الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير؟ » (1).
وانتقاد التفسير بالسياق القرآني من القواعد التي يحتكم إليها المفسرون، فيردون به أقوالاً في معاني الآيات:
يقول ابن عطية رداً على قول في تفسير آية: «وهذا القول وإن كانت ألفاظ هذه الآية تقتضيه، فما قبلها وما بعدها يرده ويتبرأ منه، ويختل أسلوب القول به» (2).
ويرد ابن القيم على من قال: إن قوله تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} (3) يراد به التهديد والوعيد، فيقول:«والسياق يأبى هذا ويمنعه ولا يناسبه لمن تأمله» (4).
والرد بالسياق القرآني ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية، ويعرف هذا بالسباق
.
ومن أمثلته:
(1) بدائع الفوائد (4/ 11).
(2)
المحرر الوجيز (8/ 139)، وانظر (10/ 123) من الكتاب نفسه.
(3)
سورة الحجر آية (41).
(4)
التفسير القيم (ص 16)، وانظر البرهان للزركشي (2/ 335).
1 -
وفي رواية أن علياً قال: «ادنه {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ} يوم القيامة {لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}» (2).
فبين علي رضي الله عنه أن قوله: {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يمنع أن يكون المراد ما فهمه الرجل من ظهور الكفار على المؤمنين في الدنيا وقتلهم.
2 -
وقال عروة لعائشة: «ما أبالي أن لا أطوف بين الصفا والمروة! قال الله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} (3)، قالت: يا بن أختي ألا ترى أنه يقول: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} ؟ ! ، قال الزهري: فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن
(1) سورة النساء من الآية (141).
(2)
جامع البيان (7/ 609 - 610)، والمستدرك (2/ 309).
(3)
سورة البقرة من الآية (158).
هشام (1) فقال: هذا العلم» (2).
فعروة رحمه الله فهم من قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} رفع الحرج والإثم عمن لم يطف بين الصفا والمروة، فبينت له عائشة أن سياق الآية يرد هذا الفهم، فالآية نصت على أن الصفا والمروة من شعائر الله، وهذا يقتضي تعظيمهما والطواف بهما، وهذا فهم دقيق من عائشة رضي الله عنها، ولذا أثنى أبو بكر بن عبد الرحمن - وهو من كبار التابعين - عليها.
3 -
وتقدم أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس رضي الله عنهما: «يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم أن قوماً يخرجون من النار، وقد قال الله جل وعز: } وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} (3)؟ ، فقال ابن عباس: ويحك اقرأ ما فوقها! هذه للكفار» (4).
والذي فوقها هو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ
(1) المخزومي القرشي، كنيته اسمه، ولد في خلافة عمر، وروى عن عائشة وأم سلمة وأبي هريرة، وهو أحد الفقهاء السبعة، وكان يقال له: راهب قريش لكثرة صلاته، وكان مكفوفاً، توفي سنة (94).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (5/ 153)، والمعارف (ص 282)، وسير أعلام النبلاء (4/ 416).
(2)
جامع البيان (2/ 719)، وأصله في الصحيحين كما سيأتي.
(3)
سورة المائدة من الآية (37).
(4)
جامع البيان (8/ 407).