الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلم أزل به حتى عرفته أنهم قد نجوا، فكساني حلة» (1).
3 -
وعن عمرو بن مرة (2) قال: «ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني؛ لأني سمعت الله يقول: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}» (3).
رابعاً: الاهتمام برجال التفسير
.
من أوجه الاهتمام بالتفسير الصحيح تلقيه من أهله المعروفين به، فإن الله تعالى يقول:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (4)، ومن فوائد الاهتمام بعلماء التفسير وبيان قدرهم ومنزلتهم فيه إقبال الناس على الأخذ منهم، فإن الناس إذا سمعوا ثناءً على أحد في شيءٍ ما اشتهر بينهم؛ خاصة إذا كان الثناء صادراً من عالم، أو صاحب كلمة مسموعة، ومن ثم سوف يقبل طلاب العلم على الأخذ عنه،
(1) جامع البيان (10/ 514).
(2)
هو أبو عبد الله المرادي الكوفي الضرير، سمع عبد الله بن أبي أوفى وابن المسيب، وروى عنه الثوري وشعبة، وكان من العباد الزهاد، وحديثه في الكتب الستة، توفي سنة (116).
انظر: التاريخ الكبير (3/ 2/368)، وتذكرة الحفاظ (1/ 121).
(3)
سورة العنكبوت آية (43). والأثر في تفسير ابن أبي حاتم (9/ 3064).
(4)
سورة النحل من الآية (43).
والعناية بأقواله وآرائه.
ومن أوجه اهتمام الصحابة والتابعين برجال التفسير ما يأتي:
الوجه الأول: حث الناس على الأخذ منهم.
حث بعض الصحابة على الأخذ عن المعروفين بتفسير القرآن، ومن الشواهد على ذلك:
1 -
قال ابن عباس رضي الله عنهما عن جابر بن زيد (1): «لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم عما في كتاب الله علماً» (2).
2 -
وسأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما عن قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (3)، فقال له: انطلق إلى ابن عباس فاسأله، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، قال الرجل: فأتيته فسألته، فقال: إنه كان عندهما أصنام، فلما حُرمن أمسكوا عن الطواف بينهما حتى
(1) هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي البصري، معدود في كبار تلاميذ ابن عباس، روى عنه عمرو بن دينار وقتادة وأيوب، وكان مفتي أهل البصرة في زمانه، توفي عام (93).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 1/130)، والتاريخ الكبير (1/ 2/204)، وسير أعلام النبلاء (4/ 481).
(2)
الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 131)، والمعرفة والتاريخ (2/ 12)، وحلية الأولياء (3/ 85).
(3)
سورة البقرة من الآية (158).
3 -
وأتى رجل ابن عمر فسأله عن السموات والأرض: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} (2)، قال:«اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله، ثم تعال فأخبرني ما قال لك، فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: نعم، كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، فلما خلق الأرض أهلاً، فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات، فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره، فقال ابن عمر: الآن قد علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علماً، صدق هكذا كانت، ثم قال ابن عمر قد كنت أقول: ما يعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي في القرآن علماً» (3).
الوجه الثاني: الثناء على رجال التفسير
والصحابة والتابعون مقتدون في هذا العمل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء عنه الثناء على بعض الصحابة في علومهم، والإشادة بالمتقن منهم، فعن عبد الله بن مسعود
(1) جامع البيان (2/ 715).
(2)
سورة الأنبياء من الآية (30).
(3)
حلية الأولياء (1/ 320)، وعزاه ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (5/ 332) إلى ابن أبي حاتم، ولمزيد شواهد انظر فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 967).
- رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على قراءته، وقال:«من أحب أن يقرأ القرآن غضاً كما أُنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» (1).
وقال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «يا أبا موسى لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود» (2).
وبسبب هذا الثناء النبوي على ابن مسعود وأبي موسى علا شأنهما في الإقراء، وأصبحا محط رحال قراء القرآن، ومنهما تلقى أكثر قراء الكوفة القرآن.
وتطبيقاً لهذا المنهج النبوي أثنى الصحابة والتابعون رضي الله عنهم على من عرف بتفسير القرآن، وأشادوا بهم، إلا أن بعض من أثني عليه كان أسعد بالثناء من بعض.
(1) قوله: «غضاً» ، الغض: الطري الذي لم يتغير، أراد طريقته في القراءة وهيأته فيها. النهاية في غريب الحديث (3/ 371) مادة " غضض". والحديث أخرجه ابن ماجه في سننه، في المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 49)، وأحمد في المسند (1/ 445 - 446)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (ص 44)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (9/ 102)، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 68).
وللحديث شواهد، فقد أخرجه أحمد من مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه (1/ 7، 26)، ومن مسند أبي هريرة رضي الله عنه (2/ 446)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 317) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال:«هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، وأخرجه في (2/ 228) من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، وقد صحح الحديث الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (5/ 380).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن (6/ 112)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1/ 546) برقم (236) كلاهما من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
وممن اشتهر بين مفسري الصحابة والتابعين رضي الله عنهم بالإشادة به، والثناء عليه حبر الأمة، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فقد أشاد به الصحابة والتابعون على حد سواء، وما ذاك إلا لسعة علمه بتفسير القرآن، وتبحره فيه، وأثر من آثار دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعلمه الله التأويل (1).
ومما جاء في الثناء عليه:
1 -
قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «والله إنك لأصبح فتياننا وجهاً (2)،
(1) رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس، في كتاب العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«اللهم علمه الكتاب» (1/ 27) بلفظ: «اللهم علمه الكتاب» . قال ابن حجر في فتح الباري (1/ 170): «والمراد بالكتاب القرآن؛ لأن العرف الشرعي عليه، والمراد بالتعليم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه» ، وأخرجه ابن ماجه بلفظ:«اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب» في مقدمة سننه، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 58).
وجاء الحديث بلفظ: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» عند الإمام أحمد في المسند (1/ 266، 314، 328، 335)، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان (9/ 98)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 263، 12/ 55)، وفي الأوسط (2/ 249)، والحاكم في المستدرك (3/ 536) وقال:«حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، قال الهيمثي في مجمع الزوائد (9/ 276):«لأحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح» .
(2)
صباحة الوجه تعني جماله ووضاءته، انظر تهذيب اللغة (4/ 268)، والصحاح (1/ 380)، مادة
…
" صبح ".
وأحسنهم عقلاً، وأفقههم في كتاب الله عز وجل» (1).
2 -
وكان رضي الله عنه يسأل ابن عباس عن الشيء من القرآن، ثم يقول: غص غواص (2).
3 -
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عنه: «نعم الترجمان للقرآن ابن عباس» (3).
وحسبك بثناء هذين الرجلين رضي الله عنهما على ابن عباس، وهو يدل على المنزلة التي وصل إليها في هذا العلم.
4 -
وقال ابن عمر: «هو أعلم الناس بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم» (4).
5 -
وعن أبي وائل قال: «شهدت الموسم، فقرأ سورة النور على المنبر، وفسرها، لو سمعت الروم لأسلمت» (5).
(1) المعرفة والتاريخ (1/ 534).
(2)
فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 981).
(3)
الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 2/120)، والمعرفة والتاريخ (1/ 496)، وجامع البيان (1/ 84)، والإصابة (6/ 135).
(4)
تاريخ أبي زرعة (2/ 616)، والإصابة لابن حجر (6/ 136)، وقال ابن حجر في الفتح (7/ 100):«وأخرج ابن أبي خيثمة نحوه بإسناد حسن» .
(5)
جامع البيان (1/ 76)، وانظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 980)، والمعرفة والتاريخ (1/ 495)، والمستدرك للحاكم (3/ 537)، وفتح الباري لابن حجر (7/ 100).
6 -
ويقول مجاهد: «كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً» (1).
7 -
وأثنى عليه الحسن البصري فقال: «كان ابن عباس من الإسلام بمنزل، وكان من القرآن بمنزل، وكان يقوم على منبرنا هذا، فيقرأ سورة البقرة وآل عمران، فيفسرها آيةً آية» (2).
وممن أثني عليه في تفسير القرآن تلميذه سعيد بن جبير، فقد قال عنه ميمون بن مهران (3):«لقد مات سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه، قال: أرى في التفسير» (4).
وكذلك مجاهد بن جبر، فقد قال عنه قتادة:«أعلم من بقي بالتفسير مجاهد» (5).
ويقول الشعبي عن عكرمة: «ما بقي أحد أعلم بكتاب الله تعالى من
(1) فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 980).
(2)
سير أعلام النبلاء (3/ 344)، وانظر الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 2/121).
(3)
هو أبو أيوب ميمون بن مهران الأسدي مولاهم الفقيه، عالم أهل الجزيرة - بين دجلة والفرات- ولاه عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها، وروى عن ابن عمر وابن عباس، توفي عام (117).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 2/177)، والتاريخ الكبير (4/ 1/338)، وتذكرة الحفاظ (1/ 98).
(4)
المعرفة والتاريخ (1/ 712).
(5)
المعرفة والتاريخ (1/ 642)، وتذكرة الحفاظ (1/ 92).
عكرمة» (1).
وقال قتادة: «أعلم الناس بالتفسير عكرمة» (2).
ومر إبراهيم النخعي بالسدي (3)، وهو يفسر، فقال:«أما إنه يفسر تفسير القوم» (4).
وقال عون بن عبد الله (5)
عن محمد بن كعب (6): «ما رأيت أعلم بتأويل القرآن
(1) حلية الأولياء (3/ 326)، وسير أعلام النبلاء (5/ 17).
(2)
الكامل لابن عدي (6/ 471)، وحلية الأولياء (326).
(3)
هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكوفي الأعور المفسر، سمي بالسدي لجلوسه في سدة باب الجامع، رأى أبا هريرة وسمع أنساً، وروى عنه الثوري وشعبة، أخرج له مسلم وأهل السنن، توفي سنة (127).
انظر: التاريخ الكبير (1/ 1/361)، وتهذيب التهذيب (1/ 158)، وطبقات المفسرين للداودي (1/ 110).
(4)
جامع البيان (1/ 87)، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم (1/ 248).
(5)
هو أبو عبد الله عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الكوفي، سمع أبا هريرة، وروى عنه الزهري وقتادة، وهو من عباد أهل الكوفة وقرائهم، خرج له مسلم وأهل السنن، توفي قبل سنة عشرين ومائة.
انظر: التاريخ الكبير (4/ 1/13)، والثقات لابن حبان (5/ 263)، وتهذيب التهذيب (3/ 338).
(6)
القرظي المدني، يكنى أبا حمزة كان أبوه من سبي قريظة، روى عن جمع من الصحابة، وعنه الحكم بن عتيبة وابن المنكدر، كان يقص في المسجد، فسقط عليه وعلى أصحابه فقتلهم سنة (118 أو 120) وقيل غير ذلك.
انظر: التاريخ الكبير (1/ 1/216)، والمعارف (ص 458)، وتهذيب التهذيب (3/ 684).
من القرظي» (1).
الوجه الثالث: ذكر مراتبهم في التفسير.
والصحابة والتابعون رضي الله عنهم في هذا الأمر مقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يفاضل بين أصحابه في العلوم، ويذكر منازلهم ومراتبهم فيها، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبيّ بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أميناً، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» (2).
(1) المعرفة والتاريخ (1/ 564).
(2)
رواه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: الترمذي في أبواب المناقب، في مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم (9/ 344)، وقال:«هذا حديث حسن صحيح» ، والإمام أحمد في المسند (3/ 184، 281) بنحو هذا اللفظ، والنسائي في السنن الكبرى، في كتاب المناقب، في مناقب زيد (5/ 78)، والطيالسي في مسنده
…
(ص 281)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (9/ 131، 136)، والحاكم في المستدرك (3/ 422)، وقال:«هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة» ، ووافقه الذهبي، ورواه ابن ماجه في المقدمة، باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 55) بزيادة «وأقضاهم علي بن أبي طالب» ، والحديث صححه الألباني في السلسة الصحيحة (3/ 223) وذكر له شواهد عدة، ورواه البخاري ومسلم من حديث أنس مقتصرَيْن على الجملة الأخيرة منه «إن لكل أمة .. » ، فرواه البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه (4/ 216)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة (4/ 1881) برقم (2419)، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (7/ 93) بعدما عزا الحديث للترمذي وابن حبان:«وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري، والله أعلم» .
وتقدم قبل قليل عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم التفضيل العام لبعض المشهورين بالتفسير، كثناء ابن عمر على ابن عباس، وأنه أعلم من بقي من أمة محمد بالقرآن الكريم.
وكذلك قول الشعبي عن عكرمة نحو هذا الكلام، وقول قتادة عن مجاهد، وتقدمت هذه الأقوال.
وقد ينقل عن بعض التابعين المفاضلة بين العلماء في تخصصاتهم، ومما جاء في ذلك:
1 -
قول سعيد بن جبير مفاضلاً بين ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم: «كان ابن عمر حسن السرد للرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبلغ في الفقه والتفسير شأو ابن عباس» (1).
2 -
وقال عكرمة عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم: «كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات» (2).
(1) الإرشاد للخليلي (1/ 185).
(2)
الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 2/121)، والمعرفة والتاريخ (1/ 527).
3 -
وقال قتادة: «أعلم الناس بالحلال والحرام الحسن، وأعلمهم بالمناسك عطاء بن أبي رباح، وأعلمهم بالتفسير عكرمة» (1).
4 -
وقال خُصيف (2): «كان أعلمهم بالطلاق سعيد بن المسيب، وبالتفسير مجاهد، وبالحج عطاء، وبالحلال والحرام طاوس، وأجمعهم في ذلك كله سعيد بن جبير» (3).
5 -
وقال أيوب السختياني عن عكرمة: «لو قلت: إن الحسن ترك كثيراً من التفسير حين دخل علينا عكرمة البصرة، حتى خرج منها لصدقت» (4).
6 -
وعن إسماعيل بن أبي خالد (5) قال: «السدي أعلم بالقرآن من
(1) المعرفة والتاريخ (1/ 701 - 702)، وفي رواية أخرى عنه أنه جعل أعلمهم بالتفسير سعيد بن جبير. المصدر السابق (2/ 16).
(2)
هو أبو عون خُصيف بن عبد الرحمن الجزري الحراني، روى عن ابن جبير ومجاهد، ضعفه يحيى بن سعيد وأحمد، ووثقه أبو زرعة، وقال ابن حبان: يخطئ كثيراً، توفي عام (137).
انظر: الجرح والتعديل (1/ 2/403)، والمجروحين (1/ 350)، والكامل في الضعفاء (3/ 522)، وميزان الاعتدال (2/ 176)
(3)
التاريخ الكبير (4/ 1/412)، وانظر الجرح والتعديل (4/ 1/319).
(4)
الضعفاء الكبير للعقيلي (3/ 375)، وتاريخ دمشق (41/ 91)، وسير أعلام النبلاء (5/ 18).
(5)
هو أبو عبد الله إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي الكوفي، رأى ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه شعبة والسفيانان، قال الثوري: الحفاظ عندنا أربعة، وذكر منهم إسماعيل، توفي سنة (145 أو 146).
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 240)، والتاريخ الكبير (1/ 1/351)، وتذكرة الحفاظ (1/ 153).
الشعبي» (1).
وقد تبدو الأقوال السابقة متعارضة بعض الشيء، ولسنا هنا بصدد الترجيح بينها، فذلك مما تختلف فيه الأنظار باختلاف أسباب التفضيل، وقد يظهر لأحد بحكم مخالطته لأحد العلماء ما لا يظهر لغيره، فيحكم فيه بما يخالف غيره، لكنها في الجملة تعطي انطباعاً عاماً عما كان سائداً في ذلك الوقت من المفاضلة بين العلماء، وهي تبرز عناية الصحابة والتابعين بأهل التفسير المعروفين به وإشادتهم بهم.
الوجه الرابع: الثناء على أنفسهم في تفسير القرآن.
وثناء المرء على نفسه بما فيها ليس من المدح المذموم أو العجب الممقوت، بل هو من قبيل التحدث بنعمة الله، وقد أمر الله تعالى صلى الله عليه وسلم بذلك فقال:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (2)، وقال يوسف عليه السلام عن نفسه:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (3)، وقد أخذ العلماء من هذه الآية جواز وصف الإنسان نفسه بالعلم والفضل إذا رآها أهلاً لذلك، وأنه ليس داخلاً في قوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا
(1) التاريخ الكبير (1/ 1/361)، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم (1/ 248).
(2)
سورة الضحى آية (11).
(3)
سورة يوسف من الآية (55).
أَنْفُسَكُمْ} (1)، ثم إن إخبار الإنسان بما هو عليه من العلم حث لأتباعه وتلاميذه إلى الأخذ عنه، والاستفادة منه في الجانب الذي أثنى على نفسه فيه (2)، ومما جاء في ثناء الصحابة والتابعين على أنفسهم في العلم بكتاب الله:
1 -
قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار؟ أم في سهل أم في جبل؟ » (3).
2 -
وقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «والذي لا إله غيره ما من كتاب الله سورة إلا وأنا أعلم فيم أنزلت؟ ، ولو أعلم أحداً هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه» .
3 -
وقد أثنى ابن عباس على نفسه في علمه بتفسير القرآن، فقال عند قوله
(1) سورة النجم من الآية (32)
(2)
انظر: التفسير الكبير (6/ 474)، والجامع لأحكام القرآن (4/ 3446)، وشرح النووي على مسلم (16/ 16 - 17).
(3)
تفسير عبد الرزاق (2/ 195)، والطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 101)، وحلية الأولياء (1/ 67).
(4)
صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة (4/ 1912 - 1913).
تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (1): «أنا ممن يعلم تأويله» (2).
وقال رضي الله عنه عند قوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} (3): «أنا من القليل، سبعةٌ وثامنهم كلبهم» (4).
وقال: «كل القرآن أعلمه إلا أربعاً: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم» (5).
قال ابن قتيبة (6): «كان هذا من قول ابن عباس في وقت، ثم عَلِمَ بعد ذلك» (7).
(1) سورة آل عمران من الآية (7).
(2)
جامع البيان (5/ 220)، وتفسير ابن المنذر (1/ 132).
(3)
سورة الكهف من الآية (22).
(4)
تفسير القرآن لعبد الرزاق (1/ 337)، والطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 2/120)، وجامع البيان (15/ 219 - 220).
(5)
تفسير عبد الرزاق (1/ 334)، وجامع البيان (15/ 160)، والدر المنثور (3/ 285).
(6)
هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ولد ببغداد سنة (213)، تولى قضاء دينور مدة فنسب إليها، مؤلفاته كثيرة يغلب عليها اللغة والأدب، منها: عيون الأخبار، وغريب القرآن، توفي فجأة سنة (276).
انظر: تاريخ بغداد (10/ 170)، ووفيات الأعيان (3/ 42)، وإنباه الرواة (2/ 143).
(7)
تأويل مشكل القرآن (ص 99).
4 -
ويخبر مجاهد عن منزلته في علم التفسير، وأن تعلم القرآن قد استفرغ جهده ووقته، فيقول:«استفرغ علمي القرآن» (1).
وعنه قال: «عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها» (2).
(1) المعرفة والتاريخ (1/ 712).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (10/ 559)، وسنن الدارمي (1/ 270 - 271)، وجامع البيان (1/ 85)، والمستدرك للحاكم (2/ 279)، وحلية الأولياء (3/ 279 - 280)، وأسباب النزول للواحدي (ص 52).