المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

- ‌أولاً: أن العناية بنقد التفسير

- ‌ثانياً: أهمية دراسة ظاهرة النقد عند المفسرين وتأصيلها

- ‌ثالثاً: حظيت بعض ظواهر التفسير بالدراسة والتحليل والتأصيل

- ‌رابعاً: أن هذه الدراسة تغطي جانباً مهماً من مناهج المفسرين في تعاملهم مع التفسير بمجالاته المختلفة

- ‌خامساً: أما الاقتصار على عصر الصحابة والتابعين فلأنهم الأصل

- ‌خطة البحث

- ‌التمهيد

- ‌أولاًالتعريف بالموضوع

- ‌1 - تعريف النقد:

- ‌2 - تعريف الصحابي:

- ‌3 - تعريف التابعي:

- ‌4 - تعريف التفسير:

- ‌ثانيًاالنقد النبوي للتفسير وأثره على الصحابة

- ‌نقد مناهج التفسير:

- ‌أ- نقد تأويل المتشابه:

- ‌ب - نقد الإسرائيليات:

- ‌ج - نقد الجدال في القرآن وضرب بعضه ببعض:

- ‌د - نقد التفسير بالرأي:

- ‌بيانه صلى الله عليه وسلم لوجه ضعف التفسير:

- ‌أثر النقد النبوي على الصحابة:

- ‌الباب الأول جهود الصحابة والتابعين في دفع الخطأ في التفسير قبل وقوعه

- ‌الفصلُ الأول تغليظ الخطأ في التفسير وبيان خطره

- ‌أولاً مظاهر تعظيم الصحابة والتابعين للتفسير وتغليظ الخطأ فيه

- ‌أولاً: اعتبار الخطأ في التفسير قولاً على الله بلا علم

- ‌ثانياً: النهي عن السؤال في التفسير، وترك مجالسة من يفعل ذلك

- ‌ثالثاً: اعتبار الكلام في التفسير أعظم من الكلام في العلوم الشرعية الأخرى

- ‌رابعاً: الامتناع عن تفسير القرآن

- ‌خامساً: الاستخارة عند تفسير القرآن

- ‌ثانياً دواعي الصحابة والتابعين في التغليظ على المخطئ في التفسير وإحجامهم عن تأويل القرآن

- ‌الفصلُ الثاني الاهتمام بالتفسير الصحيح والحث على ما يعين على فهم القرآن الكريم

- ‌أولاًالاهتمام بالتفسير الصحيح

- ‌أولاً: الرحلة في طلب تفسير القرآن

- ‌ثانياً: التثبت من المعنى الصحيح للآية

- ‌ثالثاً: الفرح بالتفسير الصحيح والحزن على فواته

- ‌رابعاً: الاهتمام برجال التفسير

- ‌ثانياًالحث على ما يعين على فهم القرآن

- ‌أولاً: الاستعانة بالسياق القرآني في فهم الآيات

- ‌ثانياً: الاستعانة بالسنة في فهم القرآن

- ‌ثالثاً: معرفة سبب نزول الآية

- ‌رابعاً: معرفة الناسخ والمنسوخ

- ‌خامساً: معرفة اللغة العربية

- ‌ومن أوجه عنايتهم بالعربية في بيان القرآن ما يأ

- ‌سادساً: التدرج في تعلم التفسير

- ‌الفصلُ الثالث الاختلاف في تفسير الصحابة والتابعين

- ‌أولاًطبيعة الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: الاختلاف في الفروع دون الأصول

- ‌ثانياً: قلة الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌وهناك أسباب أدت إلى قلة اختلاف الصحابة والتابعين في التفسير، ومن أهمها

- ‌ثالثاً: اختلاف تنوع لا تضاد

- ‌رابعاً: مع الاختلاف مودة وألفة

- ‌خامساً: كراهة الاختلاف

- ‌ثانياًأدب الاختلاف عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: احترام الرأي الآخر

- ‌الأول: عدم إلزام الطرف الآخر بالرجوع عن رأيه، وبخاصة إذا كان صادراً عن اجتهاد

- ‌الثاني: عدم التعدي على المخالف

- ‌الثالث: بقاء المكانة العلمية بين المختلفين على ما هي عليه

- ‌ثانياً: الرجوع إلى العلماء عند الاختلاف

- ‌ومن شواهده عن الصحابة والتابعين:

- ‌ثالثاً: الرجوع إلى الحق

- ‌ومن تلك المراجعات:

- ‌الباب الثاني دواعي نقد الصحابة والتابعين للتفسير، وأساليبه ومميزاته

- ‌الفصل الأول دواعي النقد عند الصحابة والتابعين

- ‌أولاً: ظهور الفتن والبدع

- ‌ثانياً: مخالطة أهل الكتاب

- ‌ثالثاً: دخول الأعاجم في الإسلام

- ‌رابعاً: تصدر بعض من لا علم عنده لتفسير القرآن

- ‌خامساً: مؤثرات سياسية

- ‌سادساً: مؤثرات اجتماعية

- ‌الفصل الثاني أساليب الصحابة والتابعين في نقد التفسير

- ‌ومن مظاهر الشدة في النقد:

- ‌أولاً: الشدة مع أهل البدع، وإغلاظ القول لهم، ومن أمثلته:

- ‌ثانياً: كلام الأقران بعضهم في بعض يكون شديداً أحياناً

- ‌ثالثاً: وقد يصل الأمر إلى التوبيخ حين يشعر الصحابة أن المرء تكلم في القرآن بلا علم، ومن أمثلته:

- ‌ومن مظاهر الرفق في النقد:

- ‌أولاً: الرفق مع أهل العلم والفضل، ومن أمثلته

- ‌ثانياً: الرفق مع الطلاب

- ‌ثالثاً: عدم الانتقاد المباشر للمخطئ

- ‌عبارات نقدية:

- ‌أولاً: التكذيب، وشواهده كثيرة

- ‌ومن أمثلة هذا الاستعمال في نقد التفسير:

- ‌ثانياً: زعم

- ‌ثالثاً: أخطأت التأويل

- ‌رابعاً: لم تصب.ومن أمثلته:

- ‌خامساً: بئسما قلت.ومن أمثلته:

- ‌سادساً: تَأَوَّلَ الآية على غير تأويلها.ومن أمثلته:

- ‌سابعاً: وَضَعَ الآية على غير موضعها.ومن أمثلته:

- ‌ثامناً: لقد حملتموها على غير المحمل.ومن أمثلته

- ‌تاسعاً: ليس بالذي تذهبون إليه

- ‌عاشراً: ما لكم ولهذه الآية

- ‌حادي عشر: لا تغرنكم هذه الآية.ومن أمثلته:

- ‌ثاني عشر: الضحك

- ‌الفصل الثالث مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌المبحث الأول مميزات نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌أولاً: أهليتهم للنقد

- ‌ثانياً: الاطلاع الواسع على المناهج والأقوال

- ‌ثالثاً: الاستدلال للنقد

- ‌رابعاً: بيان الرأي الصحيح

- ‌المبحث الثاني أبرز نقاد الصحابة والتابعين

- ‌الباب الثالث مجالات نقد التفسير عند الصحابة والتابعين

- ‌الفصلُ الأول نقد طرق التفسير ومناهجه

- ‌أولاًنقد التفسير بالرأي

- ‌ثانياًنقد التفسير بالإسرائيليات

- ‌صور نقد الإسرائيليات:

- ‌الأولى: النهي الصريح عن رواية الإسرائيليات وسؤال أهل الكتاب، ومن أقوالهم في ذلك:

- ‌الصورة الثانية: تكذيب الإسرائيليات، ومن شواهده:

- ‌الصورة الثالثة: انتقاد بعض الناس بسبب روايتهم الإسرائيليات وتتبعهم لها، ومن الآثار في ذلك:

- ‌الرابعة: الأمر بإتلاف الصحف المشتملة على الأخبار الإسرائيلية، ومن شواهده:

- ‌دواعي نقد الإسرائيليات:

- ‌توجيه الرواية عن أهل الكتاب وسؤالهم:

- ‌ثالثاًنقد تفاسير أهل البدع

- ‌منهج أهل البدع في فهم القرآن وتأويله:

- ‌منهج الصحابة والتابعين في الرد على أهل البدع:

- ‌الفرق التي انتقدها الصحابة والتابعون

- ‌أولاً: الخوارج

- ‌القضية الأولى: التكفير

- ‌القضية الثانية: قتال أهل القبلة

- ‌القضية الثالثة: تخليد أهل الكبائر في النار

- ‌القضية الرابعة: نفي الشفاعة عمن دخل النار

- ‌ثانياً: الشيعة

- ‌ثالثاً: القدرية

- ‌رابعاًنقد تفسير المتشابه

- ‌طرق الصحابة والتابعين في نقد تأويل المتشابه:

- ‌خامساًنقد الجدال في القرآن:

- ‌الجدال المحمود:

- ‌سادساًنقد تفاسير القُصَّاص

- ‌دواعي نقد القصاص

- ‌انتقاد القصاص في التفسير:

- ‌سابعاًنقد التكلف في التفسير

- ‌ثامناًنقد تدوين التفسير

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في انتقاد تدوين التفسير:

- ‌الفصل الثاني نقد رجال التفسير

- ‌أولاًالرجال المنتقدون في التفسير

- ‌أولاً: مجاهد بن جبر المكي

- ‌الأمر الأول: سؤال أهل الكتاب

- ‌الأمر الثاني: مما انتقد به مجاهد رحمه الله تفسير القرآن بالرأي

- ‌ثانياً: عكرمة مولى ابن عباس

- ‌ولانتقاد ابن المسيب احتمالان:

- ‌وقد جاء تكذيب عكرمة عن غير سعيد بن المسيب:

- ‌وأجيب عن تكذيب ابن المسيب وغيره لعكرمة بأجوبة منها:

- ‌ثالثاً: الضحاك بن مزاحم الهلالي

- ‌رابعاً: أبو صالح مولى أم هانئ "باذام

- ‌خامساً: إسماعيل السدي

- ‌سادساً: زيد بن أسلم العدوي

- ‌سابعاً: محمد بن السائب الكلبي

- ‌ثانياًأسباب نقد رجال التفسير

- ‌ثالثاًأثر نقد رجال التفسير على تفاسيرهم

- ‌الفصل الثالث نقد الأقوال

- ‌أولاً:طريقة الصحابة والتابعين مع القول الواحد في تفسير الآية

- ‌الحالة الأولى: تصويب القول

- ‌الحالة الثانية: تصويب القول مع تقييده

- ‌الحالة الثالثة: تضعيف القول

- ‌القسم الأول: الاكتفاء بتضعيف القول فقط

- ‌القسم الثاني: تضعيف القول، وذكر القول الراجح

- ‌الحالة الرابعة: التوقف في معنى الآية، وعدم الجزم بصحة رأي معين، ومن أمثلته:

- ‌ثانياً:طريقة الصحابة والتابعين عند تعدد الأقوال في تفسير الآية

- ‌الحالة الأولى: ذكر الأقوال دون ترجيح.ومن أمثلتها:

- ‌الحالة الثانية: ترجيح أحد الأقوال.ومن أمثلتها:

- ‌الحالة الثالثة: الجمع بين الأقوال.ومن أمثلتها:

- ‌ثالثاًالرجوع عن القول

- ‌الباب الرابع أسس نقد التفسير عند الصحابة والتابعين وأثره

- ‌الفصل الأول أسس نقد التفسير عند الصحابة والتابعين

- ‌المبحث الأول الأسس المتعلقة بالرواية

- ‌أولاًمخالفة القرآن الكريم

- ‌ومن أقوالهم في ذلك:

- ‌صور نقد التفسير بالقرآن الكريم

- ‌الصورة الأولى: مخالفة سياق الآية

- ‌والرد بالسياق القرآني ثلاثة أقسام:

- ‌القسم الأول: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية، ويعرف هذا بالسباق

- ‌القسم الثاني: الاستدلال على ضعف التفسير بما بعد الآية، ويعرف هذا بلحاق الآية

- ‌القسم الثالث: الاستدلال على ضعف التفسير بما قبل الآية وما بعدها

- ‌الصورة الثانية: مخالفة ظاهر الآية

- ‌الصورة الثالثة: نقد التفسير بآية أخرى

- ‌ثانياًمخالفة السنة النبوية

- ‌وقد استعمل الصحابة والتابعون هذه القاعدة، فردوا بها بعض التفسيرات، ومن الأمثلة على ذلك:

- ‌ثالثاًمخالفة سبب النزول

- ‌رابعاًمخالفة التاريخ

- ‌خامساًالطعن في صحة نقل التفسير

- ‌المبحث الثاني الأسس المتعلقة بالدراية

- ‌أولاً: مخالفة اللغة العربية

- ‌ثانياًاشتمال التفسير على ما يخل بمقام الأنبياء والملائكة وعصمتهم

- ‌اشتمال التفسير على الإخلال بمقام الأنبياء وعصمتهم

- ‌اشتمال التفسير على الإخلال بمقام الملائكة

- ‌ثالثاًمخالفة الواقع

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذلك:

- ‌رابعاًمعارضة التفسير بالقياس

- ‌خامساًأن يكون التفسير غير مفيد

- ‌ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذلك:

- ‌سادساًنقد التفسير بذكر ما يترتب عليه

- ‌الفصل الثاني أثر نقد الصحابة والتابعين للتفسير

- ‌أولاًأثره في التفسير وأصوله

- ‌ثانياًأثره في علوم القرآن

- ‌أ- القراءات:

- ‌فمن شواهد ترجيح القراءة المتواترة:

- ‌ومن شواهد ترجيح القراءة الشاذة على المتواترة:

- ‌ب - الناسخ والمنسوخ:

- ‌القسم الأول: نقد القول بنسخ الآية، ومن أمثلته:

- ‌القسم الثاني: نقد القول بإحكام الآية، ومن أمثلته:

- ‌ثالثاًأثره في العقائد

- ‌رابعاًأثره في المتلقين

- ‌وأما المخطئ في الفهم والتأويل فإن انتقاده يعود عليه بفوائد:

- ‌الخاتمة

- ‌الفهارس

- ‌ثبت المصادر والمراجع

الفصل: ‌رابعا: الاهتمام برجال التفسير

فلم أزل به حتى عرفته أنهم قد نجوا، فكساني حلة» (1).

3 -

وعن عمرو بن مرة (2) قال: «ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني؛ لأني سمعت الله يقول: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}» (3).

‌رابعاً: الاهتمام برجال التفسير

.

من أوجه الاهتمام بالتفسير الصحيح تلقيه من أهله المعروفين به، فإن الله تعالى يقول:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (4)، ومن فوائد الاهتمام بعلماء التفسير وبيان قدرهم ومنزلتهم فيه إقبال الناس على الأخذ منهم، فإن الناس إذا سمعوا ثناءً على أحد في شيءٍ ما اشتهر بينهم؛ خاصة إذا كان الثناء صادراً من عالم، أو صاحب كلمة مسموعة، ومن ثم سوف يقبل طلاب العلم على الأخذ عنه،

(1) جامع البيان (10/ 514).

(2)

هو أبو عبد الله المرادي الكوفي الضرير، سمع عبد الله بن أبي أوفى وابن المسيب، وروى عنه الثوري وشعبة، وكان من العباد الزهاد، وحديثه في الكتب الستة، توفي سنة (116).

انظر: التاريخ الكبير (3/ 2/368)، وتذكرة الحفاظ (1/ 121).

(3)

سورة العنكبوت آية (43). والأثر في تفسير ابن أبي حاتم (9/ 3064).

(4)

سورة النحل من الآية (43).

ص: 107

والعناية بأقواله وآرائه.

ومن أوجه اهتمام الصحابة والتابعين برجال التفسير ما يأتي:

الوجه الأول: حث الناس على الأخذ منهم.

حث بعض الصحابة على الأخذ عن المعروفين بتفسير القرآن، ومن الشواهد على ذلك:

1 -

قال ابن عباس رضي الله عنهما عن جابر بن زيد (1): «لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم عما في كتاب الله علماً» (2).

2 -

وسأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما عن قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (3)، فقال له: انطلق إلى ابن عباس فاسأله، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، قال الرجل: فأتيته فسألته، فقال: إنه كان عندهما أصنام، فلما حُرمن أمسكوا عن الطواف بينهما حتى

(1) هو أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي البصري، معدود في كبار تلاميذ ابن عباس، روى عنه عمرو بن دينار وقتادة وأيوب، وكان مفتي أهل البصرة في زمانه، توفي عام (93).

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 1/130)، والتاريخ الكبير (1/ 2/204)، وسير أعلام النبلاء (4/ 481).

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 131)، والمعرفة والتاريخ (2/ 12)، وحلية الأولياء (3/ 85).

(3)

سورة البقرة من الآية (158).

ص: 108

أنزلت: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (1).

3 -

وأتى رجل ابن عمر فسأله عن السموات والأرض: {كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} (2)، قال:«اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله، ثم تعال فأخبرني ما قال لك، فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس: نعم، كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، فلما خلق الأرض أهلاً، فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات، فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره، فقال ابن عمر: الآن قد علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علماً، صدق هكذا كانت، ثم قال ابن عمر قد كنت أقول: ما يعجبني جرأة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه قد أوتي في القرآن علماً» (3).

الوجه الثاني: الثناء على رجال التفسير

والصحابة والتابعون مقتدون في هذا العمل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء عنه الثناء على بعض الصحابة في علومهم، والإشادة بالمتقن منهم، فعن عبد الله بن مسعود

(1) جامع البيان (2/ 715).

(2)

سورة الأنبياء من الآية (30).

(3)

حلية الأولياء (1/ 320)، وعزاه ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (5/ 332) إلى ابن أبي حاتم، ولمزيد شواهد انظر فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 967).

ص: 109

- رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى على قراءته، وقال:«من أحب أن يقرأ القرآن غضاً كما أُنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» (1).

وقال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: «يا أبا موسى لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود» (2).

وبسبب هذا الثناء النبوي على ابن مسعود وأبي موسى علا شأنهما في الإقراء، وأصبحا محط رحال قراء القرآن، ومنهما تلقى أكثر قراء الكوفة القرآن.

وتطبيقاً لهذا المنهج النبوي أثنى الصحابة والتابعون رضي الله عنهم على من عرف بتفسير القرآن، وأشادوا بهم، إلا أن بعض من أثني عليه كان أسعد بالثناء من بعض.

(1) قوله: «غضاً» ، الغض: الطري الذي لم يتغير، أراد طريقته في القراءة وهيأته فيها. النهاية في غريب الحديث (3/ 371) مادة " غضض". والحديث أخرجه ابن ماجه في سننه، في المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 49)، وأحمد في المسند (1/ 445 - 446)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (ص 44)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (9/ 102)، والطبراني في المعجم الكبير (9/ 68).

وللحديث شواهد، فقد أخرجه أحمد من مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه (1/ 7، 26)، ومن مسند أبي هريرة رضي الله عنه (2/ 446)، وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 317) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال:«هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، وأخرجه في (2/ 228) من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، وقد صحح الحديث الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (5/ 380).

(2)

أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن (6/ 112)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1/ 546) برقم (236) كلاهما من حديث أبي موسى رضي الله عنه.

ص: 110

وممن اشتهر بين مفسري الصحابة والتابعين رضي الله عنهم بالإشادة به، والثناء عليه حبر الأمة، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فقد أشاد به الصحابة والتابعون على حد سواء، وما ذاك إلا لسعة علمه بتفسير القرآن، وتبحره فيه، وأثر من آثار دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعلمه الله التأويل (1).

ومما جاء في الثناء عليه:

1 -

قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «والله إنك لأصبح فتياننا وجهاً (2)،

(1) رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس، في كتاب العلم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«اللهم علمه الكتاب» (1/ 27) بلفظ: «اللهم علمه الكتاب» . قال ابن حجر في فتح الباري (1/ 170): «والمراد بالكتاب القرآن؛ لأن العرف الشرعي عليه، والمراد بالتعليم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه» ، وأخرجه ابن ماجه بلفظ:«اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب» في مقدمة سننه، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 58).

وجاء الحديث بلفظ: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» عند الإمام أحمد في المسند (1/ 266، 314، 328، 335)، وابن حبان في صحيحه، كما في الإحسان (9/ 98)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 263، 12/ 55)، وفي الأوسط (2/ 249)، والحاكم في المستدرك (3/ 536) وقال:«حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ، قال الهيمثي في مجمع الزوائد (9/ 276):«لأحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح» .

(2)

صباحة الوجه تعني جماله ووضاءته، انظر تهذيب اللغة (4/ 268)، والصحاح (1/ 380)، مادة

" صبح ".

ص: 111

وأحسنهم عقلاً، وأفقههم في كتاب الله عز وجل» (1).

2 -

وكان رضي الله عنه يسأل ابن عباس عن الشيء من القرآن، ثم يقول: غص غواص (2).

3 -

ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عنه: «نعم الترجمان للقرآن ابن عباس» (3).

وحسبك بثناء هذين الرجلين رضي الله عنهما على ابن عباس، وهو يدل على المنزلة التي وصل إليها في هذا العلم.

4 -

وقال ابن عمر: «هو أعلم الناس بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم» (4).

5 -

وعن أبي وائل قال: «شهدت الموسم، فقرأ سورة النور على المنبر، وفسرها، لو سمعت الروم لأسلمت» (5).

(1) المعرفة والتاريخ (1/ 534).

(2)

فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 981).

(3)

الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 2/120)، والمعرفة والتاريخ (1/ 496)، وجامع البيان (1/ 84)، والإصابة (6/ 135).

(4)

تاريخ أبي زرعة (2/ 616)، والإصابة لابن حجر (6/ 136)، وقال ابن حجر في الفتح (7/ 100):«وأخرج ابن أبي خيثمة نحوه بإسناد حسن» .

(5)

جامع البيان (1/ 76)، وانظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 980)، والمعرفة والتاريخ (1/ 495)، والمستدرك للحاكم (3/ 537)، وفتح الباري لابن حجر (7/ 100).

ص: 112

6 -

ويقول مجاهد: «كان ابن عباس إذا فسر الشيء رأيت عليه نوراً» (1).

7 -

وأثنى عليه الحسن البصري فقال: «كان ابن عباس من الإسلام بمنزل، وكان من القرآن بمنزل، وكان يقوم على منبرنا هذا، فيقرأ سورة البقرة وآل عمران، فيفسرها آيةً آية» (2).

وممن أثني عليه في تفسير القرآن تلميذه سعيد بن جبير، فقد قال عنه ميمون بن مهران (3):«لقد مات سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه، قال: أرى في التفسير» (4).

وكذلك مجاهد بن جبر، فقد قال عنه قتادة:«أعلم من بقي بالتفسير مجاهد» (5).

ويقول الشعبي عن عكرمة: «ما بقي أحد أعلم بكتاب الله تعالى من

(1) فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/ 980).

(2)

سير أعلام النبلاء (3/ 344)، وانظر الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 2/121).

(3)

هو أبو أيوب ميمون بن مهران الأسدي مولاهم الفقيه، عالم أهل الجزيرة - بين دجلة والفرات- ولاه عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها، وروى عن ابن عمر وابن عباس، توفي عام (117).

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (7/ 2/177)، والتاريخ الكبير (4/ 1/338)، وتذكرة الحفاظ (1/ 98).

(4)

المعرفة والتاريخ (1/ 712).

(5)

المعرفة والتاريخ (1/ 642)، وتذكرة الحفاظ (1/ 92).

ص: 113

عكرمة» (1).

وقال قتادة: «أعلم الناس بالتفسير عكرمة» (2).

ومر إبراهيم النخعي بالسدي (3)، وهو يفسر، فقال:«أما إنه يفسر تفسير القوم» (4).

وقال عون بن عبد الله (5)

عن محمد بن كعب (6): «ما رأيت أعلم بتأويل القرآن

(1) حلية الأولياء (3/ 326)، وسير أعلام النبلاء (5/ 17).

(2)

الكامل لابن عدي (6/ 471)، وحلية الأولياء (326).

(3)

هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكوفي الأعور المفسر، سمي بالسدي لجلوسه في سدة باب الجامع، رأى أبا هريرة وسمع أنساً، وروى عنه الثوري وشعبة، أخرج له مسلم وأهل السنن، توفي سنة (127).

انظر: التاريخ الكبير (1/ 1/361)، وتهذيب التهذيب (1/ 158)، وطبقات المفسرين للداودي (1/ 110).

(4)

جامع البيان (1/ 87)، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم (1/ 248).

(5)

هو أبو عبد الله عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي الكوفي، سمع أبا هريرة، وروى عنه الزهري وقتادة، وهو من عباد أهل الكوفة وقرائهم، خرج له مسلم وأهل السنن، توفي قبل سنة عشرين ومائة.

انظر: التاريخ الكبير (4/ 1/13)، والثقات لابن حبان (5/ 263)، وتهذيب التهذيب (3/ 338).

(6)

القرظي المدني، يكنى أبا حمزة كان أبوه من سبي قريظة، روى عن جمع من الصحابة، وعنه الحكم بن عتيبة وابن المنكدر، كان يقص في المسجد، فسقط عليه وعلى أصحابه فقتلهم سنة (118 أو 120) وقيل غير ذلك.

انظر: التاريخ الكبير (1/ 1/216)، والمعارف (ص 458)، وتهذيب التهذيب (3/ 684).

ص: 114

من القرظي» (1).

الوجه الثالث: ذكر مراتبهم في التفسير.

والصحابة والتابعون رضي الله عنهم في هذا الأمر مقتدون بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يفاضل بين أصحابه في العلوم، ويذكر منازلهم ومراتبهم فيها، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبيّ بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أميناً، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» (2).

(1) المعرفة والتاريخ (1/ 564).

(2)

رواه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: الترمذي في أبواب المناقب، في مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم (9/ 344)، وقال:«هذا حديث حسن صحيح» ، والإمام أحمد في المسند (3/ 184، 281) بنحو هذا اللفظ، والنسائي في السنن الكبرى، في كتاب المناقب، في مناقب زيد (5/ 78)، والطيالسي في مسنده

(ص 281)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (9/ 131، 136)، والحاكم في المستدرك (3/ 422)، وقال:«هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة» ، ووافقه الذهبي، ورواه ابن ماجه في المقدمة، باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/ 55) بزيادة «وأقضاهم علي بن أبي طالب» ، والحديث صححه الألباني في السلسة الصحيحة (3/ 223) وذكر له شواهد عدة، ورواه البخاري ومسلم من حديث أنس مقتصرَيْن على الجملة الأخيرة منه «إن لكل أمة .. » ، فرواه البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه (4/ 216)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة (4/ 1881) برقم (2419)، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (7/ 93) بعدما عزا الحديث للترمذي وابن حبان:«وإسناده صحيح، إلا أن الحفاظ قالوا: إن الصواب في أوله الإرسال، والموصول منه ما اقتصر عليه البخاري، والله أعلم» .

ص: 115

وتقدم قبل قليل عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم التفضيل العام لبعض المشهورين بالتفسير، كثناء ابن عمر على ابن عباس، وأنه أعلم من بقي من أمة محمد بالقرآن الكريم.

وكذلك قول الشعبي عن عكرمة نحو هذا الكلام، وقول قتادة عن مجاهد، وتقدمت هذه الأقوال.

وقد ينقل عن بعض التابعين المفاضلة بين العلماء في تخصصاتهم، ومما جاء في ذلك:

1 -

قول سعيد بن جبير مفاضلاً بين ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم: «كان ابن عمر حسن السرد للرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يبلغ في الفقه والتفسير شأو ابن عباس» (1).

2 -

وقال عكرمة عن علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم: «كان ابن عباس أعلمهما بالقرآن، وكان علي أعلمهما بالمبهمات» (2).

(1) الإرشاد للخليلي (1/ 185).

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 2/121)، والمعرفة والتاريخ (1/ 527).

ص: 116

(1) المعرفة والتاريخ (1/ 701 - 702)، وفي رواية أخرى عنه أنه جعل أعلمهم بالتفسير سعيد بن جبير. المصدر السابق (2/ 16).

(2)

هو أبو عون خُصيف بن عبد الرحمن الجزري الحراني، روى عن ابن جبير ومجاهد، ضعفه يحيى بن سعيد وأحمد، ووثقه أبو زرعة، وقال ابن حبان: يخطئ كثيراً، توفي عام (137).

انظر: الجرح والتعديل (1/ 2/403)، والمجروحين (1/ 350)، والكامل في الضعفاء (3/ 522)، وميزان الاعتدال (2/ 176)

(3)

التاريخ الكبير (4/ 1/412)، وانظر الجرح والتعديل (4/ 1/319).

(4)

الضعفاء الكبير للعقيلي (3/ 375)، وتاريخ دمشق (41/ 91)، وسير أعلام النبلاء (5/ 18).

(5)

هو أبو عبد الله إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي الكوفي، رأى ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه شعبة والسفيانان، قال الثوري: الحفاظ عندنا أربعة، وذكر منهم إسماعيل، توفي سنة (145 أو 146).

انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6/ 240)، والتاريخ الكبير (1/ 1/351)، وتذكرة الحفاظ (1/ 153).

ص: 117

الشعبي» (1).

وقد تبدو الأقوال السابقة متعارضة بعض الشيء، ولسنا هنا بصدد الترجيح بينها، فذلك مما تختلف فيه الأنظار باختلاف أسباب التفضيل، وقد يظهر لأحد بحكم مخالطته لأحد العلماء ما لا يظهر لغيره، فيحكم فيه بما يخالف غيره، لكنها في الجملة تعطي انطباعاً عاماً عما كان سائداً في ذلك الوقت من المفاضلة بين العلماء، وهي تبرز عناية الصحابة والتابعين بأهل التفسير المعروفين به وإشادتهم بهم.

الوجه الرابع: الثناء على أنفسهم في تفسير القرآن.

وثناء المرء على نفسه بما فيها ليس من المدح المذموم أو العجب الممقوت، بل هو من قبيل التحدث بنعمة الله، وقد أمر الله تعالى صلى الله عليه وسلم بذلك فقال:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (2)، وقال يوسف عليه السلام عن نفسه:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (3)، وقد أخذ العلماء من هذه الآية جواز وصف الإنسان نفسه بالعلم والفضل إذا رآها أهلاً لذلك، وأنه ليس داخلاً في قوله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا

(1) التاريخ الكبير (1/ 1/361)، وتاريخ أصبهان لأبي نعيم (1/ 248).

(2)

سورة الضحى آية (11).

(3)

سورة يوسف من الآية (55).

ص: 118

أَنْفُسَكُمْ} (1)، ثم إن إخبار الإنسان بما هو عليه من العلم حث لأتباعه وتلاميذه إلى الأخذ عنه، والاستفادة منه في الجانب الذي أثنى على نفسه فيه (2)، ومما جاء في ثناء الصحابة والتابعين على أنفسهم في العلم بكتاب الله:

1 -

قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار؟ أم في سهل أم في جبل؟ » (3).

2 -

وقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «والذي لا إله غيره ما من كتاب الله سورة إلا وأنا أعلم فيم أنزلت؟ ، ولو أعلم أحداً هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه» .

وفي رواية قال: «لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحداً أعلم مني لرحلت إليه، قال شقيق: فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فما سمعت أحداً يرد ذلك عليه ولا يعيبه» (4).

3 -

وقد أثنى ابن عباس على نفسه في علمه بتفسير القرآن، فقال عند قوله

(1) سورة النجم من الآية (32)

(2)

انظر: التفسير الكبير (6/ 474)، والجامع لأحكام القرآن (4/ 3446)، وشرح النووي على مسلم (16/ 16 - 17).

(3)

تفسير عبد الرزاق (2/ 195)، والطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 101)، وحلية الأولياء (1/ 67).

(4)

صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة (4/ 1912 - 1913).

ص: 119

تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (1): «أنا ممن يعلم تأويله» (2).

وقال رضي الله عنه عند قوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} (3): «أنا من القليل، سبعةٌ وثامنهم كلبهم» (4).

وقال: «كل القرآن أعلمه إلا أربعاً: غسلين، وحناناً، والأواه، والرقيم» (5).

قال ابن قتيبة (6): «كان هذا من قول ابن عباس في وقت، ثم عَلِمَ بعد ذلك» (7).

(1) سورة آل عمران من الآية (7).

(2)

جامع البيان (5/ 220)، وتفسير ابن المنذر (1/ 132).

(3)

سورة الكهف من الآية (22).

(4)

تفسير القرآن لعبد الرزاق (1/ 337)، والطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 2/120)، وجامع البيان (15/ 219 - 220).

(5)

تفسير عبد الرزاق (1/ 334)، وجامع البيان (15/ 160)، والدر المنثور (3/ 285).

(6)

هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ولد ببغداد سنة (213)، تولى قضاء دينور مدة فنسب إليها، مؤلفاته كثيرة يغلب عليها اللغة والأدب، منها: عيون الأخبار، وغريب القرآن، توفي فجأة سنة (276).

انظر: تاريخ بغداد (10/ 170)، ووفيات الأعيان (3/ 42)، وإنباه الرواة (2/ 143).

(7)

تأويل مشكل القرآن (ص 99).

ص: 120

4 -

ويخبر مجاهد عن منزلته في علم التفسير، وأن تعلم القرآن قد استفرغ جهده ووقته، فيقول:«استفرغ علمي القرآن» (1).

وعنه قال: «عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها» (2).

(1) المعرفة والتاريخ (1/ 712).

(2)

مصنف ابن أبي شيبة (10/ 559)، وسنن الدارمي (1/ 270 - 271)، وجامع البيان (1/ 85)، والمستدرك للحاكم (2/ 279)، وحلية الأولياء (3/ 279 - 280)، وأسباب النزول للواحدي (ص 52).

ص: 121