني، روى عن موسى بن عقبة وأبي حازم بن دينار، وخرج له البخاري في صحيحه، توفي بالإسكندرية عام (181).
انظر: التاريخ الكبير (4/ 2/398)، وتهذيب التهذيب (4/ 444).
(4)
سورة ق الآيات (19 - 21).
(5)
سورة الضحى الآيتان (6، 7).
(6)
هو أبو محمد صالح بن كيسان المدني، سمع ابن عمر وابن الزبير، وروى عنه سالم بن عبد الله بن عمر وعروة، وكان مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، وحديثه في الكتب الستة، وتوفي بعد سنة (140).
انظر: الجرح والتعديل (2/ 1/411)، وتذكرة الحفاظ (1/ 148)، وتهذيب التهذيب (2/ 198).
هل سألت أحداً؟ ، فقلت: نعم، قد سألت عنها زيد بن أسلم، فقال: ما قال لك؟ ، فقلت: بل تخبرني ما تقول، فقال: لأخبرنك برأيي الذي عليه رأيي، فأخبرني ما قال لك؟ ، قلت: قال: يراد بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: وما علم زيد؟ ! والله ما سن عالية، ولا لسان فصيح، ولا معرفة بكلام العرب، إنما يراد بهذا الكافر، ثم قال: اقرأ ما بعدها يدلك على ذلك» (1).
وشهرة صالح بن كيسان في التفسير ليست كشهرة ابن أسلم؛ وتفسيره للآية أقرب من تأويل زيد بن أسلم، ويساعده سياقها كما أشار هو إلى ذلك، وقال بقوله: ابن عباس ومجاهد والضحاك (2).
وأما زيد ففسر الآيات بأن المراد النبي صلى الله عليه وسلم، ولما أنكر السائل هذا التأويل لوجود ما يعارضه في الآيات، وهو قوله تعالى:{لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} (3)، إذ لا يجوز وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالغفلة، فرد زيد هذا الاعتراض، واستدل على صحة تأويله بما ذكره الله تعالى عن نبيه في سورة الضحى بأنه كان ضالاً فهداه الله، ويكون معنى الآية على قوله: «لقد كنت في غفلة من هذا الشأن قبل أن يوحى إليك، فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك، فبصرك اليوم
(1) الجامع لابن وهب (2/ 126)، وجامع البيان (21/ 431 - 432).
(2)
انظر: جامع البيان (21/ 434)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (7/ 379).
(3)
سورة ق آية (22).